تفسير سفر عوبديا أصحاح 1 للقمص تادرس يعقوب

 

إذ سكن أدوم على الجبال الوعرة حيث الغابات وشقوق الصخور ظنوا أنهم أمة قوية لا يقدر أحد أن يبلغ إليها ويغزوها، لهذا جاء هذا السفر أشبه بمحاكمة لأدوم المتعجرف، فيه يُتقدم الله كقاضي مستدعيًا أدوم ككاسر للقانون الجنائي، وقد أرسل الله رسولًا يستدعي الأمم لحضور الجلسة ومعاينة المعركة القضائية في دار القضاء، وتقدم إليهم بالمتهم أدوم الذي ظن أنه لا يقدر أحد أن يأتي به ويحاكمه. لهذا يبدأ السفر هكذا:

“رؤيا عوبديا. هكذا قال السيد الرب عن أدوم: سمعنا خبرًا من قبل الرب، وأرسل رسول بين الأمم. قوموا ولنقم عليها للحرب. إني قد جعلتك صغيرًا بين الأمم. أنت محتقر جدًا. تكَبر قلبك، قد خدعك أيها الساكن في محاجئ الصخر، رفعة معقده، القائل في قلبه من يُحدرني إلى الأرض؟! [1-3].

جاءت كلمة “رؤيا” في العبرية Hazon وهي تُشير إلى الخبرة المنظورة، لكنها غالبًا إذ تستخدم كافتتاحية أو عنوان لسفر نبوي تعني “ملاحظة” أو “كلمة”(7). فما يُسجله عوبديا هنا هو ملاحظة رآها أو سمعها بالروح الإلهي بخصوص محاكمة أدوم بواسطة الرب نفسه.

يقول “سمعنا خبرًا من قبل الرب”، وكأنه قد تسلم تقريرًا من قِبل الرب، إنه أرسل رسولًا بين الأمم يستدعيهم لحضور المحاكمة. وكما قيل في إرميا: “قد سمعت خبرًا من قِبل الرب وأرسل رسول إلى الأمم، قائلًا: “تجمّعوا وتعالوا عليها وقوموا للحرب…” (إر 49: 14). إنها جلسة قضاء، لكنها جلسة ملتهبة وخطيرة، إذ يقول: “قوموا ولنقم عليها للحرب”، إنها أشبه بمعركة منها جلسة قضاء، إذ يرفض أدوم الحضور ويظن أنه فوق القانون.

إذ ظن أدوم أنه فوق كل محاكمة وحسب أن سكناه في الجبال وسط الصخر يعفيه من النزول إلى ساحة القضاء وبّخه الرب على كبرياء قلبه، قائلًا له علانية كمن في استجواب:

إني قد جعلتك صغيرًا بين الأمم، أنت محتقر جدًا” [2]، لقد ظننت بسكناك في جبل سعير الذي تبلغ أحيانًا قممه حوالي 2000 قدمًا فوق سطح الماء، ومملوء شقوقًا صخرية أنك أعظم من غيرك. إذ ترتفع في عيني نفسك تصغر جدًا في عيني عن بقية اخوتك، فإنه ليس خطية تحطم حياة الإنسان مثل الكبرياء، بها يظن في نفسه إلهًا، ولكنه في عيني الله يصير محتقرًا جدًا، ويتعرض للموت الأبدي والهلاك. لذا يقول القديس إشعياء المتوحد: [لاحظ نفسك بدقة متجنبًا السلطة والكرامة والمجد وحب المديح كجروح روحية، والموت والهلاك كعذاب أبدي(8)]. ويقول الأب مار اسحق السرياني: [المجد الزمني يشبه صخرة مختفية في البحر، لا يعرفها البحار قبل أن تصطدم بها سفينة ويتمزق قاعها وتمتلئ ماء(9)].

تكبُّر قلبك قد خدعك أيها الساكن في محاجئ الصخر، رفعة مقعده (مسكنه)، القائل في قلبه من يحدرني إلى الأرض؟!” قد تكبر قلبه، أي تعالى في عيني نفسه بفهمه الذاتي، إذ كان القلب عند الساميين يعني مركز الفهم(10)، فبفهمه الذاتي خدعه سكناه في مساكن أو مغاير الصخر Sela، وربما يقصد ب Sela هنا جبل سعير المرتفع الوعر والمملوء شقوقًا ومغاير، أو كما يرى بعض الدارسين يقصد بها عاصمة أدوم “سالع” (قض 1: 36، 2 مل 14: 7، إش 16: 1)، وربما هي بترا Petra (صخرة) التي في أيام الأنباط. على أي الأحوال بفكره البشري إذ رأى نفسه يختفي وسط الصخور ويستقر على المرتفعات “رفعة مقعده” ظن أنه ليس من يقدر أن يحدره إلى الأرض ليدخل به إلى ساحة القضاء بين الأمم.

“إن كنت ترتفع كالنسر، وإن كان عشك موضوعًا بين النجوم، فمن هناك أُحدِرك يقول الرب” [4]. هكذا يحدر الله المتكبرين، الذين يطلبون لأنفسهم المرتفعات في هذا العالم. فقد حسب أدوم نفسه كالنسر إذ أقام عشه فوق قمم الجبال وسط الغابات (تشبه عش النسر وسط النجوم العالية)، إنه قد صار وسط النجوم، لكن هذا لا يعني أنه ليس في متناول يد الله. لقد حمل أدوم فكر إبليس أبيه، الذي في كبريائه تشامخ إذ يقول له الرب: “أنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات، أرفع كرسيّ فوق كواكب الله، وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب، أصير مثل العلي، لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب” (إش 14: 13-14). إذ سقط الشيطان عن فكره الملائكي المتضع اشتهى أن يقيم كرسيه فوق النجوم فانحطّ إلى الهاوية، أما السيد المسيح الذي هو فوق كل خليقة فقد نزل إلينا على الأرض فجاء نجم من السماء يكرز به!

إن أتاك سارقون أو لصوص ليل، كيف هلكت؟ أفلا يسرقون حاجتهم؟ إن أتاك قاطفون أفلا يبقون خصاصة؟! كيف فتش عيسو وفحصت مخابئه؟! [5-6]. إذ يسكنون في مغاير الصخور عرفوا أيضًا بكثرة اللصوص، فاللص يدخل إلى المخابئ ليسرق حاجته التي يشتهيها، أي كل ما هو ثمين. إنه يدخل ليلًا وأنتم نيام لينالوا ما يطلبونه. وإن جاءهم قاطفو العنب فإنهم لا يتركون الكروم إلا وبها القليل للغاية من الحصاد، الذي هو نفاية. هذا ما يفعله اللصوص والقاطفون، فهل يصعب على الخالق أن يدخل مخابئ عيسو (أدوم) ويفحص أعماقها ويسحب ما يريده لمحاكمته؟!

الآن بعد أن أعلن له غباوة فهمه إذ كبرياؤه يحطمه ولا ينقذه ومرتفعاته تحدره ولا تسنده، الآن يتحدث عمن يتكل عليهم: الحلفاء والحكماء.

أولًا: من جهة حلفائه الذي دخل معه في عهد، وأكل خبزه وسالمه، هو بعينه يكون شاهدًا ضده عند المحاكمة. لقد أثارته بابل على بغض أخيه ونهبه، وتصير هي شاهدة ضده بعد أن نصبت له شركًا تحته. يقول له الرب: “طردك إلى التُخُم كل معاهديك. خدعك وغلب عليك مسالموك. أهل خبزك وضعوا شركًا تحتك. لا فهم فيه” [7]. كأنه يقول له: كنت غبيًا فقد اتكلت لا على من يُخلصك بل من يُحطمك… هكذا يفعل الأصدقاء الأشرار بالإنسان، فيما هم يلاطفونه، ويشاركونه الولائم والتدابير الشريرة ينقلبون عليه ويحطمونه.

ثانيًا: لقد عرف أدوم بحكمائه وفهمائه، فمنهم أليفاز التيماني (2: 11) من تيمان على بعد 5 أميال شرق بترا بأدوم، لكن الله يُبيد هؤلاء الحكماء من أدوم: “ألاَّ أُبيد في ذلك اليوم يقول الرب الحكماء من أدوم، والفهم من جبل عيسو؟! فيرتاع أبطالك يا تيمان لكي ينقرض كل واحد من جبل عيسو بالقتل؟!” [8-9]. ليس فقط أذله بسحب أصدقائه من موقف المدافعين إلى موقف ناصبي الشرك تحته والشهود ضده، وإنما يحرمه حتى من حكمائه الذين من أدوم، فإن الذي له يعطي فيزداد والذي ليس له فما عنده يؤخذ منه.

ظلمه لأخيه

إذ استدعى الرب أدوم من كبريائه ونزل به إلى ساحة الفضاء أمام الأمم، وأعلن بطلان مدافعيه سواء كانوا حلفاءه أو الحكماء والفهماء منه، وقبل أن يصدر الحكم أبرز الاتهام معلنًا حيثيات الحكم…

“من أجل ظلمك لأخيك يعقوب يغشاك الخزي وتنقرض إلى الأبد” [10].

في كبريائه كان متشامخًا على الله، حاسبًا أنه لن يدينه، وفي شره يستبد بأخيه الذي من دمه! حقًا أن من لا يحب الله لا يقدر أن يحب أخاه، ومن يخطئ في حق الله يُخطئ أيضًا في حق أخيه. فعلاقتنا بالله واخوتنا مترابطة ومتلازمة لا يمكن عزلهما عن بعضهما البعض. لهذا حسب الله وصية الحب للقريب مشابهة للحب لله ومكملة لها.

ظلم الآخرين يغطي الإنسان بالخزي بل ويقطعه إلى الأبد.

يكشف له ظلمه، قائلًا: “يوم وقفت مقابلة يوم سبت الأعاجم قدرته (حمل الأعاجم قواته وغناه إلى السبي)، ودخلت الغرباء أبوابه، وألقوا قرعة على أورشليم كنت أنت أيضًا كواحدٍ منهم” [11]. بذكره بيوم سبي أورشليم حيث نهبت إمكانياتها البشرية والمادية إلى السبي واقتحم الغرباء المدينة ينجسونها ويلقون قرعة على غنائمها فيما بينهم، فعِوض أن يقف أدوم مساندًا لأخيه أو حتى موقف الحياد، صار كواحد من هؤلاء الغرباء السالبين حقوق أورشليم. إنها صورة بشعة لمن ينتظر تحطيم أخيه ليمد يده ويساهم فيه!

ما فعله أدوم كان يجب ألاَّ يفعله، إذ هو ملتزم بسبعة أمور لكنه صنع عكسها:

  1. يجب أن لا تنظر إلى يوم أخيك، يوم مصيبته” [21]، كنت تتفرس فيه كمن كان يشتهي هذا اليوم.
  2. ولا تشمت ببني يهوذا يوم هلاكهم“، كنت تفرح بهلاكهم، مع أنه يليق بك أن تحزن لآلامهم حتى وإن كانوا يسقطون تحت تأديب عادل منيّ. فقد رأينا في عاموس يُعاتب الرب الذين لا يشاركون المؤدبين من الرب تأديبًا عادلًا، بقوله: “ولا يغتمون على انسحاق يوسف” (عا 6: 6). وفي حديث أبويللقديس إمبروسيوسمن التوبة يقول: [إن أول عطية هي أن أعرف كيف أحزن حزنًا عميقًا مع أولئك الذين يخطئون، لأن هذه هي أعظم فضيلة. فإنه مكتوب: “لا تشمت ببني يهوذا يوم هلاكهم ولا تنظر أنت أيضًا إلى مصيبته” [12]. يا رب هب ليّ أن تكون سقطات كل إنسان أمامي حتى أحتملها معه، ولا انتهره في كبرياء، بل أحزن وأبكي، ففي بكائي من أجل الآخرين أبكي على نفسي قائلًا: “ثامار أبرّ مني” (تك 38: 26)(11).
  3. ولا تفغر فمك يوم الضيق[12]. هكذا تحول من شهوة أن يرى أخاه متألمًا، إلى حالة فرح داخلي لآلامه ثم إلى النطق بكلمات تعبير أو إثارة للعدو ضده. كان يجب في حزنه عليه إن لم يقدر أن يُدافع بكلمة يصمت مغمومًا، لكنه يفتح فاه بالشر عليه!
  4. ولا تدخل باب شعبي يوم بليتهم[13]. إنه اقتحام مؤلم ضد الله نفسه، إذ يدخل باب شعبه. حقًا كما قالالعلامة أوريجينوس: [إنه إذ يتألم الإنسان من أجل الرب، يكون الرب نفسه هو حامل الألم… فكل اقتحام لباب إنسان متألم إنما هو اقتحام ضد الرب نفسه. حينما تنسحق نفوسنا بالضيق لا يقف الرب مواسيًا، وإنما يحسب نفسه متألمًا فينا ومعنا. يسندنا لا من الخارج وإنما بإعلان سكناه في داخلنا حتى يحمل معنا الصليب ويدخل بنا إلى قوة قيامته.
  5. ولا تنظر أنت إلى مصيبته يوم بليته[13]. هنا النظرة أقسى مما كانت في المرحلة الأولى، ففي الأولى كانت نظرة اشتياق وشهوة في شماتة قبل حدوث الآلام أي من بعيد، أما هنا فيرى الآلام والأحزان بعينيه فكان يجب أن يتأثر حتى ولو كانوا أعداء له…
  6. “ولا تمد يدًا إلى قدرته يوم بليته”[13]، كان يجب أن يمد يده لمساندته، لكنه للأسف مد يده ليحطم إمكانيته للمقاومة، وهكذا تحول حقده من الشماتة إلى اقتحام ديره. إلى كلمات الشر ثم إلى العمل ضده.
  7. “ولا تقف على المفرق لتقطع مُنْفلِتيه ولا تسلم بقاياه يوم الضيق[14]. هذه أبشع صورة. حيث يقف في الطريق ليمسك بالهاربين منهم ويسلمهم عبيدًا للأعداء! إنه عمل لا إنساني!

النطق بالحكم:

إذ عرض شروره الكثيرة في ظلمه لأخيه أصدر الحكم: “فإنه قريب يوم الرب على كل الأمم، كما فعلت يفعل بك، عملك يرتدّ على رأسك، لأنه كما شربتم على جبل قدسي يشرب جميع الأمم دائمًا يشربون ويجرعون ويكونون كأنهم لم يكونوا” [15-16]. إن الحكم صادر على الجميع “كما فعلتْ يُفعل بك“. هذا هو مبدأ أو قانون يوم الرب العظيم. وكما يقول الرب: “بالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم” (مت 7: 2).

يرى الدارسون أن الشرب هنا إنما هو لكأس خمر غضب الله، فإن كان الله قد أعطى شعبه أن يشرب هذا الكأس بسبب خطاياه، فسيشربه أدوم أكثر مرارة وأيضًا جميع الأمم بسبب شرهم وكما جاء في سفر إرميا: “خذ كأس خمر هذا السخط من يدي واسْقِ جميع الشعوب الذين أرسلك أنا إليهم إيّاها. فيشربوا ويترنحوا ويتجننوا من أجل السيف الذي أرسله أنا بينهم” (إر 25: 15-16)… أما هنا فيقول: “يشربون ويجرعون ويكونون كأنهم لم يكونوا”. بمعنى أنهم كلما نالوا عقوبة يشربونها ويبتلعونها فتظهر عقوبة أشد فتبدو السابقة كلا شيء قدامها.

3 خلاص صهيون الذليلة

إن كانت هذه النبوة موجهة إلى أدوم المتكبر الظالم ليُدرك أنه ينال جزاء عمله، فهي أيضًا موجهة إلى صهيون الذليلة لتؤكد لها أن الله لا يتركها في مذلتها… إنه يؤدب ويرحم، يسمح بالجراحات ويعصب.

وأما جبل صهيون فتكون عليه نجاة ويكون مقدسًا ويرث بيت يعقوب مواريثهم، ويكون بيت يعقوب نارًا وبيت يوسف لهيبًا وبيت عيسو قشًا…” [17-18]. إنها صورة حيًة لرد صهيون إلى قوتها وقدسيتها وكرامتها. فعلى جبلها تكون نجاة أو خلاص، إذ يرتفع الصليب ليحتضن كل نفس مؤمنة، واهبًا إيّاها سلطانًا أن تدوس على الحيات والعقارب. ويكون مقدسًا إذ يجعل منها هيكلًا مقدسًا يسكنه روح الله القدوس، وميراثًا إذ يملك الرب ويرث القلب كعرش له، ويجعلها نارًا بالروح القدس الناري، يحرق بيت عيسو أي أعمال الإنسان القديم كالقش، ولا تستطيع الخطية أن تقف أمامها، إنما تشتعل وتحترق وتُباد، إذ “لا يكون باقٍ من بيت عيسو لأن الرب تكلم“. هكذا تتحقق فينا كلمة الرب بروحه الناري الذي لا يترك للشر أثرًا في داخلنا.

يتحدث بعد ذلك عن الخلاص الذي يتم جزئيًا بطريقة حرفية بالعودة من السبي لإسرائيل ويهوذا، ويتحقق روحيًا بطريقة أكمل في العهد الجديد خلال الصليب.

في هذه الخاتمة يرث أولاد الله الأمم الشامتة بهم عند سبيهم، فلا يعودون إلى وضعهم السابق قبل السبي فحسب وإنما يرثون الأمم مع عودتهم من السبي. إنها صورة روحية لكنيسة العهد الجديد التي اقتنصت في شباكها سمكًا كثيرًا من كل الأمم والألسنة والشعوب لحساب عريسها ليملك على الكل.

يقول: “ويصعد مخلصون على جبل صهيون ليدينوا (يحكموا) جبل عيسو” [21]، وكما يقول القديس أغسطينوس: [إن هؤلاء المخلصون إنما هم الرسل الذين خرجوا من اليهود ليكرزوا على جبل عيسو أي بين الأمم فيقتنصوهم لملكوت الله… لهذا ختم السفر بقوله: “ويكون المُلك للرب” [21]. هذه هي غاية الكتاب المقدس كله، وغاية ما قيل في أحداث ميلاد السيد “يملك الرب على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية” (لو 1: 33). وجاء في الرؤيا: “صارت ممالك العالم لربنا ولمسيحه” (رؤ 11: 15)، “هللويا قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء” (رؤ 16: 6).

_____

الحواشي والمراجع :

(7) Jerome Biblical Commentary, p. 444.

(8) Bishop Ignatius Brianchaninov: The Arena, 1970, P. 155.

(9) .J. Wensinck: Mystical Treatises St. Isaac Syrian, P. 219.

(10) J.B. Baver: Verbum Domini, 40 (1962), p. 27-32.

(11) Concerning Repentance 2: 8 (73).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى