قصة الطفل الذي تحدى الأمبرطور
في قديم الزمان كان يوجد إمبراطور مغرمًا بالملابس، أقام جناحًا خاصًا بالملابس بجوار غرفة العرشه، كان كل ساعة يترك العرش ليرتدي ثوبًا جديدًا، لم يكن يشغل باله يأمور البلاد ة الاقتصاد أو احتياجات شعبه ولا حتى بالجيش، لذلك انهار الاقتصاد وساء حال الشعب. لكن كان كثير من العظماء والنبلاء والأغنياء يأتون من كل انحاء البلاد ليروا احدث الثياب التي يرتديها الملك.
وفي احد الايام طلب أخّان لديهما “نول” أن يقابلوا الملك ليُقدما ثوبًا جديدًا فريدًا من نوعه. ففرح الملك بلقائهما، وسألهما عن الثوب الذي يُقدمانه له، فأجابه أحدهما.
“سيدي جلالة الإمبراطور،سوف نقدم لك ثوباً جديداُ ألوانه جميلة للغاية ورقيقة وفريدة. القماش خفيف جدًا مثل نسيج العنكبوت، لكنه قوي جدًا ويحتاج إلى مقص كبير لقطعه .أما أجمل شئ في هذا الثوب أنه لا يستطيع أن يراه من كان غبيًا، وغير مناسب لعمله.
– كيف يكون هذا؟
– سترى يا جلالة الإمبراطور بنفسك، فإنك تستطيع أن تستخدمه للتميز بين من هم مناسبين لأعمالهم ومن هم غير مناسبين.
– ومتى يمكنني أن أستلمه؟
-في خلال اسابيع قليلة. هذا بجانب تكلفته الضخمة جدًا.. لكن ليس بغالٍ على سيدي جلالة الإمبراطور.
– هل تُحددون لي موعد استلامه؟
– من الصعب جدًا، لكننا نعدك أنه خلال أسابيع يكون جاهزاً.
فرح الإمبراطور جدًا، وقدم لهما ذهبًا كثيرًا لكي يبدأ العمل فورًا، فقد اشتاق أن يرى هذا الثوب الفريد في نوعه وإمكانياته.
إذ عبرت ثلاثة أسابيع اشتاق الإمبراطور أن يرى الثوب الملوكي الفريد، وإذ خجل أن يبدو متسرعاً، سأل رئيس الوزراء أن يذهب إلى الأخين ويرى ما قد أتماه من نسجٍ للثوب.
ذهب رئيس الوزراء إلى الأخين حيث دخلا به إلى الحجرة التي بها النول، وكان يعملان بكل اجتهاد. قال له أحد الاخين: “ألا ترى جمال الثوب؟” صمت رئيس الوزراء قليلًا، إذ كان يرى النول فارغًا… خشي أن يقول أنه لا يرى شيئًا فيُحسب غبيًّا غير مناسب لعمله ويطرده الإمبراطور.
بدأ يمدح رئيس الوزراء في جمال الثوب ورقته وإبداعه…
عاد رئيس الوزراء إلى الإمبراطور وأخذ يصف له جمال الثوب الفائق.هنا أدرك الإمبراطور أن رئيس وزرائه مناسب لعمله، فقد استطاع أن يرى الثوب الملوكي.
اشتاق الإمبراطور اكثر أن يرى الثوب فأرسل رئيس البرلمان يطلب منه أن يطمئن علي سير العمل مع الثوب الملوكي الجديد، وأن يقدم له تقريرًا عما تم عمله.
التقى رئيس البرلمان بالأخين وأبلغهما تقرير رئيس الوزراء عن عملهما الفائق، وكيف أن الإمبراطور ينتظر الانتهاء من العمل. أجاباه أن ما سيراه لا يُقاس بالنسبة لما رآه رئيس الوزراء فقد ازداد الثوب جمالًا وإبداعًا.
دخل الرجل إلى الحجرة ليرى نولًا فارغًا، وكان الأخان يحركان النول بكل قوة…
خشي رئيس البرلمان أن يقول بأنه لا يرى شيئًا فيُطرد من مركزه، وتحسبه كل الجماهير أنه غير أهلٍ لمركزه.
عاد رئيس البرلمان يروي للإمبراطور عن جمال الثوب الجديد… فطار قلب الإمبراطور فرحًا.
بعد أسابيع ذهب الإمبراطور بنفسه يسألهما عن الثوب، فقالا: “تعال وانظر”.
تطلع الإمبراطور إلى النول ولم يرَ شيئًا. ارتعب في داخله، وحسب نفسه قد انكشف أمام نفسه وأما غيره أنه غير أهلٍ للإمبراطورية. تظاهر الإمبراطور بابتسامة عريضة، وصار يمتدح الثوب…
تحرك الأخان وأمسكا بمقصٍ كبيرٍ وتظاهرا أنهما يقُصّان النسيج، ثم بدأ يخيطان الثوب الوهمي، والإمبراطور معجب جدًا بالعمل الفائق.
دفع الإمبراطور الكثير من الذهب…
جاء عيد جلوس الإمبراطور، وتقدم الأخان ليقوما بوضع الثوب على الإمبراطور.
خلع الإمبراطور ثيابه الخارجية، وبدأ الأخان يضعان الثوب الوهمي وكل رجال اقصر يظهرون دهشتهم لجمال الثوب، فقد خشي كل واحد منهم أن يعترف بأنه لا يرى شيئًا.
جلس الإمبراطور على العرش الذهبي، وانطلق وسط الجماهير التي كانت تصفق للإمبراطور بثوبه الجديد الذي يكشف قلوب الناس وقدراتهم… الكل يعلن إعجابه بالثوب الجميل الجديد…
طلب طفل من والده أن يحمله على ذراعه لكي يرى ثوب الإمبراطور…
سأل الطفل والده: “ماذا جرى للإمبراطور، إنه بملابسه الداخلية؟ ماذا جرى للجماهير… أين هو الثوب؟”
حاول الوالد أن يكتم فم الطفل، لكن صار الطفل يصرخ: “لتلبس ثوبك يا جلالة الإمبراطور”. تزايد صراخه. عندئذ بدأت الجماهير تكتشف الحقيقة…
أدرك الإمبراطور ومن حوله الموقف…
هكذا استطاع الطفل أن يتحدى الجماهير والإمبراطور ورجال الدولة لينطق بالحق، ويرد الجميع إلى الحقيقة.
______________________________________
روحك القدوس الناري فليُنِر عيني،
فأرى الحق وأدركه وأشهد له!
لا يسحبني الناس إلى الباطل،
فأكون كسمكة ميتة تحركها الأمواج كيفما أرادت.
لأثبت فيك فأثبت في الحق.
لأرضيك ولا أُرضى الناس!