بطل طالع نازل

 أولاً: الهروب نصف الجدعنة (1 صم 22: 1-23)

كلمة داود تعني (محبوباً) ، اختاره الله ملكاً من أجل نقاوته الداخلية ، وجمال نفسه ، وكان جبار بأس ورجل حرب ، فصيحاً في كلماته ، عذباً في مزاميره، وأعظم ما كان في حياته هو أن الله كان معه فهو سر قوته.
ولكن شاول الملك حقد عليه بعد قتله لجليات وغناء النساء له “ضرب شاول الوفه وداود ربواته ؟ ” ( اصم 5:29 ) )  ( 1 صم 7:18 ) ولسبب محبة جميع الشعب له : ” وكان جميع إسرائيل ويهوذا يحبون داود لأنه كان يخرج  ويدخل أمامهم ” (1 صم 16:18)

ما هو موقفك لو مُدح أخوك أكثر منك؟

لجأ شاول إلى طرق ماكرة للتخلص من داود ، فلم يرد أن تكون يده عليه ، ولكنه وضعه في أول صفوف الجيش في الحروب ليموت ( 1 صم 17:18) ولم تفلح هذه الطريقة لأن داود كان شجاعاً ومنتصراً ، فلجأ إلى طريقة أخرى تبدو في ظاهرها علامة حب ، ولكن كان المقصود بها موت داود ، فعرض عليه أن يصاهره ، على أن يكون المهر هو قتل مائة من الأعداء ، وقبل داود وخرج وقتل مائتين ، ( 1 صم 18 : 25-27 ) ، ثم بدأ شاول يُصرح لمن حوله برغبته في قتل داود : ” وكلم شاول يوناثان ابنه وجميع عبيده أن يقتلوا داود ” ( 1 صم 1:19 ) ، وحاول أن يقتله بنفسه مرات عديدة ولكن داود كان يهرب منه ، ولم يسلمه الرب إلى يده ، ومن هذه المحاولات ما جاء في ( 1 صم 1:24-22 ) .

لماذا رفض داود فكرة قتل شاول؟ ولماذا ضربه قلبه عندما قطع طرف جبته ؟ 

ما هو موقفك من مبدأ الانتقام ؟

لقد أُعطيت لداود الفرصة لكي ينتقم لنفسه من شاول ، لكنه لم يقتله ، إذ لم يرد أن يمد يده إلى مسیح الرب، وإنما ترك الأمر بين يدي الله ، الذي يسمح للأشرار أن يمدوا يدهم بالشر إلى شاول انتقاماً لداود . ما هو موقف الله وفكر الكتاب من مبدأ الانتقام ؟ .. تجده في هذا الشاهد ( رو 19:12).

هل يمكنك أن تغفر؟ لاحظ أن الغفران مشروط بمبدأ مهم جداً… “وإن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم” ( مت 6 : 15 ) .

مبدأ ” هو أبر مني” .. ” أنت أبر مني لأنك جازيتني خيراً وأنا جازيتك شراً” ( 1 صم 17:24 ) .

في تعاملاتك مع الآخرين … إجعل كل أحد يباركك ، يقول في قلبه إن لم يكن بلسانه أيضا … ( هو أبر منی ) .

أحفظوا ألسنتكم وذلك بأن لا تقولوا على إخوتكم شراً، لأن الذي يقول على أخيه شراً يغضب الله الساكن فيه، ما يفعله كل أحد برفيقه فبالله يفعله

القديس مكاريوس الكبير

فاصل

ثانياً: حقك محفوظ ( اصم30: 1)

1 – استيلاء العمالقة على صقلغ : خرج داود ورجاله إلى الحرب ، ولما رجعوا اكتشفوا أن العمالقة قد هجموا على منطقة الجنوب ، بما فيها مدينة صقلغ ، التي كان يعيش فيها داود في ذلك الوقت ، وقاموا أيضا بحرق المدينة ، وأخذوا النساء اللواتي فيها ، والرجال المتبقين والأطفال ولكنهم لم يقتلوا أحداً، بل أخذوهم أسرى وعبيد ، وكان من بينهم إمرأتا داود وبنيه وبناته ، فرفع داود والشعب الذين معه أصواتهم وبكوا ، حتى لم تبق لهم قوة للبكاء ، فتضايق داود جدا لأن الشعب قالوا برجمه ، لأن أنفس جميع الشعب كانت مرة ، لأنهم اعتقدوا أنه هو السبب في كل ما جاء على نساؤهم وبنيهم ، لأنه ترك المدينة بدون حراسة ، ولكن داود في وسط ضيقه شعر أن الرب معه ، فتشدد وقويت نفسه ” وأما داود فتشدد بالرب إلهه ” ( 1 صم 30-6 ).

إذ انقلب عليك الأحباء والأصدقاء فإلتجأ إلى الله المضمون في محبته ، والثابت في أبوته ، فهو لا يتغير فيسندك ..  فتستطيع أن تستعيد الكثيرين من الذين انقلبوا عليك .

2- انتصار داود على العمالقة 1صم 30: 7-20

طلب داود من أبياثار أن يقدم له الأفود ، ليسأل الرب هل يقدر أن يلحق وهل ستكون له النصرة عليهم ؟ 

في أمورك الخاصة التي تحتاج فيها إلى مشورة أو رأي … إلى من تلجأ أولا ( صديق أو أخ كبير – والدك أو والدتك – خادمك – أب اعترافك ).
هل جربت مرة تأخذ مشورة ربنا في أمورك الخاصة؟! . لا تقل كيف سيرد علىَّ بالمشورة … جرب تأخذ مشورته وستعرف كيف يرد عليك الجواب …

ثم أخذ داود الستمائة رجل وجاءوا إلى وادي البسور ، إلا أن مائتي منهم أعيوا فلم يقدروا أن يعبروا النهر ، بل انتظروا مع الأمتعة ، وسارا داود بأربعمائة رجل فقط، وكان عمل الله مع داود عظيماً، لأنه لم يرشده فقط عن طريق أبياثار الكاهن ، بل هيأ له من يرشده إلى مكان العمالقة إذ وجد رجل مصری ملقى في الطريق بين حي ومیت فأعطوه طعاماً وشراباً، وعندما أكل واسترد بعضا من قوته ، سأله داود : من أنت؟ ومن أين أنت ؟
فأجابه الرجل بأنه عبد من مصر ، وصاحبه رجل من عماليق ، فلما مرض ترکه صاحبه بقسوة ليلاقي مصيره بالموت . فسأله داود أن يرشده إلى مكان العمالقة، فوافق بعد أن طلب منه أن يحلف له بالله أن لا يقتله أو يسلمه إلى يد سيده، وأخذه إلى مكان تجمع العمالقة، الذين كانوا يحتفلون بالأكل والشرب بعد انتصارهم، وانتظر داود حتى الليل، وبعد نوم العمالقة ، هاجمهم هو ورجاله وظل يقاتلهم فلم ينجي منهم سوى عدد قليل بجمالهم، واسترد داود كل ما أخذه العمالقة مع غنائم كثيرة، ولم يفقد منهم أحد.

۳- إعطاء الذين تخلفوا نصيبهم في الغنيمة 1صم 30: 24-27

رجع داود لوادي البسور حيث ترك المئتي رجل الذين أعيوا عن الذهاب معهم ، فذهبوا الاستقباله بعد انتصاره، وكانت لفته طيبة من داود أن يسأل عنهم، ويطمئن على صحتهم، ولم يلومهم على عدم الذهاب معه، لأنه قدر ضعفهم الجسدي وعجزهم عن استكمال المسيرة معه، ولكن طمع بعض رجاله دفعهم للمطالبة بحرمانهم من الغنيمة، ويكفي أن يأخذوا زوجاتهم وبنيهم وبناتهم ، أما داود فكانت إجابته حكيمة.
أولاً: تكلم معهم عن عمل الله معهم ، فهو الذي أعطاهم النصرة والعطايا المادية وحفظهم من كل سؤ وا وأرجعهم سالمين .
ثانيا : استنكر عليهم ما قالوه، ووضع نظاماً إتبعته الأجيال من بعده، وهو أن الذي يقوم بحراسة الأمتعة ، يكون له نصيب مساو من الغنائم ، ما جاء في شريعة الله في ( عد 25:31-27 ).

لذلك أي عمل نقوم به مهما كان بسيطاً فهو مقبول لدى الله وله جزاؤه . ” لأنه يوجد جزاء لعملك ” (إر۱۹:۳۱).

– داود النبي لم تشغله النصرة عن السؤال عن أخوته الضعفاء، فكان يهتم بالكل … ليكن لكل شخص مكان ومكانة في قلبك.
– تحدث حتى مع القساة الأشرار بالوداعة والرقة مع الحكمة ، ولم يستخدم أسلوب الأمر كقائد ناجح، بل أسلوب الحب كأخ … قائلا : “لا تفعلوا شراً يا إخوتي ” وبهذا أظهر محبة لجميع رجاله حتى القساوة منهم ..
– نسب النجاح لله الذي قدم لهم هبة مجانية ، لهذا لأمهم أن يقدموا لأخوته أيضا من ذات الهبة التي لا فضل لهم فيها.
– ما هو تقديرك لشخص يقوم بدور بسيط فی مسرحية ، أو في عمل تقوم أنت بجزء كبير فيه ؟ 
– هل يمكنك أن تقوم بدور لا يكون بارزاً أو واضحاً أمام الناس ، فهل ستكون مقتنعا وراضية به؟ …
– تذكر دائماً أنه كنصيب النازل إلى الحرب نصيب الذي تقيم عن الأمتعة …
عليك فقط أن تقوم بدورك مهما كان حجمه بكل أمانة ، ولا تحتقر أو تستصغر دور الآخرين .

فاصل

ثالثاً: متقولش ليه شوف هتعمل ايه؟! ( 2 صم 5:16-14)

لا تقل ليه ربنا سمح بكده … وتظل تبكي على اللبن المسكوب ، ولكن عليك أن تسأل نفسك كيف ستواجه هذا الأمر؟! ، لا تقل ليه فلان لا يحبني ، ولكن فكر كيف ستتعامل مع الأمر …

وصلت الأنباء إلى داود من أحد رجاله ، أن أبشالوم ابنه قد نادي بنفسه ملكاً، وإلتف حوله الكثيرون من الشعب، فهرب داود من وجه ابنه بنفس مرة، وفي أثناء هروبه خرج رجل يدعى شمعی بن جيرا من سبط بنيامين، يسب داود ويقذفه بالحجارة قائلا له: ” اخراج اخرج يا رجل الدماء ورجل بليعال ! ” قد رد الرب عليك كل دماء بيت شاول الذي ملكت عوضاً عنه، وقد دفع الرب المملكة ليد أبشالوم ابنك وها أنت واقع بشرك لأنك رجل دماء!” ( 2 صم 16: 7-8) .

اتهمه شمعي بأنه: رجل دماء وأن الرب انتقم منه بسبب دماء بيت شاول، مع أن داود لم يقاتل بيت شاول ليغتصب منهم الملك، وقابل مطاردة شاول له بالسماحة، ولم يمد يده على شاول قط، ولا على بنيه، بل سعى ليصنع معهم معروفاً ، و رجل بلیعال أي رجل شرير فنسبه إلى بليعال وهو إله وثنی. 
 ماذا كنت تفعل لو كنت مكان داود في هذا الموقف ؟ اسأل نفسك هل تقذف الناس بالحجارة ؟ لقد كان شمعی بن جيرا يسب داود ويقذفه بالحجارة، وكان داود يرى ويسمع ولم يشأ أن يرد، واعتبر هذا من الله، ولكن هل أنت تقذف الناس بالحجارة في عدم وجودهم؟، قد لا تسب بالفم … ولكن يمكن أن تدين وتشيع أخطاء الآخرين؟ وتشوه صورتهم … وتتناقل ضعفاتهم … احذر لأن الكتاب يقول : ” مُشيع المذمة هو جاهل ” ( أم 18:10). 
+ هل تتغير مشاعرك تجاه شخص يذمك وينتقدك ، اسمعك تقول بالتأكيد … إن هذا الشخص يحتاج منك إلى نعمة خاصة للتعامل معه … فعليك أن تطلب من الله في صلاتك، أن يعطيك نعمة خاصة للتعامل معه … وأعلم أن الله قد يسمح بوجود شخص متعب في حياتك ، حتى يعلمك من خلاله دروس لن تتعلمها إلا من خلال وجوده … يعلمك الصبر والاحتمال – الصفح والغفران – طول الأناة – عدم رد الإساءة – المحبة بالرغم من…
وأعلم أن ( حامل الأموات يأخذ الأجرة من الناس، ولكن حامل الأحياء يأخذ الأجرة من الله) ( أحد الأباء)
فكل شخص تحتمله برضى وشكر وقلب مفتوح تأخذ أجرة احتماله من الله.
طلب أبيشای القائد من داود أن يقتل شمعی بن جیرا فرفض داود ، لماذا؟
1- شعر داود أن هذا السب هو بسماح من الله ، لتأديبه على خطيئته مع زوجة أوریا الحثي ، وتقبل كلمات السب كدواء لأعماقه الداخلية وقال : “دعوه يسب لأن الرب قال له : سب داود “( 2 صم 10:16).
2- إن كان ابنه أبشالوم قد ثار ضده واغتصب منه العرش وهو لا يريد الانتقام منه ، فلماذا ينتقم من شمعي الذي سبه دون أن يغتصب منه شيئا؟
 3- حسب داود هذا السب فرصة للتذلل أمام الله ، كطريق لإغتصاب مراحم الله. “لعل الرب ينظر إلى مذلتي ويكافئني الرب خيراً عوض مسبيه بهذا اليوم” ( 2 صم 12:16)
بيَّن داود لأتباعه أنه يرضي بحكم الله عليه ، ويقبل بنفس راضية السب من شمعی ، لعل الله يرحمه وينظر إلى ذله، ويكافئه عن تسليمه الله وصبره و احتماله.

فاصل

رابعاً: الوقوع في يد الرب (۲صم 24)

أمر داود يوآب رئیس جيشه أن يعمل إحصاء للشعب لمعرفة عدد رجال الحرب ، فغضب الرب عليه، لماذا؟ ( رغم أن عد الشعب من أجل تنظيم العمل ليس خطية ). وأرسل الرب له جاد النبي ليخيره بين ثلاث عقوبات وهي :
1- سبع سنی جوع في أرضه.
2- يهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائه.
3- يكون ثلاثة أيام وبأ في الأرض.

فقال داود لجاد النبي: ” قد ضاق بي الأمر جداً. فلنسقط في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا أسقط في يد إنسان ” ( ۲صم 14:24).
فاختار داود أن يقع في يد الرب ، لأنه حتى وإن ضرب أولاده فإنه يضربهم برفق وحنان أبوي، وقد يضرب الإنسان ولكنه يعود فيشفق عليه ويرفع عنه الضربة، بينما الإنسان غليظ القلب يضرب بلا رحمة أو شفقة. وأمر الرب فوقع وباء أهلك من إسرائيل سبعين ألفاً، فصرخ داود إلي الرب قائلاً: “ها أنا أخطأت وأنا أذنبت ، وأما هؤلاء الخراف فماذا فعلوا؟ فلتكن يدك علي وعلى بيت أبي” ( 2 صم 17:24 ) ، وكان ملاك الرب باسط يده على أورشليم ليهلكها ، فقال له الرب : “كفى ! الآن رد يدك” ( 2 صم 16:24 ) . واستجاب الرب لصرخة داود حتى وهو في حالة خطية ، وكان الملاك واقفاً عند بيدر أرونه اليبوسي ، حيث عزم داود أن يقيم مذبحاً للرب ، ويصعد محرقات لتكف الضربة عن الشعب ، وأراد أن يشتري البيدر من أرونه الذي قال له : ” فَقَالَ أَرُونَةُ لِدَاوُدَ: «فَلْيَأْخُذْهُ سَيِّدِي الْمَلِكُ وَيُصْعِدْ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ. اُنْظُرْ. اَلْبَقَرُ لِلْمُحْرَقَةِ، وَالنَّوَارِجُ وَأَدَوَاتُ الْبَقَرِ حَطَبًا». 23اَلْكُلُّ دَفَعَهُ أَرُونَةُ الْمَالِكُ إِلَى الْمَلِكِ. وَقَالَ أَرُونَةُ لِلْمَلِكِ: «الرَّبُّ إِلهُكَ يَرْضَى عَنْكَ». 24فَقَالَ الْمَلِكُ لأَرُونَةَ: «لاَ، بَلْ أَشْتَرِي مِنْكَ بِثَمَنٍ، وَلاَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ إِلهِي مُحْرَقَاتٍ مَجَّانِيَّةً».” ( 2 صم  24: 21-24 ) .
وقد تم التصالح بين داود والله ، لأن إقامة مذبح وتقديم ذبيحة وقبولها من جانب الله ، يعني تحقيق المصالحة …

فاصل

خامسا : داود كنموذج للوفاء 1صم 1:18

“وكان لما فرغ من الكلام مع شاول أن نفس يوناثان تعلقت بنفس داود, وأحبه يوناثان كنفسه ” ( اصم 1:18 ) . كان يوناثان ابن شاول حاضراً الحديث بين شاول الملك أبيه وبين داود بعد قتله لجليات فأحبه کنفسه ، رغم أن يوناثان كان شجاعاً ورجل حرب وولي العهد ، لكنه أحب داود الذي نال كرامة وسط الشعب ورجال البلاط الملكي أكثر من والده، وقد حذره والده منه أنه سیسحب منه كرسي المملكة، لكن حبه وشهامته وصداقته كانت في عينه أعظم من کرسی المملكة ، وعبر عن هذا الحب الداخلي، فأعطاه جبته وثيابه الملكية وقوسه ومنطقته ، بل والأكثر من هذا كان يكشف له كل مؤامرة كان يدبرها أبوه لقتله، لكي ينقذه . وقطع يوناثان وداود عهد محبة وصداقة، وقد حفظ كلاهما العهد ، وظلا على وفائهما مدى الحياة ، وحتى بعد موت يوناثان.
1- هدفها واحد هو محبة الله والغيرة على اسمه ، التي ظهرت في منازله يوناثان للفلسطينيين ومقاتلة داود لجليات.
2- استعدادهما للتضحية كل في سبيل الآخر ، كما ظهر في دفاع يوناثان عن داود أمام أبيه.
3- كانت المحبة بينهما محبة قلبية حقيقية مخلصة، وظلت ثابتة غير متغيرة ، لم تنقصها الأيام أو الظروف ، فيوناثان وُلد ليملك ، أما داود فدعي ليملك ، كان كلاهما بطلين عظيمين ورئيسين في الجيش ، ومع ذلك فكانت نظرة كل منهما للآخر نظرة إعجاب وتقدير ، مع حب صادق حتى الموت. حتى أصبحت محبة يوناثان وداود مضرب المثل في جميع الأجيال .

الصداقة لا يمكن أن تكون قوية ما لم تأتلف بصديقك وتلتصق به بتلك المحبة التي يسكبها الروح القدس المعطى لنا.

القديس أغسطينوس

 تجلى وفاء داود لهذه الصداقة عندما :
1- حزن عليه عند موته ورثاه مع شاول أبيه، ومزق ثيابه وصام إلى المساء ( 2صم11:1 ۔ 19) ، وقال : ” قد تضايقت عليك يا أخي يوناثان . كنت حلوا لي جداً. محبك لى أعجب من محبة النساء “( 2صم26:1). أحبه مع أن في محبته له إغضابا لأبيه ، ومع علمه أنه سيكون الملك عوضاً عنه، فلم يقاومه أو يقتله لكي يتخلص منه، بل بالعكس كان منتهى أمله أن يرى داود متربع على عرش الملك، ويكون هو من رجاله المقربين (يكون ثانياً له).
2- كان داود وفياً أيضا لشاول رغم كل ما صدر منه ، وقال فيهما مرثاه ” كيف سقط الجبابرة .. شاول ويوناثان المحبوبان والحلوان في حياتهما لم يفترقا في موتهما، أخف من النور وأشد من الأسود . رغم أنه من العادات القديمة أن يقتل الملك الجديد كل نسل الملك السابق لئلا يقاوموه، ويطلبوا الملك لأنفسهم .. أما داود النبي فأدرك أنه لم يستلم الملك من يد إنسان بل من الله.
3- بعد موت شاول ويوناثان ، لم ينس داود عهده مع يوناثان ، فبدأ يسأل إن كان قد بقی أحد في بيت شاول ليصنع معه أحسانا ، من أجل يوناثان وسمع عن مفيبوشث بن يوناثان الأعرج الرجلين ، فاستدعاه ليرد له حقول جده شاول، ويقيمه ضيفاً دائما يأكل معه على مائدته كأحد أفراد أسرته ( 2صم 1:9-13) . …

+ الوفاء صفة نبيلة : کن وفياً لوالديك … کن وفياً لأصدقائك . كن وفياً لكل من يحسن أو يسيئ إليك … وقبل كل شئ كن وفياً لإلهك … 

من وجهة نظرك بعد رحلة سريعة في بعض مواقف من حياة داود النبي .. ما هو السبب الرئيسي الذي جعل الله يقول عن داود أن قلبه حسب قلب الله . “وجدت داود بن يسی رجلاً حسب قلبي الذي سيصنع كل مشيئتی ” (أع 22:13).

فاصل

من المسابقة الدراسية – مرحلة ثانوي –  مهرجان الكرازة 2011

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى