يو12: 13 …وكانوا يصرخون: أوصنا، مبارك الآتي باسم الرب، ملك إسرائيل
“فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!»” (يو12: 13)
+++
تفسير القمص أنطونيوس فكري
الآيات (12، 13): “وفي الغد سمع الجمع الكثير الذي جاء إلى العيد أن يسوع آت إلى أورشليم. فاخذوا سعوف النخل وخرجوا للقائه وكانوا يصرخون أوصنا مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل.”
وفي الغد= أي يوم الأحد. إذًا الوليمة كانت يوم السبت. الذين حضروا حفل العشاء أذاعوا النبأ السار أن يسوع الذي يريدونه كملك سيأتي إلى أورشليم. والجمع الذي إحتشد كان أغلبهم من الجليليين ومن الذين سمعوا بمعجزة إقامة لعازر فتحمسوا للقائه. وأمام هذا الإستقبال الحافل تأكدت مخاوف الفريسيين ورؤساء الكهنة ووقفوا ينظرون خائفين وحاقدين. وسعف النخيل هو رمز للنصرة والبهجة (لا40:23+ رؤ9:7). وهم رأوا أن يسوع هو المسيح المسيا الذي تنبأ عنه الأنبياء وأنه سيأتي من نسل داود ليعيد لهم الملك (صف15:3-17+ لو32:1-33) فهم كانوا يحلمون باستعادة كرسي داود بل وأن يحكموا العالم كله. ونرى من (1مك51:13+ 2مك4:14) أنهم كانوا يستقبلون الملوك بسعف النخيل. ووجدت عملات مسكوكة من أيام سمعان المكابي عليها سعف النخيل. والنخيل شجرة محبوبة لأنها ترتفع شامخة نحو السماء فارشة أغصانها مثل التاج كأذرع تتوسل دائمًا. خضراء على الدوام تزهر وتثمر لمئات السنين (مز12:92-13+ نش6:7-8) وفيه نرى النفس المحبوبة للمسيح تشبه بنخلة.
ويوحنا اختار قول الناس أوصنا مبارك الآتي باسم الرب= فالمسيح أتى بقوة إلهية لخلاص الإنسان وتجديده، هو ابن الله الذي أتى ليخلقنا خلقة جديدة.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“فأخذوا سعوف النخل،
وخرجوا للقائه،
وكانوا يصرخون:
أوصنا،
مبارك الآتي باسم الرب، ملك إسرائيل”. (13)
كان سعف النخيل يشير إلى النصرة، لهذا دعا شيشرون إنسانًا نال جوائز كثيرة “رجل السعف الكثير”. لقد غلب السيد قوات الظلمة بموته، لهذا استحق أن يحملوا سعف النخيل أمامه.
هذا وحمل سعف النخيل كان يمثل دورًا رئيسيًا في الاحتفال بعيد المظال، فكان علامة للبهجة بالعيد. وكأن المسيح هو عيدنا، مفرح قلوبنا.
يشبه سليمان الحكيم النفس المحبوبة لعريسها السيد المسيح بالنخلة: “قلت إني أصعد إلى النخلة وأمسك بعذوقها” (نش ٧: ٨).
اعتاد الأقباط في أحد الشعانين أن يتباروا في اقتناء السعف وجدله وتزيينه بالورود ووضع “قربان على شكل صليب” فيه… كعلامة مبهجة لاستقبال النفس لعريسها الغالب، وبهجة القلب بالملك السماوي، مخلص النفوس من الفساد. ولا يزال كثيرون يحتفظون بالسعف المجدول من أحد الشعانين حتى يحل أحد الشعانين التالي، علامة استمرارية الترحيب بالملك في القلب كما في الأسرة داخل البيت.
قدموا صرخات مستقبلية مقتبسة من مز ١١٨ : ٢٥-٢٦. هكذا جاء لقاء الشعب متناغمًا مع الفكر الكتابي، إذ لمسوا فيه أنه المسيا المنتظر، بينما أصيبت القيادات الدينية بالعمى الروحي.
مع أنه جاء فقيرًا بلا مجد زمني، لكن الشعب استقبله كملكٍ مخلصٍ لإسرائيل. أدركوا أنه الملك البار القادم باسم الرب (مز ٢: ٦). قبلوا مملكته بكل قلوبهم، عبروا عن ذلك بقولهم “أوصنا” أو “هوشعنا”، وتعني “خلصنا”.
فتح الشعب قلوبهم ليدخل فيها رب المجد، وكأنهم ترنموا مع المرتل قائلين: “ارتفعي أيتها الأبواب الدهرية فيدخل ملك المجد… الرب القدير الجبار، الرب الجبار في القتال” (مز ٢٤: ٧-٨).
v سعف النخيل هو رمز للمديح يشير إلى النصرة، إذ جاء الرب للنصرة على الموت بالموت، وبغلبة صليبه يهزم رئيس الموت.
الهتاف الذي استخدمه الشعب المتعبد هو “هوشعنا”؛ البعض ممن يعرفون العبرية يرون أنه يشير إلى الذهن في حالة من اليقين، وذلك كما في لساننا (اللاتيني) صيغ للتعجب ففي حزننا نقول: “وأسفاه”، وفي فرحنا: “ها!” وفي دهشتنا: “رائع!”، وفي تعجبنا: “ياه!” هكذا هذه الكلمة تدخل في نفس الفصيلة حيث لا توجد ترجمة لها في اليونانية أو اللاتينية، مثل غيرها: “من يقول لأخيه: رقا!” لأن هذه أداة تعجب تعبر عن مشاعر الغضب.
v “مبارك الآتي باسم الرب، ملك إسرائيل” (١٣). بالأحرى يفهم “باسم الرب” أنه “باسم الله الرب” كما يمكن أن يفهم على أنه باسمه هو، بكونه هو الرب.
v أية محنة ذهنية عانى منها رؤساء اليهود وهم يسمعون جمهورًا عظيمًا كهذا يعلنون أن يسوع هو ملكهم!
لكن أية كرامة ينالها الرب ليكون ملكًا لإسرائيل؟
أي أمر عظيم لملك الأبدية أن يصير ملكًا للبشر؟
فإن ملوكية المسيح على إسرائيل ليس بقصد نوال جزية، ولا بتقديم سيوف في أيدي الجنود، ولا لهزيمة أعدائه في حرب علنية، لكنه هو ملك إسرائيل في ممارسته سلطانه الملوكي على طبيعتهم الداخلية، وفي تدبير اهتماماتهم الأبدية، وفي جلب الذين لهم الإيمان والرجاء والمحبة متركزة فيه إلى ملكوته السماوي. لهذا فإنه بالنسبة لابن الله، المساوي للآب، الكلمة الذي به كان كل شيء، وبمسرته صار ملكًا لإسرائيل، هو عمل فيه تنازل وليس فيه ارتفاع له. إنه سمة حنو، وليس تزايد في السلطة. فإن ذاك الذي كان يُدعى ملك إسرائيل على الأرض، يُدعى رب الملائكة في السماء.
تفسير القمص متى المسكين
12:12- 13 وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ. فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!».
كان حفل العشاء، بعد غروب شمس السبت، وهكذا حُسب الأحد أنه «الغد» بحساب النهار. والذي حدث أن اليهود الذين حضروا حفل العشاء الذي عمل في بيت عنيا عادوا إلى أورشليم وأشاعوا النبأ السار، أن يسوع قادم إلى أورشليم. وحالما سمع «الجمع», وهنا كلمة «الجمع» كما سبق وعرفنا يقصد بها أهل الجليل، وهم أصدق أصدقاء الرب, هؤلاء احتشدوا في صورة موكب عظيم. ولكي نأخذ صورة عن قرب لهذا المشهد الصاخب الرائع نقرأ في الأناجيل الأخرى: «فذهب التلميذان، وفعلا كما أمرهما يسوع. وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما. والجمع الأكثر فرشوا ثيابهم في الطريق، واخرون قطعوا أغصاناً من الشجر وفرشرها في الطريق. والجموع الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين: أوصنا لابن داود. مبارك الآتي باسم الرب. أوصنا في الأعالي. ولما دخل أورشليم، ارتجت المدينة كلها قائلة: من هذا؟ فقالت الجموع: هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل.» (مت6:21-11)
وهكذا تحققت كل مخاوف رؤساء الكهنة والفريسيين، ووقفوا ينظرون خائفين وحاقدين، وفاقدين كل قدرة عل تحجيم الموقف.
ويضيف القديس لوقا إضافات ذات أهية بالغة في تصوير الموقف، وفي توضيح رعبة الفرسيين وفقدانهم السيطرة على الجماهير: «ولما قرب عند منحدر جبل الزيتون ابتدأ كل جمهور التلاميذ يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم لأجل جميع القوات التي نظروا. قائلين: مبارك الملك الآتي باسم الرب. سلام في السماء، ومجد في الأعالي. وأما بعض الفريسيين من الجمع فقالوا له: يا معلم, انتهر تلاميذك, فأجاب وقال لهم: أقول لكم إنه ان سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ. وفيما هو يقترب نظر إلى المدينة وبكى عليها قائلأ: إنك لو علمت أنت أيضاً، حتى في يومك هذا، ما هو لسلامك (أي المسيح المخلص). ولكن الأن قد أُخفي عن عينيك (حتى يتم الصلب). (وبناء على ذلك) فإنه ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسة، ويحدقون بك، ويحاصرونك من كل جهة، ويهدمونك وبنيك فيك، ولا يتركون فيك حجراً عل حجر لأنك لم تعرفي زمان افتقادك.» (لو37:19-44)
يُفهم من إنجيل القديس متى أن الرب أرسل تلميذين ليستحضرا جحشاً (ابن أتان) ليركب عليه، ومن إنجيل القديس لوقا أن الرب كان راضياً بهتاف التلاميذ، ورفض رجاء الفريسيين أن ينتهر التلاميذ. هذا معناه أن الرب كان راضياً بهذا الموكب وهذا الهتاف الذي يتضمن الهتاف بملك إسرائيل، وهذا الاستقبال الملكي بكل ملابساته. فلو تذكرنا موقفاً سابقاً للرب يوم صنع معجزة الخمس الخبزات والسمكتين، إذ كان رفضه حاسماً لمثل هذا الاتجاه كله، لأنه أولاً لم تكن ساعة استعلان ملكه قد حانت بعد؛ وثانياً لأنهم ظنوه ملكاً سياسياً: «وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً، انصرف أيضاً إلى الجبل وحده.» (يو15:6)
لوعلمنا هذا، لأدركنا أن الرب هنا يستعلن حضور ساعة ملوكيته إلهياً على إسرائيل: «وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلي الجميع» (يو32:12). فالموكب الملكي الذي ارتجت له المدينة، لم يكن في نظر الرب واعتباره إلا موكب الصليب: «أفأنت إذاً ملك. أجاب يسوع: أنت تقول إني ملك. لهذا قد وُلدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم.» (يو37:18)
ويلاحظ أن القديس يوحنا هو الوحيد الذي أضاف إلى جمل الهتاف جملة »ملك إسرائيل»، إمعاناً في توضيح المعاني الخفية في مفهوم دخوله أورشليم كاستعلان لملوكيته التي ليست من هذا العالم.
«فأخذوا سعوف النخل وخرجوا للقائه»: كان المعروف أن الملوك والقادة حينما يعودون من محواقع الحرب كانوا يُستقبلون بسعف النخل, وهذا نقرأه في 1مك51:13 و2مك4:14 «ودخلها في اليوم الثالث والعشرين من الشهر الثاني في السنة المئة والحادية والسبعين بالحمد وبالسعف والكنارات والصنوج والعيدان والتسابيح والأناشيد لانحطام العدو الشديد من إسرائيل» (1مك51:13)
«فأتى ديمتريوس الملك في السة المئة والحادية والخمسين، وأهدى إليه إكليلاً من ذهب وسعفة وأغصاناً من زيتون مما يختص بالهيكل وبقي في ذلك اليوم ساكتاً.» (2مك4:14)
وتوجد عملات مسكوكة أيام سمعان المكابي سنة 141-135 ق م وعليها سعف النخل رمز النصرة.
وفي سفر الرؤيا نجد موكب أحد الخوص يتكرر بكل بهائه في منظر المسيح آت وهو مُتجل بخلاصه لتستقبله كل شعوب الأرض: «بعد هذا نظرت واذا جمع كثير لم يستطع أحد أن يعده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة، واقفون أمام العرش وأمام الخروف، متسربلين بثياب بيض، وفي أيديهم سعف النخل, وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين: الخلاص (= أوصنا) لإلهنا الجالس على العرش وللخروف.» (رؤ9:7-10)
وتصوير دخول الرب بهذا الوصف المتضمن معنى النصرة، كان بمثابة اللطمة الأخيرة على وجه أعداء المسيح من رؤساء الكهنة والفريسيين، والتي عجلت جداً بعملية الصليب، الذي هو في الحقيقة التعبير الإلهي الأخير والأبدي لنصرة المسيح، ليس على الناس بل من أجل الناس.
كما كانت سعوف النخل تُستخدم في أعياد المظال والتجديد. والنخلة شجرة محبوبة كونها ترتفع شامخة نحو السماء، فارشة أغصانها مثل التاج، كأذرع تتوسل، خضراء على الدوام, تزهر وتثمر إلى مئات السنين. لذلك ترنم بها صاحب المزمور كصورة للصديق: «الصديق كالنخلة يزهو … مغروسين في بيت الرب في ديار إلهنا» (مز12:92-13)
وقد استخدم سليمان الملك النخلة في نشيد الأ نشاد ليعبر بها عن النفس المحبوبة للمسيح: «ما أجملك وما أحلاك أيتها الحبيبة … قامتك هذه شبيهة بالنخلة … قلت إني أصعد إلى النخلة وأمسك بعذوقها.» (نش6:7-8)
وللكنيسة القبطية شغف بها يفوق الوصف. ففي يوم أحد السعف, أو أحد الخوص الذي نحن بصدده يتبارى كل بيت وبلا استثناء في اقتناء عدة أغصان منها, ويستمرون السبت مساء (عشية الأحد) في جدل الخوص بأشكال ومناظر غاية في الأبداع, والحاذقون في جدلها يملأونها بالزهور والورود، ويصنعون في الجريدة جيوباً يضعون فيها «قربانة» ويحتفظون بها في البيوت على مدار السنة. ويقوم بعض الكهنة, وهذا خطأ فاحش, بتكريسها بماء طقس «لقان الموتى» الذي يجريه الكهنة تحسباً لمن يموت في أسبوع الألأم، حيث يُمنع إجراء الصلوات على الميت، ويكتفى برشه بماء اللقان الخاص بالموتى. كما يتبارى الباعة بالنداء على الخوص المجدول على شكل قلوب: «قلبك يا سيحي، قلبك». وأصبح الخوص في هذا اليوم يشكل أجل مظاهر الفرح، ليس عند الصغار فقط بل والكبار أيضاً. وقل من يدخل الكنيسة وليس في يده سعفة يعود بها إلى بيته يحتفظ بها للتذكار والبركة. وقد احتفظت الكنيسة القبطية بهذا التراث منذ العصور الأولى.
«أوصنا, مبارك الآتى بأسم الرب ملك أسرائيل»: هو ترديد لمقاطع المزمور 117 (حسب الترجمة السبعيتية) وخاصة الآية 25: «احمدوا الرب لأنه صالح إلى الأبد رحمته …»
«قوتي وتسبحتي هو الرب وقد صار لى خلاصاً …»
«افتحوا لى أبواب البر لأدخل فيها …»
« هذا هو باب الرب والصديقون يدخلون فيه …»
«الحجر الذي رذله البناؤون صار رأساً للزاوية …»
«هذا هو اليوم الذي صنعه الرب نبتهج ونفرح فيه …»
«آه يا وب خلص (أوصنا). آه يا رب أنقذ. مبارك الآتي باسم الرب»
«باركناكم من بيت الرب …»
«الرب هو الله …»
ومن الآية «اوصنا مبارك الله الآتي باسم الرب» يبدأ في نشيد أحد الخوص لحن «إفلوجيمينوس»، مع إضافة «أوصنا لابن داود. أوصانأ في الأعالى. أوصانا لملك إسرائيل».
ويُستخدم من المزمور الآية: «قوتي وتسبحتي هو الرب وقه صار لى خلاصاً» في الكنيسة القبطية مئات المرات طوال ساعات الليل والنهار ليوم الجمعة الكبيرة في أسبوع الآلام، كمقطع ترديدي. كما تغدو الآية: «هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنبتهج ونفرح فيه» في كل أيام الأحاد عند تقديم الذبيحة.
وهذا المزمور يبدو أنه أُلف ليكون تسبحة لتدشين الهيكل الثاني، وربما عند وفع حجر أساسه: «الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية.» (مز22:118)
والطقس اليهودي الحالي يستخدم هذا المزمور بعناية فائقة ويحتل في العبادة مركزاً أساسياً, وذلك في عيد ظهور الهلال كل شهر.
وأما الآن، فقد تحولت النبوة وتحول الطقس بجملته إلى حقيقة واقعة تاريخية، استعلن فيها كل المعنى والقصد الإلهي من المزمور والطقس، إذ صار هذا المزمور كله موقعاً على حياة المسيح آية آية، بصورة إعجارية.
وكلمة «أوصنا» أصلها الأرامي «هوشعنا» ومعناها: «من فضلك خلصنا»، وقد أصبحت صلاة لطلب المعونة وخاصة أيام عيد المظال ولطلب المطر. ولكنها أصبحت هتافاً للتحية والتكريم كما جاءت في 2صم4:14 «وكلمت المرأة التقوعية الملك, وخرت على وجهها إلى الأرض، وسجدت، وقالت: هوشعنا (أعن) أيها الملك».
والسبب في أن الإنجيل لم يترجمها إلى اللغة العربية (أو أي لغة أخرى) بل بقيت بلفظها الأرامي تقريباً، هو أنها تثبتت كاصطلاح للمديح. ولكن الكنيسة تصرفت فيها وجعلتها مقطعاً للصلاة أيضاً.
أما كلمة «مبارك الآتي باسم الرب»» فكان يقولها الكهنة واللاويون ترحيبأ بالحجاج الأتين إلى الهيكل من الأماكن البعيدة، وهوذا الرب يأتي إلى هيكله بغتة (ملا1:3)، ليس حاجاً، بل كصاحب البيت، كابن على بيته، وبيته نحن (عب6:3) الحاجون إليه.
ولكن في التعبير المسيحي: «الذي كان والذي يأتي» (رؤ8:11) مأخوذ على أنه تعبير عن لقب الرب يسوع «الآتي إلى العالم» (يو27:11) من عند الآب:
+ «أنت هو المسيح ابن الله الآتي إلى العالم .» (يو27:11)
+ «أنا أتيت باسم أبي, ولستم تقبلوني، إذ أتى أخر باسم نفسه فذلك تقبلونه» (يو43:5). أما اسم أبيه فهو ( )، الذي طالما استخدمه المسيح ليعلن عن نفسه أنه والآب واحد.
+ «وعرفتهم اسمك» (يو26:17)، «كنت أحفظهم في اسمك» (يو12:17)، «إن لم تؤمنوا إني أنا هو تموتوز في خطاياكم.» (يو24:8)
«ملك إسرائيل»: لسيت واردة في النص النبوي في المزمور، ولكنها واردة في نص نبوي أخر مأخوذ من نبوة صفنيا النبي والذي سيأتي ذكره في شرح الأية 15.