تفسير سفر الملوك الأول ٢ للقمص أنطونيوس فكري


 الإصحاح الثانى

الآيات 1-11:

– انا ذاهب في طريق الارض كلها فتشدد وكن رجلا. احفظ شعائر الرب الهك اذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه واحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت. لكي يقيم الرب كلامه الذي تكلم به عني قائلا اذا حفظ بنوك طريقهم وسلكوا امامي بالامانة من كل قلوبهم وكل انفسهم قال لا يعدم لك رجل عن كرسي اسرائيل. وانت ايضا تعلم ما فعل بي يواب ابن صروية ما فعل لرئيسي جيوش اسرائيل ابنير بن نير وعماسا بن يثر اذ قتلهما وسفك دم الحرب في الصلح وجعل دم الحرب في منطقته التي على حقويه وفي نعليه اللتين برجليه. فافعل حسب حكمتك ولا تدع شيبته تنحدر بسلام الى الهاوية. وافعل معروفا لبني برزلاي الجلعادي فيكونوا بين الاكلين على مائدتك لانهم هكذا تقدموا الي عند هربي من وجه ابشالوم اخيك. وهوذا معك شمعي بن جيرا البنياميني من بحوريم وهو لعنني لعنة شديدة يوم انطلقت الى محنايم وقد نزل للقائي الى الاردن فحلفت له بالرب قائلا اني لا اميتك بالسيف. والان فلا تبرره لانك انت رجل حكيم فاعلم ما تفعل به واحدر شيبته بالدم الى الهاوية. واضطجع داود مع ابائه ودفن في مدينة داود.

وكان الزمان الذي ملك فيه داود على اسرائيل اربعين سنة في حبرون ملك سبع سنين وفي اورشليم ملك ثلاثا وثلاثين سنة

وصايا الملك داود الأخيرة لإبنه سليمان الملك:-

  1. كن رجلا = يُظن أن عمر سليمان وقتها كان حوالى 20 سنة. وداود يطلب منه أن يتشدد ويكون قراره واضحا وغير متردد فالخوف سر كل فشل.
  2. إحفظ شعائر الرب = تث 18:17-20 حفظ وصية الله هى حصن للملك ويفهم من (4) أنه حتى يحفظ الله كرسى داود للأبد فهذا وعد به الرب بشرط أن يحفظوا الوصايا لكن هناك وعد غير مشروط أن المسيح سيأتى من نسل داود.
  3. هناك وصايا بخصوص إصدار أحكام عادلة وليضرب الأشرار حتى يستقر كرس ملكه:-

‌أ.        يوآب = داود كان يشعر أنه لم يتصرف بالعدل معه حين أبقى على حياته. وسفك دم الحرب فى الصلح = هو فى وقت الصلح بيننا وبين أبنير سفك يوآب دم أبنير وكأنه فى حرب معه وهذه خيانة وكذلك مع عماسا. وجعل دم الحرب فى…. = لم يخجل أن يظل مرتديا المنطقة والحذاء اللذان تلوثا بدم أبنير وعماسا فهو قتلهما بغدر وهو يحتضنهما فسال دمهما عليه.

‌ب.    برزلاى = فداود لم ينسى محبته والله لا ينسى كأس ماء بارد.

‌ج.     شمعى = داود هنا لا يثأر لكرامته فلو كان هكذا لقتله منذ زمان (راجع تفسير 2 صم 19).

 

الآيات 12-25:

– وجلس سليمان على كرسي داود ابيه وتثبت ملكه جدا. ثم جاء ادونيا بن حجيث الى بثشبع ام سليمان فقالت اللسلام جئت فقال للسلام. ثم قال لي معك كلمة فقالت تكلم. فقال انت تعلمين ان الملك كان لي وقد جعل جميع اسرائيل وجوههم نحوي لاملك فدار الملك وصار لاخي لانه من قبل الرب صار له. والان اسالك سؤالا واحدا فلا ترديني فيه فقالت له تكلم. فقال قولي لسليمان الملك لانه لا يردك ان يعطيني ابيشج الشونمية امراة. فقالت بثشبع حسنا انا اتكلم عنك الى الملك. فدخلت بثشبع الى الملك سليمان لتكلمه عن ادونيا فقام الملك للقائها وسجد لها وجلس على كرسيه ووضع كرسيا لام الملك فجلست عن يمينه. وقالت انما اسالك سؤالا واحدا صغيرا لا تردني فقال لها الملك اسالي يا امي لاني لا اردك. فقالت لتعط ابيشج الشونمية لادونيا اخيك امراة. فاجاب الملك سليمان وقال لامه ولماذا انت تسالين ابيشج الشونمية لادونيا فاسالي له الملك لانه اخي الاكبر مني له ولابياثار الكاهن وليواب ابن صروية. وحلف سليمان الملك بالرب قائلا هكذا يفعل لي الله وهكذا يزيد انه قد تكلم ادونيا بهذا الكلام ضد نفسه. والان حي هو الرب الذي ثبتني واجلسني على كرسي داود ابي والذي صنع لي بيتا كما تكلم انه اليوم يقتل ادونيا. فارسل الملك سليمان بيد بناياهو بن يهوياداع فبطش به فمات.

سليمان كان قد سامح أدونيا لكن نجد هنا أن أدونيا جلب الشر على نفسه حتى يَثبُت ملك سليمان. وسليمان فهم خطة أدونيا الجديدة. فأدونيا يفعل ما سبق وفعله إبشالوم حين دخل على سرارى ابيه. فما لم يحصل عليه أدونيا بالقوة (أى عرش المملكة) فيحصل عليه بالزواج. وغالبا فسليمان بحكمته إكتشف الخطة والتى دبرها غالبا أبياثار الكاهن وهذا يتضح من معاملة سليمان لأبياثار بعد ذلك. والخطة كانت تتلخص فى أن يتزوج أدونيا أبيشج ثم ينادى بأنه زوج حاضنة الملك داود فله حق فى العرش خصوصا أنه أكبر أولاد داود وهذه الخطة واضحة فعلا فيما قاله أدونيا لبثشبع أنه له الحق فى الملك. ونلاحظ معاملة سليمان لأمه بمنتهى الوقار وجلوس الملكة عن اليمين = تكريمها عند اليهود والعرب واليونان ولكن هو كشف لأمه معنى طلب أدونيا وأن هذه خطة مدبرة آية (22) فأسألى له الملك أيضا لأنه أخى الأكبر منى. له ولأبياثار وليوآب إذا ابياثار ويوآب كانوا يساندونه.

 

الآيات 26-34:

– وقال الملك لابياثار الكاهن اذهب الى عناثوث الى حقولك لانك مستوجب الموت ولست اقتلك في هذا اليوم لانك حملت تابوت سيدي الرب امام داود ابي ولانك تذللت بكل ما تذلل به ابي. وطرد سليمان ابياثار عن ان يكون كاهنا للرب لاتمام كلام الرب الذي تكلم به على بيت عالي في شيلوه. فاتى الخبر الى يواب لان يواب مال وراء ادونيا ولم يمل وراء ابشالوم فهرب يواب الى خيمة الرب وتمسك بقرون المذبح. فاخبر الملك سليمان بان يواب قد هرب الى خيمة الرب وها هو بجانب المذبح فارسل سليمان بناياهو بن يهوياداع قائلا اذهب ابطش به. فدخل بناياهو الى خيمة الرب وقال له هكذا يقول الملك اخرج فقال كلا ولكنني هنا اموت فرد بناياهو الجواب على الملك قائلا هكذا تكلم يواب وهكذا جاوبني. فقال له الملك افعل كما تكلم وابطش به وادفنه وازل عني وعن بيت ابي الدم الزكي الذي سفكه يواب. فيرد الرب دمه على راسه لانه بطش برجلين بريئين وخير منه وقتلهما بالسيف وابي داود لا يعلم وهما ابنير بن نير رئيس جيش اسرائيل وعماسا بن يثر رئيس جيش يهوذا. فيرتد دمهما على راس يواب وراس نسله الى الابد ويكون لداود ونسله وبيته وكرسيه سلام الى الابد من عند الرب فصعد بناياهو بن يهويادع وبطش به وقتله فدفن في بيته في البرية.

أدونيا إشترك معه كما رأينا أبياثار ويوآب. لذلك نجد سليمان هنا يعاتب كلاهما وخصوصا أن داود قد أوصى سليمان بعقاب يوآب لقتله أبنير وعماسا ولكن نجد العقاب مختلف فسليمان إحترم كهنوت ابياثار وإكتفى بعزله إلى عناثوث مدينة الكهنة وهى فى بنيامين، لأن الله لا ينسى أتعابه وكل الخير الذى صنعه مع داود. أما يوآب الذى عاش عمره لا يحترم وصية ولا مذبح بل عاش فى غدر فلماذا يحميه المذبح الآن. ولقد خطط يوآب أن يحتمى بالمذبح ليحميه فهو يتصور أنه لا يمكن قتله عند المذبح لمجرد مشورته على أدونيا ولو فعل سليمان لأساء لنفسه ولكن سليمان كان يعرف الناموس وأن المذبح لا يحمى القاتل (خر 14:21) لذلك لم يذكرهنا إنحياز يوآب لأدونيا كجريمة تستوجب القتل عند المذبح بل ذكر قتل يوآب لأبنير ولعماسا. ويكون لداود ونسله سلام = حينما يعاقب يوآب القاتل يكون سلام لبيت داود وإن لم ينفذ سليمان العقوبة فإن دم القتلى الأبرياء يكون على سليمان وبيته. فدفن فى بيته = هو أخذ عقوبته لكنه كقائد عظيم فى إسرائيل ولزمان طويل دفن فى بيته بإكرام فكان الدفن فى بيت الشخص إكرام للشخص وهذا عملوه مع صموئيل النبى (1 صم 1:25). ولاحظ أن سليمان سمى أبنير قائد جيش إسرائيل فهو من بيت شاول وهو الذى جلس إيشبوشث على إسرائيل بينما عماسا من يهوذا ومن بيت داود.

 

الآيات 35-46:

– وجعل الملك بناياهو بن يهوياداع مكانه على الجيش وجعل الملك صادوق الكاهن مكان ابياثار. ثم ارسل الملك ودعا شمعي وقال له ابن لنفسك بيتا في اورشليم واقم هناك ولا تخرج من هناك الى هنا او هنالك. فيوم تخرج وتعبر وادي قدرون اعلمن بانك موتا تموت ويكون دمك على راسك. فقال شمعي للملك حسن الامر كما تكلم سيدي الملك كذلك يصنع عبدك فاقام شمعي في اورشليم اياما كثيرة. وفي نهاية ثلاث سنين هرب عبدان لشمعي الى اخيش بن معكة ملك جت فاخبروا شمعي قائلين هوذا عبداك في جت. فقام شمعي وشد على حماره وذهب الى جت الى اخيش ليفتش على عبديه فانطلق شمعي واتى بعبديه من جت. فاخبر سليمان بان شمعي قد انطلق من اورشليم الى جت ورجع. فارسل الملك ودعا شمعي وقال له اما استحلفتك بالرب واشهدت عليك قائلا انك يوم تخرج وتذهب الى هنا وهنالك اعلمن بانك موتا تموت فقلت لي حسن الامر قد سمعت. فلماذا لم تحفظ يمين الرب والوصية التي اوصيتك بها. ثم قال الملك لشمعي انت عرفت كل الشر الذي علمه قلبك الذي فعلته لداود ابي فليرد الرب شرك على راسك. والملك سليمان يبارك وكرسي داود يكون ثابتا امام الرب الى الابد. وامر الملك بناياهو بن يهوياداع فخرج وبطش به فمات وتثبت الملك بيد سليمان.

سليمان لم يستحسن قتل شمعى لأن داود كان قد حلف له أنه لا يقتل وسليمان بحكمته حدد إقامته فى أورشليم حتى لا يعود لأهله وعشيرته فى بنيامين ويدبر خطة لقتل سليمان فهو رجل مخادع لذلك قال له لا تبرره آية (9). وحين خرج شمعى ليبحث عن خادمين فقد حياته. وبالنسبة لنا فالعالم هو الخادمين فهو خادم لنا لكن علينا أن لا نبحث عنه ونجرى وراءه ونترك أورشليمنا (الكنيسة) فنفقد حياتنا وسليمان هنا يمثل بالنسبة لنا الله وكما حدد حدودا لشمعى هكذا حدد الله لنا وصايا إن خرجنا منها للعالم نفقد حياتنا. وبهذا صار سليمان بلا أعداء فى الخارج والداخل.

فاصل

فاصل

تفسير ملوك الأول 1 تفسير ملوك الأول 
القمص أنطونيوس فكري
تفسير ملوك الأول 3
تفسير العهد القديم

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى