عطية التوبة
القديس مار اسحق السرياني
“ويقول قد كمل الزمان، واقترب ملكوت االله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل” (مر 1: 15).
تُعطى التوبة للبشرية كنعمةٍ فوق نعمةٍ. التوبة هي ميلاد ثانٍ من االله، ننال عربونه في العماد، ونناله كعطية خلال التوبة.
التوبة هي مدخل الرحمة المفتوح لجميع طالبيها. خلال هذا المدخل ندخل إلى الرحمة الإلهية، وباعتزال هذا المدخل لا يقدر أحد أن يجد رحمة.
إذ “أخطأ الجميع”، كقول الكتاب الإلهي، “يتبررون مجانًا بالنعمة” (رو 3: 23، 24). التوبة هي النعمة الثانية، تولد في القلب كثمر للإيمان والمخافة.
المخافة هي العصا الأبوية التي تقودنا حتى إلى عدن الروحية، لكن ما أن نبلغ هناك تتركنا وترجع.
عدن توجد في الحب الإلهي، حيث فيه فردوس كل التطويبات. هذا هو الموضع الذي فيه نال القديس بولس قوتًا فائقًا للطبيعة. إذ ذاق شجرة الحياة تعجب قائلاً: “ما لم تره عين، وما لم تسمع به أذن، وما لم يخطر على قلب بشر، ما أعده االله للذين يحبونه” (١ كو 2: 9)
+++
لا تهرب يا ابني مني، بل اهرب إليَّ!
لماذا تهرب مني يا ابني؟ اهرب إليَّ!
أُشرق عليك بأشعة بري فتتبرر.
أهبك ينابيع حبي فلن تعطش.
انطلق بك إلى سمواتي فتتحرر.
اهرب إليَّ، فتطير وتتمتع بالحرية.
اهرب إليَّ، فتتمتع بحبي، ولن تشعر بالعزلة!
أهبك شركة مع طغمات السمائيين.
أهبك نصيباً مع مصاف القديسين.
أدخل بك إلى حجالي، فتتمتع بجمالي!
أحملك إلى سمواتي، فتنعم بما ادخرته!
ها أنا أبسط يدي إليك.
بطول أناتي أترقب مجيئك.
ارجع إليَّ مادام اليوم يدعى نهاراً،
لئلاَّ يحل ليل الدينونة، فتهلك مع إبليس.
اقترب إليَّ فأنا لست بعيداً عنك.
لا تتكل على ذراعيك، أنا سند لك.
اليوم يوم خلاص، والوقت وقت مقبول،
فلماذا تؤجل توبتك؟
إني كعريسٍ أترقب عروسي في لحظات ما قبل العرس.
قلبي مشتاق إليها، فهي محبوبة لدي جداً.
أعددتُ لها كل شيء:
ثوب عرسها، ووليمة الفرح، وبيت الزوجية الأبدي،
مخازن أسراري الفائقة!
+++
من كتاب لقاء يومي مع إلهي للقمص تادرس يعقوب ملطي