كل من يأتي إلىَّ ويسمع كلامي

 

“كل من يأتي إلىَّ ويسمع كلامي” (لو 6 : 47)

كلام الله حلو في الفم ، لذيذ للنفس جداً ، شهي للعقل الذي يتفحص فيه ، به عزاء وقوة فعَّالة هائلة . وأيضاً قيل عنه إنه كنار وكمطرقة تحطم الصخر. ولكنه في كل الأحوال هو بدون عمل الإنسان لا يساوي شيئاً، يبقى عاطلاً، عاجزاً.

السمع هنا ليس هو سماع الأذن ؛ ولكنه سماع الروح : « من له أذنان للسمع فليسمع » . القلب الصاحي ذو الأذن الروحية ينفتح للكلمة في الحال . الله لا يطلب أذناً فقط ، بل أذناً مع قلب . فإذا نحن اكتفينا بالسماع ، ستموت الكلمة فينا ؛ ولكن إذا تفاعلت الكلمة مع القلب والإرادة ؛ فهنا تتصر الإرادة وتُذبح تحت سلطان سيف الكلمة ، فتسقط صريعة وتبدأ الكلمة تأخذ مكانها وتسيطر وتسود.

كلمة الله كلمة إلهية ، طبيعتها أزلية ، نور ونار ؛ ولكن ما أبعد الهوة التي بينها وبين طبيعتنا الأرضية ؟! هي نور ، وأنا ظلمة ؛ ما الذي يجعل الظلمة تطيع النور ؟! أنا إنسان محب للكذب ومحب للباطل ؛ والكلمة صدق وحق إلهي ، تنافر تام بين الطبيعتين . طبیعتان لا يمكن أبدا أن تلتقيا أو تتقابلا . إذن لابد من عامل وسيط ، هذا هو ما رأيناه في المسيح عندما تجسد . لابد أن يتحد الإلهي بالإنساني لكي يقدر هذا البشري يأخذ من الله ، ويقدر الله أن يسود على الجسد . فمن غير هذا الاتحاد يستحيل أن يحدث التغيير.

ولكن لابد أولاً من إعطاء الكلمة فرصة لتتفاعل مع الطبيعة البشرية ، “خبأت كلامك في قلبي” ، إنها عملية التفريخ ، عملية إعطاء الكلمة الفرصة لتتحد بطبيعتها الساقطة ، لكي تزع منها الرديء وتعطيها الجيد. 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى