دانيال النبى
غالبًا وُلد في أورشليم، وسُبي إلى بابل مثل حزقيال (1: 1-2)، غير أن الأول سُبي في السبي الأول أيام يهوياقيم سنة 606 ق.م، والثاني في الغزو الثاني. حُمل إلى بابل وهو شاب، وكان من سبط يهوذا (1: 7)، إن لم يكن من البيت الملكي من نسل داود (1: 3)، تعلم الكلدانية مع الثلاثة فتية. يرى البعض أنه عاش حوالي 84 عامًا (618-534 ق.م).
أعطاه الله حكمة ونعمة فخدم في أيام الممالك: بابل ومادي وفارس. ومع أمانته للملوك بقي أمينًا لله لا يأكل من الأطياب المقدمة الأوثان، ويرفض السجود لعبادة الأوثان، وكان شجاعًا في تفسيره الرؤى والأحلام للملوك دون مجاملة.
عاش في أيام تاريخية حاسمة، فقد عاصر ملوك عظماء مثل نبوخذنصر البابلي وكورش الفارسي. لم يكن ممكنًا في أيامه أن يتحدث إنسان مع هؤلاء الملوك الجبابرة ولو بشيء من اللطف، أما دانيال الغريب الجنس والمسبي فتحدث معهم بصراحة وجسارة مع اتضاع مواجهًا الملوك بأخطائهم.
يذكر الكتاب المقدس شخصين آخرين يحملان ذات الاسم:
أ. دانيال أو دانيئيل أحد أبناء داود من أبيجايل، وُلد في حبرون (1 أي 3: 1)، ويُدعى كيلاب في (2 صم 3: 3).
ب. كاهن من عائلة إيثامار رجع مع عزرا وناب عن بيت أبيه، وكان من ضمن الذين ختموا العهد في زمن نحميا (عز 8: 2؛ نح 10: 6).
كان دانيال النبي معاصرًا لحزقيال النبي وأصغر منه سنًا. قدم لنا حزقيال أورشليم بهيكلها، هذه التي قد صارت خرابًا بسبب الفساد، وفي نفس الوقت رأى بروح النبوة ليس فقط العودة من السبي، وإنما إقامة هيكلٍ جديدٍ مجيدٍ، هو هيكل العهد الجديد حيث فيض النعمة الإلهية. وأما دانيال فقدم لنا لا العودة من السبي فحسب، وإنما اللقاء مع المحرر الحقيقي السيد المسيح الذي يُحررنا من سبي الخطية. ويدخل بنا إلى أمجاده، كما يفتح عيون قلوبنا لنراه قادمًا في نهاية الأزمنة ليقيم من مؤمنيه كواكب منيرة على صورته. اتفق النبيان المسبيان على كشف اهتمام الله بمؤمنيه، مؤكدين أنه لن ينساهم مهما طالت مدة السبي.
هو نبي انشغل بالإدارة، لكنه عرف كيف لا يمزج بينها وبين عمله الروحي النبوي، إذ لم يفقده مركزه الإداري نظرته السماوية واهتمامه بخلاص نفسه وخلاص شعبه، بل وخلاص الملوك الذين تعامل معهم. لم يمنعه كرجل دولة عظيم له مكانته في أكبر إمبراطورية في ذلك الحين، وهي وثنية، من أن يشهد لله الحقيقي ويحفظ شريعته، لا بتهور وعنف بل بروح الحكمة والحب والشجاعة.
خدم شعبه، لكن لا بروح التعصب، بل بروح القداسة والاتضاع، مع الحب لكل الشعوب. سندهم في أرض السبي حيث نال نعمة في أعين الملوك، كما فتح أبواب الرجاء أمام الشعب المسبي، بل وأمام كل الأمم.
هو الرائي الذي كان ينظر إلى المستقبل بعمل روح الله فيه، وهبه الله الكثير من الرؤى.
هو أب التاريخ الأممي، سجل لنا نبوات دقيقة عن الممالك التي تتعاقب خلال خطة الله. سفر دانيال هو السفر الوحيد في العهد القديم الذي تنبأ بالتفصيل عن ملوك وممالك حدد بعضها بالاسم مثل فارس واليونان.
هو نبي الأحلام والرؤى الذي تمتع بعطيةٍ إلهيةٍ وحكمةٍ سماويةٍ وفهمٍ فائقٍ.
هو النبي الذي حدد أزمنة لأحداث الخلاص ونهاية العالم، وانشغل بأزمنة الأمم. لقبه السيد المسيح بـ “دانيال النبي” (مت 24: 15). وبسبب كثرة نبواته إذ بلغت حوالي الستين كان سفر دانيال أكثر أسفار العهد القديم قراءة ودراسة في الكنيسة المسيحية.
رجل الحكمة، أشار إليه معاصره حزقيال مع نوح وأيوب كأتقى رجال الله (حز 14: 14، 20)، وأيضًا كأحد أحكم الرجال. ضرب به الوحي الإلهي المثل في ذلك، إذ قال الله لملك صور: “هل أنت أحكم من دانيال؟ سرّ ما لا يخفي عليك” (حز 28: 3). وُهب عطية تفسير الأحلام بروح الله، وكما يقول الملك الوثني: “إنيّ أعلم أن فيك روح الآلهة القدوسين ولا يعسر عليك سرّ” (دا 4: 9).
يذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس أن دانيال كان حاذقًا في المعمار، وأنه هو الذي صمم مبنى برج شوشن المشهور في فارس حيث كان ملوك فارس يقطنون.
حزقيال النبي | السبى البابلى | سوسنة العفيفة |
تاريخ العهد القديم |