كونوا متسامحين كما سامحكم الله أيضا في المسيح

 

“كونوا … متسامحين كما سامحكم الله أيضا في المسيح” (أف4 : 32)

التسامح الذي أجراه الله للبشرية بالعفو عن ديونها وفك ربطها وإحيائها من الموت ، هو في الحقيقة أمر يفوق تصورنا ، من جهة ما صنعه الله في نفسه وفي ابنه . فالآب تحمل البذل لابنه المحبوب الوحيد ، والابن تحمل الذبح على الصليب.

لذلك يتحتم أن يصيرتسامح الله لنا هو مصدر لتسامحنا لبعضنا تلقائياً، لا كصفة بل كجزء حي من طبيعتنا الجديدة في إنساننا الجديد . في الحقيقة إن طبيعة هذا الإنسان الجديد مخلوقة ومصنوعة بعنصر تسامح الله له المجد! فنحن ينبغي أن نُدعى أولاد تسامح الله ، أو خليقة تسامح الله . ولا ننسى أن الملائكة الذين أخطأوا لم يشفق عليهم الله أو يسامحهم ؛ ولكن نحن أخطأنا وتعدينا ولكنه سامحنا .

فلو انتبه الإنسان المسيحي وعرف كيف فداه الله بالمسيح وخلصه وسامحه ، لتمادي في التسامح جداً حتى يصل إلى بذخ النعمة في التعامل فهو لا يعود يسامح فقط ؛ بل يتودد ويعطي غير عابئ بخسارة ، لأن الله فعل هذا معه ، فكيف لا يفعله هو مع أخيه ؟ وإن فعله مع أخيه فهو ليس من عنده بل من عند الله يأخذ ويعطي ، وهو لا يفعله في الحقيقة مع الناس بل مع نفسه ليرد دیون نعمة الله عليه : “إن كان على أحد شكوى كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضا” ( كو ۱۳:۳ ) .

أما الذي لا يسامح فقد حكم على نفسه أن يسحب الله منه تسامحه ، فهذا ما صنعه السيد عندما رفض عبده الذي سبق أن سامحه بالدين أن يسامح هو بدوره دین زميله العبد الأخر . ويا للويل عندئذ!

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى