وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة

 

 “وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض” (لو 22 : 44)

هذه صورة حية لصلاة المسيح التي قدمها لنا كآخر مشهد استطاع أن يطبعه على قلوبنا وضمائرنا ، للعلاقة التي يتحتم أن تربطنا بالله لكي نستطيع أن نُكمل مشيئة الله لا مشيئتنا .

فلو كان هناك أحد في العالم لا يحتاج أن يصلي ، فهو شخص المسيح بلا شك . إذن ، فالصلاة التي قدمها ، قدمها ليُؤمن بها عمل الصليب ليكون حسب مشيئة الله وليرفع عن عملية الآلام أي شبهة لتدخل العدو أو أي صورة من صور التجارب . فبصلاة المسيح القوية هذه ، انحصر الصليب وعملية الخلاص كلها في دائرة مشيئة الله بالكامل . وظهر الصليب ، وظهرت الآلام وظهر الموت خالياً من أي عثرة أو أي تدخل من العدو ، واستعلن ذلك جهاراً بالقيامة من الأموات .

هنا ينبهنا المسيح أن الصلاة تُحول التجربة إلى نصرة ، وتحول الآلام إلى مجد ، وتحول الموت إلى قيامة ، وذلك بتدخل الله المباشر ، وهنا تظهر الصلاة كأعظم تأمين لحياتنا اليومية المملوءة تجارب وضيقات ، إذ تُدخلها في دائرة مشيئة الآب السماوي وتدبيره.

فالصلاة بهذه الصورة تقف كأعظم سلاح ضد تدخل العدو أثناء عبورنا الضيقات والآلام ، فلا يستطيع العدو أن يستغلها ليشككنا في عمل الله وتدخله ، فيوقعنا تحت سلطانه ، سواء بعدم الاحتمال أو التذمرة أو لجوئنا إلى الانتقام أو البغضة . وبذلك تصير الضيقات فخاً لنا وتتحول إلى تجربة مُخسرة لنا ومُضعفة لإيماننا ، وتبعدنا عن الصلاة والله

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى