ولكن حزنكم يتحول إلى فرح

 

“ولكن حزنكم يتحول إلى فرح” (يو20:16 )

ما يُحزن العالم هو خسارة في الجسد أو في المادة . الجسد : هو الصحة والعاطفة والقرابة ، والمادة : هي كل ما يُباع ويُشترى ويُقتني ، وما يُفرح العالم هو الربح في كل ما يخص الجسد والجسديات والمادة والماديات.

ما يُحزن المسيحي هوما يفقده بالروح ، وما لا يحققه من مشيئة الله ووصاياه؛ وأما ما يفرحه ، فهو رضى الله ، وتكميل مسرة مشيئته ، وتحصيل هباته التي بلا كيل.

هذا التباين الجذري بين ما يُحزن وما يُفرح ، بين العالم والإنسان المسيحي ، جعل المعايير بينهما يتعاكس وضعُها تماماً ، فما يُحزن هذا يُفرح الآخر ، وما يُفرح الأول يُحزن الثاني.

هكذا الإنسان المسيحي ، فهو يجزع من إدارة الخد للمعتدي ، ويؤكل قلبه أكلاً حينما تُسلب أمواله أو يُهان اسمه ، أو تُهدد كرامته . ولكن حينما ينتهي العالم من فعلته الشنعاء التي صنعها ، وحينما ينتهي كل شيء وتعود النفس تحسب حساب المكسب والخسارة ؛ حينئذ سيتهلل فرحاً. فالمكسب الروحي لا يُقاس عظمة بتفاهة الخسارة : “ودعوا الرسل وجلدوهم … أما هم فذهبوا فرحين .. لأنهم حُسبوا مستأهلين أن يُهانوا من أجل اسمه” ( أع 5 : 41 ).

الإنسان المسيحي ، حينما يعزم أن يترك كل شيء ليتبع المخلص ، حيث تبدو هذه الخطوة كأنها قفزة في الهواء ، وتأخذه الرهبة إلى حين ، وهو يعبر اختبار الانتقال من حضن العالم إلى حضن المسيح ، ولكن سرعان ما تستقبله الحقيقة مجسمة في شخص المسيح ، ويغشاه النور والسلام والفرح المقيم. 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى