ما هو اللاهوت الدفاعي
مقدمة
اللاهوت الدفاعي هو مجال اللاهوت المسيحي الذي يهدف إلى تقديم أساس عقلاني للإيمان المسيحي ويهدف إلى اعطاء تبرير عقلاني لإثبات حقيقة الايمان المسيحي لأي سائل عن الدين المسيحي أو العقيدة المسيحية بطريقة عقلانية مُثبته بالأدلة مثل: الادلة التاريخية، العلمية، الجغرافية، الدينية…الخ.
فعلم اللاهوت الدفاعي لا ينفصل عن علم اللاهوت بفروعه المختلفة
علم اللاهوت الدفاعي هو علم علوم الكتاب المقدس لأنه يتطرق إلى جميع الأمور المختصة بالمسيحية، فهو يجيب على كافة أنواع الأسئلة المتعلقة بالدين المسيحي ويتطرق لكافة العلوم الطبيعية أو الماوراء الطبيعية (الميتافيزيقية).
وقد أخذت الدفاعيات المسيحية أشكالاً كثيرة عبر القرون، ابتداء من بولس الرسول ومروراً بالعلامة أوريجانوس والقديس أوغسطينوس، وحتى المسيحية الحديثة
تاريخ اللاهوت الدفاعي
منذ بداية المسيحية وبدا معه هجوم الشيطان علي الكنيسة وجماعة المؤمنين وعلي الكلمة ولهذا ظهرت الحاجة لمدافعين يستخدمهم الله ويرشدهم للدفاع عن الايمان
وينقسم تاريخ اللاهوت الدفاعي الي اربع مراحل
المرحلة الاولي : اللاهوت الدفاعي الابائي
وظهر منذ بداية المسيحية الي ما قبل القرن السابع. و وجد لاسباب داخلية وخارجية
اولاً خارجية: من اعداء الايمان وتنوع المهاجمين في هذه الفترة من
أ- اليهود : وبالاخص في القرن الاول الميلادي الذين كانوا يسعون للقضاء علي المسيحية والمسيحيين
وفي مجال الكلمة حاول اليهود مهاجمة الايمان المسيحي ولهذا قام المدافعون بالرد علي اليهود واثبات صحة الايمان وكانوا يردون عليهم في المجامع اليهودية وهذا ما كان يفعله ايضا التلاميذ ومعلمنا بولس الرسول في المجامع اليهودية ( اعمال 9 ) وايضا برسائل ومن اشهرها حوار يستينوس الشهيد مع تريفو اليهودي
ب– الوثنيين : وكثير منهم هاجم المسيحية كديانة غريبة تناقض الثوابت الوثنية عندهم كتعدد الالهة وطقوسهم بكتابات وتعليم في الهياكل ضد المسيحية مما استلزم من المدافعين المسيحيين الاوائل ان يردوا عليهم واثبات صحة الايمان المسيحي ضد هذه الهجمات الوثنية وهذا ايضا يشبه ما عمله بولس الرسول مع الفلاسفة الوثنيين في اثينا ( اعمال 17 )
وكان انشاء مدرسة الاسكندرية اللاهوتية رد قوي علي مدرسة الاسكندرية الوثنية
ج- الرومان : وهم اعتبروا المسيحيية تشجع الطبقة الدنيا علي التمرد والمطالبة بالمساواة ولهذا اضطهدوها وحاكموا الكثير من المسيحيين مما اظهر الاحتياج الي ان يظهر مدافعيين مسيحيين ليقفوا امام الولاة والحكام الرومان ويدافوا عن العقيدة المسيحية ومجاوبة اي تساؤل وتوضيح الايمان المسيحي الصحيح ومثال علي هذا دفاع بولس الرسول امام اغريباس ( اعمال 26 )
د- ظهور معتقدات اخري بعد المسيحية تحاول ان تهاجم الايمان وتشكك فيه مما اظهر الحاجه الي مدافعين ضد هذه المعتقدات وتوضيح خطاها والدفاع عن سلامة الايمان المسيحي ضد كل محاولة تشويه
هـ – ايضا بعض الافكار والمعتقدات الخطأ التي لم تقاوم المسيحية ولكن اخذت منها وحاولت ان تحول المسيحية الي هذه الافكار الخطا وتدافع عن هذا الانحراف مثل الابيونية والغنوسية وغيرها فهي ليست هرطقات ولكن اقتباس من المسيحية خطأ
ثانيا احتياجات داخلية
مثل بعض المشكلات التي ظهرت من المؤمنين انفسهم
أ- اسئلة حداثى الايمان
الشعوب التي بدات تدخل الايمان وبدات تتسائل عن امور مهمة وتذكر بعض الاعتراضات مثل اثبات القيامة والثالوث والولادة من عذراء فكان لا بد من الدفاع عن الايمان واثبات صحة العقيدة امام هذه الشعوب
ب- الافكار الغريبة والبدع والهرطقات
وكان لابدا ان يقوم المدافعين بالرد علي كل بدعة تظهر وتوضيح خطأها والدفاع عن الايمان الصحيح باستمرار
علي سبيل المثال هرطقة التهود التي ظهرت مع الكنيسة الاولي ورد عليها الرسل ( اعمال 15 ) ثم سيمون الساحر ثم ابيون بعد سنة 70 م
ثم توالت البدع والهرطقات في كل عصر مثل باسيليوس وبعدها بدعة ماركيون في القرن الثاني 140 م تقريبا وتوالي بعده الهراطقة في القرن الثاني ثم جاء القرن الثالث وبدعة ماني وبولس السميساطي حتي وصلنا الي بدعة اريوس الشهيرة وبداية المجامع والمجمع المسكوني الاول نيقية . وبسببها ظهرت كتابات قوية مثل كتابات ارينيؤس ضد الهراطقة في نهاية القرن الثاني بداية القرن الثالث والعلامة ترتليان وغيرهم .
ج- الانشقاقات
ايضاً واجهة الكنيسة مشكلة فيها حب الزعامة والانشقاقات (وليس هرطقات) وهو انحراف بسيط في التفسير مما استلزم الدفاع عن الايمان الصحيح ضد الانشقاقات :
- انشقاق كنيسة شمال افريقيا بسبب تعيين سيسيلوس فقام القديس أغسطينوس بالدفاع عن وحدة الكنيسة.
- انشقاق رهبان وادي النطرون بسبب اوريجانوس وقام البابا ثاؤفيلوس بالدفاع عن وحدة الايمان.
- الانشقاق الشهير بسبب مجمع خلقيدونية.
2- المرحلة الثانية
ظهور الاسلام ومهاجمته للمسيحية من القرن السابع حتي القرن الخامس عشر والذي استخدم اساليب مختلفة لمهاجمة المسيحية ( ولا يزال ) في عدة اماكن مثل الشام ومصر وشمال افريقيا حتي وصل الي اسبانيا وهذا اظهر الحاجة الي مدافعين علي سبيل المثال القديس يوحنا الدمشقي ( 750 م ) وتوضيح الفرق بين اله المسيحية والاسلام والفرق بين الكتاب المقدس والقران. وظهر بعده الكثيرين من الذين دافعوا عن الايمان ضد الاسلام بالكلمة مثل بطرس الفينرابي وريموند المرتيني
3- المرحلة الثالثة
العصور الوسطي، من القرن الخامس عشر حتي بداية القرن التاسع عشر ومع استمرار الهجوم من معظم الانواع القديمة مثل يهود وفلاسفة وهراطقة ، مع ظهور انواع جديدة مثل بعض التقاليد الغير صحيحة في بعض الكنائس مع استمرار الدفاع ضد الانشقاقات التي زادت بكثرة وايضا ضد الانحرافات الفكرية والطقسية مع ظهور نوع جديد وكان في بدايته وهو الدفاع عن الايمان ضد العلم والعلماء الغير مؤمنين ومحاولتهم للتشكيك في الايمان المسيحي والكتاب المقدس وبدؤا يدعوا في اواخر هذه الفتره انهم حققوا انتصارات ضد الايمان مثل التطور وغيره من العلوم التي كانت في هذه الفتره ضد الايمان. وهذا اظهر الاحتياج الي استمرار وجود مدافعين اقوياء مع الاحتياج الي تذودهم بمعرفة علمية صحيحة
4- العصر الحديث
نتيجة ظهور هرطقات بعضها اعادة احياء الي هرطقات قديمة وبعضها افكار احدث تتطور مثل شهود يهوه والمورمون.
وجود طرف اخر جديد قوي وهو الالحاد وهذا الذي قارب ان يكون المهاجم الاول للايمان وهو يعتمد علي اساس علمي ومناقشته تحتاج دراسه وقراءة جيدة وبخاصه انه لا يعتمد علي المقارنه لانه ليس عنده خلفية دينية.
وهجوم اخر مهم ايضا غير ملحوظ لكثيرين وهو انحراف الايمان ليس فكريا ولكن تطبيق بسبب انحراف العالم وانهيار القيم وموت الضمير الانساني عند كثيرين فهم اسميين لا يهاجموا بشكل مباشر ولكن ياثرون بالسلب علي الايمان.
ففي العصر الحديث وبخاصة من القرن الثامن عشر برز مبدا العقلية حتي عند بعض المسيحيين الذين هم متخصصين في دراسة الكتاب وتفسيره . هذا الامر قاد بالتدريج الي تغير صورة الكتاب عند بعضهم حتي وصل الي درجة اهتزاز فكر بعضهم في سلامة الكتاب المقدس وعصمة وحيه. وظهر الخلاف بين هذه المدرسه الحديثة والمدرسة التقليدية المتمثلة في الكنائس التقليدية المتمسكة بنفس الفكر عن الكتاب بنفس فكر الاباء وتاريخ المسيحية. وتطور الخلاف في ان بدا الهجوم علي بعض الامور التاريخية في الكتاب، بل تطور الامر في هذه المدارس في اوربا وامريكا حتي وصل الامر الي الاعتراض علي قانونية الاسفار وتاريخها، بافتراض ان الكتاب وبخاصة العهد القديم هو تجميعات من كتابات اقدم ثم استمر الفكر في الانحراف حتي الي مدرسة المراجعين في النصف الثاني من القرن الماضي ووصل البعض منهم الي ان الكتاب غير موحي به من الله حتي وصلنا للملحدين الذين يرفضون اصلاً الله وكتابه بالكامل ولكن هم اساتذه لتدريس اللاهوت. ( فلهاذا المعترضين في هذا الزمن سيقدمون ادله من علماء مسيحين واساتذة لاهوت من هذه المدارس )
مدارس الدفاع
– التقليدية
وهي التي تعتمد في الرد علي الاثبات الكتابي والعلمي ايضاً لكل من يسال.
– مدرسة فهم الايمان
لا يميلوا للمنطق ولكن عن طريق العزل. ويوجد فيها انواع منهم اكثر تشدد من الاخرين ولكن كلهم يشتركوا في نقطة ان الايمان يدافع عن نفسه ويشرح نفسه ولا يحتاج الي منطق او عقل لشرحه ولا مدافعين متخصصين.
– المدرسة الافتراضية
وهي ترفض الدفاع التقليدي ولكن ليس باسلوب فهم الايمان فهم يفترضوا ان الرد يكون بالعمومية الافتراضية وليس بالمنطق والعلم لغير المؤمنين لانهم يقولوا انه من الصعب بناء ارض مشتركة مع غير المؤمنين ليبنوا عليها دفاع فهم يعتبروها مباحثات غبية.
– مدرسة اصلاح المعرفة
ظهرت في اخر ثلاثين سنة وهي تعتمد اكثر علي الفلسفه بطريقة مسيحية. فهم يتحاشوا الرد المبسط الواضح ولكن يعتمدوا علي ما يسمي الرد الذاتي الفلسفي.
– مدرسة الدليل الواضح
وهي تركز علي الامور التاريخية مثل قيامة المسيح وتدافع عنه من خلال نقاش تاريخي بداية من اثبات وجود الله تاريخيا وعمله في التاريخ وبخاصة المعجزات والاعلانات.
لماذا اللاهوت الدفاعي؟
- هي خدمة إراحة النفوس المشتته فكرياً الباحثة عن الحق .
- هي خدمة تكشف هشاشة المعترضين وتكشف قوة الكتاب المقدس .
- هي خدمة تخاطبك انت لتري مدي قوة كلمة الله
أهداف اللاهوت الدفاعي:
هو في مجمله يهدف الي الوصول الي اليقين بصحة الايمان لانه ثابت ايمانيا .وهو هدفه للاخرين
- مجاوبة كل من يسال عن سبب الرجاء الذي فينا كما قال بطرسىالرسول لكي يرد علي كل من يهاجم ويوضح حقيقة الايمان
- الدفاع عن الانجيل والبشارة وتثبيته كما قال بولس الرسول لكي يتم الحفاظ علي الايمان كما هو في الكنيسة الاولي والعصر الرسولي وتسليمه لمن ياتي فيما بعد بدون تغيير او انحراف .
- التصدي لكل محاولات زعزعة الايمان والتشكيك فيه وتعميقه اكثر ليثبت امام كل محاولات التشكيك من اول التشكيك في وجود الله الي شيئ صغير مثل التشكيك في اصالة اي كلمة في الكتاب المقدس
- تصحيح بعض الافكار الخطأ واعتقادات خطأ عن الايمان المسيحي التي يروجها البعض للتشكيك ويرددها اخرين بدون فهم او دلااسة
- حماية صغار النفوس وبخاصه الشباب من تاثير الشبهات المختلفة علي ايمانهم وبخاصه انهم ليس لهم لا العمق الايماني ولا المعرفة الكتابية الكافية
- توضيح سلامة الايمان امام الافكار والمعتقدات الاخري وهو يساعد اللاهوت المقارن
- ازالة العثرات من امام من يريدوا ان يقبلوا الايمان ولكن تقف امامهم بعض الشبهات حجر عثرة في طريق ايمانهم فهو يساعد علي توضيح وتقديم الايمان الصحيح بطريقة واضحة ومقبوله لهم وبهذا فهو مساندة لخدمة التبشير و الاشتراك في نعمتها..