1كو 12:1 فأنا اعني هذا أن كل واحد منكم يقول أنا لبولس وأنا لا بلوس وأنا لصفا وأنا للمسيح
فَأَنَا أَعْنِي هذَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ:«أَنَا لِبُولُسَ»، و«َأَنَا لأَبُلُّوسَ»، وَ«أَنَا لِصَفَا»، وَ«أَنَا لِلْمَسِيحِ».
+++
تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم
“فأنا أعني هذا أن كل واحد منكم يقول انا لبولس و أنا لأبلوس و أنا الصفا و أنا للمسيح » ( ع ۱۲ ) .
يلاحظ هنا أن بولس الرسول لم يفصل ذاته عن بطرس الرسول وإذ وضع اسم بطرس أخيراً ، لكنه قدم بطرس عن ذاته جداً، إذ وضع اسمه ، أولاً ، لأن الذي يزدرى بنفسه أولاً لا يفعل ذلك لطلب الشرف بل لعظم احتقاره لذاته ، فالناتج أنه قبل الصدمة هو كلها وعند ذلك وضع أبلوس وبعده بطرس الرسول.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“فأنا أعني هذا أن كل واحد منكم يقول أنا لبولس وأنا لابلوس وأنا لصفا وأنا للمسيح” [12].
إذ يتحدث عن الانقسامات يبدأ بالفريق الذي ينسب نفسه إليه (12:1)، حتى لا يظن أحد أنه يريد أن يضم الكل إلى فريق خاص به، فهو لا يطلب مجد نفسه.
v أثناء الهجوم وضع نفسه أولاً كما ترون، وبعد ذلك أشار إلى أبلوس ثم صفا. فعل ذلك لا لكي يمجد نفسه، وإنما ليطلب تصحيح الأخطاء فيما يخص شخصه أولاً.
يرى البعض أن الرسول بولس لا يعني هنا وجود أربع فرق، إنما قدم الأسماء هنا لتوضيح الموقف.
v كان حواره لطيفًا إذ لم يشر بالاسم إلى مسببي الانشقاق العنفاء في الكنيسة، بل أخفي أسماءهم كما بقناع تحت أسماء الرسل.
v إن كان لا يحق لهم أن يدعوا أنفسهم باسم بولس أو أبلوس أو صفا فبالأكثر لا يدعوا أنفسهم بأسماء آخرين.
يرى آخرون أن الكنيسة في كورنثوس كانت منقسمة إلى فريقين، فريق هو جماعة المؤمنين الذين من أصل أممي، والآخر من أصل يهودي (أع 18)، كل فريق حمل في داخله انقسامًا. الفريق الأول ينسب نفسه لبولس الذي أسس الكنيسة هناك وأبلوس لأنهم آمنوا على يديه إذ جاء بعد بولس (أع24:18)، واعجبوا ببلاغته.
أما الفريق الثاني فانقسم إلى فريق نسب نفسه إلى بطرس الرسول كرسول الختان (غلا7:2) أو لكبر سنه. ربما لم يروه حتى ذلك الحين لكنهم سمعوا عنه من تقارير وردت إليهم من اليهودية على خلاف بولس المُتّهم بتجاهله للناموس الموسوي. وفريق نسب نفسه للسيد المسيح، إما لأنهم أرادوا أن يعيشوا بلا نظام وتدبير فلا يريدون قيادة رسولية، وفي تشامخ ينسبون أنفسهم للسيد المسيح، محتقرين كل قيادة، أو لأنهم رأوا الرب في اليهودية فحسبوا أنفسهم مُميزين عن بقية المؤمنين.
v لم يرد أن يكون سببًا للانقسام. لذلك نصح الذين ينسبون أنفسهم إلى اسمه ويقسمون المسيح: “كل واحد منكم يقول أنا لبولس وأنا لأبلوس وأنا لصفا وأنا للمسيح” [12]. احكموا إذن كم هم أشرار هؤلاء الذين يريدون أن يسببوا انشقاقًا للمسيح، هذا الذي لا يريدهم أن ينشقّوا.
v الذين يقولون “أنا لبولس وأنا لأبلوس وأنا لصفا وأنا للمسيح” ليسوا في سيمفونية، بل يوجد بينهم انشقاقات. وأما الحل فهو أنهم إذ يجتمعون في شركة مع روح بولس بقوة الرب يسوع المسيح لا يعود يضرب الواحد الآخر ويفترسه، فيأكل الواحد الآخر. لأن النزاع يُهْلِك، كما أن الاتفاق يجمع معًا، ويجعل ابن اللَّه يحل في وسطهم إذ صاروا في اتفاق.
v على أي الأحوال بخصوص هؤلاء الذين يرون (في المعلمين) أنهم رعاة صالحون، يلزمهم ليس فقط أن يسمعوا الأمور الصالحة التي يعلمونها، وإنما يقتدون أيضًا بالأعمال الصالحة التي يمارسونها. من هؤلاء كان الرسول القائل: “كونوا متمثلين بي كما أنا أيضًا بالمسيح” (1كو1:11). لقد كان نورًا اشتعل بواسطة النور الأبدي، الرب يسوع المسيح نفسه الذي وُضع على المنارة إذ تمجد في صليبه. عن هذا قال: “حاشا لي أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح” (غلا14:6). أضف إلى ذلك أنه لم يطلب الأشياء الخاصة به، بل ما يخص يسوع المسيح، بينما يحث الذين ولدهم في الإنجيل (1 كو 15:4) أن يقتدوا بحياته. ومع ذلك فهو يوبخ بعنف الذين يسببون انقسامات تحت أسماء الرسل، وينتقد بحزم القائلين “أنا لبولس”. “هل صلب بولس لأجلكم؟ أو هل اعتمدتم باسم بولس؟”
يقول الأب أمبروسياستر أن الرسول بولس استعرض خطأهم دون أن يشير إلى أسماء الأشخاص المسئولين عن الانقسام. لقد ذكر أسماء المعلمين الصالحين، ولكنه إذا أشار إليهم بهذه الطريقة تحدث عن الرسل الكذبة. فإن كان لا يليق بأهل كورنثوس ألا يفتخروا بتكريسهم أحد هؤلاء (الصالحين) فكم بالأحرى يكون الأمر بالنسبة للمعلمين الكذبة وقد أشار إلى فساد تعليمهم فيما بعد.
ربما يتساءل البعض: هل كان المسيح رأسًا لإحدى الفرق المنقسمة؟ يجيب القديس يوحنا الذهبي الفم على ذلك بقوله أن الصراعات في كورنثوس لم تكن بخصوص أمور تافهة بل حول أمور أساسية. حتى الذين ادعوا أنهم تبع المسيح كانوا مخطئين إذ ينكرون عمليًا تبعية الآخرين له، ويجعلون منه رأسا لفريق وليس للجميع.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
صارت هناك أحزاب. فبولس تبعه من عرفوه أولاً ككارز لهم. وأبلوس تشيع له اليهود الذين أعجبهم معرفته بالكتاب المقدس، واليونانيين الذين أعجبتهم فصاحته. وربما تشيع لبطرس من عمَدّه بطرس في أورشليم أو من يدعو للتهود ولا تعجبه أراء بولس في التحرر من فرائض الناموس كالختان. وهناك من قال أنا أتبع المسيح حتى لا يلتزم بأي ترتيبات كنسية، مثل هذا لا يريد أن يخضع للكنيسة، وهذا سبب معظم الهرطقات والإنشقاقات عن الكنيسة. ولاحظ أن وراء كل هذا أيضاً الأنا. فمن يتبع بولس يظن أن بولس الأعظم وبهذا يصير هو الأعظم لأنه يتبع بولس الأعظم. ومن يقول أنا أتبع المسيح ليتحرر من سلطان الكنيسة فهو كأنه يقول أنا حر ولا أحد له سلطان عليَّ ولا حتى الكنيسة.