انتم فيَّ وأنا فيكم
“انتم فيَّ وأنا فيكم” (یو 20:14 )
رسم السيد المسيح على طول حياته رسماً تخليقياً عملياً للإنسان الجديد بحياته الجديدة في وضعه على الأرض . ثم لكي يقطعه نهائيا من جذر مرارته الشرير ، مات به موتاً حقيقياً يؤمنه ضد الخطية والموت والفناء ، ليخلقه خلقة جديدة روحية وسماوية أبدية . وقام به من بعد موته ووهبه حياة أبدية مع الله ، ففقد جذره المر ، وضرب له المسيح جذراً جديداً موطنه السماء ، يشرب ويأكل ويحيا ويتحرك بمشيئة الله وبقوة كلمة الله الحية التي منها ولد .
حياتنا أصبحت الآن بالنسبة للإنسان الجديد هي حياة مستمدة من الله والإنجيل بالروح ، تسير على خطى المسيح ، لا كنموذج نراه من بعيد ونقلده ، بل كحقيقة حية فينا وفي داخل أرواحنا . لأن المسيح لم يأخذ جسداً من خارج جسدنا ، بل أخذ جسدنا هذا بعينه وسكن فيه بروحه القدوس ولاهوته ، ثم أعطاه لنا بعينه لما قام بنا . فالمسيح الآن يحيا فينا بروحه . هذه حقيقة حياتية قبل أن تكون معلومة لاهوتية .
إن بيت لحم هي مهدنا الجديد الذي منه تقبلنا إنساننا الجديد ، والناصرة هي مسرح شبابنا ، والجليل هو موطن جهادنا .
هذا هو امتحان إيماننا كل يوم ، فكل مشكلة روحية يخلقها لنا الناس والعالم ، يرد عليها المسيح الذي فينا الذي ناقش وحاور وغلب من أجلنا ليعطينا بنفسه وبروحه الغلبة . لقد بنى لنا المسيح بنفسه وفي نفسه إنساننا الجديد الغالب بالمكتوب .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين