عائلة هيرودس الكبير

٣٧ق.م -٦٦ ب.م

لكي نستطيع أن نتتبع ظروف الحكم في اليهودية وما حواليهـا في فترة ظهور السيد المسيح والمسيحية، يلزمنا أن نتعرف بصفة إجمالية وسريعة علـى عائلة هيرودس وتسلسل أبنائه وأنسابهمم :

الرأس: رأس العائلة الأول هو أنتيباس جد هـيرودس الكـبير، الذي كان والياً على أدومية بواسطة اسكندر حناؤس.

الجيل الأول : كان لأنتيباس ولدان، أنتيباتر والد هيرودس الكبير ويوسف عم هيرودس الذي حاكمه هيرودس الكبير لخيانته في الأمانة السياسية والزوجية.
وقد حكم أنتيباتر أدومية بعد أبيه وتزوج كيبروس وهي مـن عائلة عربية شريفة من النباطيين ذات أصل عرقي يهودي، وإنما كانت محسوبة أدومية من بيت الملوك. وقد خلَّف منها أنتيباتر أربعة أبناء ذكور وابنة واحدة، وهم كالآتي : فازائيل، هيرودس الكـبير، يوسـف، فـيروراس وسالومة (التي تزوجت عمها يوسف).

الجيل الثاني : وتزوج هيرودس الكبير عشر زوجات، منهن ثمان فقط خلَّفن له أولاداً وهن: دوريس، مريمن الأُولى، مريمن الثانية، مالثاك، كليوباترا، بالاس، فيدرا، هلبيس. وكانت خلفتهن كالآتي :
١ – من دوريس وكانت أدومية من عائلة هيرودس نفسه، خلَّف أنتيبـاتر ابنه البكر وقد أُعدم سنة ٤ق.م
٢ – من مريمن الأُولى وكانت يهودية مكابية (حشمونية) بنت ألكـسندرا الابنة الوحيدة لهركانوس الثاني، وخلَّف منها اسكندر وأرسطوبولس، وقد أُعدما سنة ٧ ق.م، وابنتين سالامبسيو وكيبروس .
٣ – من مريمن الثانية ابنة سمعان رئيس الكهنة خلَّف منـها ابنـاً واحـداً هيرودس وكان لقبه فيلبس.
٤ – من مالثاك وكانت سامرية خلَّف منها أرشيلاوس وأنتيباس، وابنـة واحدة أولمبياس
٥ – كليوباترا من أُورشليم وخلَّف منها هيرودس الآخر وفيلبس.
٦ – من بالاس خلَّف فازائيل .
٧ – من فيدرا خلَّف روكسانا .
٨ – من هلبيس خلَّف سالومة.

فاصل

الجيل الثالث: وسنذكر منهم الذين لعبوا أدواراً هامة في تاريخ اليهودية :
أولاد أرسطوبولس: الذي كان قد أُعدم بتهمة خيانته لأبيه هـيرودس وكان ابناً لمريمن المكابية . أرسطوبولس هذا تزوج برنيكي ابنـة سـالومة (أخت هيرودس الكبير ) أي تزوج ابنة عمتـه . وأهـم أولادهمـا هـم : هيرودس خالكيس، أغريباس الأول (المذكور في أع ١:١٢ ،) وهيروديـا المعروفة (التي تسببت في قتل يوحنا المعمدان ).
وهيروديا تزوجت أولاً هيرودس الملقَّب فيلبس عمها (ابن مريمن الثانيـة ) وخلَّفا سالومة التي تزوجت فيلبس (ابن هيرودس وكليوباترا ). ولكـي نتتبـع نسب أرسطوبولس وتسلسله : أغريباس الأول تزوج كيبروس الـتي جـدها فازائيل أخ هيرودس الكبير وخلَّفا أربعة أولاد : أغريباس الثـاني وبرنيكـي (المذكورين في أع ٢٣:٢٥) ومريمن ودوروسلاّ (المذكورة في أع ٢٤:٢٤ ).

وبعد ذلك تتعقد الأسرة جداً وتتكرر الأسماء مما صعَّب علـى المـؤرَّخين حصر التسلسل، وسنكتفي بذكر سلسلة نسب كل رئيس في مكانه .

فاصل

١ – أرشيلاؤس والي على اليهودية والسامرة وأدومية ٤ق.م-٦م :
أوصى هيرودس قبل وفاته أن يخلفه ابنه أرشيلاؤس الذي من مالثاك الزوجة السامرية وذلك في حكم اليهودية على أن يكون لقبه رئيس ربع. كما أوصى أن يُعطى أنتيباس، أخو أرشيلاؤس من نفس الزوجة الحكـم على الجليل وبيريه وأورانتيس وبانياس، على أن يكون لقبه أيضاً رئيس ربع . كما أوصى أن تُمنح أخته سالومة (زوجة يوسف عمها ) الحكم على المدن الآتية: يمنيا وأشدود وفازائيلس، وذلك بعد موافقـة وتـصريح قيـصر.

٢ – فيلبس رئيس ربع على باتانيا وتراخونيتس وأورانتيس مناطق الشمال ٤ق.م -٣٤م:
وهو غير هيرودس فيلبُّس الذي كان قد تزوج هيروديا أولاً.

حكم هذه المناطق مدة ٣٧ سنة، ولكن حكمه لم يكن له أي صدى خارج البلاد إلاَّ أنه كان صديقاً لروما مخلصاً وأميناً في حمل المسئولية في إدارة شئون حكمه، وقد بنى مدينة بانياس على منابع الأُردن وأطلق عليها قيصرية، ورفع من شأن مدينة بيت صيدا بالعمائر والإصلاحات حتى صارت مدينة كبرى.

٣- هيرودس أنتيباس رئيس ربع على الجليل  وبيريه ومناطق شرق الأُردن ٤ق.م -٣٩م:
أكفأ الحكَّام الثلاثة الذين خلفوا هيرودس وأكثرهم ذكاءً ومكراً. لم يذكرالتاريخ عن حكمه كثيراً إلاَّ أنه بنى مدينة طبرية لتكون عاصمة الجليل وذلك سنة ٢٦م. وهو قاتل يوحنا المعمـدان وهو هيرودس الذي استجوب المسيح حسب طلب بيلاطس، وأهان المسيح وأمر بجلده .

اليهودية تحت إدارة الولاة الرومان مباشرة ٦-٤١م

بنفي أرشيلاؤس سنة ٦م  تحررت اليهودية من الحكم الملكي المحلي ودخلت تحت الحكم المباشـر لروما. ومع أنها كانت تتبع الإدارة المركزية في سوريا، إلاَّ أن ولاتها الرومـان كان لهم شيء كثير من الاستقلال في الحكم وتصريف الأمور.
كان أول والي روماني يحكم اليهودية مباشرة كوبونيوس ٦-٩م، وقد قام في بداية حكمه بمـساعدة كيرينيـوس في عمليـة الإحصاء العام لحصر الضريبة. وخلفه في حكم اليهودية ماركوس أمبيبولس واسـتمر في الحكـم مـن سـنة ٩-١٢ ١٩، ومن بعده أيضاً تولَّى أنيوس روفوس من سنة ١٢-١٥م، وهذان لم يكن لهما ذكر في تاريخ اليهود. ثم القائد فاليريوس جراتس سـنة ١٥-٢٦م ليحكم اليهودية. وتعيَّن بعده بيلاطس البنطي (بونتيوس بيلاطس). وبعده مارسيللوس سنة ٣٦م ولم يبق في الحكم إلاَّ مدة قصيرة، وفي السنة التالية عيَّن الإمبراطور كاليجولا حاكماً آخـر عوضاً عنه هو ماروللوس الذي صار والياً على اليهوديـة إلى أن تحـول الحكم فيها من ولاية رومانية إلى مملكة تابعة للحكم الروماني، وذلك بتـولِّي الملك أغريباس الأول عليها من سنة ٤١م إلى سنة ٤٤م ومن بعـده عـادت اليهودية مرة أخرى تحت حكم الولاة الرومان

٤ – أغريباس الأول ويُدعى “هيرودس الملك (٣٧-٤٤م):

هيرودس أغريباس الأول هو ابن أرسطوبولس ابن هيرودس الكبير، وأُمـه هي برنيكي بنت سالومة أخت هيرودس الكبير، وقد تزوج بكيبرس بنت عمه فزائيل ابن فزائيل أخي هيرودس الكبير.
أغريباس يخلف فيلبس كرئيس ربع على المناطق الشمالية باتانيا وتراخونيتس
وأورانتيس ٣٧م. وتضاف إليه فيما بعد الأراضي التي كان يحكمها هيرودس أنتيباس في الجليل وبيريه ومناطق شرق الأُردن ٤٠م.
 بدأ في اضطهاد المسيحيين الأوائل الـذين كانت خدمتهم متركزة في اليهودية نفسها، كما يقرر سفر الأعمال الأصحاح الثاني عشر :

+ «وفي ذلك الوقت مد هيرودس الملك (أغريباس الأول) يديه ليسيئ إلى أناس في الكنيسة فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف، وإذ رأى أن ذلـك يرضي اليهود عاد فقبض على بطرس أيضاً، وكانت أيام الفطير، ولمَّـا أمسكه وضعه في السجن مسلِّماً إياه إلى أربعة أرابـع مـن العـسكر ليحرسوه ناوياً أن يقدمه بعد الفصح إلى الشعب.» (أع١٢: ١-٤).
وقد حكم هيرودس أغريباس مدة قليلة لأنه مات سـنة ٤٤م،  وكانت نهاية الملك هيرودس أغريبـاس الأول، كمـا يـصفها المـؤرخ يوسيفوس، طبق الأصل لمَّا جاء في وصف سفر الأعمال (٢٣ ٢١- :١٢ ).

يقول يوسيفوس :
[إنه في نهاية ثلاث سنين من حكمه على اليهودية أقام أغريباس حفـلاً عظيماً في قيصرية تكريماً لكلوديوس قيصر…وفي اليوم الثاني من العيد لـبس أغريباس حلته الملوكية التي من الفضة الخالصة والمرصعة بكافة الزينات الرائعة …..فأصاب الناس شيءٌ من الإعجاب مع الخوف والهلع، وهتفوا له “هذا إله ” …. ولكن الملك لم يبد أي اعتراض أو ندم على هذه الكلمات التي تحمـل معنى التملُّق والكفر. وفي الحال أحس بألم شديد في إمعائه، والتفت إلى أصحابه قائلاً: «أنتم تقولون إني إله وإني لا أموت، وهـا أنـا الآن أموت مغضوباً عليَّ من العناية الإلهية بسبب كلمات الكذب والنفـاق التي وصفتموني بها،…… بعد خمسة أيام مات.]

وقد عاش هيرودس أغريباس ٥٤ سنة، ومات سنة ٤٤ م بعـد أن حكـم على البلاد سبع سنين، أربع سنين تحت حكم غايس كاليجولا، وثلاث سنين تحت حكم كلوديوس قيصر.

وقد ترك ابناً واحداً دعاه أغريباس أيضاً وبنتين، الأُولى برنيكي التي وُلدت سنة ٢٨م والمذكورة في (أع ١٢:٢٥)، ودروسلا المولودة سـنة ٣٨م وهـي الزوجة الثالثة للوالي فيلكس المذكور في (أع ٢٤:٢٤)

٥ – أغريباس الثاني (٤٨-٩٣م) على المناطق الشمالية:
لمَّا مات أغريباس الأول (سنة ٤٤م ) كان ابنه الوحيد أغريباس الثاني مـا يزال حدثاً ابن سبع عشرة سنة فقط . وكان في روما يـتعلَّم تحـت رعايـة الإمبراطور كلوديوس قيصر الذي أراد تعيينه ملكاً على اليهود عوض أبيه، ولكن حسب مشورة الحكماء عيَّن والياً رومانياً مؤقتاً وبقي أغريباس الثاني في روما حتى سنة ٤٨م، وحينئذ أرسلوه ليتولَّى الحكم على ولاية “خالقي” التي هي لبنان، وكانت تحت حكم هيرودس المـدعو “خـالقي ” أحـد أبنـاء أرسطوبولس أي عم أغريباس الثاني، وكانت ولاية غير مرموقة ! … وأخـيراً في سنة ٥٠م عيَّنوه حاكماً على رئاسة ربع فيلبُّس وهي المنـاطق الـشمالية وأضافوا إليه بتانيا وتراخونيتس وأبيليه الـتي كانـت ضـمن رئاسـة ربـع ليسانيوس. هذا في أيام الإمبراطور كلوديوس، ولكـن في أيـام حكـم الإمبراطور نيرون أضافوا إليه أجزاء أخرى من الجليل وبيريه وأربع عشرة قرية أخرى.

والمعروف عن أغريباس الثاني أنه كان ذا أخلاق منحلة، فقد كانـت لـه علاقة غير شريفة بامرأة عمه هيرودس خالقي التي كانت في نفس الوقت أخته (برنيكي) والتي كان يعيش معها كزوجة، ولكن سفر الأعمال في الأصحاحين
( ٢٥ و٢٦ ) لم يشأ أبداً أن يذكر أنها كانت زوجة له لعلم الكاتب بأنها كانت علاقة آثمة.

ويذكر سفر الأعمال أن أغريباس وبرنيكي انحدرا مـن قيـصرية فيلـبُّس (عاصمة مقاطعته التي كان يترأَّس عليها ) إلى قيصرية التي على الساحل مركـز إقامة الحاكم الروماني فستوس ليسلما عليه، إذ كان استلم حديثاً رئاسته على اليهودية (أع ١٣:٢٥،٢٧:٢٤)، وكان بولس الرسول في ذلك الوقت مقيداً ومسجوناً في قيصرية ومقاماً عليه دعاوي وشكاوي من اليهود.

عودة اليهودية تحت حكم الولاة الرومان (٤٤-٦٦م)
بعد موت هيرودس أغريباس الأول سنة ٤٤ عادت اليهودية مرة أخـرى تحت الولاية المباشرة للحكم ا لروماني. وبقيت هكذا حتى قيام الحرب اليهودية الكبرى (٦٦-٧٠م ). وقد توالى في هذه الفترة سبعة ولاة :
١ – كاسبيوس فادوس (٤٤- م٤٦ ): وهو أول حاكم روماني تعيَّن على اليهودية بعد وفاة هيرودس أغريباس الأول وذلك في سنة ٤٤م، واجه جماعة اللصوص والمتشرد ين من اليهود الذين استشروا في الـبلاد متذرعين في أعمالهم التخريبية بدوافع الحقد الديني والتعصبي ضـد الرومـان والأمميين عامة.

٢ – طيباريوس اسكندر (٤٦-٤٨م ): حلَّ بدلاً من كاسبيوس فادوس على اليهودية، وهـو يهـودي اسكندري موالي لروما وابن اسكندر ألابارك أخي فيلو الفيلسوف اليهودي الإسكندري المشهور. وفي أثناء حكم هذا الوالي حدثت المجاعة الكبيرة المشهورة والمذكور عنـها في سفر الأعمال( أع١١: ٢٧و٢٨ ).

٣ – كومانوس (٤٨- ٥٢م ): وبعد طيباريوس اسكندر حكم اليهوديـة الوالي الروماني كومانوس سنة ٤٨م، الذي عانى من حدة البغـضة والتحفُّـز واحتكاك اليهود به، الذي انتهى بثورة مصطنعة قام بها اليهود في أثنـاء عيـد الفصح احتجاجاً على أعمال بعض الجند

٤ – فيلكس الوالي (٥٢-٦٠م):  زوجته دورسلاَّ، التي كانت زوجة للملك عزيزوس ملك حمص وهجرته لتتزوج به فصارت زوجته الثالثة، وهي يهودية وأخت أغريباس الثاني، لذلك فهي بحكم الناموس زانية، وكذلك فيلكس الذي لمَّا سمع وعظ ق. بولس ارتعب: «ثم بعد أيام جـاء  فيلكس مع دورسلاَّ امرأته وهي يهودية فاستحضر بولس وسمع منه عـن الإيمـان بالمسيح، وبينما كان يتكلَّم عن البر والتعفُّف والدينونة العتيدة أن تكون، ارتعـب فيلكس.» (أع :٢٤ ٢٤و٢٥). وقد تميزت فترة حكم فيلكس بكثرة الاضطرابات وذلـك بـسبب قيـام جماعات كثيرة يهودية مشاغبة للسلب والنهب واللصوصية حـسب روايـة يوسيفوس.

٥ – فستوس (٦٠-٦٢): هو بوركيوس فستوس، وقد واجـه نفـس الصعوبات التي خلَّفها له فيلكس من اضطراب في الأمن إلى انزعاج عـام في الشعور الديني إلى حساسية مرهفة ضد أي تصرف من جهة الحكم الرومـاني. كما قام في زمانه مسيح دجَّال كبير، وقد قاد جماعة الغيـورين الـسيكاريين وأحدث حركة شديدة في البلاد ضد الحكم الر وماني، ولكـن فـستوس تصدَّى لها ومزَّق شملها بقوة ونجاح كبير.

٦ – ألبينوس (٦٢-٦٤ م): كل ما كان يهمه وكل ما يعرفه أن يحـصل على المال بكل وسيلة حتى ولو ضد القانون، لذلك تقوَّت في أيامه الجماعات التي تستخدم هذه الوسائل ، وفي مدة حكمه التي لم تزد عن سنتين إزدادت حالة البلاد اضطراباً وفوضى، وأسرعت إلى حافة مصيرها المحتوم. 

٧ – جسيوس فلوروس (٦٤- ٦٦م): آخر حكام اليهوديـة، أرسـله نيرون، وقد عيَّنته بوبيا التي كانت صديقة لزوجـة فلـوروس، وفي ايامه اندلعت الشرارة الأُولى للحرب اليهودية.

فاصل

المراجع:

  1. تاريخ بني إسرائيل – الأب متى المسكين

فاصل

يوليوس قيصر اليهودية تحت الحكم الروماني الحرب اليهودية وسقوط أورشليم وخراب الهيكل 
تاريخ العهد القديم

 

زر الذهاب إلى الأعلى