إش52: 15 هكذا ينضح امما كثيرين من اجله يسد ملوك افواههم…
“هكَذَا يَنْضِحُ أُمَمًا كَثِيرِينَ. مِنْ أَجْلِهِ يَسُدُّ مُلُوكٌ أَفْوَاهَهُمْ، لأَنَّهُمْ قَدْ أَبْصَرُوا مَا لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ فَهِمُوهُ.“(إش52: 15)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
إذ أوصى أن يقود الرب المخلص الموكب، قدم لنا صورة عن مجد المخلص الذي صار عبدًا ليتمجد لحسابنا وباسمنا، وقد فسر اليهود القدامى هذا النص على أنه خاص بالمسيا.
أ. “هوذا عبدي“: صار الكلمة جسدًا، وحُسب عبدًا للآب كنائب عن البشرية، العبد الذي يطيع فنُحسب فيه مطيعين لله.
ب. “يعقل يتعالى ويرتقي ويتسامى جدًا” [13]، هو حكمة الله، من أجلنا قبل روح الحكمة والفهم يستقر عليه (إش 11: 2) مع كونه هو روحه القدوس الغير منفصل عنه.
ج. منظره على الصليب أثار دهشة السمائيين والأرضيين: “كما اندهش منك كثيرون. كان منظره كذا مُفْسدًا أكثر من الرجل وصورته أكثر من بني آدم” [14]. هذا ما سيعلنه باكثر وضوح في الأصحاح التالي: “لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه…” (إش 53: 2-3).
د. خلال هذا المنظر المؤلم كذبيحة مرفوعة على الصليب نضح بدمه على الأمم فقدّسهم له، وسد أفواه ملوك (ربما يعنى قوات الظلمة) إذ أبصروا خلاصًا لم يكونوا يدركونه من قبل.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
لا شك في أن عبد الرب هنا هو المسيح، وهكذا فسره اليهود حتى القرن 12. لكن نتيجة جدالهم مع المسيحيين اضطروا أن يفتشوا عن تفسير آخر. فقال بعهم أن عبد الرب هو شعب اليهود والبعض قالوا أنه أرميا والبعض يوشيا. ولقد آمن كثيرون من اليهود بالمسيح بمطالعتهم لهذا الفصل ومقابلته بالعهد الجديد وفى الأيام الحديثة، أسقط اليهود هذا الفصل (52: 13 – 53 : 12) من القراءات المنتخبة للقراءة الأسبوعية فهو نبوءة كاملة عن ألام المسيح قبل المسيح بحوالي 700 سنة. وهذه الآلام كانت حتى يفدى شعبه، لقد جعل نفسه ذبيحة إثم
(53 : 10) وبهذه النبوة نقترب إلى الله وننظر إلى سر الفداء.
آيات (52 : 13-15):- هوذا عبدي يعقل يتعالى و يرتقي و يتسامى جدا. كما اندهش منك كثيرون كان منظره كذا مفسدا اكثر من الرجل و صورته اكثر من بني ادم. هكذا ينضح امما كثيرين من اجله يسد ملوك افواههم لانهم قد ابصروا ما لم يخبروا به و ما لم يسمعوه فهموه
عبدي يعقل = عبدي لأنه أخلى ذاته في تجسده، آخذا صورة عبد. وأطاع لنحسب فيه مطيعين. يعقل = فهو أقنوم اللوغوس العقل المنطوق به أو النطق العاقل. هو أقنوم الحكمة.هو حكمة الله وقوته (1كو 1 : 24) والمسيح بالجسد كان ينمو في الحكمة، وكان كلامه كله بحكمة أذهلت الناس.
يتعالى ويرتقى = هو يتعالى ويرتقى لأنه تنازل وتواضع أولاً فنجاح عمله أي الفداء رفعه في أعين كل العالم. ولأنه تواضع رفعه الله وأعطاه إسما فوق كل إسم (في 2 : 9، 10) والتعالي والتسامي صفات لله، فهكذا رأى إشعياء الله جالسا على كرسي عالٍ (أش 6 :1) ونفس المفهوم نجده في (أش 57 : 15) لذلك فالمسيح هو الله. هكذا ينضح – ينضح لها معنيين:
1) يذهل. فهو كان إتضاعه مذهلاً فاليهود انتظروا مسيحاً في صورة مجد لا مسيحاً متألماً.
2) يرش فالمسيح رش دمه على المؤمنين من كل الأمم لأجل تطهيرهم. فمنظره كذا مفسداً= صورته في جروحه ودمه الذي غطى جسمه، حتى أن بيلاطس قال “هوذا ملككم” أبصروا ما لم يخبروا به = هم رأوا في المسيح وعرفوا ما لم يخبرهم به كهنتهم وعرافيهم.