انطلاق فى محبة ﷲ
من كتاب لماذا تحت الأقدام
القمص يوحنا باقي
الفصل الأول
انطلاق فى محبة ﷲ
ﻋــﺎش آدم ﻣﺗﻣﺗﻌــﺎً ﺑﻣﺣﺑــﺔ ﷲ ﻓــﻰ اﻟﺟﻧــﺔ – ﻫــو وﺣــواء – إﻟﻰ أن آﺛﺎر اﻟﺷﻳطﺎن ﻓـﻰ ﺣـواء، ﺛـم آدم اﻟـذات واﻻﻧﻔـﺻﺎﻝ ﻋـن ﷲ، ﻓـﺳﻘطﺎ وﺣرﻣـﺎ ﻣـن ﻋـﺷرة اﷲ. وﺑﺎﻟﺗـﺎﻟﻰ ﻓـﺎﻟطرﻳق ﻻﺳـﺗﻌﺎدة اﻹﻧـﺳﺎن ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻣﻊ ﷲ ﻫﻰ ﺑﺎﻻﺗﺿﺎع. وذﻟك ﻳظﻬر ﻣن اﻟﺧطوات اﻵﺗﻳﺔ:
1- تفرغ من الذات :
إن اﻟوﺿﻊ اﻟطﺑﻳﻌﻰ ﻟﻺﻧﺳﺎن أن ﻳﻣﺗﻠـﺊ ﻗﻠﺑـﻪ ﺑﻣﺣﺑـﺔ ﷲ وﻻ ﻳوﺟد ﻓـﻰ داﺧﻠـﻪ إﻻ ﻫـذا اﻟﺣـب. أﻣـﺎ وﺟـود اﻟـذات اﻟﻣﻧﻔـﺻﻠﺔ ﻋـن ﷲ ﻓﻬــو أﻣــر ﻏرﻳــب ﻋــن طﺑﻳﻌــﺔ اﻹﻧــﺳﺎن؛ ﻷن اﻹﻧــﺳﺎن ﺑــﻳن ﻳــدى اﷲ ﻳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻣﺣﺑﺗﻪ وﻛﻣﺎﻝ اﻟـﺳﻌﺎدة. ﻓﻠﻣـﺎذا ﻳﺗـرك ﻫـذا اﻟﻧﻌـﻳم؟ إذن ﺑﺎﻟﺗـﺎﻟﻰ ﺗﻔﻛﻳـــر اﻹﻧـــﺳﺎن ﻓـــﻰ ﻧﻔـــﺳﻪ أﻧـــﻪ ﺟﻳـــد، أو ردئ ﺑﻌﻳـــداً ﻋـــن ﷲ، أو ﻣﻘﺎرﻧﺗﻪ ﻧﻔﺳﻪ ﻣﻊ اﻵﺧرﻳن، ﻫﻝ ﻫو أﻓﺿﻝ ﻣﻧﻬم، أو أﻗﻝ؟ ﻫـو ﺗﻔﻛﻳـر ﺷﻳطﺎﻧﻰ، اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻪ إﺧراج اﻹﻧـﺳﺎن ﻣـن ﺳـﻌﺎدﺗﻪ اﻟﺗـﻰ ﻳﺣﻳﺎﻫـﺎ ﻓـﻰ أﺣﺿﺎن ﷲ.
ﻟــــذا ﻳﻠــــزم اﻧــــﺳﺣﺎق اﻟــــذات واﻻﻧــــﺷﻐﺎﻝ ﻓﻘــــط ﺑﻣﺣﺑــــﺔ اﷲ؛ ﻟﻳﺳﺗﻌﻳد اﻹﻧﺳﺎن ﻓرﺣﻪ، ﻓﻳﺷﻌر أﻧﻪ وﺣدﻩ ﻻ ﺷﺊ وﻟﻛن ﺑـﺎلله ﻳـﺳﺗطﻳﻊ ﻛﻝ ﺷﺊ، ﻛﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺑوﻟس اﻟرﺳوﻝ “أﺳﺗطﻳﻊ ﻛﻝ ﺷﺊ ﻓﻰ اﻟﻣـﺳﻳﺢ اﻟـذى ﻳﻘوﻳﻧﻰ” (ﻓﻰ4: 13).
ﻓﺎﻻﺗﺿﺎع ﻫو ﺗﻔرغ ﻣـن ﻫـذا اﻟﻔـﺦ اﻟـﺷﻳطﺎﻧﻰ، اﻟـذى ﻳﻬـدف إﻟــﻰ إﻗﺎﻣــﺔ ﺻــﻧم داﺧــﻝ اﻹﻧــﺳﺎن ﻫــو اﻟــذات، ﻳﺗﻌﺑــد ﻟــﻪ وﻳﻧــﺷﻐﻝ ﺑــﻪ، ﻓﺗﺿﻌف ﻣﺣﺑﺗﻪ لله؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻧﺷﻐﻝ ﺑﻣﺣﺑﺔ ذاﺗﻪ وﻳﺿطرب.
ﻓﺎﻻﺗﺿﺎع ﻳﺧﻠﻰ اﻟﻘﻠب ﻣن ﻛـﻝ ﻣـﺎ ﻳﻌطـﻝ ﻣﺣﺑﺗـﻪ ﷲ، ﻓﻳﺣـب ﷲ ﻣن ﻛﻝ ﻗﻠﺑـﻪ وﻳﺣـب أﻳـﺿﺎً ﻧﻔـﺳﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠـﺔ ﻋﻠـﻰ ﷲ، ﻓـﻼ ﻳـﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳراﻫــﺎ إﻻ ﻋطﻳــﺔ ﻣﻧــﻪ. وﻳﺣﺑﻬــﺎ ﻷﻧﻬــﺎ داﺧــﻝ ﷲ وﻻ ﻳراﻫــﺎ إﻻ ﻣــن ﺧﻼﻟﻪ، أى ﺗﻧﺳﺣق اﻟذات ﺗﻣﺎﻣﺎً.
2- تفاعل مع الحب :
إذ ﻳﺗﻔــرغ اﻟﻘﻠــب ﻣــن ﻣﺣﺑــﺔ اﻟــذات ﺑﺎﻻﺗــﺿﺎع ﻳــﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳــﺷﻌر ﺑﻣﺣﺑــﺔ ﷲ؛ ﻷن اﻟــذات ﺗﻘــف ﻛﺣــﺎﺟز ﻋظــﻳم ﻳﻣﻧــﻊ إﺣــﺳﺎس اﻹﻧــﺳﺎن ﺑــﷲ. واذ ﻳــﺷﻌر اﻹﻧــﺳﺎن ﺑﻣﺣﺑــﺔ ﷲ ﻳﺗــﺄﺛر ﺟــداً وﻳﻧــﺳﺣق أﻛﺛر وأﻛﺛر أﻣﺎم ﻫذا اﻟﺣب، ﻓﻳﺷﻛر ﷲ ﻣن ﻛﻝ ﻗﻠﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻝ ﻣﺣﺑﺗﻪ.
واذ ﻗد زاﻝ اﻟﺣـﺎﺟز ﻳـﺳﺗطﻳﻊ اﻹﻧـﺳﺎن أن ﻳﺗﻔﺎﻋـﻝ ﻣـﻊ اﻟﺣـب اﻹﻟﻬـﻰ، اﻟـذى ﺳـﻌﻰ ﻧﺣـوﻩ؛ ﻷن ﷲ داﺋﻣـﺎً ﻫـو اﻟﺑـﺎدئ، ﻓـﻼ ﻳـﺳﺗطﻳﻊ اﻹﻧﺳﺎن أن ﻳﺻد ﻫذا اﻟﺣب اﻟﻘوى اﻟﻣﺑذوﻝ ﻋﻠـﻰ اﻟـﺻﻠﻳب، ﻓﻳﻘﺑـﻝ أن ﻳﻘف ﻓﻰ اﻟﺻﻼة، ﺣﺗﻰ وﻟو ﺑﺗﻐﺻب وﻳﺟﺑر ﻧﻔﺳﻪ اﻟﻣﺗﻛﺎﺳﻠﺔ أن ﺗﻔﺗﺢ اﻟﻛﺗــﺎب اﻟﻣﻘــدس. ﺣﺗــﻰ ﻳﺧــﺿﻊ اﻟﺟــﺳد ﻓــﻰ اﻟﻧﻬﺎﻳــﺔ وﻳﺗﻌــود اﻹﻧــﺳﺎن اﻟﺻﻼة واﻟﺗﺄﻣﻝ، ﺑـﻝ ﻳﺑـدأ ﺗـذوق ﻟـذة اﻟﺗﻔﺎﻋـﻝ ﻣـﻊ ﷲ وﻳﺧﺗﺑـر أﻋﻣﺎﻗـﺎً ﺟدﻳدة ﻣـن ﻣﻌرﻓﺗـﻪ لله، أى ﺗﻧﻛـﺷف ﻣـن أﻣـﺎم ﻋﻳﻧﻳـﻪ اﻟﺣـواﺟز، ﻓﻳـرى ﺟﻣــﺎﻝ ﷲ وﻳﻔــرح ﺑــﻪ. وﻫﻛــذا ﻳــﺳﺗﻌﻳد اﻹﻧــﺳﺎن ﻋﻼﻗﺗــﻪ اﻟطﺑﻳﻌﻳــﺔ ﻣــﻊ ﷲ، اﻟﺗﻰ ﻛﺎﻧت ﻓﻰ ﺟﻧﺔ ﻋدن وﺧﺳرﻫﺎ ﺑﺳﺑب اﻟﻛﺑرﻳﺎء.
ﻫذا اﻟﺗﻔﺎﻋﻝ ﻣﻊ ﻣﺣﺑﺔ ﷲ ﻳﻌطﻰ ﺣﻳوﻳﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن وﻳﺛـق ﻓـﻰ ﻧﻔــﺳﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠــﺔ ﻋﻠــﻰ ﷲ وﻳﺟــد ﻟــذة ﻟﻠﺣﻳــﺎة، إذ دﺧــﻝ ﷲ ﻓــﻰ ﺣﻳﺎﺗــﻪ، ﺣﺗـﻰ ﻳـﺳﺗطﻳﻊ ﻓـﻰ اﻟﻧﻬﺎﻳـﺔ أن ﻳﻘــوﻝ ﻣـﻊ ﺑـوﻟس اﻟرﺳـوﻝ “ﻟـﻰ اﻟﺣﻳــﺎة ﻫﻰ اﻟﻣﺳﻳﺢ” (ﻓﻰ1: 21).
ﺑﺎﻧﻔﺗــﺎح ﻋﻳﻧــﻰ اﻹﻧــﺳﺎن ﻳــرى أﺣــداث ﺣﻳﺎﺗــﻪ ﺑــﺷﻛﻝ ﺟدﻳــد. ﻓﻘدﻳﻣﺎً ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺳﺗﻌﺑداً ﻟذاﺗﻪ ﻛﺎن ﻳـﺷﻌر ﺑـﺎﻟظﻠم وﻧـﺳﻳﺎن ﷲ ﻟـﻪ، ﺑــﻝ ﻗــﺳوﺗﻪ ﻋﻠﻳــﻪ، أﻣــﺎ اﻵن ﻓﻳــﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳﻛﺗــﺷف ﷲ ﻓــﻰ اﻟــﺿﻳﻘﺎت اﻟﺗـــﻰ ﻳؤدﺑـــﻪ ﺑﻬـــﺎ ﻹﺻـــﻼﺣﻪ وﻟﻳﺧﻠـــﺻﻪ ﻣـــن ﺧطﺎﻳـــﺎﻩ، ﻓﻳـــﺷﻛرﻩ ﻋﻠـــﻰ اﻫﺗﻣﺎﻣــﻪ. وﻣــن ﻧﺎﺣﻳــﺔ أﺧــرى ﻳــزداد ﻓﻬﻣــﻪ ﻟرﻋﺎﻳــﺔ ﷲ، ﻓﻳﺗﻌﻠــق ﻗﻠﺑــﻪ ﺑﺎﻟﺣب اﻹﻟﻬﻰ وﻳﺗﺣرك ﻧﺣوﻩ ﺑﺧطﻰ ﺛﺎﺑﺗﺔ.
3- نمـو فى الـروح :
ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺑدأ ﺗﻔﺎﻋﻝ اﻹﻧـﺳﺎن ﻣـﻊ ﻣﺣﺑـﺔ اﷲ وﻟـو ﻗﻠـﻳﻼً ﻗﻠـﻳﻼً، ﻳﺗذوق ﺣـﻼوة ﻻ ﻳﻌﺑـر ﻋﻧﻬـﺎ، ﻓﺗﺗﺣـرك أﺷـواﻗﻪ ﻧﺣـو ﷲ ﻳرﻳـد اﻟﻣزﻳـد، ﻓﺑﻌــد أن ﺗﻌــود ﺗــذوق ﻗطـرات اﻟــﺷﻬد، ﻳرﻳــد أن ﻳــﺷﺑﻊ ﺑــﻪ، ﻓﻳزﻳــد ﻣــن أوﻗـــﺎت وﺟـــودﻩ ﻣـــﻊ ﷲ وﻳـــﺗﻔﻬم اﻟﻛﻠﻣـــﺎت اﻟﺗـــﻰ ﻳﻘرأﻫـــﺎ ﻓـــﻰ اﻟﻛﺗـــﺎب اﻟﻣﻘــدس، أو ﻳﻧطﻘﻬــﺎ ﻓــﻰ ﻣزاﻣﻳــر اﻟــﺻﻼة. وﻳﻧﻔــﺗﺢ ﻗﻠﺑــﻪ ﺑﺑﻧــوة وداﻟــﺔ ﻟﻳﺣدث ﷲ ﺑﻠﺟﺎﺟـﺔ، ﻓﻳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻌﻼﻗﺔ أﻋﻣق وﻳﻧﻣو ﻛـﻝ ﻳـوم ﻓـﻰ ﻣﺣﺑﺗـﻪ لله.
اﻷﻛﺛر ﻣن ﻫذا أﻧﻪ ﺑﻣرور اﻷﻳﺎم ﻳﺗﺣـوﻝ إﻟـﻰ إﻧـﺳﺎن روﺣـﻰ ﻳـــﺳﺗﺧدم اﻟﻣﺎدﻳـــﺎت وﻟﻛـــن ﻳﻧﻔـــك ﺗﻌﻠﻘـــﻪ ﺑﻬـــﺎ، ﻓﻳـــﺳﺗطﻳﻊ أن ﻳﺗﻧـــﺎزﻝ ﺗدرﻳﺟﻳﺎً ﻋن اﻟﻣﺎدﻳﺎت، ﻓﻳﻧﻣـو ﺣﺑـﻪ وﺗﻌﻠﻘـﻪ ﺑـﺎلله وﻳﺣﻛـم ﻋﻠـﻰ اﻷﻣـور ﺑﺷﻛﻝ روﺣﻰ، ﻓﻳزداد ارﺗﺑﺎطﻪ ﺑﻛـﻝ ﻣـﺎ ﻳـﺳﺎﻋدﻩ ﻋﻠـﻰ اﻟروﺣﺎﻧﻳـﺔ؛ ﻷﻧـﻪ أﺻﺑﺢ ﻣﻣﻳزاً ﻟﻠروﺣﻳﺎت، ﺑﻝ ﻣﺣﺑﺎً ﻟﻬﺎ وﻣرﺗﺑطﺎً ﺑﻬﺎ.
وﻳــــﺳﺗطﻳﻊ أﻳــــﺿﺎً أن ﻳﻣﻳــــز اﻟروﺣــــﺎﻧﻳﻳن، ﻓﻳــــﺳﻌﻰ إﻟــــﻳﻬم؛ ﻟﻳﺗـــﺷﺟﻊ ﺑـــﺻﺣﺑﺗﻬم وﻳﺗﻌﻠـــق ﻗﻠﺑـــﻪ ﺑﺎﻟﻘدﻳـــﺳﻳن اﻟـــذﻳن ﻳﺗـــﺷﻔﻊ ﺑﻬـــم، ﻓﻳﻠﻬﺑــون ﻗﻠﺑــﻪ ﺑﻣﺣﺑــﺔ اﷲ، ﻛﻣــﺎ اﻟﺗﻬﺑــت ﻗﻠــوﺑﻬم. وﻫﻛــذا ﻳــﺻﺑﺢ إﻧــﺎءً ﻣﺧﺗﺎراً ﻳﻌﻣﻝ ﻓﻳﻪ اﻟروح اﻟﻘدس ﺑﻘوة وﻳﻣﻸﻩ؛ ﻟﻳﻔﻳض ﻋﻠﻰ ﻣن ﺣوﻟﻪ.
4- مسـاندة مـن ﷲ :
إذ ﻳــرى ﷲ ﺗﺟــﺎوب اﻹﻧــﺳﺎن وأﺷــواﻗﻪ، ﻳﻔــرح ﺑــﻪ وﻳــﺳﺎﻧدﻩ؛ ﻟﻳواﺻﻝ طرﻳﻘﻪ ﻧﺣو اﻟﺣب اﻹﻟﻬﻰ، ﻓﻳذﻳﻘﻪ اﻟﺟدﻳد ﻛﻝ ﻳـوم ﻣـن ﺣـﻼوة ﻋـﺷرﺗﻪ وﻳﻔــﺗﺢ آﻓﺎﻗـﺎً ﺟدﻳــدة ﻟطﻣوﺣﺎﺗــﻪ اﻟروﺣﻳـﺔ، ﻓﻳــﺷﺗﺎق أن ﻳﺣﻘــق ﺧطوات ﻓﻰ ﻛﻝ ﻣﻧﻬﺎ.
وﻳﺳﺎﻧدﻩ ﷲ أﻳﺿﺎً ﺑﺎﻟﺛﺑﺎت ﻓﻳﻪ ﻋﻧـد ﻫﺟـوم أﻓﻛـﺎر اﻟﺗـﺷﻛﻳك، أو اﻟﻳــﺄس، أو ﺣﺗــﻰ اﻟﻔﺗــور اﻟروﺣــﻰ؛ ﻷﻧــﻪ ﻗــد ﺗﻌــود اﻟﺗﻐــﺻب ﻣــن اﻟﺑداﻳﺔ، ﻓﻳظﻝ ﺛﺎﺑﺗﺎً ﻓﻰ ﻣﻣﺎرﺳﺎﺗﻪ اﻟروﺣﻳﺔ ﺑﺗﺷﺟﻳﻌﺎت ﷲ اﻟﺗـﻰ ﺗﺄﺗﻳـﻪ ﻣن آﻳﺎت اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﻘـدس، أو ﻣـﺷﺎﻋر داﺧﻠﻳـﺔ، أو ﻣـن أب اﻻﻋﺗـراف وﻛﻝ اﻟﻣﺣﻳطﻳن ﺑﻪ.
وﻣن اﻟﻣﺳﺎﻧدة اﻹﻟﻬﻳﺔ أن ﻳﺿﺊ ﻋﻠﻳﻪ ﺑﻧورﻩ ﻋﻧـدﻣﺎ ﻳﺧطـﺊ؛ ﺣﺗــﻰ ﻳرﺟــﻊ ﺳــرﻳﻌﺎً وﻳﺗــوب وﻳﻘــوم ﻣطﺎﻟﺑــﺎً ﷲ ﺑﻣــﺳﺎﻋدﺗﻪ ﻓــﻰ دﻣــوع وﻧــدم، ﻓﻳــﺳﺗﻌﻳد اﻧﻔﺗــﺎح ﻋﻳﻧﻳــﻪ وﻳﺑــدأ ﻣــن ﺟدﻳــد ﻓــﻰ ﻧﻣــوﻩ اﻟروﺣــﻰ وأﺣﻳﺎﻧﺎً ﻳﻛون ﺑﺷﻛﻝ أﻛﺑر ﻣن ذى ﻗﺑﻝ.
5- تذوق لألعمـاق :
ﻣـــن أﺟـــﻝ ﻣﺛـــﺎﺑرة ﻫـــذا اﻹﻧـــﺳﺎن اﻟروﺣـــﻰ ﻳـــﺷﺟﻌﻪ اﷲ ﻓـــﻰ إدﺧﺎﻟﻪ إﻟﻰ اﻷﻋﻣﺎق، ﻓﻳرى أﻣوراً ﻻ ﻳﻌﺑر ﻋﻧﻬـﺎ؛ ﻷن وﻋـد اﷲ واﺿـﺢ أﻧﻪ “ﻳﻘـﺎوم ﷲ اﻟﻣـﺳﺗﻛﺑرﻳن أﻣـﺎ اﻟﻣﺗواﺿـﻌون ﻓﻳﻌطـﻳﻬم ﻧﻌﻣـﺔ” (ﻳـﻊ4: 6).
ﻫــذا اﻟﺗــذوق اﻟﺟدﻳــد ﻫــو درﺟــﺔ أﻋﻠــﻰ ﻓــﻰ اﻟﻧﻣــو اﻟروﺣــﻰ، ﺗﺟـدد ﺣﻳوﻳـﺔ اﻹﻧـﺳﺎن وﻧـﺷﺎطﻪ ﻣﻬﻣـﺎ ﻛـﺎن ﻋﻣـرﻩ، ﻓﻳﻧـﺳﺣق أﻣـﺎم ﷲ ﺷﺎﻛراً وﻳطﺎﻟب ﷲ أن ﻳﻧﻌم ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎﻟﻣزﻳد، ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻪ ﻗـد اﺧﺗﺑـر ﻗـﺑﻼً ﻣرات ﻛﺛﻳرة ﻋطﺎﻳﺎ ﷲ، ﻓﻳﺗﻘدم ﻣن ﻧﻣـو إﻟـﻰ ﻧﻣـو ﻣـﺗﻬﻠﻼً، وﻓـﻰ ﻧﻔـس اﻟوﻗــت ﻳــزداد اﺗــﺿﺎﻋﺎً، ﻣﻣــﺎ ﻳﺗــﻳﺢ ﻟــﻪ ﻓــرص أﻛﺑــر ﻻﺧﺗﺑــﺎر أﻋﻣــﺎق ﺟدﻳــــدة. وﻫﻛــــذا ﺗﺗﻘــــدم ﺣﻳﺎﺗــــﻪ اﻟروﺣﻳــــﺔ طــــواﻝ ﻋﻣــــرﻩ وﻻ ﺗﻌطﻠﻬــــﺎ اﻟﺳﻘطﺎت، ﺑﻝ ﺗزﻳدﻫﺎ ﻗوة وﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻠﺷﻳطﺎن، ﻓﻳﻔرح ﻛـﻝ أﻳﺎﻣـﻪ، ﺣﺗـﻰ ﻳﻧطﻠق ﻟﻠﺳﻌﺎدة اﻷﺑدﻳﺔ.