تفسير سفر يهوديت 2 للقمص تادرس يعقوب ملطي

حملات أليفانا رئيس جيش أشور

أراد ملك أشور أن ينتقم من الأمم التي لم تخضع له، فأرسل قائد جيشه أليفانا (هولوفرنيس) نحو الغرب بجيش قوامه 120 ألفًا من المشاة و12 ألفًا من الفرسان وعدد لا يحصى من الجمال والغنم، كما زوده الملك بالكثير من الذهب والفضة. زحف هذا الجيش كالجراد واكتسح أمامه الأمم، فوقع رعبه على كل الأرض.

 

1. خطة ملوكية للانتقام مِنَ الأَرضِ كُلِّها

 

1 –13.

2. التحرك للحرب

 

14 –18.

3. نصرات مستمرة مع تدمير ونهب

 

19 –28.

من وحي يهوديت 2    

1. خطة ملوكية للانتقام مِنَ الأَرضِ كُلِّها

وفي السَّنةِ الثَّامِنةَ عَشْرَةَ واليَومِ الثَّاني والعِشْرينَ مِنَ الشَّهرِ الأَوَّل،

دارَ الكَلامُ في بَيتِ نَبوخَذنَصَّر مَلِكِ أَشّورَ على الانتقام مِنَ الأَرضِ كُلِّها،

كما كانَ قد قال [1].

بعد سنة من هزيمة أرفكشاد ملك الماديين أصدر ملك أشور الأمر بالانتقام من الذين أهانوا رسله، وكانوا في صف أرفكشاد، وكان من بينهم اليهود. لقد تحدث مع كل قادة جيشه وعظمائه في سرية عن الانتقام من جميع الأرض، حاسبًا نفسه سيد كل الأرض.

في شهر نيسان (إبريل) أقام الملك غرفة عمليات عسكرية تهدف للانتقام من كل الأرض المحيطة به، وذلك بعد الأجازة الأسبوعية مباشرة، حيث كانت في الأيام 7، 14، 21، 28 من الشهر بغض النظر عن اسم اليوم.

عاش الملك ورجاله وجيشه في ولائم مستمرة 120 يومًا، لا يبالون بشيء لبنيان الجماعة ولا لبنيان نفوسهم. كان الملك في الظاهر في غاية السرور باللهو والكرامات الباطلة، لكن قلبه كان يغلي في داخله، لأن الأمم استخفت به. كان يود أن تكون كل جيوش الأمم جيوش مرتزقة تصد كل هجمات جيش مادي فلا يفقد رجلًا واحدًا! هذا مع اعتزازه بأن الأرض كلها تخضع له. لم يجد راحة في داخله، بل كانت نفسه تطلب الانتقام من الأرض كلها.

يرى كثير من الآباء أن الأرض تُشير إلى الإنسان الترابي الجسداني، والسماء تُشير إلى الإنسان الروحي المتمتع بعربون السماء.

فليس لملك أشور الذي يرمز لإبليس سلطان على الروحيين الذين ارتفعت قلوبهم مع نفوسهم كما إلى السماء. إنهم كالطيور المنطلقة نحو السماء، لا تقدر الحية القديمة أن تبتلعهم. أما الذين صاروا بشرورهم ترابًا وأرضًا فيُخضعهم ملك أشور، إبليس، ليسلكوا كأبناء له، يحملون سماته الشريرة، ويشاركونه مصيره الأبدي، جهنم الأبدية!

* أقوال آباء عن سلطان إبليس.

 فاستدْعى جَميعَ ضُبَّاطِه وجَميعَ عُظَمائِه،

وعَقَدَ مَعَهُم مَشورةً سِرَيَّة،

وعَزَمَ بلِسانِه على الشَّرِّ في الأَرض كلها [2].

عزم بلسانه على الشر“، جاءت في الفولجاتا “تمت الكلمة“، وهي تعادل القول: “صدر القرار الإمبراطوري أو الملكي”.

ما قاله الملك: “على الشر” يطابق تمامًا الأسلوب الآشوري حيث يدعو الأمم المتمردة خاطئة وشريرة. فقد اعتاد الآشوريون أن يحسبوا من يعصيهم ويعصى آلهتهم خطاة وأشرارًا. كمثال لذلك سجل سرجيون في حملاته في أقاليم الملك ميداس Midas: “لم يهرب خاطيء(60)“.

فحَكَمَوا بِإِهلاكِ جَميعِ الَّذينَ لم يُطيعوا أَوامِرَ فَمِه [3].

كان غاية طموحه هو أن يقيم نفسه سيدًا على الأرض كلها (2: 5)، إذ كان اللقب الرسمي لملوك أشور وبابل وفارس هو “الإله”، لذا لم يحتمل رفضهم مساندته في الحروب، فأصدر أمرًا بإهلاكهم.

يود إبليس (الذي يرمز له ملك أشور) أن يهلك من لا يخضع لأوامره، لكنه وهو يود هلاكهم يهلك معه الذين يطيعونه، ويُكلل بالنصرة والمجد الذين يتحدونه بالنعمة الإلهية.

وكانَ أنَّ نَبوخَذنَصَّر، مَلِكَ أَشُور، لَمَّا أتمَّ مَشورَتَه،

اِستَدْعى أَليفانا Holofernes، قائِدَ جَيشِه وثانِيَ رَجُل بَعدَه، وقالَ لَه [4].

إذ كان القادة في نشوة الفرح بالانتصار، وقد قضوا مائة وعشرين يومًا لا عمل لهم سوى الطرب والأكل والشرب مع الملك، أعجبوا بخطة الملك. إنها فرصة ليتمتعوا بغنائم كثيرة، وتتحول حياتهم إلى أفراح وملذات مستمرة. فإن غلبتهم على أرفكشاد أعطتهم اليقين أنهم سيمتلكون الأرض كلها.

لم يجد الملك أفضل من أليفانا ليقود جيشه، فقد اتسم بالشراسة والعنف. أقامه قائدًا لجيشه وجعله الرجل الثاني من بعده.

قدم خطته السياسية إلى قائده أليفانا الذي حوَّلها إلى عمليات عسكرية. فقد راقت الفكرة لدى القائد، إذ تُشبع كبرياءه وعجرفته وشهواته.

إن كان ملك أشور يرمز لإبليس الذي يود أن يكون سيد الأرض كلها، أو رئيس هذا العالم، فإن الأداة الأولى الطيعة له والمنفذة لإرادته، والعاملة على جذب البشرية للتعبد له، هو رئيس جيشه، الرجل الثاني بعده، أو ضد المسيح.

“هذا ما يَقولُه المَلِكُ العَظيم، سَيِّدُ الأَرضِ كُلِّها:

اِذهَبْ مِن عِنْدي، وخذْ مَعَكَ رِجالًا واثِقينَ مِن قُوَّتِهِم (الذاتية)،

نَحوَ مِائةٍ وعِشْرينَ أَلْفًا مِنَ المُشاةِ،

وعَدَدًا كَبيرًا مِنَ الخيل معَ إثنَي عَشَرَ أَلفًا مِنَ الفُرْسان [5].

جاءت لهجة الملك فيها الكثير من العجرفة. فهو لا يعتد بذاته فحسب بكونه “سيد الأرض كلها”، وإنما طلب أيضًا من قائده أن يختار رجالًا يعتدون بقوتهم الذاتية مثله، ولا يتكلون على الله. وكما قيل في المزامير: “الذين يتكلون على ثروتهم، وبكثرة غناهم يفتخرون… مثل الغنم للهاوية يُساقون” (مز 49: 6، 14).

وأيضًا: “هوذا الإنسان الذي لم يجعل الله حصنه، بل اتكل على كثرة غناه واعتز بفساده” (مز 52: 7).

وقد وصف الكاتب الموقف في شيء من التفاصيل وبدقة، حتى يبرز كيف تمجَّد الله خلال أرملة غير مسلَّحة، أيَّدها الله نفسه.

جاء حجم الجيش هنا بذات حجم القوة التي استخدمها شلمناصر الثالثShalmaneser  III في معركة (61)Qarqar.

ما هو هذا الجيش العظيم من مشاة وفرسان ومركبات إلا الأرواح الشريرة العاملة لحساب إبليس ومملكته. أو هي الخطايا المتنوعة التي تهاجم بخطة معينة كل مؤمن حسب إمكانياته وسنه ومركزه وصحته وظروفه الأسرية وحتى حسب دوره الكنسي. وللعدو خطط كثيرة، لا يهدأ من محاولة اقتحام كل نفس حسبما يناسبها.

وأخرُجْ على الأَرضِ كُلِّها غَرْبًا،

لأَنَّهم لم يُطيعوا أَوامِرَ فمي [6].

يقصد بالغرب هنا ما هو غرب نهر الفرات، أي إسرائيل (اليهود) وسوريا ومصر.

يطلب عدو الخير من ملائكته الأشرار أن يهاجموا الأرض كلها. هذا هو عمل إبليس وملائكته. لهذا عندما سأله الرب: “من أين جئت؟”، أجاب: “من الجولان في الأرض ومن التمشي فيها” (أي 1: 7).

* راجع سفر أيوب

وأَخبِرْهم بِأَن يُعِدُّوا الأَرضَ والماء،

فإني سأَخرُجُ علَيهِم في غَضَبي،

وسأُغَطِّي كُلًّ وَجْهِ الأَرضِ بِأَقْدامِ جَيْشي،

وأُسلِمُهم إِلَيه لِلنَّهْب [7].

يعدوا الأرض والماء“: إعداد الأرض والماء يشير إلى خضوعهم. فلا يقف الأمر عند رفع الراية البيضاء علامة طلب السلام، ولا إلقاء السيف أرضًا، وإنما علامة التوسل في مذلة أن يدخلوا في عهد معه وهم في غاية الانكسار. فهو تعبير فارسي مشهور، للدلالة على الاستسلام، حيث تقدم البلاد المنهزمة كل ما لديها حتى الأرض والماء لمن اِنتصر عليها. كثيرًا ما ورد هذا التعبير في كتابات المؤرخ هيرودت Herodotus. ولعل هذا ما قصده المرتل بقوله: “ملأ جثثًا أرضًا واسعة، سحق رؤوسها، من النهر يشرب في الطريق، لذلك يرفع الرأس” (مز 110: 6-7).

كان من عادة الفارسيين أن يطلبوا من البلاد التي تخضع لهم جزية على الأرض كما على مصادر المياه.

إنها صورة مرّة لخطة إبليس الذي يطلب من ضد المسيح مع كل قواته أن يسيطروا على البر والبحر، فإذ له سلطان على الأشرار، يسلمهم إلى ملائكته لنهب كل طاقاتهم ومواهبهم وأوقاتهم للعمل لحساب مملكة إبليس.

ما يطلبه الشيطان هو إساءة استخدام العطايا الإلهية الموهوبة لنا. فيحول الحب الطاهرة إلى شهوات وملذات جسدية، ودافع الغضب إلى الكراهية للغير عوض الغضب على الشر والتوبة والرجوع إلى الله ويوجه الآذان الموسيقية لا إلى التسبيح مع السمائيين، إنما لاغانٍ مثيرة للشهوات… إلخ. هذا هو النهب الذي يقوم به الشر لافساد حياتنا.

وجَرحاهم تَملأُ أَودِيَتهم،

وكُلُّ جداول المياه والنَهْرٍ يَمتَلِئُ فيَفيضُ بِجُثَثِهِم [8].

عبارة تحمل تفخيمًا طنانًا في الأسلوب، استخدمه حزقيال النبي: “وأملأ جباله من قتلاه، تلالك وأوديتك وجميع أنهاركَ يسقطون فيها قتلى بالسيف” (خر 35: 8). كما استخدمه إشعياء النبي للتعبير عن مدى رعاية الله: “هأنذا أُدير عليهم سلامًا كنهرٍ، ومجد الأمم كسيلٍ جارفٍ، فترضعون، وعلى الأيدي تُحملون، وعلى الركبتين تُدللون” (إش 66: 12).

الله هو طبيب النفوس والأجساد المتحنن على خليقته، أما عدو الخير وملائكته فقتلى وسافكو دماء، يجدون مسرتهم في جراحات الآخرين. يحول الأرض إلى وادٍ يمتلئ بالجرحى والقتلى؛ وجداول المياه والأنهار تفيض بجثث الغرقى في الشر عوض الفيض بمياه حيَّة تروي النفوس لتقيم منها مدينة الله وفردوس الفرح.

وأَسوقُ أَسْراهم إلى أَقاصي الأَرضِ كُلِّها [9].

عندما تنبأ إشعياء النبي عن مصر وكوش، إذ وضع اليهود رجائهم فيهما، متحالفين معهما ضد أشور، عوض الالتجاء بالتوبة إلى الله، قال: “هكذا يسوق ملك أشور سبي مصر وجلاء كوش: الفتيان والشيوخ، عراة وحفاة ومكشوفي الأسناه خزيًا لمصر. فيرتاعون ويخجلون من أجل كوش رجائهم، ومن أجل مصر فخرهم. ويقول ساكن هذا الساحل في ذلك اليوم: هوذا هكذا ملجأنا الذي هربنا إليه للمعونة لننجو من ملك أشور” (إش 20: 4-6).

كما صار إبليس أسير الشر، يعمل كل الجهد ليُفقد إن أمكن كل إنسان حريته، ويقوده إلى أقصى الأرض ليصير متغربًا عن السماء.

أَمَّا أَنتَ فأمضِ واحتَلَّ لي كُلَّ أَرضِهِم،

فيُسلِمونَ أَنفُسَهم إِلَيك،

فَتحفَظُهم لي إلى يَومِ عقوبتهم [10].

يأسر الإنسان ويستولي على أرض؛ أي يأسر نفسه ويملك على جسده، فيصير الإنسان بكليته في مذلة يُشارك إبليس عقوبته.

أَمَّا المتمردون فلا تُشْفِقْ علَيهم،

بل أَسلِمْهُم إلى القَتْلِ والنَّهْبِ في كُلِّ أرضِكَ [11].

جاء النص في ترجمته الحرفية “لا تشفق عينك عليهم“، وذلك كما في الترجمة السبعينية للنصوص (تث 7: 16، حز 20: 17).

العجيب أن عدو الخير قد صار بطبيعته متمردًا، إذ سرت الخطية في كيانه، وهو متمرد يود أن يهلك من يتمرد عليه، وينهب كل إمكانياته.

بِحَياتي وبِقوةِ مُملْكتي، كل ما تَكلَمتُ به سأَفعَلُه بِيَدي [12].

هذا القسم: “بحياتي وبعزة ملكي” خاص بالله وحده، واهب الحياة وصاحب السلطان عليها. هذا القسم يحسبه اليهود تجديفًا، إذ يخص الله وحده كما ورد في (تث 32: 39-41). سلب الملك مجد الرب ونسبه لنفسه.

واضح أن هذه العبارة هي جزء من كلمات الملك لقائده، فيحسب أن ما سيفعله القائد إنما يمارسه بسلطان الملك وقدرته، وكان ما يتممه القائد إنما يفعله بيد الملك؛ أما يهوديت فتحسب ما يتحقق خلالها من خلاص فهو بيد الله وقوته (يهو 8: 33؛ 12: 4). وكأن مركز السفر كله، أن الشر الذي فعله القائد هو بيد الملك، والخلاص الذي قدمته يهوديت هو بيد الله.

وأَنتَ فَلا تُخالِفْ أيَّ أَمْرٍ مِن أَوامِرِ سَيِّدِكَ،

بل نَفِّذْها تَنْفيذًا كما أَوصَيتُكَ بِه،

ولا تُرجِئِ القِيامَ به” [13].

ليس لضد المسيح عمل سوى أن يحقق خطة إبليس المهلكة إن أمكن بكل سرعة.

يرى Carey Moores أن ملك أشور في حديثه السابق لم ينسب الألوهة لنفسه، لكنه أبرز أنه صاحب القرار القاطع [1-2، 13]، ومحب للنقمة من وجه الأرض كلها [1، 6]، متكبر ينطق بكلمات طنانة [5، 12]، لا يغفر وقاسي [7-11]. وأن قائده هو الذي نسب له الألوهة(62).

لكن يمكننا القول أن القائد الذي أراد أن يُسر ملكه يعرف تمامًا بأي روح كان ينطق بهذه الكلمات، وما هو وراءها. فما نسبه القائد وأراد تحقيقه لملكه، إنما كان متناغمًا مع ما في فكر الملك.

أخيرًا فإن خطاب الملك لقائده يكشف عن خطته الشريرة ألاّ وهي: الهجوم والغزو، وأيضًا السلب والنهب، والقتل والإبادة، والسبي في إذلال. ولعل تحطيم يهوذا كان في ذهن الملك كهدفٍ رئيسي يود أن يحققه.

2. التحرك للحرب

وخَرَجَ أَليفانا من أَمام سَيِّدِه،

ودَعا جَميعَ الرُّؤَساءِ والقُوَّادِ والمرازبة في جَيشِ أَشّور [14].

جاء في الترجمة السبعينية: “جميع المقيمين في القصر Marshals والقواد والمرازبة(63) Satraps“.

استدعاء الرؤساء والقادة والضباط الذين في جيش أشور للتحرك للحرب، يُشير إلى سيطرة ضد المسيح على ملوك الأرض وقادتهم للهجوم على كنيسة الله وتحطيم إيمانها.

واَجتمع نُخبَةَ عظيمة من الرِّجالِ لتنظيم القِتال،

كما أَمَرَه سَيِّدُه،

نحوَ مِائَةٍ وعِشْرينَ أَلْفَ رَجُلٍ واثنَي عَشَرَ أَلفَ فارِسٍ نَبَّال [15].

رقم 12 يُشير إلى مملكة الله حيث يملك الثالوث القدوس على الأرض باتجاهاتها الأربعة (الشرق والغرب والشمال والجنوب). فبضرب رقم 3 في 4 تكون المحصلة 12. وها هو عدو الخير يود أن يستخدم ذات الرقم للخداع، فأنه كما لاحظنا في دراستنا لسفر الرؤيا أنه يوجد ثالوث نجس يقاوم الثالوث القدوس، وهم إبليس وضد المسيح والنبي الكذاب.

وصَفَّهم كَما يُصَفُّ الجُنودُ لِلقِتال [16].

يأتي ضد المسيح بعقلية شريرة لكنها جبارة، يقيم حربًا منظمة وخطيرة ضد كنيسة المسيح.

وأَخَذَ مِنَ الجِمالِ والحَميرِ والبِغالِ ما لا يُعد لِحَمْلِ أَمتِعَتِهم،

وعَدَدًا لا يُحْصى مِنَ الخِرافِ والبَقَرِ والمَعَزِ لإِعاشَتِهم [17].

أخذ أليفانا عددًا كبيرًا جدًا من الجمال والحمير والبغال لحمل المئونة، ولكي ترجع أيضًا مُحملة بالغنائم.

وأُعْطِيَ كُلُّ رَجُلٍ مئوُنةً كثيرةً،

وقَدْرًا وافِرًا جِدًّا مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ مِن بَيتِ المَلِك [18].

بعد أن أخذ أليفانا القوة البشرية الضخمة والثروة الحيوانية والغلال، أخذ ذهبًا وفضة من بيت الملك لاستعمالها عند الحاجة، وقد تأكد أنه سيعود بخيرات الأرض كلها، أضعاف ما أخذه.

أعطى أليفانا ضباط الجيش والجند رواتب عالية ليرفع من معنوياتهم، وليؤكد لهم أن الملك وقائده مطمئنان أنه مهما كانت تكلفة الحرب فالنصرة أكيدة والغنائم ستعوض القصر هذه التكلفة، بل وتزيد كثيرًا جدًا. هذا يمنع أي احتمال لتذمر الجنود بسبب الجوع أو تأخر رواتبهم.

بالحقيقة قام أسرحدون بتضخيم الجيش الآشوري كما ورد في يهوديت 2: 14-18 [لقد أضاف… مركبات الحراس، وسلاح الفرسان، والحكام والرؤساء، وضاربي القوس، والعائلين، وخبراء الحرب، وحاملي التروس، والمقاتلين…(64)]

3. نصرات مستمرة مع تدمير ونهب

ثُمَّ خَرَجَ هو وكُلُّ جَيشِه في حَملَةٍ لِيَسبِقوا نَبوخَذنَصَّر المَلِك،

ويُغَطّوا كُلَّ وَجهِ الأَرضِ إلى الغَرْبِ بِمَركَباتِهم وفُرْسانِهم ونُخْبَةِ مُشاتِهم [19].

يجد الدارسون صعوبة في تتبع مسيرة هذه الحملة من جهة عدم وجود خط واحد للمسيرة، ومن جانب آخر سرعة الوصول إلى مناطق معينة بجيشٍ قوامه هذا العدد الضخم من المشاة والفرسان. لهذا يرى بعض الدارسين أنها لم تكن حملة واحدة تتحرك معًا، وإنما تحت قيادة القائد العام للجيش تحركت حملات مختلفة في اتجاهات متباينة، تعداد كل حملة يتناسب مع الإمكانيات العسكرية للبلد التي يهاجمونها. هذا يتفق مع ما عُرف به أسرحدون Esarhaddon من همة ونشاط ضخم في التحركات العسكرية. ويرى(65) Luckenbill أن مما يجعل المشكلة صعبة هو الدمار الذي حلّ بالمستندات الموجودة الخاصة بهذا الملك، فيصعب التعرف على التسلسل التاريخي لحملاته.

بدأت ساعة الصفر لانطلاق الحملة الغربية الحربية من نينوى، ويظهر ضخامة الجيش إذ غطَّى كل وجه الأرض إلى الغرب.

استخدم سرجيون فيما بعد نفس العبارة كلمة بكلمة عندما أشار إلى جيشه في السنة السادسة من حكمه، قائلًا: “في غضبي أغطي هذه البلاد مثل حملة جراد(66)“.  عندما تحدث يوئيل عن غزو الجراد (1: 4) كان يعني جيش ذات الأمة. أما إشعياء فإذ تحدث عن سلسلة ملوك أشور الجديدة فوصفهم بالحيات والتنانين (إش14: 29).

جاء في هامش الترجمة الـDouay ليوئيل 2: 7: [يفهم البعض (العدو الشمالي) أنه هولوفرينس وآخرون أنه حملة جراد].

ورافَقَهم خَليطٌ منَ النَّاسِ كثيرٌ كالجَرادِ وكَرَمْلِ الأَرض،

لا يُحْصى عَدَدُهم لِكَثرَتِهم [20].

يصف الجيش بالجراد، إذ يهجم في حملات تغطى الأرض وتحجب الشمس عنها، وتأكل كل ما هو أخضر، خرابها لا يُمكن مقاومته.

يستخدم هذا التشبيه في الكتاب المقدس (قض 7: 12؛ إر 46: 23)، إذ تغطي أسراب الجراد مساحات شاسعة عند الهجوم، تبلغ أحيانًا عدة كيلومترات، بشكلٍ مرعب يكاد يحجب نور الشمس.

هنا يود الكاتب أن يبرز أنه ليس من وجهٍ للمقارنة بين إمكانيات جيش أشور وجيش إسرائيل، فالنصرة كانت من عمل الله.

وخَرَجوا مِن نِينَوى وساروا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَّجِهينَ إلى سَهْلِ بَكْتيلة Bectileth.

وغادَروا بَكْتيلة،

وعَسكَروا بِالقُرْبِ مِنَ الجَبَلِ الَّذي إلى شَمالِ كيليكية العُلْيا [21].

يبدو في تحركات الجيش أنها ليست ذات القائمة السابق ذكرها والتي رفضت دعوة الملك للتحالف معه ضد أرفكشاد. فمن جهة أرسلت بعض البلاد تطلب الأمان بعد أن رأت بطشه ببلادٍ أخرى. هذا ما كان يطلبه أليفانا في حديثه مع يهوديت، إذ يلقي باللوم على شعبها أنه لم يستسلم، وبالتالي ما كانت هناك حاجة للحرب. ومن جهة أخرى أحيانًا يستخدم في قائمة أسماء بلادٍ معينة وفي القائمة الأخرى أسماء أقاليم تتبعها البلاد. من الواضح أن القائمتين تقدمان مسحًا يكاد يكون شاملًا لكل منطقة الغرب والجنوب بالنسبة لأشور.

أول مرحلة للحملة هي السير ثلاثة أيام حيث بلغ الجيش عند حدود أرض العدو، أي سهل بكتيلة، وهناك عسكر الجيش.

سهل بكتيلة Bectileth: كلمة آرامية معناها بيت القتل، تقع في شمال كيليكية أو بالقرب منها. على بعد 300 ميلًا من نينوى، مما جعل بعض المؤرخين والجغرافيين يظنون أن هذا السهل يقع في شمال أنطاكية، إذ يرون أنها مسافة كبيرة يقطعها جيش جرار في ثلاثة أيام.

كيليكية العليا: مقاطعة تقع في شمال البحر المتوسط وجنوب جبال طرسوس، والمقصود هنا هو القسم الجبلي، وهو الغربي، إذ تنقسم كيليكية إلى قسمين. الآخر شرقي ويُدعى سهل كيليكية، وكان يسكن كيليكية أغلبية يهودية(67).

وأَخَذَ كُلَّ جَيشِه، مِن مُشاةٍ وفُرْسانٍ ومَركَبات،

ومَضى مِن هُناكَ إلى النَّاحِيةِ الجَبَلِيَّة [22].

تحرك الجيش كله نحو الجبل ليعسكر هناك.

كسَرَ فودَ Phud ولُود Lud،

ونَهَبَ جَميعَ بَني رَشيشَ Rassisites  أو  Rassis،

وبَني إِسرائيلَ الَّذينَ حِيالَ البَرِّيَّة وجِهَةَ جَنوبِ كِلُّون Chellians [23].

فود Phud أو Put: يرى الدارسون أنها تعني ليبيا (تك 10: 6، 1 أي 1: 8، إر 46: 9). أما لود مغارة يُقصد بها ليديا في آسيا الصغرى (تك 10: 22؛ إش 66: 19). غير أن ما ورد هنا بخصوص فود فيُقصد بها مدينة أخرى تحمل ذات الاسم على حدود كيليكية.

رشيش أو ترشيش: اسم فينيقي معناه “معمل التكرار”، وربما يكون منسوبًا إلى قبيلة تيراس التي سكنت قديمًا في نواحي كيليكية وجبال طرسوس. وهي مدينة على البحر المتوسط جنوب أسبانيا بالقرب من جبل طارق. وهي من أشهر البلاد التي اشتغلت في التجارة البحرية، ولعل أليفانا استولى على سفنها ومواردها التجارية. يرى Carey Moores أن بني رشيش شعب كان يعيش بجوار كيليكية. كما يقول أن بعض الدارسين يرون بأن رشيش يقصد بها طرسوس وأنها هي جبل آروسوس Arsus حاليًا، أو جبل روسوس Rossos، قام الإكسندر الأكبر وداريوس الثالث وكودومانوس Codomonnus بالدخول في المعركة الخطيرة لإسيس Issus عام 333 ق.م(68).

“وبَنو إِسرائيل”: جاءت في ترجمة َDouay بنو إسماعيل the children of Ismahel: إسماعيل اسم عبري معناه “الله يسمع”. وهم قبائل عربية متفرقة في شبه الجزيرة العربية وسوريا وبالقرب من ترشيش في الشمال. ويُحتمل أن يكون قد استولى أليفانا منها على الكثير من قطعان الماشية بعد أن أحرق خيامها.

كلون Chelleuas: جاءت في ترجمة َDouay Cellon.

مدينة غرب الأردن، تطل على أحد الطرق الرئيسية بين مصر وأورشليم. يرجح البعض أن يكون موقعها في شبه الجزيرة العربية، شمال مساكن بني إسماعيل، ويرى البعض أنها بالقرب من ترشيش في الشمال. ويقول Carey Moors أن بعض الدارسين يعرفونها بأنها Cholle القديمة، حاليًا الخِال ElKhalle، بين بالميرا Palmyra والفرات، لكنها ليست الكلدانيين Chaldeans.

ثُمَّ سارَ بِجانِبِ الفُرات، واجتاز ما بَينَ النَّهرَين،ِ

ودَمَّرَ جَميعَ المُدُنِ المُحَصَّنةِ الَّتي على وادي عَبْرون Wadi Abron

ووَصَلَ إلى البَحر [24].

يتساءل البعض كيف بعد أن بلغ الشمال يعود فيكرر عبور نهر الفرات، ويجيب البعض أنه يحتمل أن خرج الجيش على دفعات في اتجاهات مختلفة حسب احتياج كل معركة، والتقى الكل أخيرًا عند السهل قرب بيت فلوي بكونها المدينة التي لشعب قاوم هولوفرينس وتحداه، وكان القائد يجهل طبيعة هذا الشعب، وما وراء تحديه له.

عبرون Cheimarrou abrona، هو مجرى Chaboras الذي يصب في الفرات على بعد 50 ميلًا من ديورا Dura. يقع ما بين نهر الفرات والبحر المتوسط. وقد وصل إلى هناك أليفانا في طريقه إلى البحر المتوسط، وقد دمّر جميع المدن الواقعة على شاطئ هذا النهر.

واحتَلَّ بِلادَ كيليكية،

وسَحَقَ جَميعَ الَّذينَ يُقاوِمونَه،

وجاءَ إلى حُدودِ يافَثَ الَّتي إلى الجَنوبِ حِيالَ العَرَبية Arabia  [25].

يافث Japheth: اسم  سامي معناه “يفتح”. وتقف في تخوم يافث في جنوب بحر قزوين والبحر الأسود، وحتى البحر المتوسط.

ديار العرب: مساكن الإسماعيليين. لا يقصد بالعربية هنا منطقة شبه جزيرة العربية أو جزء منها، وإنما الصحراء السورية أو الجغرافي بطليموس Ptolems “الصحراء العربية”، وهي بجوار دمشق.

وطَوَّقَ جَميعَ بَني مِدْيَان Madian،

وأَحرَقَ مُخَيَّماتِهِم،

ونَهَبَ حَظائِرَهم [26].

بنو مديان: كان المديانيون يقطنون شمال غرب شبه الجزيرة العربية في القرن الثالث عشر ق.م، لكن طبيعة هذا الشعب هو التجوال حتى بلغوا في الجنوب جبل سيناء، وفي الشمال الصحراء السورية العربية (قض 7: 25)، بل وارتبطوا أحيانًا بشعب المشرق (قض 6: 3، 33؛ 7: 12).

بنو مديان: هم سكان بلاد مديان (مديان اسم سامي معناه “محكمة”). كانت تخومهم من خليج العقبة إلى موآب وحتى سيناء في شمال مصر. وقد اختلط شعبهم وأرضهم بشعب وأر ض الإسماعيليين. وتوجد حاليًا منطقة تقع شمال خليج العقبة، وهم شعب غني بسبب تجارته الواسعة. وقد قاوموا أليفانا كثيرًا مما حدا به إلى إحراق حقولهم وحظائرهم وسلب مواشيهم.

ونَزَلَ بعدَ ذلك إلى سُهولِ دِمَشقَ قي أَيَّامِ حِصادِ الحِنطَة،

فأَحرَقَ جَميعَ حُقولهِم، وأَباد قُطْعانَ خِرافِهم والبَقَرِ،

ونَهَبَ مُدُنَهم وأَتلَفَ سُهولَهم،

وضَرَبَ جَميعَ شُبَّانِهم بحَدِّ السَّيف [27].

حرق المحاصيل وكل الحقول وإبادة الغنم يكشف عن أن الجيش لم يكن في عوزٍ إلى غلالٍ وأغنامٍ، وإلا ما كان يحرق ويبيد، بل يسلب وينهب. هذا وقد كانت سياسة أليفاز هي تجويع الشعوب ومنع مصادر المياه عنهم كما فعل مع اليهود، حتى يستسلم الشعب دون الدخول في معارك عسكرية قد يفقد فيها بعضًا من رجال جيشه.

الترجمة الحرفية “ضرب…بفم السيف” وهو تعبير عبراني شائع (تك 34: 26؛ يش 6: 21؛ 1 صم 15: 8). يرى أغلب الدارسين أن هذا الأسلوب العبري يستخدم، لأن السيف يفترس ضحيته، وكأنه وحش مفترس يلتهم ضحيته. يرى ثيؤفيل ميك Meek Theophile J. أن هذا التعبير كان مستخدمًا لأن السيوف والفؤوس المستخدمة في المعارك كانت على شكل ألسنة خارجة من أفواهٍ مفتوجة أسود أو تنانين جائعة، ومقابضها على شكل الأسود أو التنانين نفسها(69).

فوقَعَ الخَوفُ والرِّعدَةُ على سُكَّانِ الساحل الَّذينَ في صَيدون Sidon وصور Tyrus،

وسُكَّانِ صورَ Sur وعُكِّينا Ocina وجَميعِ سُكَّانِ يِمْناعِ Jemnaan،

وخافَه السَّاكِنونَ في أَشدودَ Azotus وأَشْقَلونَ Ascalon خَوفًا شديدًا [28].

ما حلّ بدمشق أرعب المدن الساحلية. وقد جاءت أسماء أغلب هذه المدن لا تمثل مشكلة.

صيدون Sidon: غالبًا ما كانت صيدون وصور مرتبطان معًا تاريخيًا. وهما مدينتان كنعانيتان عظيمتان على ساحل البحر المتوسط يبعدان عن بعضهما حوالي 25 ميلًا. قام الملك آسرحدون الآشوري بهدم صيدون عام 677 ق.م. وأعيد إصلاحهما للثورة ضد  Artaxerxes II عام 351 ق.م. استسلمت لإسكندر الأكبر عام 333 ق.م. دون مقاومة.

تورس Tyemnaa أو صور: صورTyre  في الأصل جزيرة صغيرة صخرية غير مرتبطة بالساحل. ورد ذكرها في رسائل العمارنة Amarna في القرن الرابع عشر ق.م. وهي مثل صيدون كانت مدينة بحرية ومركزًا تجاريًا عظيمًا، وهي على خلاف صيدون لم يهدمها آسرحدون، إذ كانت تدفع له جزية. قام ربنا يسوع المسيح بزيارة صيدون وصور (مت 21:15؛ مر 31:7)، وأيضًا زارهما بولس الرسول (أع 21: 3- 4، 27: 3).

صور Sur: يرى البعض أنها دور.

عكينا Okina أو Okeina، يرى البعض أنها مشتقة عن الكلمة اليونانية Akē أو ِAcco . والعبرية Kw، وتدعى حاليًا Acre. وهي ميناء قديم جدًا شمال جبل الكرمل، يبعد حوالي 20 ميلًا شمال Dor(70)، يعتبر البعض عكا.

يمناع Je,maa أو يمنة Jamina أو Jemnia . سابقًا كانت تُدعى “ينبئيل” (يش 11:15) أو ينبه (2 أي 26: 6). وهي تبعد تسعة أميال شمال أشدود وحوالي أميال من شاطئ البحر المتوسط، استخدمها الكثير من قادة السلوقيين Seleucid كمركز قيادة: جورجياس Georgias (1 مك 4: 15، 5: 58)، وأبولونيوس Appollonius  (1 مك 10: 69)، وسنديبيسCendebeus  (1 مك 15: 40). وفي عام 164ق.م وضع يهوذا المكابي الشعلة فيها.

في يمنه (عام 90-100م) ثبت المجمع اليهودي النصوص القانونية الثانية.

أزوتس Azotus: قديمًا كانت تُدعى أشدود، إحدى الخمس مدن الرئيسية للفلسطينيين (يش 13: 3). وربما أقوى المدن الخمس في العصر الفارسي، غزاها يهوذا المكابي (1 مك 4: 15؛ 5: 68) ويونثان (1مك 10: 37- 85، 11: 8) ويوحنا هيركانوس (1مك 16: 10) John Hyrcaneus، وأخيرًا الكسندر ينيس Janneus (104- 78) كما ورد يوسيفوس(71). وهي تبعد ثلاثة أميال عن شاطئ البحر المتوسط، وعشرة أميال جنوب يمنة.

أشقلون Ascalon أو أسكالون: تقع على البحر المتوسط حوالي 10 أميال جنوب أزوتس، وحوالي أثني عشر ميلًا شمال غزة. كانت قديمًا تُدعى أشقلون Ashkelon، وهي أيضًا إحدى الخمس مدن الرئيسية لفلسطين (يش 13: 3)، وترجع إلى تاريخ قديم جدًا، حيث أُشير إليها في ألواح مصرية ترجع لحوالي عام 1850 ق.م. في العصر الفارسي عرفت المدينة بسيطرة سور عليها، وفي عصر المكابيين كانت في علاقات طيبة إلى حد معقول مع اليهود (1 مك 10: 86؛ 11: 60؛ 12: 33).

وجاء في بعض المخطوطات “غزة (72)Gaza.

يمناع Emnaan وتُسمى “يبنة”، تقع على بعد 7 كم من البحر المتوسط و15 كم شمال شرق أشور.

واضح أن أليفانا كان يتحرك في كل الاتجاهات ولم يتخذ خط سير واحد، وقد استغرقت الحملة خمسة عشر شهرًا، إذ صدر الأمر بالتحرك في شهر ابريل، وبلغت حقول دمشق في موعد حصاد القمح، أي في شهر مايو من السنة التالية، ثم أكمل الطريق لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر.

أصبح كل من يسمع عن أليفانا وما عمله، يخاف جدًا من قسوته وشروره والدمار والهلاك الذي ألحقه بالبلاد المختلفة.

 

من وحي يهوديت 2

معركة لا تهدأ!

 

* ملك أشور يصمم على إبادة محتقريه،

وهوذا إبليس لن يكف عن مقاومة المستخفين به وبمشوراته!

لقد أرسل الآب ابنه الوحيد لخلاص البشرية،

ووهبنا روحه القدوس ليهيئنا للعرس السماوي!

أما إبليس المخادع فيرسل دومًا أضداد المسيح ليهلكوا ويدمروا.

ويرسل أيضًا أنبياء كذبة للعمل لحسابه.

الثالوث القدوس يطلب تمجيدنا.

والثالوث الدنس يطلب عبوديتنا ودمارنا!

الله في حبه يعمل ويبقى يعمل حتى في الأبدية.

وإبليس في حقده يقاوم ويبقى يقاوم بلا ملل.

* من ينقذني من شباك إبليس،

إلاّ روحك القدوس الذي يرتفع بيّ يومًا فيومًا.

أطير كما إلى السماء،

فلا تقدر الحية القديمة أن تثب لتبتلعني!

ويحسب كل من يطيعك متمردًا عليه.

لن يستريح حتى عندما يُلقى اتباعه معه البحيرة المتقدة نارًا!

* أنت يا إلهي ضابط الكل.

تبسط يديك على الصليب لتضم العالم كله إلى حضنك.

وعدو الخير يجول في الأرض كلها،

يبعث بجنوده الأشرار لينصبوا الشباك.

لكن هوذا الفخ انكسر ونحن نجونا بك يا مخلص العالم!

* عدو الخير يدرب أتباعه على القتل.

برماحه وسهامه الملتهبة نارًا!

لكنك أنت طبيب النفوس والأجساد،

تشفينا من الجراحات الشيطانية،

وتهبنا ذاتك يا أيها القيامة،

فلا يأسرنا القبر، ولا يقوى علينا الموت!

* يُسر العدو إذ يأسر نفوسنا،

ويُفسد أجسامنا، ويملأ العالم بجثثنا!

لكنك أنت القدير تحيي العظام الرميمة.

تحول قبورنا إلى فردوس إلهي.

تخرجنا إليك فنجد في أحضانك حياة أبدية.

* عدو الخير يقيم رؤساء وقادة وضابط،

والكل يحملون روحه الذي لا يمل من الخداع!

عدو الخير يثابر ويحارب!

هب لنا روح المثابرة، فبك نغلب وننتصر!

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى