وُهب لكم أن تتألموا لأجله
“وُهب لكم … أن تتألموا لأجله” (في ۲۹:۱)
لقد قلب المسيح الحال من جهة آلام الإنسان وشدائده وأوجاعه.
فبعد أن كانت الآلام تُحسب ثمناً لخطاياه ، ونصرة للعدو الذي كان يفتخر بإذلال الإنسان باعتباره حاملاً صورة الله ، إلا أن المسيح قلب موازين العدو ، رفع من قدر الإنسان وحوَّل آلامه إلى شركة في آلامه هو ، فصارت هي عينها وسيلة لقبول نعمة المسيح بدل قبول نقمة الشيطان .
وهكذا أصبحت آلامنا وشدائدنا ليست محسوبة ضدنا بل محسوبة لنا كنصرة برغم أنف العدو . فالذي يتألم وهو مؤمن بالمسيح اعتبرت آلامه حسب الكتاب موهبة أي عطية من عند الله تهيئ الإنسان أن يكون شريكاً في آلام المسيح، فيُحسب بالتالي مستحقاً لرضا الله ومكملاً لخطة خلاص الرب يسوع .
وهكذا اعتُبرت الشركة في آلام المسيح في هذا العالم الشرير نصرة على العدو ووسيلة لقلب موازينه ، فمن يضطهده الشرير ويسكب غضبه عليه يُحسب للإنسان أنه أكمل الجهاد وحاز على رضا الله ، ومسرة المسيح .
لذلك كان افتخارنا أن نتلقى ضربات العدو كمنتصرين وغالبين ، فصالبو المسيح كانوا واضعي أكاليل مجد على الجسد وهم لا يدرون . لذلك أصبح إكليل خلاصنا النازل علينا من فوق لا يستريح على أجساد مُرفهة نالت من العالم أمجاداً كاذبة ؛ بل يستريح على أشخاص ذاقوا مرارة الضيق والآلام والاضطهاد ، وتركت ضربات العدو علامات محفورة في أجسادهم .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين