كتاب توجيهات في الصلاة للأب متى المسكين

في الحضرة الإلهية

 

توسط الرب يسوع المسيع في صلاتنا:

+ الصلاة هبة كريمة أعطيت للإنسان للتواجـد مـع الله الآب بتوسط يسوع المسيح، وفيها يـتـم تنـازل حقيقـي مـن الله للوجـود مـع الإنسان بسبب حب الله الآب لابنه يسوع المسيح الذي يكون حاضراً معنـا بمقتضى اتضاعه حسب وعده. والروح القدس يمهد بالنعمـة لهذا اللقـاء الروحي غير المنظور. لذلك يلزم السجود بكل خشوع ووقار للآب والابن والروح القدس متواتراً بكثرة كثيرة، كرامة للحضرة الإلهية وتعبيرا عن منتهى الخضوع قبالة الثالوث القدوس. وكل سجدة جيد أن يلازمها تقبيل للصليب الذي من عليه نلنا هذه المواهب الكريمة وصـار لنا قبول وجراءة وقدوم إلى الآب.

+ الصلاة تبدأ باسم الآب والابن والروح القدس لأنـه هـو وحـده الذي لـه العبـادة، ثـم الذوكصا أي إعطاء المجد للثالوث القدوس كشهادة للحضرة الإلهية الكاملة، ثم أبانا الذي في السموات التي يلـزم عند تلاوتها أن توجه إلى الآب بكل وقار كإبراهيم الذي وقف يخاطب الله كتراب ورماد وهو في شعور الانسحاق الشديد.

+ الله لا تسعه السماء ولا سمـاء السموات فكـم بـالحري الأرض، وبالرغم من ذلك فإنه يدخل ويرتاح في النفس البشرية التائبة، أي التي تمارس التوبة؛ لأن النفس البشرية هي نفخة من نسمة الله أي من روحه، فكما تشتاق النفس إلى خالقها هكذا يشتاق الخالق إلى خليقته لأنها مـن روحه، لذلك يلزم أن لا يتصور الإنسان أثناء الصلاة أي صـورة الله الآب أو الابن أو الروح القدس كـأنهم خارج الإنسان أو يمكن أن تراهم العين؛ لأن الله يحضر داخل النفس وليس خارجها فتحسه ولكن لا تراه: «صل إلى أبيك الذي في الخفاء» (مت6: 6).

+ الخوف من الله أو الجزع من الخطيئة الكثيرة والشكوك الناتجـة عـن التجارب أو عن الأمراض تجعلنا نحس أن الله غير موجود.

ولكن هذا لا يفيد أن الله يكون أثناء الصلاة غير موجود. يستحيل أن يبدأ الإنسان بالصلاة المنسقة ويتغيب الله عن الإنسان قط، لأن محبة الله لا تبالي بخطايا الإنسان التائب ولا تجزع من نجاساته أو شكوكه لأن عندها قوة غفران وتطهير لانهائية.

التشدد بالايمان فـوق العواطـف والأحاسيس:

لذلك يـلـزم بـلا شـك أن يثـق الإنسان بوجود الله في الصـلاة وبسماعه كلمات توسلاته وقبوله للصلاة بسرور، وأن يتأكد الإنسان أن الله غير متقلب كالبشر، فمحبته ثابتة ووعده أمين. وطالما أحـب مـرة فهو لن يتراجع عن إعانة الإنسان، ولكـن مـرة بالحـب ومـرة بالتأديب والتخلي، حتى يكمل خلاصه.

وعلى الإنسان أن لا يعتمد على عواطفه ولا على إحساسه في علاقتـه بالله؛ ولكن عليه أن يتشدد بالإيمان فوق العواطف والأحاسيس.

أعذار الهروب من الصلاة:

+ جسد الإنسان عدو لروحه فهو لا يرتاح إلى الصلاة، وخصوصاً إذا كانت الصلاة صادقة وطاهرة بروح العبادة الحقة التي فيها إنكار الذات وإماتة شهواتها وأطماعها وآمالها الدنيوية الكاذبة. لذلك يخترع الجسد أسباباً للهروب من الصلاة فهو يدعي المرض والضعف وآلام الرأس والمفاصل والظهر وشدة الحاجة إلى النوم. فإذا غصـب الإنسان نفسه على الصلاة يحاول الجسد أن يختصر الصلاة؛ فإذا غصب الإنسان نفسه على تكميل الصلوات يحاول الجسد الهروب من معاني الكلمات، ويتلعثم اللسان، ويخور العقل ويطيش هنا وهناك، ويتبلـد الـذهن. لأن الذات وهي متخذة فرصة بالجسد لا تريد أن وهي كلمات الصلاة لأن تسمع فيها يكمن موتها (أي موت الذات) كالحية التي تهرب من رقية الساحر، فتسرع لتسد أذنيها حتى لا تسمع صوت الله لأنها تعلم أن فيه موتها. والرب يعلم ذلك، لذلك أوصى قائلاً: «صلوا ولا تملوا»! (لو18: 1).

ولكن هذه الأعراض الخطيرة لا تظهر في الصلوات الفريسية الباردة التي يؤديها الإنسان لكي ينال بها أجراً من النـاس أو مديحاً أو إطراء أو إعجابا، بل على العكس فالجسـد يقبـل مثـل هـذه الصـلاة ويميل إليهـا، ويقوم مبكراً ليؤديها علناً، ويتشدد للوقوف ساعات طويلة أمـام النـاس، ويرفع صوته عالياً، ويكون العقـل واعيـا جـداً ويتلـو الـصـلوات بوقـار مصطنع وبتدقيق يثير دهشة الناس؛ لأن الصـلاة هنـا تكـون عنـد مسـرة الذات البشرية، فهي صلاة ذات أجر جسدي لأنها تزيد الذات ثباتاً لا إنكاراً، وتألها لا موتاً، لذلك فهي تكون لذيذة كجمع الأموال ولا يمل منها الجسد أبداً كما يمل من الأكل الجيد.

والرب إذ يعلم ما في الإنسان سبق وقال: «وأمـا أنـت فـمـتي صليت فادخـل إلى مخدعك وأغلق بابـك وصـل إلى أبيـك الـذي في الخفاء»! (مت6: 6).

وهنا، غلق الباب يشير إلى ضرورة جعل الصلاة غير مسموعة وغير منظورة من الناس، على الأقل في نية المصلي وضميره!

قمع الجسد يزكي اشتعال الروح:

قمع الجسـد قبـل البـدء في الصـلاة وأثناءهـا ضـرورة حتمية لضـمان انطلاق الروح في صلاة حارة. وهذا يتم بعملين: الأول سلبي كالسجود مرات كثيرة والصوم والصمت والتقشف وعدم التزين، والثاني إيجابي وذلك بتقـديـم محبـة قلبيـة صـادقة للمسيح بعبارات الحب والاشتياق ومناجاة مستمرة معه لا تهدأ طوال النهار والليل، مع تأمل في كلماته ووصاياه.

أي أن حرارة الصلاة تتوقف على إقماع الجسد واشتعال الروح معا، وواحدة منها لا تكفي لأن الواحدة تزكي الأخرى. فإقماع الجسد يمهد لاشتعال الروح، واشتعال الروح يسهل إقماع الجسد. وبهذين العملين تؤمن الصلاة ضـد التشتت الذهني والبرودة والملل والفتور.

الصلاة والزمن:

+ المسيح دخـل إلى العالم بالتجسد، والأرثوذكسية تؤمن بوحـدة الطبيعة الإلهية المتجسدة، لذلك فالمسيح وحد الحوادث البشرية والزمن بلاهوته الأبدي فصارت كل أعمال المسيح التي عملها بالجسد، سـواء كانت صلاة أو رحمة أو محبة أو تألماً فدائياً، صارت كلها أعمالاً إلهيـة خالدة. أي أن الزمن اتحد بالأبدية في شخص يسوع المسيح.

الدخول إلى المسيح بالصلاة هو في الحقيقة تمجيد الزمن وتقديسه بل وتمجيد العمل البشري في حد ذاته وتقديسه. فالصلاة الحقيقية هي في الواقع «افتداء الوقت»، وتحويـل الـزمن الميت إلى عمـل إلهي خالد.

لذلك فالدخول الحقيقي في الصلاة والبقاء فيهـا يلازمه بالضرورة رفع الإحساس بقيمة الزمن بشـرياً ومادياً واستبدال حركة الساعة بحركة الروح. فالروح في الصلاة مدعوة أن تشارك الأرواح القدسية في الأبدية، لأننا بالاقتراب من المسيح نقترب حتماً من ملكوت السموات.

لذلك فالسرعة في الصلاة وكذلك الملـل هـمـا جنـوح إلى الزمن المادي العاري من بركات الروح ونسمات الأبدية، والإحساس بالزمن المادي وأهمية الدقائق والساعات والحوادث البشرية التي تنتظرنا من بعـد الصلاة كفيل أن يخنق الروح ويحبس عنهـا الإحساس بالأبدية والعيش فيها أثناء الصلاة.

كذلك فإن التسرع في الصلاة أو الملل يرفع عـن الصـلاة الصـفة الروحانيـة ويجعلها حادثـا مـن ضـمن الحـوادث البشرية التي يمارسها الإنسان بعقله أو بجسده، كمقابلة رئيس أو تلاوة خطاب أو تناول الإفطار. لذلك ينبهنا المسيح بقوله: «صلوا ولا تملوا». لذلك جيـد للإنسان أن يصلي بروحه بهدوء وسلام ورزانة خمس دقائق أفضل من أن يصلي ساعة بتسرع أو ثلاث ساعات بملل!

المسيع شريكنا في الصلاة:

+ المسيح يسمع الصلاة وهو في الحقيقـة يشترك معنـا فيهـا اشـتراكاً فعلياً لأن بدون المسيح لا تدخل صلاتنا إلى الآب إطلاقاً. فبرحمة المسيح وحبه واتضاعه نتقدم بثقة إلى الآب مستندين فقـط علـى الـدم الإلهي المسفوك للمصالحة والتبرير، فالمسيح حاضر في الصلاة شخصيا وهـو الذي يرفعها إلى الآب باستحقاقاته، لذلك فالصـلاة ليسـت مـن طـرف واحد فقط؛ ولا قيمة لكـل مـا نـصـلـي بـه إذا لم يقل المسيح آمين، أي يصدق عليها باستحقاقه لدى الآب مزكياً ضعفنا لديه ومتشفعاً في ذنوبنا أمامه.

لذلك يلزم في الصلاة أن يكون الإنسان واعيـاً بهذه الشركة وأن يتأكد أنه ليس حراً في نفسه في دخوله للصلاة أو في استمراره فيها أو في الانتهاء منها. فهو من خلف المسيح يتقدم، وبفمه يتوسل، وبدمه يتشجع وببره يترجى، وبحبه يناجي الآب، كحبيب بروح الابن.

الروح القدس يصرخ في قلبنا

+ الروح القدس يعلم ما هي الطلبات اللائقة والمقبولة لدى المسيح والآب، لذلك فالروح القدس هو المدبر الوحيد للصـلاة، وهو يدبر زمانها ويختاره ويحث عليه، وهو الذي يلهم الكلام ويلقي الحرارة والغيرة في القلب، ويضفي روح التذلل والدموع والصراخ، وكأنه هو المحتاج إلى رحمة الآب وتدخل المسيح. لذلك يصرخ في قلبنا أثناء الصلاة نحو الآب والمسيح بأنات شديدة صادقة لا يستطيع أن يحولها الإنسان إلى نطـق لأنها تفوق العقل بحرارتها وعمقها وإخلاصها. لذلك فالتسليم للروح القدس معناه الديمومة في الصلاة بلا ملل وقبول حرارة وقوة للوقوف والركوع والسجود بلا شبع.

وإذ يعرف الروح القدس ما هي حاجة الإنسان التقي الخائف من الله، فإنه يدبر له ملء الصلاة وزمانها حتى تشبع روحه جـدا بـدون أن تتأثر ببقية أعماله ومسئولياته، ففي أقل وقت يعطي أسخى العطايا وأجزلها ويختم الصلاة في حينها المناسب. والصلاة إذا لم يسيطر الروح القـدس عليها فإن الإنسان يخرج منها غير متعزي، ويعوزه السلام الداخلي وفرح القلب، وكأن صلاته لم تصل إلى أذني الله.

لمن يأتي الروح القدس؟

 + الروح القدس بسيط غاية البساطة، يلبي دعوة الإنسان في الحال إذا كانت دعـوة الإنسان له بإخلاص وإيمان وبساطة. يكفي أن يناديه الإنسان كما ينادي طفلاً بسيطاً طاهراً فيسمع ويستجيب. وفي صـلوات السواعي تعلمنا الأجبية أن نناديه هكذا: «هلم تفضل وحل فينا».

فالروح القدس يحل في القلب بالإيمان البسيط الواثـق مـن رحمة الله. وحلول الروح القدس لا يلازمه أي شعور جسدي. وهو لا يرتاح إلى الصراخ ولا إلى التشويش ولا إلى القلب القاسي أو الظالم أو الحاقد أو الغاضب أو المتكبر، كما لا يرتاح في الإنسان الدنيوي أو محب الأشياء التي في العالم أو المائل إلى الجمال الزائل أو الطامح إلى أمجاد هذا الدهر.

الروح القدس صـديق وشريك لصلاة الفقير الشاكر والغـني المحـب للفقراء، وهو معزي المرؤوسين المضطهدين والرؤساء الرحماء القلب، و نور للبؤساء وحياة الذين وضعوا أنفسهم لخدمة الإنجيل ومحبة الإخـوة المساكين.

لذلك فكل من يتقدم للصلاة، عليه أن يتعلم أولاً كيف يرضي الروح القدس، وأن يتجنب أي صفة تتعارض مع وداعة الروح القدس وقداسته وحبه، لئلا تصير صلاته بلا قوة تزكيها وترفعها إلى الله.

كما يلزم لمن يصلي أمام الله أن تكون له ثقة شديدة بمؤازرة الروح القدس الذي ولدنا في جرن المعمودية، وعليه أن يهتف به من عمق قلبه مراراً ويطلبه لكي يؤهله للصلاة ويهبه قوة لتكميلها حسب مشيئة الآب والرب يسوع.

فالصـلاة تـهـم الـروح القدس أكثر مما تهمنا، لأن بالصـلاة ينمـو الإنسان الجديد الذي ولده الروح القدس فينـا حتى يستنير بـه ويقبـل مشيئة الله ويتعلم كيف ينفذها بالنعمة.

الصلاة دعوة إلهية ودعوة الخليقة المتغربة:

+ الصلاة الحقيقية كدخول إلى الله والوجود معه ليست فعلاً بشرياً صرفاً. هي قبل كل شيء دعوه إلهية، ونحن فقط نستجيب إليها. والله دائما أبدا مستعد لمجيئنا ويدعونا باستمرار: «بسطت يدي طول النهار» (إش65: 2)، «تعالوا إلي يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكـم» (مت11: 28)، «من يقبل إلي لا أخرجه خارجاً» (يو6: 37). وذلك لأن الله يسر بوجودنا معه؛ ولو أمكن بصفة دائمة!

والوجود مع الله وفي حضرته هو بمثابة دعـوة الخليقة المتغربة إلى حضن خالقها، كعودة آدم إلى الفردوس. لذلك فالصلاة بحد ذاتها تكفيرعن الساعات الطويلة التي نقضيها بعيـداً عـن الله في مشغوليات الأرض وهموم المعيشة الجسدية؛ فهي بمثابة توبة حقيقية إلى الله. في القـديـم الله طرد آدم من حضرته وهوذا الآن يدعونا دائماً وطول النهار للدخول إليه والوجود معه. الله بعد أن ندخل إليه بالصلاة لا يشاء أن نخرج من لدنه أبداً؛ لذلك فالصلاة الناجحة الحقيقيـة الـتي حسب مسـرة الله ينبغي أن تدوم سر سراً في القلب بحديث غير منطوق به بعد أن ينتهي وقوفنـا أمامه، فنذهب لأعمالنا والصلاة لا تزال تعمل في قلوبنا. 

كيف نعرض أمورنا الجسدية وأعمالنا في الصلاة:

+ ليست الصلاة فرصة لكي نطلب من الله ما يهم الجسد ويؤمن لنـا معيشتنا ويسهل أعمالنـا وينجح مسئولياتنا الدنيوية. فالصـلاة فرصـة للروح ومنفذ إلى الملكوت وطاقة منيرة نطل منها على الحياة الأبدية التي سنؤخذ إليهـا بعـد أن نودع هذا الجسد إلى التراب وتنتهي الأعمال والمسئوليات إلى غير رجعة. فكل شيء نهتم به على الأرض زائل؛ أمـا الصلاة فليست زائلة. وكل دقيقة نقضيها في الصلاة هـي مـن الأبدية واليها.

إذن يلزمنا أن نعرض أمورنا في الصـلاة بما يناسـب الـروح: أي أن نعرض على الله في الصلاة كل أمورنا الجسدية وأعمالنا ومسئولياتنا واهتماماتنا، لكي يرفع عنها صورتها المائتة الزائلة ويلبسها ثوباً إلهيـاً مـن رضا مشيئته فتتقدس.

نحن لا نطلب في الصلاة لكي تزيد أعمالنا وتنمو وتنجح مسئولياتنا فنكسب نحن من ورائهـا صـيتاً وبحـداً أرضياً وراحـة وسلاماً جسدياً، ولكن نطلب إلى الله في الصلاة أن يرفع من كل أعمالنا لمجد الذات البشرية ويلهمنا استقامة الفكر والقلب حتى لا نستخدم في أعمالنا المكر والغش والخداع والسرقة والكذب؛ وأن يؤازرنـا بقـوة روحية حتى لا نخاف التهديد ولا نهرب من المخاطر ولا نحابي بالوجوه ولا نجزع من الخسارة أو الظلم؛ ولكي يعطينـا اهتمـام الـروح فوق كل عمل وفوق كل مسئولية، فنـزكي البار، ونمدح الاستقامة، ونكون أسخياء في العطاء، متمسكين بالصبر والمحبة أكثر مـن كـل نجـاح روح الأنانية التي من مادي.

وبهـذا تكون الصـلاة فرصة لتحويل اهتمامات الجسد إلى اهتمام الروح، وأداة لتصفية الأعمال والأفكار والمشيئات من شوائب الخطيئة؛ فتتقدس كل أعمالنا الجسدية مهما كانت حقيرة وبسيطة، وتصير لائقة أن تقدم إلى الله جنباً إلى جنب مع أعظم الخدمات الدينية الأخرى.

 

المسيح ينتظرنا كتب القمص متى المسكين نتغَّير إلى تلك الصورة عينها 
كتاب توجيهات في الصلاة
المكتبة المسيحية

 

زر الذهاب إلى الأعلى