إلى اسمك وإلى ذكرك شهوة النفس
“إلى اسمك وإلى ذكرك شهوة النفس” (إش 26 : 8)
عمل الصلاة هو أرقى فنون الجسد والنفس ، هو فن يفوق كل فنون الحياة . إنه الوجه الأفضل للحياة حينما يكف الإنسان عن أي عمل جسدي أو عقلي ليبدأ بالعمل السمائي الإلهي لحساب الوطن الأفضل، فيقف الإنسان بكل كيانه وقدراته وملكاته الجسدية والنفسية والروحية وقفة اعتدال أمام الله ، مُركزاً كل العقل والحواس نحو الخالق المُبدع ، ينسكب أمامه سكيباً في يقظة روحية عالية ، حيث يُحسب الإنسان أنه بوقفة الصلاة قد دخل مباشرة في حضرة الله.
الصلاة هي حديث سري مع الله بلا رقيب . والإنسان يستحيل عليه أن يدرك ما يحدث له أثناء وقوفه في الصلاة أمام الله، فمجال الله الفائق القوة والعمل يشمل الإنسان كلاً نفساً وعقلاً وروحاً بل وجسداً أيضاً. يعيد الله صياغته باعتباره عمل يديه ، يهبه أشياء لا يدركها الإنسان ، ويرفع عنه شوائب الدنيا والزمان ، ولا يعي الإنسان ما يحدث له ولكن يشعر أنه قد تقبل راحة وسلاماً وطمأنينة من لدن الله .
فعمل الله أثناء الصلاة في كيان الإنسان يحسب كطعام فائق النوعية يدسم النفس والروح كمعمودية متجددة . هذا هو عمل الصلاة : فن روحي سري فائق الإدراك يستهين به الجاهل ويحتقره الأحمق ، أما أولاد الله الذين تعلموا من الصبا كيف يقفون وقفة الصلاة أمام الله بخشوع ورهبة وسجود ، فهؤلاء يعيشون على الصلاة بأكثر مما يعيشون على الطعام والشراب .
من عمل الصلاة تنبثق كل أعمال الحياة وتأخذ قوتها ومسارها الصحيح.
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين