تفسير سفر التثنية ٣٣ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثالث والثلاثون

آية1:- و هذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني اسرائيل قبل موته

موسى هنا يبارك شعبه قبل أن يتركهم ويموت كما بارك إسحق يعقوب وبارك يعقوب أولاده. ونجد هنا موسى لا ينطق سوى بالبركة للأسباط فموسى طالما نطق بالبركات لمن يطيع وباللعنات لمن يعصى أوامر الناموس ولكنه هنا يصلى لأجل أن تحل البركة على كل شعبه، هو يتمنى ويرجو أن تحل البركة، بالرغم من أنهم طالما أساءوا إليه بل بسبب تذمرهم حرموه من دخول أرض الميعاد. لكنه الآن يسامح الجميع ويصلى من أجل الجميع. فهذه البركة هى صلوات ودعاء بالبركة لشعبه. هى حب متدفق لشعبه كأولاد له

 

بين يعقوب وموسى

يعقوب حينما بارك أولاده وجدنا فى بركته أحكام ضد من إرتكب شراً منهم مثل رأوبين وشمعون ولاوى ولكن موسى لم ينطق سوى بالبركة. وكثيرين رأوا تعارض بينهما!! والحقيقة أنه لا تعارض فموسى هنا يعلن إرادة الله أن يبارك الجميع والله يريد أن الجميع يخصلون… هذه هى إرادة الله من نحو أولاده. وموسى هنا يمثل المسيح الذى بارك الكنيسة وتلاميذه قبل صعوده (لو5:24) فالمسيح يبارك الآن فلا مجال للدينونة الآن. أما يعقوب فهو يسرد الحقائق كما هى، ما هى حقيقة كل إنسان وهذه تشبه كم مرة أردت…. ولم تريدوا (مت37:23). فكم مرة أردت هذه هى بركة موسى…. ولم تريدوا هذا هو الواقع الذى نطق به يعقوب.

 

موسى كنبى

ولكن موسى الآن وهو فى آخر ساعات عمره وهو أعظم نبى لن تكون صلاته صلاة عادية ولا بركته بركة عادية بل هو بروح النبوة قال كلماته التى شرحت عمل المسيح المبارك وصلبه وكنيسته وإنتشارها وعمل الروح القدس وقبول الجميع والكرازة لكل الأمم

لا بركة لشمعون

لم يذكر موسى شمعون بين الأسباط فيعقوب سبق وعبر عن إستيائه من شمعون ولاوى بسبب حادثة شكيم. ولكن لاوى تاب وظهرت غيرته على الله عدة مرات (خر26:32 – 29 + عد 11:25). أما شمعون فإزدادت خطيته وفجوره (عد6:25-9). ولنلاحظ أن شمعون ولاوى ثارا لكرامة أختهما وحين أهين الله بالخطية ثار له لاوى وحدهُ ولم يتحرك شمعون لأنه كان غارقاً فى خطاياه. على أنه وُجد فى بعض النسخ السبعينية ” ليحيا رأوبين ولا يمت وليكثر عدد شمعون” (6:33). ولكن هذه الإضافة غير واردة فى العبرانية لذلك فمن المرجح أنها أضيفت فى هذه النسخ. وهناك من قال إن بركة شمعون كانت ضمنية فى بركة يهوذا فشمعون عاش وسط أخيه يهوذا فكانت بركتهما مشتركة

موسى رجل الله = هذه تظهر أن الإصحاح كتب بعد موت موسى

 

آية2:- فقال جاء الرب من سيناء و اشرق لهم من سعير و تلالا من جبال فاران و اتى من ربوات القدس و عن يمينه نار شريعة لهم.

جاء الرب من سيناء = يقصد بمجيئه تجلى مجده وظهوره الإلهى فى سيناء عند إعطاء الشريعة المقدسة لشعبه. وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران = إن مجد الرب الذى تجلى على جبل سيناء بنار ورعود وبروق وأضواء لامعة باهرة، لم يقتصر ظهوره على جبل سيناء، بل إنعكست أضواؤه البهية على الجبال القريبة والبعيدة جبل سعير على الجانب الشرقى للعربة شمال شرق سيناء ومن رؤوس جبال سعير جبل هور. وقد إحتل الأدوميون (بنو عيسو) أرض سعير الجبلية (تك3:32). وجبل فاران هذا يقع فى جنوب فلسطين وكان يسكنها الإسماعيلين. وتلألؤ مجد الرب على سيناء فى إعطاء شريعته على الجبال الأخرى كان علامة على أن شريعة الرب فيها الضياء والهداية ليس لليهود وحدهم بل لجميع الشعوب التى ستقبل كلمة الرب يوماً ما ولاحظ التسلسل                سيناء … حيث إسرائيل (أى نسل يعقوب )

                         سعير …. حيث أدوم (أخو يعقوب)

                         ثم فاران … حيث إسمعيل (عم يعقوب)

ومن القصص المسلية فى التفاسير اليهودية لهذه الآية أن الله ذهب بشريعته إلى جبل سعير أولاً فرفضوها لأنهم وجدوا فيها وصية لا تقتل فذهب الله بشريعته إلى جبل فاران فرفضوها لأنهم وجدوا فيها وصية لا تسرق فذهب بها إلى اليهود فى جبل سيناء فقبلوها. ولكن المعنى هو إنتشار كلمة الله تدريجياً كما قال المسيح لتلاميذه أن يبدأوا بأورشليم أولاً ثم اليهودية ثم السامرة ثم إلى كل الأرض. ولاحظ أن كلمة الله وشريعة الله هى نار ونور يتلألأ ويمتد نوره والمنظر الرائع هنا أن النور يبدأ بظهوره على قمة أحد الجبال ثم يسقط على قمة أخرى فقمة ثالثة والقمم هى الكنائس التى تقبل المسيح. وأتى من ربوات القدس = وفى الترجمات الأخرى وأتى من بين ربوات القديسين أو مع ربوات القديسين والسبعينية تترجم القدس الملائكة (أع53:7 + عب3،2:2) والملائكة دعوا قديسين أو قدوسين (دا13:8 + مت 31:25) والملائكة ألوف ألوف وربوات ربوات. وقد تشتمل هذه الربوات على القديسين حيث كان لعازر فى حضن إبراهيم. فالمسيح أتى من السماء حيث الملائكة لنشر شريعته وكرازته للعالم، ليسلك شعبه بحسب هذه الشريعة ويصير لهم حياة سماوية كالملائكة. وبهذا أتى المسيح ليصير كما فى السماء كذلك على الأرض”

وعن يمينه نار شريعة لهم = وفى ترجمات أخرى ومن يمينه خرجت نار الشريعة لهم. أى أن الله أعطاهم شريعته المضيئة المشرقة. وقوله عن يمينه يشير للقوة والشخص المتميز يكون موضعه على اليمين. والرب أعطى شعبه شريعته بيمينه لأنه يحبهم وقد جعلهم على يمينه. وكما يعطى الإنسان عطاياه بيمينه هكذا يقدم الله أعظم عطية لشعبه أى شريعته، يقدمها بيمينه. وهى نار وهذه تشير لقوة الشريعة وفاعليتها فى تغيير القلوب وفى التطهير والتنقية وإذابة القلوب المتحجرة لمن يقبلها وهى لها قوتها فى أن تحرق من لا يقبلها.

 

آية3:- فاحب الشعب جميع قديسيه في يدك و هم جالسون عند قدمك يتقبلون من اقوالك.

فأحب الشعب = الله أحب الشعب ودليل هذا أعماله العجيبة وشريعته المنيرة ، ورعايته الإلهية.

جميع قديسيه فى يدك = إن شعب الله هم قديسوه وهم فى يده محروسون بقوته (يو28،27:10)

هم جالسون عند قدميك = الشعب يشتهى الجلوس عند قدميه يتعلم وهو يحملهم فى يديه إذاً هم فى يديه محفوظين (ولاحظ أن يد الله تشير للمسيح) وعند قدميه فهو يعلمهم. وهذا المنظر رأيناه والمسيح جالس على الجبل يعظ ويعلم (مت 5، 6، 7) وفى سفر الرؤيا وهو يحمل الملائكة فى يده (الملائكة هم أساقفة الكنائس رؤ20،16:1) والشعب فى العهد القديم كان تحت الجبل حينما أعطاهم الله الشريعة (خر20،19)

 

آية4:- بناموس اوصانا موسى ميراثا لجماعة يعقوب.

ميراثاً = فهو غالٍ وثمين ويتوارثه الخلف عن السلف وهو خير من ألوف ذهب وفضة (مز 72:119) والآب لا يورث إبنه إلا أغلى ما عنده

 

آية5:- 5- و كان في يشورون ملكا حين اجتمع رؤساء الشعب اسباط اسرائيل معا.

غالباً المقصود بأنه كان ملكاً هو موسى. فهو يقول فى آية “4” بناموس أوصانا موسى”

وكان فى يشورون ملكاً. فالله أعطاه أن يكون ملكاً ورئيساً ومشرعاً لشعبه وهو الذى أعطاهم الشريعة.

 

آية6:- ليحيي راوبين و لا يمت و لا يكن رجاله قليلين.

رأوبين أخطا ضد أبيه وبسبب خطيته حُرم من البكورية. وظهر من سبطه داثان وأبيرام وجماعتهما وأهلكها الرب وقد أخذ رأوبين نصيبه شرق الأردن فإنعزل عن باقى الأسباط وموسى هنا يصلى لأجله لكى يحيا ولا يموت وينقرض بل يزيد عدده فموسى هنا رأى الماضى وأن كثيرين هلكوا من السبط ورأى المستقبل أن رأوبين هو الذى سيتعرض للهجمات قبل إخوته لذلك يصلى لله أن يحميه

التفسير الرمزى النبوى:- رأوبين سقط وكان يجب أن يموت لكن هنا رجاء أن لا يموت وهذا هو موقف آدم ونسله. فالله أعطى للإنسان رجاء أن لا يموت (حز6:16) بدمك عيشى ولقد فقد آدم البكورية (كما فقدها رأوبين) حتى يكون المسيح هو البكر كما كان يوسف رمز المسيح

 

آية7:- و هذه عن يهوذا قال اسمع يا رب صوت يهوذا و ات به الى قومه بيديه يقاتل لنفسه فكن عونا على اضداده.

نجد هنا موسى قدم يهوذا على لاوى وغالباً فهذا تواضع منه لأنه من سبط لاوى وربما بروح النبوة لأن من سبط يهوذا سيخرج الملوك وسيخرج المسيح الملك الذى ملكه  سيستمر للأبد. إسمع يا رب صوت يهوذا= فسبط يهوذا سبط خرج منه رجال صلاة كداود وسليمان وآسا ويهوشافاط وحزقيا بل حتى منسى محفوظة له صلاة فى الكنيسة. وموسى رأى كل هذا. وات به إلى قومه = أى إعطه النجا فى خروجه ودخوله فى السلم والحرب.

 بيديه يقاتل = طالما إنتصر ملوك يهوذا فى حروبهم بقوة الرب.

التفسير الرمزى :- إسمع يا رب صوت يهوذا = أى إستجب يا رب لشهوة قلب المسيح فى أن يتجسد (أش 5،4:27) وإستجب لشفاعته عنا. وأت به إلى قومه = أى ليتجسد فى وسط إخوته الذين سيأخذ جسداً منهم. بيديه يقاتل = صراعه ضد الموت وضد إبليس بصليبه. (أش16:59 + أش3:63 + رؤ5:5) فهو الأسد الخارج من سبط يهوذا. ويهوذا أتى بعد رأوبين فلقد صارت للكنيسة جسد المسيح البكورية الروحية ويهوذا عوضاً عن رأوبين أى الكنيسةعوضاً عن اليهود.

 

آية8:- و للاوي قال تميمك و اوريمك لرجلك الصديق الذي جربته في مسة و خاصمته عند ماء مريبة.

سبط لاوى هو سبط الخدمة الروحية المجيدة. تميمك وأوريمك لرجلك الصديق رجلك الصديق هنا هو هرون ومن يخلفه من رؤساء الكهنة الذين أعطاهم الرب الأوريم والتميم الذين يكشف بهما الرب إعلاناته. والأوريم يعنى الأنوار والتميم يعنى الكمالات فكأن المعنى هب يا رب نورك وكمالك وحكمتك لرئيس أحبارنا. ولنلاحظ أن رئيس كهنتنا هو الرب يسوع الذى يرسل لنا روحه فيعطينا الإستنارة ويعيننا على طريق الكمال. على ألا نجربه ونخاصمه كما فعل أولئك = الذى جربته فى مسة = ومن (1 كو 8:10-12) نجد أن من جربوه هو المسيح. وكانت التجربة فى مسة هو تذمر الشعب قائلين ” أفى وسطنا الرب أم لا”

التفسير الرمزى = نجد هنا عمل المسيح الكهنوتى كرئيس كهنة. ومخاصمة الشعب بل الكهنة له فرئيس كهنة اليهود الذى أعطاه الله الأوريم والتميم هو الذى تآمر لصلب المسيح.

 

آية9:- الذي قال عن ابيه و امه لم ارهما و باخوته لم يعترف و اولاده لم يعرف بل حفظوا كلامك و صانوا عهدك.

هذه الآية تحدثنا عن الخدمة الكهنوتية وكيف تجعل الخادم يهتم بالشعب أكثر من أهله تشبهاً بالمسيح الذى أخلى ذاته لأجلنا ولكن المعنى البسيط هنا أن سبط لاوى فى حوريب قتلوا كثيراً من المعاندين فى حادثة العجل الذهبى وكذلك فى حادثة بعل فغور (راجع خر32 ، عد 25) فهم لم يبالوا بإخوتهم وأقاربهم الذين أخطأوا لكنهم إهتموا بمجد الله أكثر = بل حفظوا كلامك وصانوا عهدك

التفسير الرمزى :- هكذا قال المسيح ” ينبغى أن أكون فيما لأبى + طعامى أن أصنع مشيئة الذى أرسلنى  ” من أحب أباً أو أماً…. لا يستحقنى”

 

آية10:- يعلمون يعقوب احكامك و اسرائيل ناموسك يضعون بخورا في انفك و محرقات على مذبحك.

الرب أعطاهم نعمة الكهنوت والخدمة الروحية والتعليم ورفع البخور وتقديم المحرقات

التفسير الرمزى :- المسيح هو رائحة البخور الزكية وهو ذبيحة المحرقة الحقيقية المقبولة عند الآب = فى أنفك وهو الذى جاء كمعلم صالح وأرسل تلاميذه ليعلموا العالم كله.

 

آية11:- بارك يا رب قوته و ارتض بعمل يديه احطم متون مقاوميه و مبغضيه حتى لا يقوموا.

هذه تشبه صلاة كنيستنا للبطريرك ” إخضع أعداؤه تحت قدميه، وثبته على كرسيه”

متون = جمع متن أى ظهر وهو علامة القوة فى الإنسان

 

آية12:- و لبنيامين قال حبيب الرب يسكن لديه امنا يستره طول النهار و بين منكبيه يسكن.

حبيب الرب هو بنيامين يسكن لدى الله آمناً أى يعيش فى حماه وفى طاعته فى سلام. ولقد حظى سبط بنيامين بإمتياز عظيم حيث أن هيكل الرب بنى على جبل المريا الذى يقع شرق أورشليم. وكان هذا الجبل وأورشليم ضمن أراضى بنيامين (يش28:18) فالرب بمحبته قد سر وتنازل أن يكون بيته فى أراضى بنيامين والحقيقة أن بنيامين هو الذى كان يسكن فى ضيافة الرب وفى حمى هيكله المقدس آمنا.ً ولقد إستمر سبط بنيامين متحداً مع سبط يهوذا بعد إنفصال العشرة أسباط مكونين المملكة الشمالية.

التفسير الرمزى :- بنيامين تعنى إبن اليمين فالمسيح بعد أن قدم نفسه ذبيحة جلس عن يمين الآب. لذلك وُضع بنيامين هنا فى الترتيب بعد لاوى سبط الكهنوت وقبل يوسف أخيه الأكبر.

 

آية13:- و ليوسف قال مباركة من الرب ارضه بنفائس السماء بالندى و باللجة الرابضة تحت.

اللجة = مياه الأنهار والعيون والينابيع فموسى يطلب لسبط يوسف البركات الكثيرة المتمثلة فى الماء من السماء ومن الأرض

التفسير الرمزى:-

الأرض هى الكنيسة والندى هو الروح القدس واللجة هى الروح القدس الذى إنسكب بغزارة على الكنيسة بعد فداء المسيح ويقودها ويرشدها للآن

 

آية14:- و نفائس مغلات الشمس و نفائس منبتات الاقمار.

المغلات من غلة والمنبتات من أنبت . والمقصود بالآية ليبارك الله فى محاصيل أرض يوسف . مغلات الشمس ومنبتات القمر = فالنبات يحتاج لضياء الشمس صباحاً ولبرودة الليل ( والقمر كناية عن الليل) حتى ينعم ببعض الرطوبة

التفسير الرمزى :- الشمس تشير للمسيح شمس البر والقمر يشير للكنيسة التى تستمد نورها من مسيحها. ولذلك قال مغلات الشمس precious fruits of the sun   

 وقال منبتات الأقمار… with the precious produce of   فالثمار يحددها المسيح والإنبات يحتاج لخدام. فالخادم يزرع ويسقى ولكن الله هو الذى ينمى

آية15:- و من مفاخر الجبال القديمة و من نفائس الاكام الابدية.

ليعطه الله أيضاًَ أفخر ما تنتجه الأرض الجبلية ولقد تحققت نبوة موسى لأن منسى بن يوسف أخذ نصيبه شرقى الأردن فى أخصب البقاع وكذلك أفرايم فى غربى الأردن

الجبال القديمة = أى المشهورة منذ القدم بأشجارها وخيراتها والأكام الأبدية = الدائمة المحاصيل

التفسير الرمزى:- الجبال القديمة تشير للعهد القديم والأكام الأبدية تشير للعهد الجديد. كلمة الله التى تزرع فى المؤمنين فتعطيهم حياة

 

آية16:- و من نفائس الارض و ملئها و رضى الساكن في العليقة فلتات على راس يوسف و على قمة نذير اخوته.

موسى لا ينسى المنظر الرهيب الذى رآه فى العليقة. الله يظهر لهُ كنار والشجرة لا تحترق.  وهو يطلب من الله الذى رآه وباركه أن يبارك على يوسف قمة نذير إخوته النذير هو الشخص المفرز والمقدس أى المكرس لأجل عمل خاص ويوسف كان مميز عن إخوته لأنه رمز للمسيح (بكر بين إخوة كثيرين) والقمةهى الرأس أو الهامة

التفسير الرمزى:- الساكن فى العليقة هو المسيح المتجسد وكل نفائس الأرض وملئها سرها هو المسيح المتجسد فالتجسد كان بداءة كل هذه البركات. والبركات إنسكبت على الرأس أى المسيح رأس الكنيسة ثم من خلاله إنسكبت على الكنيسة كلها. ” عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد”.

 

آية17:- بكر ثوره زينة له و قرناه قرنا رئم بهما ينطح الشعوب معا الى اقاصي الارض هما ربوات افرايم و الوف منسى.

بكر ثوره زينة له= الثور أحسن الحيوانات عند اليهود فهو يقدم للذبائح ولفوائده فى الزراعة . والآية تفيد أن ثروة يوسف من المواشى ولاسيما من الثيران عظيمة جداً حتى انها زينة ومجد له وهذا قد تحقق فعلاً. على أن الآية تترجم أيضاً مجده كبكر ثوره = وهذا يشير لمكانة هذا السبط. فبكر الثور يكون عزيزاً لدى صاحبه فهو بدء النتاج وبشير الخير والثروة والبكر هو مكرس للرب لا يستخدم فى عمل ما ويوسف إعتبر نذيراً بين إخوته والنذير هو مكرس لله، يكرس حياته لحساب ملكوت الله. وهكذا كان يوسف الذى إنفصل عن إخوته وذهب إلى مصر ليؤسس شعباً لله فى مصر. وكان شعباً قوياً وهذا المكرس لله تنهمر عليه البركات فكان سبط إفرايم سبط قوى لكن خيراته إستفاد بها إخوته لنموهم. والثور يشير للقوة. ولاحظ أن البكورية صارت ليوسف (له نصيب البكر) عوضاً عن رأوبين. وقرناه قرنا رئم = يقصد بقرنيه هنا إفرايم ومنسى اللذان تفرعا من يوسف (نصيب البكر يكون الضعف) والرئم حيوان منقرض هائل القوة وهو لقوته لا يستأنس ولا يحنى عنقه للنير فلا يمكن للإنسان أن يستخدمه فى الشغل (أى 9:39-12). وهذا يشير لقوة سبط يوسف وتمتعه بالحرية زماناً طويلاً. والقرون رمز للقوة والمجد والسيادة ( مز 10،5:75 + 24،17:89 + 9:112 + لو69:1). ربوات إفرايم وألوف منسى = هذا يتفق مع نبوة يعقوب بأن أفرايم يفوق منسى البكر. ولقد كان إفرايم هو صاحب العلم وإسمه أطلق على المحلة بل على مملكة إسرائيل كلها

التفسير الرمزى :- يوسف يشير للكنيسة التى صارت كنيسة أبكار بإتحادها بمسيحها البكر (عب23،22:12) وهذه الكنيسة كنيسة قوية (نش4:4 + 4:6 + 2كو4:10) وهى مكرسة لله ولا تحنى رأسها لنير عبودية … “إن حرركم الإبن…”

وإفرايم الصغير يفوق منسى الكبير إشارة لأن كنيسة العهد الجديد أكبر عدداً وقوة من كنيسة العهد القديم. ” هى كنيسة مرهبة كجيش بألوية”

 

الآيات 19،18:- و لزبولون قال افرح يا زبولون بخروجك و انت يا يساكر بخيامك. الى الجبل يدعوان القبائل هناك يذبحان ذبائح البر لانهما يرتضعان من فيض البحار و ذخائر مطمورة في الرمل.

كانت محلة يهوذا تتكون منهما ومن سبط يهوذا وعاشا متجاوران معاً فى أرض كنعان وهما أولاد ليئة

إفرح يا زبولون بخروجك = فكان زبولون كثير الخروج من أرض للتجارة والحرب وكانوا لهم موانى فى أرضهم ومنها يتاجرون مع الشعوب الفينيقية . وأنت يا يساكر بخيامك = هذا السبط إستقر فى مكانه وكانت أرضه خصبة فإتجه للزراعة وتربية الماشية وهذا متفق مع نبوة يعقوب إلى الجبل يدعوان القبائل = تعنى أن زبولون فى أسفاره وتعامله مع بقية الشعوب سينشر الكرازة  ويدعو الشعوب الوثنية  للإيمان بالرب. وسبط يساكر يخرج منه معلمين وهذا السبط إشتهر بالتعليم. لأنهما يرتضعان من فيض البحار = ثروتهم أتت من التجارة فى البحر والأسماك وذخائر مطمورة فى الرمل = قد تشير للمعادن المطمورة فى الأرض. أو المحاصيل الزراعية التى تخرج  من الأرض وهى تعتبر ذخائر وكنوز. ومن رمالها صنعوا الزجاج ومن الأصداف صنعوا صبغة الأرجوان الثمينة

التفسير الرمزى:- لو لاحظنا أن معظم تلاميذ المسيح كانوا من أرض زبولون والأراضى المحيطة بها وراجع (أش2،1:9 + مت16،15:4) نفهم أن هذه الآية تحدثنا عن الكرازة فالكنيسة هى كنيسة كارزة خرجت للعالم كله تعلمه طريق الخلاص بالمسيح. وهى كنيسته تدعو العالم إلى جبل المسيحية (جبل بيت الرب أش2:2) (ولاحظ نبوة موسى أن بيت الرب يبنى على جبل وقد كان) ولكن المعنى الرمزى سماوية وإرتفاع وثبات بيت. الرب هذا معنى إلى الجبل يدعوان القبائل. وهى كنيسة الذبائح غير الدموية = هناك يذبحان ذبائح البر. وهذا معنى يرتضعان من فيض البحار = فغذاء الكنيسة المشبع هو كثرة المؤمنين فهم ذخائر كانت مطمورة فى الرمل وأعطاهم الإيمان حياة وأعطاهم جسد المسيح بر فهو برنا. فالكنيسة تدعو المؤمنين لديانة سماوية وتعطيهم جسد المسيح لتبريرهم فتنقلهم من الموت إلى الحياة. وهى كنيسة تحيا فى خيام حالياً = أى لأننا مازلنا فى الجسد (2كو1:5) (هو جسد مؤقت)

 

آية20:- و لجاد قال مبارك الذي وسع جاد كلبوة سكن و افترس الذراع مع قمة الراس.

بارك موسى الرب الذى وسع سبط جاد فى العدد. ولقد إستقر الجاديون فى مكانهم وكانوا ذو بأس فى الحرب (1أى8:12) لذلك شبههم باللبوة التى تفترس الذراع أى صغار الجنود مع قمة الرأس أى قادة الأعداء. فهم وسعوا نصيبهم الذى أخذوه بيد موسى.

التفسير الرمزى:- حين يشبه جاد لم يشبهه بأسد بل بلبوة أى زوجة الأسد. وحين يعلن عن عمل جاد فى الإفتراس لا يتكلم بصيغة المؤنث بل بصيغة المذكر حتى أن بعض الترجمات قالت كأسد سكن. ولكن هذا التشبيه الذى قاله موسى بلغ الروعة فى النبوة فجاد يرمز لكنيسة المسيح. والمسيح هو الأسد الخارج من سبط يهوذا والكنيسة هى عروسه وهو الذى يلتهم لها ويفترس مؤامرات إبليس وتدبيراته (قمة الرأس) ويفترس لها ذراعه (أى عمله) وعمل المسيح مع كنيسته أن يوسعها فتنتشر فى العالم كله. وبنفس المفهوم كانت نبوة يعقوب (تك9:49)

 

آية21:-  و راى الاول لنفسه لانه هناك قسم من الشارع محفوظا فاتى راسا للشعب يعمل حق الرب و احكامه مع اسرائيل.

ورأى الأول لنفسه = أى قبل أن يجتازوا الأردن إختار جاد لنفسه أرضاً شرق الأردن. لأنه قسم من الشارع محفوظاً = الشارع أى الله لأنه هو الذى كان يشرع لهم وأعطاهم الشريعة وقسم معناه نصيب. والمعنى أن الله كمشرع حفظ لهم حقهم فيما إختاروه أى وافق وأمّن على إختيارهم . وكان هذا بشرط أن يحاربوا مع إخوتهم ولا يتركوهم فأتى رأساً للشعب = أى أنه كان أميناً فى تنفيذ مع ما وعد به موسى فعبر الأردن على رأس الشعب وفى مقدمتهم ليحارب مع إخوته. يعمل حق الرب = خروجه للحرب كان لينفذ حق الرب.

وأحكامه مع إسرائيل = حاربوا الشعوب الوثنية فكانوا كأداة لتنفيذ قضاء الرب على هذه الشعوب وحكمه المقدس بأن يمتلك شعبه مكانهم

التفسير الرمزى:- رأينا فى الآية السابقة أن الأسد هو الذى يفترس لحساب كنيسته ولكن كنيسته التى ستمتلك نصيبها الذى حدده لها الله فى أمجاد السماء عليها أن تجاهد مع عريسها لا أن تنام وتتكاسل معتمدة على أن نصيبها محفوظ. ” أما قدرتم أن تسهروا معى ساعة واحدة” لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية

 

آية22:- و لدان قال دان شبل اسد يثب من باشان.

خرج شمشون الجبار من سبط دان وتميز هذا السبط بالقوة فى حروبه راجع (قض15،14 + يش40:19-48 + قض27:18-29). وباشان شرقى الأردن وهى شهيرة بكثرة مواشيها وغناها الوفير ولكن بالرغم من هذا تثب كشبل أسد لتمتلك أكثر

المعنى الرمزى:- الكنيسة بالرغم من كل ما أعطاه الله فهى تجاهد كشبل لتأخذ أكثر. والله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة. وإليشع طلب من إيليا نصيب إثنين من روحه عليه ” 2مل9:2). وهذا يتفق مع قول السيد المسيح ” طوبى للجياع والعطاش إلى البر فإنهم يشبعون”

 

آية23:- و لنفتالي قال يا نفتالي اشبع رضى و امتلئ بركة من الرب و املك الغرب و الجنوب.

يطلب موسى لسبط نفتالى بركة ورضى أى قناعة وسرور بما أعطاه له الله  وقد أخذ نفتالى نصيبه من الأرض غربى بحر الجليل فى تربة خصبة ووفرة فى الأسماك

التفسير الرمزى:- من هذه الأرض خرج التلاميذ صيادى الناس (أش2،1:9) ليملأوا الأرض سلام ورضى وفرح وبركة. فى الغرب والجنوب = نبوة عن إمتداد وكرازة الرسل.

 

الآيات 25،24:- و لاشير قال مبارك من البنين اشير ليكن مقبولا من اخوته و يغمس في الزيت رجله.حديد و نحاس مزاليجك و كايامك راحتك.

تحققت هذه البركة لأشير فهو نال نصيباً حسناً من الأرض على البحر المتوسط يمتد من جبل الكرمل جنوباً إلى صيدون شمالاً. وكانت أرضه غنية بأشجار الزيتون والكروم ليكن مقبولاً من إخوته = أى ينال رضى إخوته فيحبونه لصفاته وللأشياء النفيسة التى كان يصدرها لهم فأرض مشهورة بالزيتون وزيت الزيتون .

يغمس فى الزيت رجله = أى بجهاده برجليه فى الآلات التى تعصر الزيتون لإستخراج الزيت. أو يكون المعنى أنه لكثرة الزيت فكأنه يغمس رجليه فى هذا الزيت وليس فقط يدهن به .

حديد ونحاس مزاليجك = أى فلتكن أرضك محصنة غاية التحصين فيصعب على العدو إقتحامها.

 وكأيامك تكون راحتك = أى بقدر طول حياتك يتوفر لك الراحة والسلام والإطمئنان والخير مدى الأجيال

التفسير الرمزى:- الزيت رمز للروح القدس وثماره التى هى سلام وفرح ومحبة يشار لها هنا بالإطمئنان والراحة والله يعطى الروح القدس بفيض.

 

آية26:- ليس مثل الله يا يشورون يركب السماء في معونتك و الغمام في عظمته.

ختام بركة موسى بعد كل ما اعلنه الله له من بركات له ولشعبه، يعلن موسى لشعبه ليس مثل الله بين آلهة العالم. وموسى نفسه جرب هذا فهو للآن موفور النضارة والصحة والله يسرع لنجدة شعبه كمن يركب السحاب والغمام أى إشارة لسموه وعظمته ومجده وأنه حال فوق شعبه وحوله أمامه.

 

آية27:- الاله القديم ملجا و الاذرع الابدية من تحت فطرد من قدامك العدو و قال اهلك.

الإله القديم = أى الله الكائن منذ الأزل الذى أعماله ومشوراته ومحبته أزلية

الأذرع الأبدية من تحت = الله يحمل شعبه بذراعيه ويرفعهم فوق جميع المتاعب والصعوبات وهذه الحماية أبدية. فكأن مشوراته وحمايته ومحبته أزلية أبدية (فهو السرمدى)

أِهلِك = قد تكون أمراً لأعداء الله وشعبه بالهلاك. وقد تكون أمراً لشعب الله أن يهلك أعداؤه.

 

آية28:- فيسكن اسرائيل امنا وحده تكون عين يعقوب الى ارض حنطة و خمر و سماؤه تقطر ندى.

عين يعقوب = يقصد بها عين الماء أو مصادر الماء مصدر الخير، الحنطة والخمر لذلك جاءت الآية فى ترجمات أخرى ” يسكن إسرائيل آمناً منفرداً عند عين يعقوب فى أرض حنطة وخمر

آية29:- طوباك يا اسرائيل من مثلك يا شعبا منصورا بالرب ترس عونك و سيف عظمتك فيتذلل لك اعداؤك و انت تطا مرتفعاتهم

قال النبى من قبل ليس مثل الله (آية26) والآن يقول من مثلك يا شعب الله = فإذا كان الله ليس له نظير أو شبيه فهو أيضاً سيجعل شعبه متميزاً وليس مثله فالرب يحميهم وهو ملجأهم وهم يسكنون عنده فى سلام وهو يحملهم ويدعمهم ويقودهم ويعطيهم النصرة على أعدائهم ويعولهم وهو يعطيهم سلامهم ويضمن لهم النصر.

طوبى = كلمة طوبى من الطيب وهو الشىء الحسن الجيد فيكون المعنى يا لسعادتك وخيرك

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى