حي هو الرب
“حي هو الرب الذي أنا واقف أمامه” (2 مل 5: 16)
نحن نحتاج إلى التدرب على محادثة المسيح من القلب ولو أثناء العمل أو الكتابة أو القراءة . فالإحساس بوجود المسيح لا يلزم أبدا أن يكون في الهدوء أو أثناء الصلاة فقط ، لأن المسيح له حضرة بهية تسيطر على الجو كله كالنور أو الرائحة العطرية التي يمكن أن يحيا فيها الإنسان وهو مشغول أو حتى وهو نائم.
وحضرة الرب حقاً وفعلاً مضيئة ، فهو الشاكيناه التي كان يدخل فيها رئيس الكهنة ليتوسل عن الشعب . فهي حضرة مضيئة بنور سماوي ليس من أي نوع نعرفه . وهو غير منظور ولا محسوس للعين ، ولكن محسوس جداً للنفس.
كان رئيس الكهنة يدخل إليه مرة واحدة في السنة ؛ لكن الآن قد صار لنا وجود معه بصورة دائمة . وليس هذا فحسب ، بل صار هو الذي يشملنا بحضرته وبنوره الذي يسيطر على كياننا فيملأنا عزاء ونعيماً وسروراً، فقط يلزم أن نكون على مستوى حضرته ونور مجده ، ولا يكون هذا إلا بالوجود في حالة حب شديد خالص من القلب والفكر والنفس . فالحب هو ذبيحة العهد الجديد التي نتقدم بها إلى الله وندخل إليه ونتراءى أمامه ؛ فيستعلن لنا مجده أي حضرته المضيئة التي نعيش فيها لحظات من عمرنا الأبدي ، فننسى أنفسنا وهمومنا ، بل وينسحب من قلبنا ومن فكرنا الإحساس بالزمن والعالم.
فأن نكون مع المسيح أو يكون المسيح معنا ، فهذا هو كل العهد الجديد ، « عمانوئيل » ، الذي في حضرته وبدون جهد ما تصير شريعته في داخلنا مكتوبة على ظهر قلبنا .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين