يو6: 39 وهذه مشيئة الآب الذي أرسلني: أن كل ما أعطاني لا أتلف منه شيئًا…

 

32فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ، 33لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ». 34فَقَالُوا لَهُ:«يَا سَيِّدُ، أَعْطِنَا فِي كُلِّ حِينٍ هذَا الْخُبْزَ». 35فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا. 36وَلكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمُونِي، وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. 37كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا. 38لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 39وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. 40لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ».” (يو6: 32-40)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

وهذه مشيئة الآب الذي أرسلني:

أن كل ما أعطاني لا أتلف منه شيئًا،

بل أقيمه في اليوم الأخير“. (39)

الله يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون، لكنه لا يلزمهم بالخلاص قهرًا كما لو كانوا قطعًا حجرية، بل يتعامل معهم ككائنات عاقلة لها كمال الحرية.

v ماذا تقول؟ هل إرادتك شيء، وإرادته شيء آخر؟ لئلا يشك أحد في هذا صاحب هذا بما جاء بعد ذلك. ما قاله هو هذا: “جئت لا لأفعل شيئًا إلا ما يريده الآب، فليست لي إرادة من ذاتي تختلف عن تلك التي للآب، فإن كل ما للآب هو لي، وما لي هو للآب. فإن كان ما للآب وما للابن مشترك فبحق يقول:”ليس لأعمل مشيئتي”… لأني كما قلت في موضع آخر إنه كان يحجب الأمور العالية إلى حين ويرغب في أن يبرهن أنه لو قال: “هذه هي إرادتي” لكانوا يحتقرونه. لذلك يقول: “لأنني أتعاون مع تلك الإرادة”، راغبًا أن يردعهم بالأكثر. وكأنه يقول: “ماذا تظنون؟ هل تغضبوني بعدم إيمانكم؟ لا، فإنكم تغضبون أبي “وهذه هي مشيئة الذي أرسلني أن كل ما أعطاني لا أتلف منه شيئًا” (39). هنا يظهر أنه ليس في حاجة إلى خدمتهم، فإنه لم يأتِ لنفعه الخاص، وإنما لأجل خلاصهم لا لينال كرامة منهم… فما جاء قبل ذلك وبعده هو أنه يسعي بكل غيرة أن يظهر بأنه جاء لأجل خلاصهم. وهو يقول أنه يجلب مجدًا للآب حتى لا يتشككوا فيه.

القديس يوحنا الذهبي الفم

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

38:6و39 لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
 وَهَذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئاً بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ

الكلام هنا مكمل لقول المسيح أن: «من يقبل إلي، لا أخرجه خارجا، لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني». الكلام هنا يزيد التأكيد عل شدة اهمام المسيح في تأدية رسالته بالنسبة للذين أعطاهم الآب له ليهبهم الحياة الأبدية.
‏وهكذا بقدر ما أعطي المسيح سلطانا على كل جسد ليعطيه الحياة الأبدية (يو2:17)، بقدر ما أخذ على نفسه الحفاظ على كل نفس تأتي إليه أن لا تتلف أو تضيع. وهذا الضمان يظل قائما حتى اليوم الأخير الذي فيه تنال النفس نصيبها في القيامة العظمى، هذا التأكيد يكرره المسيح كثيرا بسبب ضعف إيمان الإنسان بالمستقبل: «لأنكم لستم من خرافي كما قلت لكم، خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني، وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي. أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل (إبراهيم وموسى والآنبياء)، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. أنا والآب واحد.» (يو26:10-30)
‏هذا وصف تصويري مُبدع لحقيقة العناية الالهية في قوتها الهائلة والشاملة لحفظ الكون كله بكل أجزائه، ثم العناية الخاصة جدا بالنفوس البشرية التي التجأت إلى المسيح في ضعفها المتناهي مستندة إلى معونته أمام قوى الشر الهائلة، التي تبدو في طغيانها وكأنها قادرة أن تبتلع البشرية كلها: «ولا يخطفها أحد من يدي» التي لها قوة يد الآب, فالمسيح هو الابن الوحيد المرسل من الآب، والذي نزل من السماء لتأدية هذه الرسالة بكل دقة وقوة وسلطان حتى اليوم الأخير، الذي فيه تُستعلن خطة الخلاص العظمى بكل أمجادها، وتلتحم قوى الحياة الأبدية التي ننالها الآن, بالسر الحاضر, بقوى الحياة الأبدية المستعلنة في الله، والتي سنشترك فيها إلى كل ملء الله!
‏وقد لاحظ بعض علماء الكتاب المقدس أن الأيات المتتابعة 37 – 38 – 39 – 40 لا تختص بحديث الخبز السمائي موضوع الجدل الذي انشغل به الجليليون، ولكن الحقيقة أن الجليليين في سؤالهم المسيح: «ماذا نفعل حتى نعمل أعمال الله؟«، هذا السؤال هو الذي رد عليه المسيح أن: «عمل الله أن تؤمنوا بالذي هو ارسله»، ثم ابتدأ ينتقل من التركيز على موضوع الخبز الحي إلى موضوع رسالته العامة أولا بصفته أنه هو «عمل الله» المطروح للايمان به، ثم ابتدأ يشرح ما هو عمل الله في المسيح من إرساليته وتتميم مشيئة الآب الذي أرسله، ثم ما هي هذه المشيئة التي التزم بها المسيح أشد الالتزام.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

الآيات (38 ،39): “لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني. وهذه مشيئة الآب الذي أرسلني أن كل ما أعطاني لا اتلف منه شيئاً بل أقيمه في اليوم الأخير.”

مشيئة الآب الذي أرسل المسيح أن يهب الحياة الأبدية لكل من يؤمن، وهذا يكمل قوله في آية (37) أن من يقبل إليه لا يخرجه خارجاً، ويضيف هنا أن لن يتلف فهو سيحفظه أمام هجمات العدو الشرير. كان سؤالهم في آية (30) ماذا تعمل. وهنا نسمع أنه يعمل مشيئة الآب أن لا يتلف أحد بل يقيمه (يقيمه تكررت 4مرات). فهذه مشيئة الآب أن الجميع يخلصون وتكون لهم حياة أبدية. لذلك فالمسيح لا يرفض من يأتي إليه.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى