الأيقونة القبطية

‏ تعريف الأيقونة

الأيقونة كلمة يونانية بمعنی ماثل أو شابه ، وهي تعنى صورة أو مثال لشخص أو حدث. وفي الاصطلاح الكنسي صورة يمثل فيها شخص السيد المسيح أو السيدة العذراء أو أحد القديسين أو الشهداء أو قصة من قصص الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ، مرسومة إما على الخشب بمواصفات خاصة وإما على الحوائط أو على القماش بألوان معينة، وخامات خاصة، وبالأخص الأيقونة القبطية.

كما أن الأيقونة تسمى بالفن الليتورجي ، من خلالها يتذوق المؤمن روح الصلاة ، فلا تنحصر مشاعره في الأحاسيس الجسدية والمادية ، بل ترتفع فوق هذا العالم إلى الحياة العتيدة محولاً ما هو جسداني إلى روحی.

لا تعبر الأيقونة عن تاريخ معين بل تدخل في السر الذي وراء التاريخ ، لذلك يمكن جمع أكثر من حدث في تواریخ مختلفة في أيقونة واحدة مثلاً: ( الميلاد – زيارة المجوس – زيارة الرعاة ) مثل أيقونة الميلاد التي يظهر فيها ثلاثة أحداث.

تعتبر الأيقونة في وجدان الشعب وبالأخص القبطي ناقلة للنعمة ، حاملة للقوى الإلهية ، منبعاً لحوادث عجائبية وروحية ، يتعامل معها الإنسان بتقوى عظيمة كمن تمثله الأيقونة . والروح القدس يتدخل في رسم الأيقونة الكنسية ، لذلك فهو لا ينطق في الأنبياء فقط بل هو يوحي للفنان برسم الأيقونة أي أنه هو الأيقونوغرافي الأعظم والأسمى ، ويعجبني أن يقرأ الفنان سيرة الشخصية الكتابية أو التاريخية من الإنجيل أو السنكسار قبل البدء في رسم الأيقونة ليعيش مع الشخصية ويتعايش مع الحدث.

فاصل

أهمية الأيقونة

الأيقونة في الكنيسة هي إعلان أن صاحبها أكمل التشبه بالله من خلال تكمله في الإيمان وانفتاحه على النعمة الإلهية.

الأيقونة هي صلاة عبر ذاتها ، إطلالة على الدهر الآتي وهي استنشاق لعبق المجد في انتظار مجيء الرب يسوع الثانی.

إن احتياجنا الإنساني لما هو مرئي لم تغفله الكنيسة ، من خلال المادة المعمدة والممسوحة بروح الله تشبع بها الكنيسة حواس المصلين .

– الأيقونات هي نوافذ ترى من خلالها عالماً آخر غير الذي ألفته حواس الجسد.

فحاجة الحواس دائما إلى شئ جستی ملموس ينطبع عليها فتنقله إلى داخل القلب .

فاصل

الأيقونة والجمال الإلهي

قال أحد النساك : “يكفيني النظر إلى وجهك يا ابانا ” يقصد ( الأنبا أنطونيوس ) وهنا تأكيد على أن وجه الأنبا أنطونيوس ” رسم عليه جمال وجه السيد المسيح بوضوح فصار أيقونة حية مُجملة بالروح القدس.

والجمال ينعكس في القديسين لأن كل قديس هو أيقونة بهاء مجد الرب الحال فيه . وفيها يرسم القديس في وضع التجلي لكينونته في الأبدية . إذا هي رصد للحظة الاستنارة حياة القديس لتعبر عن حالته في الأبدية ، فالأيقونة هي قطعة مشفرة من الأبدية نقتطفها بإدراكنا النسبي وقدرتنا المحدودة ، لنجسد بها مشهداً سماوياً أو شخصاً نورانياً أو ملاكاً بهیاً .

ملحوظة : الأيقونة ليست عبادة للمادة , ولكنها تعبد بالمادة الله . فالمسيحية تقدس المادة. 

فاصل

الأيقونة صلاة

الأيقونة شاهدة على قلوب البشر ( نبکی – ونصلی – ونتضرع ) ، وشاهدة على صرخات البشر من قسوة العالم . فالأيقونة تحول أنظارنا من الأيقونة الزائفة “المادة” إلى الحقيقية بالروح ، وهی نداء المسيحي ليدخل مدار الصلاة ، أيضا تبث لهب القداسة في القلوب التي صارت جمرتها رطبة.

فاصل

كيف تقرأ الأيقونة ؟

يُرسم القديس بطل الأيقونة بحجم كبير ، بينما يتضاءل بجانبه أي شيء آخر ، فتبدو الأبنية والأشخاص الأشرار خصوصاً ومن قاموا بإضطهاده بأحجام صغيرة ، وكان الفنان القبطي يرید جذب أنظارنا نحو القديس بطل أيقونته ، ويقول لنا أن كل آلالام التي مر بها وكل من قام بتعذيبه كلهم ذهبوا ولم يذكر عنهم التاريخ شئ ، وكل مباهج الدنيا وما ضحی به ذلك القديس كان بالفعل نفاية لكي يربح المسيح ..

كما أن الشخصيات لا ترسم في حجرات مغلقة لأن مسكنها في الأبدية والأبدية لا حدود لها .

-يُرسم الأشخاص بملابس محتشمة بدون محاولة إبراز أي مفاتن أو تفاصيل للجسد ، لأن هؤلاء كانوا يعيشون حياة البر والتعفف ، ولأن الغرض من الأيقونة ليس لإظهار الجمال الجسدی لهؤلاء القديسين بل الجمال الروحي ، فتتمثل به.

– يُرسم الأشخاص القديسين في الأيقونة بكلتا العينين دليل على البصيرة الروحية التي تمتع بها هؤلاء ، أما الأشرار فيرسمون من الجانب فقط ولا يظهر منهم سوى عين واحدة ، دليل على نقص البصيرة الروحية عندهم وتفضيلهم للأمور المادية عن الأبدية ( مثل يهوذا ) .

– يُرسم الأشخاص القديسين وقد ظهرت هالة من النور على رأسهم ، وهذا مأخوذ من الفن الروماني حيث كان يُرسم الإمبراطور وحول رأسه هذه الهالة لتفرقته عن بقية الأشخاص في اللوحة.

– يرسم في أيقونات القديسين بعض الأحداث التي جرت لهم أو العذابات ، وقد يرسم القديس ممسك بشيء للدلالة على شخصيته ، مثل القديسة دميانة ترسم حولها 40 عذراء ، والأنبا رويس يرسم معه جمل ، والقديس مارمينا معه جملين ، والقديس مارمرقس معه أسد وهكذا … بحيث تدل الأيقونة على صاحبها ، وقد تحكي بعض الأحداث التي مر بها .

– يرسم الأشخاص القديسون بعينين واسعتين دليل البصيرة الروحية وأنف دقيقة وفم دقیق دليل على أن هؤلاء عاشوا زاهدين في الحياة ، ولم يكن إلههم بطونهم ، كما ترتسم على الشفاة إبتسامة رقيقة بدون ظهور أسنان القديس علامة على أن فرح ذلك القديس كان فرح روحي وليس من العالم ۔

أمثلة لأيقونات

أيقونة السيدة العذراء وهي تحمل الطفل يسوع المسيح تحمل السيدة العذراء الطفل يسوع على يدها وممسكا بإحدى يديه برسالة إما مطوية أو مفتوحة ، وأحيانا يحمل عليها ما يشبه الكرة وباليد الأخرى يشير لنا بأصبعه بطريقة خاصة .. وينتعل في قدميه بصندل أحد فردتيه مفكوكا ومعلق بقدمه كاد أن يسقط والأخر مربوطا بقدمه الأخرى ، ونجد في أعلى الأيقونة على اليمين واليسار ملاكين .

هذه هي أيقونة التجسد سوف نوضح الصورة بدقة :
العذراء مريم وهي تحمل الطفل يسوع نجدها لا تلتفت إليه ، وإنما تنظر إلى بعيد إلى مستقبل الأيام وإلى العذابات التي سيراها ابنها الوحيد ، الذي سيقدم نفسه فديه عن كثيرين . لذلك يرتسم على وجهها صورة الآم ابنها المستقبلية ، وحزنها يبدو واضحا على وجهها ، لأن هذا الابن سيُصلب من أجل خلاص البشر ، ولكنهم غافلون عن أمر وأهمية هذا الخلاص .
ملابس العذراء : نجد العذراء دائما تلبس :
? اللون الأزرق أو السماوي : لأنها السماء الثانية الذي حل في بطنها الرب يسوع المتجسد فأصبحت سماء لهذا الابن – ويشير اللون الأزرق إلى الحق السماوي . 
? اللون الأحمر القرمزی : فهو لون معروف بأنه اللون الملكي لا يلبسه إلا الملوك والأباطرة ، والعذراء بالطبع تلقبها الكنيسة بأنها الملكة ، وأم الملك ، فهي لذلك ترتدي اللون الأحمر القرمزی
? اللون الأبيض : فهو رمز الطهارة ، ودائما نجد أنها تلبس طرحة بيضاء على رأسها فهى العذراء الطاهرة النقية التي بلا دنس ولا غش .
? النجوم : نجد على العذراء مريم إما نجمتين أو ثلاث نجوم ، واحدة على الكتف الأيمن – والثانية على الرأس فوق الجبهة بقليل – والثالثة على الكتف الأيسر ، ولكن لا توضع حين تكون حاملة السيد المسيح ويضيفون في بعض الأيقونات أحيانا عدد النجوم الصغيرة جدا على الثوب الأزرق لأنها سماء ثانية ، المزينة بالنجوم أي كمال الطهارة .
الطفل يسوع:
? اللون الأصفر : يرمز إلى النقاوه أي بلا خطية كالذهب المصفي ليس به شوائب ، وهو قد شابهنا في كل شئ ما خلا الخطية وحدها ، وأيضا هو لون النصرة والقيامة .
? اللون الأحمر : هو اللون الملكي فهو ملك الملوك ، ورمز الفداء للدم المسال عنا على الصليب علامة خلاصنا .
? اللون البنفسجي : وهو اللون الوحيد الذي يرتديه السيد المسيح ، لأن الامبراطور في عصره كان يليس فقط هذا اللون ، فهو قاصر على الأباطرة والملوك فقط .
? اللون الأخضر : هو لون يرمز للشر ، وذلك من أيام الفراعنة فلا يرتديه أي من القديسين بل يرتديه يهوذا الاسخریوطی مثلا ، أو تجعل هذا اللون على التنين الذي يحاربه القديسين ..

في أيقونة القيامة نجد السيد المسيح حافي القدمين ، وكذلك أيقونة الصعود لأن هناك لا توجد خطية ، حيث أرض بلا شوك أو حسك . لا تحتاج إلى الفاصل أو الحاجز الذي استخدمناه ونحن على أرض الشقاء . 
? يد الطفل يسوع – اليد الأولى : تحمل ما يشبه الكرة فهي رمز للكون كله لأنه ضابط الكون ” وخالق كل شئ بحكمته والكل منقوش في كفه فنحن مركز اهتمامه وخلاصنا في يده . وأحيانا بدلا من الكرة يحمل رسالة مطوية أو مفتوحة وأحياناً في شكل كتاب . فهذه الرسالة هي رمز الحكمة . فهو أتي لنا معلماً وأتي بحكمته الإلهية التي ليست من هذا العالم أتی ومعه الدستور السماوي . الروح المعاش لكي تسير على هذا وليكون لنا حياة ويكون لنا أفضل .
– اليد الثانية ( اليمني ) : نجد أحيانا أنه يشير بإصبع واحد ( السبابة ) لأنه واحد مع الآب . ويقول : “أنا هو الأول والآخر” ( رؤ 17:1 ) وليس آخر غيرى هذا أيضا هو موضع البركة الذي يبارك شعبه وأولاده ويعطيهم الطمأنينة والأمان .
أحيانا أخرى نجد السبابة والوسطى فهى تعنى أني كامل في اللاهوت وكامل في الناسوت واللاهوت والناسوت إتحدا معاً وذلك في نهاية الأصبعين . وبذلك يشير للرقم 10 باليونانية باعتبارها أن الأصبع ثلاثة أجزاء ” وهو حرف اليوطا . وكما نقول في التسبحة دلتنا اليوطا على اسم الخلاص فهو أول حرف من اسمه إيسوس بخرستوس أي يسوع المسيح .
? الهالة : يجب أن توضع هالة صفراء لكل من السيد المسيح والسيدة العذراء والملائكة ولجميع القديسين حول رأسهم . ولكن هالة السيد المسيح تكون أكبرهم حجما ، وفي داخلها الصليب ورأسه في مركز الصليب وحول الرأس نقرأ هذين الحرفين الفا والأوميجا ” أي البداية والنهاية .
? الملاكان : نجد في أعلى الصورة ملاكين أحدهما يمسك صليباً والثاني يمسك الحربة والقصبة الطويلة التي فوقها الأسفنجة والتي وضع عليها الخل حينما عطش السيد المسيح وطلب أن يشرب فرفعوها له على الصليب .

الألوان المستخدمه في الأيقونة القبطية:

هذه الألوان عبارة عن أكاسيد طبيعية لها رموز ودلائل روحية جميلة
– فاللون الأصفر أو الذهبي : رمز القداسة التي تنبعث من النور الإلهي .
– واللون الأحمر : رمز المجد والغذاء وفي المفهوم العقيدي لا فداء بدون مجد .
– اللون الأبيض : يرمز إلى الطهارة القلبية “اغسلني فأبيض أكثر من الثلج” ( مز . ( 7:51)
– اللون الأزرق أو اللون الأسمنجوني أو السماوي : يرمز للحياة السماوية .
– اللون الأسود : يرمز إلى الوجود والواقعية ولذلك يستخدم في تأكيد الأجسام والأشكال وتحديدها من الخارج .
– اللون القرمزی : هو لون ملوكي أيضا كان يلبسه الملوك في الماضي .
– اللون الأخضر : يرمز للشر وهذا يرجع للفن الفرعوني .

فاصل

قالوا عن الأيقونات

– قال القديس بولس الرسول : “نحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف ، كما في مرآة ، تتغير إلى تلك الصورة عينها ، من مجد إلى مجد ، كما من الرب الروح” ( كو 18:3 ) .

قداسة البابا شنودة الثالث : “لماذا نحرم الفن ورجاله من المساهمة في تنشيط الحياة الروحية للناس بما تتركه الأيقونة في نفوسهم من مشاعر روحية وما تقدمه لهم من حياة القديسين وقصص الكتاب المقدس وتأثيرها عليهم . 

– القديس باسيليوس الكبير : تكريم الأيقونة ينتقل إلى من تمثله الأيقونة فإنها تمكننا من أن نمر خلال باب مفتوح ونرتبط بصلة معه وتحركنا وتؤثر علينا کی نقلد الفضائل والإيمان والتقوى التي تحلى بها شخص الأيقونة .

– الدكتور إيزاك فانوس وهو رائد الفن القبطى المعاصر يقول : مع انتشار الكنائس القبطية التي تحتاج إلى ترجمة العقيدة بالأعمال الفنية القبطية السليمة ، استطاع الفنان القبطى المعاصر أن يخاطب المتلقي في عصرنا الحالي ويحافظ على تقاليد كنيستنا .

– وقد وجدت صلاة قديمة عن هذا الموضوع وهي ما تسمى ( صلوات الأيقونة ) ( موجودة في الأفخولوجي الكبير بيروت لبنان 1955 ) تقول : يا من رسمت بجمال عجيب ملامحك على الصورة إلى ملك الرها أبجر ، وألهمت تلميذك القديس لوقا الإنجيلي أتر نفس عبدى الفنان ، وقوم يده ليرسم بكمال صورتك وصورة السيدة العذراء والقديسين وقصص الإنجيل لأجل سلام الكنيسة ويتيائها وتعليمه ، أحفظه من التجارب والخيالات الشيطانية حتى لا ينحرف فكره في رسم أمور دنيوية أو جسدية وحتى لا ينحرف عن اللاهوت والعقيدة السليمة.

ليت يد الفنان تملا الكنيسة بصور من قصص العهدين القديم والجديد ، حتى يستطيع الأميون العاجزون عن قراءة الكتاب المقدس أن يعرفوا ما بالكتاب دون أن يقرأواه من خلال الأيقونات .

فاصل

كما يمكنك ان تقرأ أيضا كيف تقرأ الأيقونة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى