حبة الحنطة

 

إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا” (يو 12 :24)

النفس موضوعة بين الجسد والروح ، وهي إما تتحد مع الجسد وتتعاطف معه ضد الروح ؛ وإما تتحد مع الروح ضد الجسد . وهكذا تكون النفس إما جسدانية وإما روحانية . والكتاب يقول : “ لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. ” (غل 5 :17) .

النفس هي القاعدة التي تصدر عنها العواطف والتي تحوي الحياة الجسدية. والروح هي القاعدة التي تستقبل التأثيرات الروحية وتُعبر عنها، والتي تتصل بالله وتحبه . نحن مُطالبون أن نجعل النفس تنحاز للروح حتى يكون لها حياة أبدية ؛ وإلا فإنها تهلك إذا انحازت للجسد، أي تُحرم من الحياة الأبدية.

الجسد من التراب وإلى التراب يعود ويموت ، لذلك يقول الكتاب إن : “اهتمام الجسد هو موت” ،”إن عشتم حسب الجسد فستموتون » ، “الذي يزرع لجسده ، فمن الجسد يزرع فساداً” .الذي يلتصق بالفاني يفنى ، والذي يجمع حوله الفانيات ، سيفنى معها.

المسيح يقف إزاء النفس الجسدانية وقفة حازمة أشد الحزم : “من يحب نفسه يُهلكها ، ومن أبغض نفسه في هذا العالم يحفظها إلى حياة أبدية”. حيث يُصور أن ” النفس ” عدو حقيقي ، يقف ضد خلاص الإنسان وعبوره إلى الحياة الأبدية . لقد أمرنا المسيح بمحبة أعدائنا ، ولكنه أمرنا ببغضة النفس ، لأنه يعلم أن بغضة الإنسان لذاته هي المدخل الوحيد لأعماق الروح .

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى