كتاب مفاهيم إنجيلية للأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير أنبا مقار
أنقياء القلب
للأنبا إبيفانوس أسقف ورئيس دير القديس أنبا مقار
ما أن بدأ الرب يسوع عظته المشهورة عل الجبل، حتى ظهر الفرق الشاسع بين تعاليمه وبين تعاليم الفريسيين. فبقدر ما اصطبغت تعاليم الفريسيين بصبغة الرياء والمظهرية، القائمة عل التدقيق في حفظ التقاليد مع التقيد بالظهور بمظهر التقوى والتدين؛ بقدر ما كان تركيز الرب في تعاليمه عل تنقية القلب. فقد نادى الرب في تعاليمه بأن على من يرغب في أن يكون من مواطني ملكوت السموات، ويتطلع إلى معاينة مجد الرب، عليه أن يتغير من الداخل وأن يتحل بنقاوة القلب: “طُوبى للأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله» (مت 5: 8).
فما هي النقاوة؟ وما هو المقصود بالقلب هنا؟
لكي نفهم عبارة: “أنقياء القلب” علينا أن نحدد أولا معنى المفردات: الأنقياء، والقلب؛ كما وردت في أصلها اليوناني، وكما شاع استعمالها في لغة الكتاب المقدس.
أولا: الأنقياء:
كلمة نقي (كاثاروس) صفة تأتي في الكتاب المقدس لتفيد عدة معانٍ.
١ – المعنى الحرفي: بمعنى نظيف أو نقي. وهذا المعنى يشرح الحالة المادية أو الطبيعية التي يوجد عليها الشيء المقصود. فمثلا يقال كأس نقية بمعنى نظيفة: “نق اولاً داخل الكأس والصفحة» (مت 23: 26)، وكتان نقي: «فأخذ يوسف الجسد ولفه بكتان نقي» (مت 27: 59)، “وهم متسربلون بكتان نقي» (رؤ 15 :6)؛ وماء نقي، أي ماء نظيف طاهر صالح للاستعمال: «ومغتسلة أجسادنا بماء نقي» (عب 10: 22).
كما يصف الكتاب المقدس المعادن كونها نقية خالية من الشوائب، فيقال فضة أو ذهب نقي: «وتصنع منارة من ذهب نقي» (خر 25: 31)؛ كما يطلق عل الزجاج والبلور بمعنى شفاف: “وَكَانَ بِنَاءُ سُورِهَا مِنْ يَشْبٍ، وَالْمَدِينَةُ ذَهَبٌ نَقِيٌّ شِبْهُ زُجَاجٍ نَقِيٍّ… وَسُوقُ الْمَدِينَةِ ذَهَبٌ نَقِيٌّ كَزُجَاجٍ شَفَّافٍ” (رؤ 21: 18-21)؛ كما يطلق على الخبز بمعنى خبز خالص بدون أية إضافات: “أنا قمح الله أُطحن تحت أضراس الوحوش لأُخبز خبزاً نقياً للمسيح” (القديس الشهيد إغناطيوس في رسالته إلى أهل رومية ١:٤).
2 – المعنى الديني الطقسي: وهو يصف الشيء الطاهر بالمفهوم الطقسي، أي المسموح باستعماله في الأغراض الدينية، وبالتالي يكون مناسباً أن نقدمه لله. وهذا المعنى شائع الاستعمال في العهد القديم ليصف الخطوات الطقسية لتطهير المنازل والملابس والمرضى (مثل مرضى البرص)، كما يصف الأطعمة الطاهرة أي التي سمح الله لشعبه بتناولها. وهذا المعنى الطقسي هو الذي ورد في رؤيا القديس بطرس: «فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً… وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ:«قُمْ يَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ». فَقَالَ بُطْرُسُ:«كَلاَّ يَارَبُّ! لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئًا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا». فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضًا صَوْتٌ ثَانِيَةً:«مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!» (أع ١٠ : ١١-١٥)، وكما قال بولس الرسول: «لا تنفض لأجل الطعام عمل الله. كل الأشياء طاهرة» (رو 14: 20)، «كل شيء طاهر للطاهرين» (تي ١: ١٥).
٣ – المعنى الديني الأخلاقي: بمعنى طاهر أو نقي أو خالي من الخطية. وهذا المعنى يشير إلى الأشخاص عامة: «كل شئ طاهر للطاهرين» (1تي1: 15)،” الذي قد اغتسل ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه، بل هو طاهر كله. وأنتم طاهرون..» (يو ١٣: ١٠)، “وأنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به» (يو ١٥: ٣): كما يشير هذا المعنى أيضا إلى مكونات الإنسان الجسدية والنفسية: “بسلامة قلبي ونقاوة يدي فعلت هذا” (تك 20 :5)، «وأما غاية الوصية فهي المحبة من قلب ظاهر …» (1تي 1: 5)، “اتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي» (2تي 2: 22)، “لهم سر الإيمان بضمير طاهر» (١ تي ٣: ٩).
وهكذا نجد أن هذه الكلمة (كاثاروس) تصف الشخص أو الشيء النظيف الذي مر بعملية تطهير، أو النقي لعدم امتزاجه أو اختلاطه بأي شيء غريب عن طبيعته.
ثانياً: القلب:
كلمة قلب (كارديا) هي أيضا تحمل عدة معاني. فقلب الإنسان – في مفهوم الكتاب المقدس – ليس هو مجرد ذلك العضو العضلي الموجود داخل القفص الصدري، بل هو مركز الحياة الروحية والطبيعية والعقلية. وهذا القلب هو المسئول عن النشاطات الآتية:
1- ملكة التفكير: يُعتبر القلب في مفهوم الكتاب المقدس أنه المسئول عن عملية التفكير، ومنه تصدر الأفكار، وعليه مهمة الفهم والإدراك: «من فضلة القلب يتكلم الفم» (مت 12: 34)”لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ. ” (مت 13: 15)، «ولما كملت له (موسى) مدة أربعين سنة، خطر عل باله (كارديا) ان يفتقد إخوته بني إسرائيل» (أع ٧: ٢٣)، “بل كما هو مكتوب: ما لم تر عين، ولم تسمع اذن، ولم خطر عل بال (كارديا) إنسان: ما اعده الله للذين يحبونه» (١ كو ٢: ٩).
2- قرارات الإرادة: والقلب ليس هو عضو التفكير فقط، بل إن إرادة الإنسان وكل ما يصدر عنها من قرارات يعتبر القلب هو المسئول عنها في مفهوم الكتاب المقدس: «كل واحد كما ينوي بقلبه، ليس عن حزن أو اضطرار. لأن المعطي المسرور يحبه الله» (2 كو 9: 7)، «ضعوا في قلوبكم أن لا تهتموا من قبل لكي تحتجوا، لأني أنا اعطيكم فماً وحكمة» (لو 21: 14و15)، «وعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب» (أع11: 23).
٣ – الاختيارات السلوكية: فالقلب هو المسئول عن التمييز بين الخير والشر، وهو المسئول عن إصدار قرارات الاختيار بين الفضائل والرذائل: «نقوا أيديكم أيها الخطاة، وظهروا قلوبكم يا ذوي الرأيين» (يع 4 :8)، «… إذ طهر بالإيمان قلوبهم» (أع15: 9)، «وأما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر، وذاك ينجس الإنسان، لأن من القلب تخرج أفكار شريرة…» (مت 15: 18و19).
4 – العواطف والرغبات والشهوات: فمنه تصدر العواطف النبيلة والمشاعر السامية، وأيضا الرغبات والشهوات سواء الروحية أو الجسدية.
فها هي عواطف النبي إرميا الجياشة وبكاؤه عل شعبه الذي لم يعرف الرب: «احشائي، أحشائي! تُوجعي جدران قلبي. يئن فيَّ قلبي. لا أستطيع السكوت» (إر٤: ١٩). أما عن الشهوات فيقول الكتاب: “لذلك أسلمهم الله ايضا في شهوات قلوبهم إلى النجاسة» (رو1: 24)، أي تركهم ورفع معونته عنهم، فساروا وراء شهوات قلوبهم، “إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه» (مت5: 28).
من هذه الاستعمالات لكلمتي النقاوة والقلب في الكتاب المقدس فهم بعض المعاني المقصودة من تعبير الرب لتلاميذه: «طوبى للأنقياء القلب». فأنقياء القلب الذين يشير إليهم الرب هنا هم أولئك الذين هيأوا أنفسهم لأن يكونوا أطهاراً تماماً من أية شوائب لا تتوافق مع طبيعة الله. لقد سمحوا لأفكارهم وإرادتهم ومبادئهم الأخلاقية وعواطفهم، أي لكل جوانب شخصيتهم الإنسانية، أن تخضع لعملية تنقية وتطهير شاملة ودقيقة بواسطة عمل الروح القدس داخلهم. فأنقياء القلب أيضاً هم المختارون لأن يكونوا أمناء لتنفيذ إرادة الرب والسير في طرقه، ولم يعطوا لأنفسهم أي حق في أن يملك عل حياتهم أي سيد أو إله آخر غير الرب الإله. أولنك هم المعينون لخدمة ملكوت الرب والمستحقون لمعاينة مجده.
لقد أشار الرب يسوع في التطويبات أن أنقياء القلب سوف يرون الله. هذا المفهوم كآن في غاية الأهمية بالنسبة لبني إسرائيل، فهم يعرفون أن موسى رأى الرب “وجهاً لوجه» (خر33: 11)، وأن داود الملك طلب من الله أن يمنحه “قلباً نقياً” حتى يسكن في داخله الروح القدس (مز51: 10و11)، وأن إشعياء النبي استحق أن يدخل إلى الأقداس العليا ويرى الله (إش6: 5). فالتلاميذ والجموع الذين استمعوا إلى عظة الرب يسوع كان لديهم الاشتياق للوجود في حضرة الله، أو بمعنى آخر أن يعاينوا مجد الله، كما عاينه من قبل أنبياؤهم العظام. وهذا ما عبَّر عنه التلاميذ عل لسان فيلبس قائلين: «يا سيد، أرنا الآب وكفانا» (يو14: 8).
بيد أن بني إسرائيل كانوا يدركون أيضاً أن هناك أساسيات ضرورية يجب توفرها في من يود معاينة الله. فقد ناقش صاحب المزامير متطلبات المثول في حضرة الله عندما قدم سؤاله: «من يصعد إلى جبل الرب؟ ومن يقوم في موضع قدسه؟» (مز ٤): ٣)؟ والإجابة التي أعطاها كانت: «الطاهر اليدين، والنقي القلب، الذي لم يحمل نفسه إلى الباطل، ولا حلف كذباً» (مز24: 4). فالطهارة الخارجية والنقاء الداخلي يشيران الى حالة القداسة التي يجب توفرها في من هو مدعو للمثول في حضرة الله. وهي نفس الدعوة تقريباً التي قدمها الرب يسوع لمستمعيه. فهم كأبناء
المواعيد والمواريث التوراتية يدركون شروط التواجد في حضرة الله، والتي أجملها الرب يسوع في شرط واحد يجمع في داخله كل مفاهيم الطهارة الداخلية والخارجية: نقاوة القلب.
وبالرغم من أن هذه الدعوة لم تكن غريبة عن آذان الشعب الدارس للتوراة والعامل بوصاياه، إلا أنها كانت تمثل تحدياً صارخاً لمتطلبات البر التي كان ينادي بها معلمو الناموس والفريسيون. فقد كانت تعاليم هذه الفئة تنصب عل المظهر الخارجي للبر، والتي عبر عنها الرب في قوله: «ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون، لأنكم تنقون خارج الكأس والصحفة، وهما من داخل مملوآن اختطافاً ودعارة» (مت23: 25). إنكم عندما تصبغون حياتكم بالرياء والتدين الخاربي الكاذب، فإنكم تظهرون في أعين الشعب أطهاراً. ولكن هيهات أن تعاينوا مجد
الرتب أو تروا وجهه.
لقد وقف الفريسي مغطى تماماً بأعمال البر الكاذبة، وأخذ يعدد فضائله أمام الله: «أصوم مرتين في الأسبوع، وأُعشر كل ما أقتنيه، (لو18: 12)، لكنه خرج من أمام الرب مُداناً وليس مبرراً. لذلك ركز الرب يسوع تعاليمه لتلاميذه على الداخل، وأعطاهم المفتاح الذي بواسطته يستطيعون أن يروا وجه الله، وهو نقاوة القلب.
إذن، فمن هم أنقياء القلب، ذوو العيون المفتوحة، الذين يستطيعون معاينة مجد الرب؟
1- هم الذين هيأوا أنفسهم لتخضع لعملية تطهير داخلي. فكما أن معنى كلمة (كاثاروس) حسب المفهوم الكتابي تفيد: “نظيف بعد الاغتسال، طاهر بالمفهوم الطقسي أو نقي من كافة الشوائب”، هكذا فإن نقاوة القلب ليست حالة سلبية في مقابل النجاسة؛ بل هي حالة ايجابية تحتاج إلى إرادة وعمل وتسليم كأمل وخضوع للروح القدس. فتلميذ المسيح يحتاج أن يأتي إليه كل يوم معترفاً بنقائصه ليطهره الرب باستمرار: «فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى الأَقْدَاسِ بِدَمِ يَسُوعَ… لِنَتَقَدَّمْ بِقَلْبٍ صَادِق فِي يَقِينِ الإِيمَانِ، مَرْشُوشَةً قُلُوبُنَا مِنْ ضَمِيرٍ شِرِّيرٍ، وَمُغْتَسِلَةً أَجْسَادُنَا بِمَاءٍ نَقِيٍّ.» (عب10: 19و32). كما أن عليه أن يملأ قلبه كل يوم باشتياقات إلى الرب فلا يوجد في قلبه مكان لشيء غريب:«أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ… لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ. » (أف ٣: ١٦-١٩) ثم عليه أيضاً أن يظل ساهراً عل حراسة قلبه حتى لا تجتذبه أية شهوات رديئة: “فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة» (أم4: 23).
فكما أن الذهب النقي يمر بعدة مراحل حتى تُنقى منه جميع الشوائب ويصير ذهباً نقياً مُصفى بالنار، هكذا تلميذ الرب عليه أن ينقي من داخله جميع الشوائب ليصير قلبه نقياً فيعاين مجد الرب.
2- أنقياء القلب هم أصحاب القلوب الصافية الشفافة. فكما أن تعبير نقي كان يستخدم لوصف الأشياء الصافية الشفافة مثل قولنا: زجاج أو بلور شفاف، حيث يمكن الرؤية من خلاله بسهولة ودون أية عتامة؛ هكذا أصحاب القلوب النقية، فهم يتمتعون بالصفاء والشفافية أمام الله حتى أنهم لا يخفون أي شيء عن عينيه.
طبعاً هناك استحالة أن نخفي شيئاً عن عيني الله، مثلما يقول المرنم: “لأنه هو يعرف خفيات القلب» (مز44: 21)، لكننا في ضعفنا نحاول مرات كثيرة إخفاء أجزاء من أنفسنا لنُملك عليها سيداً آخر، سواء كان هذا السيد شهوة جسدية أو رغبة نفسية. أما أصحاب القلوب الصافية الشفافة فإنهم يكشفون كل ذواتهم أمام الله ليستخدمهم لمجد اسمه.
طوبى لأولئك الخاضعين بكليتهم لعيني الله، لأنهم في وقوفهم في حضرته يرونه وجهاً لوجه: «ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف، كما في مرآة، تتغير إلى تلك الضورة عينها، من مجد إلى مجد كما من الرب الروح» (2كو3: 18).
٣ – أنقياء القلب هم أصحاب القلب الواحد غير المنقسم. فكما أن كلمة القلب في الكتاب المقدس تشير إلى الإنسان بكامله بما فيه من إرادة ورغبات وعواطف، هكذا فإن أنقياء القلب هم الذين سلموا هذا القلب الكلي أو الشامل إلى الرب، فاستحقوا أن يعاينوا مجده: «تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك» (مر12 :30).
عندما تقدم الشاب الغني إلى الرب يسوع سائلاً إياه: “ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية» (مر10: 17)، كان رد الرب عليه أنه ينبغي أن يبيع كل ما له ويعطيه للفقراء ثم يأتي ليتبعه (مر10: 21)؛ لأن الرب رأى أن محبة المال مسيطرة على قلب هذا الشاب وتقف عقبة في طريق ميراثه للحياة الأبدية، ويظهر ذلك من قول الكتاب: «فاغتم على القول ومضى حزيناً، لأنه كان ذا أموال كثيرة» (مر10: 22). فكان احتياج الشاب الرئيسي من أجل تنقية قلبه لكي يتأهل لميراث الملكوت، هو أن يبيع كل ما له ويعطيه للفقراء. ربما لو كان الرب يسوع قال له: أن يأتي ويتبعه ومعه ماله الذي يحبه، لكان الشاب وافق ولو في الظاهر على إتمام الصفقة. لكنه ما كان في استطاعته أن يكمل إذا سمع قول الرب: “للثعالب أوجرة ولطيور السماء اوكار، وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند راسه» (لو9: 58). فأنقياء القلب هم أولئك الذين يُسلمون كل قلبهم لله، وليس كل قلبهم تقريبا!
لقد أمر الرب قائلاً: «يا ابني، أعطني قلبك، ولتلاحظ عيناك طرقي» (أم 23: 26). فإن أعطيناه قلبنا كله، فستنفتح أعيننا لنراه ونعاين طرقه ومشيئته من نحونا.
–
برية التجربة | كتب أنبا إبيفانيوس | اللهم ارحمني أنا الخاطئ |
كتاب مفاهيم إنجيلية | ||
المكتبة المسيحية |