الأمير يعقوب ومهاجرة شبان الأقباط لفرنسا
يظهر انه كان منصرفاً عن حرفة الكتابة إلى اقتناء الاملاك والمتاجرة . وتعرف به الفرنساويون حال احتلالهم لمصر ولما تبينوا فيه من النشاط والحزم كلفوه بمجمع الغرامة التي فرضوها على اهالى القاهرة ولما رأى الجيش الأفرنسي لسوء تدبير الجنرال مینو آخذ في التناقص اتفق مع الفرنساويين على تجنيد بعض شبان الاقباط فجمع من الصعيد نحو الالفين منهم فقبلهم الفرنساويين ودربوهم على حمل السلاح والقتال وتعلم يعقوب الحركات العسكرية وترأس الفرقة القبطية والحق بخدمة الجيش الفرنسي ومنح رتبة الجنرال ( القائد ) الا أن آباء الشبان الاقباط وذوی قرباهم لم يكونوا قد ألفوا هذه الخدمة فلجأوا إلى الأنبا مرقس ال ۱۰۱ ليتوسط لهم لدى الجنرال يعقوب حتى يطلق سراح أولادهم فلم يذعن له و بنی قلعة بجهة الجامع الاحمر بالازبكية وسماها قلعة يعقوب ولما دبرت مكيدة لاغتيال الاقباط وجه يعقوب كل همه للدفاع عن اخوانه اقباط القاهرة و بدأ بهدم بعض البيوت التي خربت في الحوداث الاخيرة و بنی بانقاضها سورا عاليا منيعا حول الحي الذي الأقباط فيه وشيد أبراجا فوقه داخل السور وعمل للسور بوابتين ورتب جنديين قبطيين يقفان على كل باب والسلاح على أكتافها لمنع كل من يحاول الدخول فأصيح المكان حصينا وتمكن يعقوب من أن ينجي قومه من مذبحة مريعة.
ولم يكن في امكان يعقوب البقاء في مصر بعد خروج الفرنساويين منها فخرج مع الجيش الفرنساوی هو واكثر رجال فرقته خشية من اضطهاد المسلمين لهم لان الفرنساويين كانوا قد ولوا منهم أفرادا في مناصب عالية وفي عدادهم المعلم ابو طاقية الذي كان يفصل بين المسلمين في الأحكام الشرعية ولم يعد الى القطر المصرى بل استمر في فرنسا حتى مات بعد مهاجرته اليها ببضع سنوات و أخذه لامرأة من غير جنسه وقیل لم تكن العلاقة بينه و بين البطر برك كما يجب وذلك بسبب أخذه لامرأة من غير جنسه بطريقة غير شرعية ومخالفته لقومه في الزي والحركات حتى انه لما مات سنة ۱۲۹۸ ه طلبت زوجته الاستيلاء على ما يخصها في تركته فعارضها أخوته بدعوى أنها غير شرعية.
وممن خرج مع الفرنساويين أيضا من جنود يعقوب بقطر واسمه الياس بقطر صاحب القاموس الفرنساوي والعربي المشهور والبعض يقول أنه ابن أخي يعقوب ولد باسيوط ١٧٨٤ م عينه نابليون مترجما لجيشه و بعد مهاجرته نال مركزا علميا ساميا بفرنسا و وضع القاموس المشار اليه ومما ينبغي الاشارة اليه أنه أول من درس من الأقباط اللغة الفرنسية.
وقيل ان الاقباط الذين هاجروا الى فرنسا حينئذ أضاعوا جنسيتهم هناك ولم يبق لاسماء اسراتهم أثر يذكر ومنهم الكولونيل مكاريوس حنين والكولونيل غبريال سيداروس والكولونيل حنا هرقل والقومندان عبدالله منصور . وقد روى بعض الثقاة أن الخديوي اسماعيل استحضر مرة جماعة من الممثلين والممثلات من فرنسا ومن هؤلاء الممثلات آنسة تعرف بمدام منصور نسبة الى جدها الادني أو الأعلى المعلم منصور القبطي أحد المهاجرين من مصر الى تلك الديار.