كتاب توجيهات في الصلاة للأب متى المسكين

نتغَّير إلى تلك الصورة عينها

نتغَّير إلى تلك الصورة عينها

كثرة الصلاة تعمل في كيان الانسان الداخلي:

+ كثرة الصلاة واستمرارها حسب ساعات النهار والليـل المفروزة للصلاة حسب ترتيب البيعة، مضافاً إليها ما يجـود به الروح القدس متواتراً في كل وقت مناسب وغير مناسب؛ تُعتبر واسطة فعالة «لتغيير شكلنا» (راجع رو12: 2)، «وتجديد ذهننا» (راجع أف4: 23)؛ هذه حقيقة يعرفها أولاد سر المسيح، لأن كثرة الصلاة في النهار والليل، كأن يصلي الإنسان عشرين مرة أو ثلاثين، كل مرة يجود به الروح القدس من حديث وحب ولو لمدة خمس دقائق أو دقيقة واحدة، هذا كفيل أن يغير في كياننا العقلي والقلبي وفي طبائعنا وأخلاقنا تغييراً جوهرياً لا نلحظه نحن بسهولة ولكن يستطيع أي إنسان قريب منا أن يراه فينا.

وذلك لأن كثرة الشخوص نحو المسيح في الصلاة يطبع صورة المسيح السرية غير المنظورة في كياننا الداخلي: أي صفاته وحلاوته ته الفائقة ونور وجهه.

بولس الرسول يكشف لنا عن هذا الاختبار بقوله: «يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضاً إلى أن يتصور المسيح فيكم» (غل4: 19). لأن كثرة الكلام مع المسيح في الصلاة إليه يجعلنا نقبل انطباع صـورة المسيح في عمقنا دون أن ندري[1]؛ هذه الحقيقة نراها واضحة في الأجسام المشعة، فالجسم غير المشع إذا تعرض إلى جسـم مشـع فإنه يتقبـل منـه الإشعاع بقدر ما يتعرض له من الزمن، فكم يكون تأثيرنا باقترابنا من مصدر النور الموجود في العالم كله ومصدر الإشعاع الذي تستمد منه جميع الأجسام إشعاعها سواء ما كان منها في السموات أو على الأرض، يسوع المسيح نور الآب ونور العالم!!

والمسيح نفسه يدعونا أن نكون دائماً قريبين منـه!! حتى لا تشملنا ظلمة العالم وتطغى على بصيرتنا فنعمى عن الحق الإلهي. «سيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام، أنا هو نور العالم. من يتبعني فـلا يمشي في الظلمة!!» (یو12: 35 ، 8: 12).

أما الذين يهملون الصلاة بإرادتهم فإنهم يبتعدون عـن الحـق بـالرغم عنهم، فيسيرون على حافة الهاوية في مواجهة منطقـة الشـك مباشرة أي «الظلمة الخارجية» (مت8: 12، 25: 30)، فيكونون معرضين للتجديف دون أن ينتبهوا. وأقل عثرة كفيلة أن تلقيهم في هاوية اليأس ومعاداة الله. والعكس أيضاً صحيح، فالملازمون للصلاة بكثرة يصبح إيمانهم أشـد رسوخاً من الجبال، ليس بالادعاء أو بمجرد الكلام أو التباهي، ولكـن سيرة حياتهم تنطق بهذا الحق وصبرهم وفرحهم بالضيقات واحتمالهم المدهش للآلام والمظالم آية تنطق برصانة إيمانهم، هؤلاء لا تدركهم الظلمة حسب وعد الرب.

فكثرة الصلوات تعمل في كيان الإنسان الداخلي عملاً إلهيـاً يؤهله أخيراً لقبول قوة النعمة كتمهيد للاتحاد السري الدائم بالرب!!

صلاة الشركة والاتحاد مع الرب:

+ الصلاة في البـدء تكـون هـي البـاب الـذي ندخل منه إلى الرب، والباب الذي يدخل الرب منه إلينا حينما يقرع ضمائرنا متواتراً لنقبلـه شريكاً أبدياً لحياة أبدية.

وهنا، في البدء، تكون الصـلاة تحتاج إلى قسر كثير لطبيعة الجسد والذات الترابية التي لا تود أن تخسر شيئاً مـن لـذة الـدنيا في سبيل حيـاة أخرى ليست للجسد وليست للذات مطلقاً.

ثم إذا استمرت الصـلاة، وإذا أخضعت الطبيعـة الجسدية للـروح فصارت الصلاة كاسحة لكل تواني أو مماطلة أو تهرب أو عناد من قبـل الجسد، يكون ذلك تأكيداً لغلبة الروح وسيادة الله؛ وهنا تصبح الصـلاة علامة على حصول شركة ناجحة مع الرب وبداية اتحاد معه في المشيئة والمسرة والطاعة للآب. وعلامة ذلك: حب يستهين بالآلام حتى الموت!!

وصلاة الشركة أو الإتحاد لا تحسب من أعمال هذا الدهر، ولا وقتها يُحسب من ساعات هذا الزمان، بل تصير عبارة عن تجليات خاطفة ينعم فيها الإنسان بملكوت الله مسبقاً، ويحس إحساساً روحانياً يقينياً بالرب يسوع كحياة أبدية تنساب في كل كيانه، وكنـور يشرق في الظلمة، ظلمة الغرائز ومعاثر الدنيا وشرور الإنسان وطغيان الشيطان.

مثل هذه اللحظات السماوية تكون في الواقع هي الساعات الإلهيـة التي قال عنها الرب إنه «تأتى ساعة وهي الآن حين يسمع الأمـوات صوت ابن الله والسامعون يحيون»!! (يو5: 25) وقوله: «تأتي ساعة» تلميح إلى أوقات الأبدية التي تحمل إنعامات الله التي هي بعينها حياة الأبد المخفية وراء حجاب الخطيئة المظلم. وقوله: «هي الآن» تصـریح أكيـد على اقتحام الأبدية لهذا الحجاب وانسكاب نور المسيح في قلب الإنسان أثناء الصلاة رغم العالم وشيطان الظلمة ومعاكسات الجسد.

هذه في الواقـع صـلاة القيامة ولحظات الأبدية وساعة المسيح التي يمارسها أولاد سر المسيح الذين يسمعون صوته فلا يقــون قـلـوبهـم بـل ينهضون للصلاة والتسبيح في كل وقت وبلا ملل.

الصلاة أقوى من الخطيئة:

 + الخطيئة تستنفد قوى الإنسان الجسدية والنفسية ولكـن لا تستنفد قوة رحمة الله ومحبته، «فالله أقوى من الإنسان» (1کو1: 25)، ولا يزال دائماً أبداً محباً للإنسان قبل أن يخطئ وأثناء ما يخطئ وبعد أن يخطئ.هي اتصـال

الصلاة كاتصال بالله، هي اتصـال برحمته الغافرة لأشـد الذنوب وأكثرها. وهي بحد ذاتها إعلان ندم وتوبة. والله دائماً قابل التائبين إليـه لأنه لا يشاء موت الخاطئ بل يشاء حياته برجوعه.

وإن كانت الخطيئة في الحقيقة تحطـم جـزءاً كبيراً مـن القـوة الـتي يتحصل عليها الإنسان من الصلاة، لكن الخطيئة لا يمكن أن تحطم كل ما يحصل عليه الإنسان في الصلاة!! فإذا أخطأ الإنسان بعد أن يكون قد صلى – مهما كان الخطأ – فإنه يتبقى رصيد قوة الصـلاة! فالصـلاة غالبة في النهاية، ومـن بعـد كـل الخطايا تتبقى قوة مذخرة في قلب الإنسان ووجدانـه مـن الصـلاة الـتي يكون قد رفعها لله بقلب مخلص وضمير نادم وتوبة. وهكذا بالصلوات المتواترة يتحصل الإنسان على رصيد كبير مـن القوة يكفي في النهاية ليس فقط أن يلغي كل الخطايا فقط بل وأيضاً أن يطهر الضمير من الإحساس المؤلم بها إذ تحل بهجة المغفرة والخلاص عوض حزن الخطيئة وأوجاعها. فالصلاة شفاء للنفس!

ولكن هذا لا يتم في يوم أو سنة ولكـن علـى مـدى السنين الكثيرة، حينما تكون الصلاة تعمل فعلها البطيء المستمر المتراكم، المحطـم لـروح الخطيئة والغاسل للضمير شيئاً فشيئاً، إلى أن ينضج وجدان الصلاة فينبثق فجأة إشراق نور الخلاص في النفس مع فرح يتسحب على كـل كـيـان الإنسان حتى يشمل كل الحياة. وهذا النور الداخلي وهذا الإشراق وإن كان يظهر أخيراً كأنه فجأة، إلا أنه في الحقيقة عمل السنين الطويلـة مـن آلاف الصلوات.

الصلاة انفعال بالمحبة الالهية وعلامة المحبة المتبادلة مع الله:

+ الصلاة مهما كانت تذلليـة ومهمـا أحـس الإنسان أثناءهـا بعـدم استحقاقه الحديث مع الله بسبب كثرة تعدياته وذنوبه ودناءاته، فهي فوق كل هذا علامة محبة متبادلة مع الله، فمحبة الله ظهرت في جذب قلـب الإنسان للصلاة والوقوف في حضرته، ومحبة الإنسان ظهرت في تقديم القلب الله ولو بصورته الحزينة الآثمة النادمة.

فالصلاة هي فاعلية المحبة، تبدأ مكتومة صعب التعبير عنها بكلمـات محبة وإنما يعبر الإنسان عنها بكلمات ندم واستغفار وتوبة، وحينما تنضج الصلاة تكون علامة نضج المحبة، فلا يجد الإنسان حرجاً في التعبير عـن محبته بكلام المحبة!

الله محبة – كل المحبة – وأصل ينبوع كـل محبـة. فإذا لم ينفعـل قلـب الإنسان بالمحبة الإلهية فإنه يظل بعيداً عن الله ومحرومـاً مـن طبيعتـه المنيرة السخية.

أولى علامات انفعال قلب الإنسان بالمحبة الإلهية تكون بالاتجاه المباشر نحو الله للحديث معه، وهذه هي الصلاة. فالصلاة أول برهان لانسكاب محبة الله في قلب الإنسان.

 وإن كان قلب الإنسان يشتغل عند بدء تعرفه على الصلاة بالاعتراف بخطيئته، فذلك لأن المحبة الإلهية – الداعية والجاذبة للقلب – طاهرة جداً لا تطيق الخطيئة. لذلك، فأول انفعال بالمحبة يكون صلاة استغفار وتوبة للتطهير إعداداً لتبادل المحبة الإلهية مـن قلـب طاهر، فصـلاة الـدموع والندامة والحزن العاصر للقلب هي انفعال بالحب وهي أيضاً تطهـير للقلب لقبول «المحب» نفسه.

يسوع المسيح يدعونا للتوبة لنكون مستحقين لملكوت السموات، في الصلاة إذ يكون المسيح نفسه حاضراً، فملكوت السموات يكون قريباً جداً منا. لذلك فالإحساس بالتوبة يزداد أثنـاء الصـلاة بصـورة غامرة حتى أن الإنسان يكون مستعداً للتكفير عن خطاياه بالتضحية بكل شيء عنده حتى الحياة نفسها. والسر في ذلك هو قوة المحبـة التي يسكبها المسيح في قلبنا أثناء الصلاة بصورة خفية تزيد من حرارة عبادتنا لدرجة مذهلة، لذلك يقول سليمان الحكيم إن «المحبة قوية كالموت» (نش8: 6)

فالصلاة فرصة لدى الله لسكب روح المحبة في قلب الإنسان، والمحبـة من ذاتها تشتعل في القلب وتعمل عملها: فهي أولا تفضح الخطيئة، وثانيا تدينها، وثالثاً تغفرها. والإنسان عنـدما يقبـل هـذه الأفعال أثنـاء الصلاة يقبل المحبة. فالصلاة قبول لروح المحبة ووسيلة للخضوع لتأثيراتهـا المطهرة.

الصلاة فعل طاعة:

+ الخضوع لروح المحبة وتأثيراتها على القلب أثناء الصلاة للتوبة هـو أول وأهم تعبير عن طاعة الإنسان الله، أي طاعة المحبة!

أي أن مبادرة الإنسان بالصلاة عند أول هاتف قلبي هو في الحقيقة استجابة لصـوت المحبة بطاعـة سهلة: فالمحبـة الإلهية تنادي الإنسان للصلاة، والقلب يطيع النداء، وعلامة صدق الصلاة كطاعة لنداء المحبـة هي أن يتخللها توبة ونـدم عـن كـل خطيئـة مهما كانت صغيرة، لأن التوبة هي أول مفاعيل المحبة. 

فالصـلاة المخلصة بحد ذاتهـا هي طاعـة لله. والتمسك بالصـلاة والاستجابة السريعة لمواعيدها ومتطلباتها كلها هي بعينهـا التوفر على طاعة الله. والإنسان الذي يتعلم كل يوم كيف يصلي بإخلاص أكثر، هو إنسان يخلص لطاعة الله.

وباب الطاعة الله

+ الـذي يريد أن يبـدأ يتعلم الطاعـة لـصـوت الله عليـه أن يبـدأ بالاستجابة السريعة لروح الصلاة عندما ينادي الله بها في قلب الإنسان، لأنه بهذا تصير الطاعة الله بعد ذلك سهلة لديه في أصعب الأمـور وأشقها.
والذي لا يتعلم طاعة الله بالصلاة المستمرة أولاً، يستحيل عليـه أن يطيع الله طاعة سريعة سهلة راضية في الأمور الصعبة. طاعة صوت الله بالصلاة القلبية المستمرة تعطي فرصة لتقوية الروح وتغليبها على إغراءات الجسد وراحاته ومسراته. وشيئاً فشيئاً لا يصير للجسد على الإنسان سلطان البتة بل يكون خضوعه لنداء الله محتماً.

فالذي لا يتعلم الطاعة الله بالصلاة، يظن أن له قدرة على طاعة الله في أي وقت، ولكن عندما يفاجأ بصوت الله للبذل والتضحية ينبري له الجسد غير المخضع ويتعلل بعلل كاذبة وهمية فيفلـت مـن صـوت الله، وينحاز الإنسان للجسد أخيراً خاسراً للنعمة ويمضي حزيناً وهو مطأطئ الرأس.

الطاعة لله من أشق متطلبات العلاقة التي تربط الإنسان بالله وقد سقط في اختبارها أحياناً أعظم الأنبياء والقديسين قديماً. ولكـن الـذي يتدرب على الخضوع لصـوت الله كـل يـوم بالصـلاة، يسهل عليـه قبـول روح الطاعـة بتلقائية مريحة، لأنه يتعلم في الصلاة روح التسليم لقيـادة الله وتدبير نعمته شيئاً فشيئاً حتى تصير الطاعـة جـزءاً لا يتجزأ مـن تفكيره وشعوره وإرادته العملية.

المسيح نفسه له – المجد – قيل عنه أنه تعلم الطاعة!! مع أنه ابن الله: إن المسيح «مع كونه ابناً، تعلم الطاعة!!» (عب5: 8).

الصلاة تهب الانسان قدرة التسليم للإرادة الله:

فالإنسان في الصلاة يتقبل روح التسليم الله. وإذ يريد الله أن يكمله في الطاعة يدخله الآلام. وحينما يستجيب الإنسان للآلام التي يجعلها الله عليه، يبرهن الإنسان أنه قد اكتملت طاعته لله، وهـذا يكون برهاناً لاكتمال خلاصه. إن المسيح «مع كونه ابناً تعلم الطاعة مما تألم به. وإذ كمل، صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي» (عب5: 8و9). فالصلاة باب الطاعة، فيهـا يمنح الإنسان روح التسليم. أما احتمال الآلام بفرح فهو كمال الطاعة لله، وهذا ثمرة الصلاة!

فالإنسان الذي يحب الصلاة ويخلص لها هو الذي يستطيع أن يرضى بالآلام ويحبها أيضاً. أما الإنسان الذي يكره الصلاة فهو يكره الآلام بالضرورة، وبهذا يبرهن أنه خال تماماً من الطاعة الله، وبالتالي خـال مـن المحبة الإلهية وعادم الاستجابة لمفاعيلها. 

+ روح التسليم لله الذي نقبله أثناء الصلوات هو في الواقع انهزام لإرادة الإنسان، وهو لا يأتينا سهلاً بل يكون نتيجة صراع طويـل بـين الذات البشرية بآمالها الدنيوية وآمالها الدينية الكاذبة وبين إرادة الله التي تشاء خلاص الإنسان فقط!! ولا يتم تحطيم إرادة الذات إلا بمعاكسات مستمرة من جهة الله تنغص سلام الذات الكاذب وتهـدم أبراجهـا الـتي تبنيها لمجدها الخاص أمام الناس.

وفي أثناء هذا الصراع، إذا حدث أن توقف الإنسان عن الصلاة فإنه يفقد تمسكه وخضوعه لإرادة الله ويختفي عنه هدف الحياة والجهاد أي خلاصه، فينحاز الإنسان إلى ذاته ويبدأ يتذمر على التجارب التي يرسلها الله لخلاصـه. أما الخسارات والإهانات التي يرسلها إليـه الله بحكمته وعنايته حتى ينعتق من المجد الكاذب فإنه يرفضها وتصير مـرة جـداً في حلقه حتى إنه يشتهي الموت أفضل من أن يرى ذاتـه مـهانـة أمـام النـاس والعالم لأن ذاته تكون عنده أعظم من الله الذي هو واهب الحياة!

أما الإنسان الذي يلتجئ إلى الصلاة ويتمسك بها، فإنه يرى في الآلام والخسارات والإهانات تنـازلاً مـن الله لتهذيبه، وعنايـة منـه لتكميل معجزة اتضاع الإنسان. وبدوام الصلاة، يعطى الإنسان في النهاية روح التسليم والخضوع لمشيئة الله فتنفتح بصيرته بالنعمـة لـيـرى كيف أن خلاصه يتوقف فعلا على قبوله الآلام والخسارات والأمراض وكل مذلة. وحينئذ ينحاز إلى إرادة الله أكثر فأكثر حتى تنهزم إرادته كلياً وتُلغى مشيئته، وتصبح كل مسرته في تكميل إرادة الله فقط، ويسـر بها سروراً عظيماً حتى في أشد حالات الألم.

فالصلاة تهب للإنسان قدرة الانحياز لإرادة الله والتسليم له بفرح.

اكتمال الطاعة يصل بالانسان إلى التضحية:

 + حينما تنضج الصـلاة تنضج الطاعة، واكتمال الطاعـة هو بعينه اكتمال المحبة، وحينما يصير قلب الإنسان حساساً لمحبة المسيح متأثراً بها مستجيباً لها مطيعاً لها، يؤهـل أن يأخـذ سرها، وسـر محبـة المسيح هو التضحية.

أي أن الإنسان حينما يستقر في صلواته ويحبها فإنه يدخل في شركة روحية مع المسيح يكون من مؤهلاتها أن يبدأ قلب الإنسان يتوجع على  الخطاة والمظلومين والفقراء أي أن الإنسان يصير له قلب كقلب المسيح.

فالصلاة الدائمة الأمينة هي مظهر لحياة الشركة مع المسيح وتحمل رسالتها وجوهرها أيضاً.

 فالذي يثابر على الصلاة لا يلبث طويلاً حتى يشتعل قلبـه برسالة المسيح نفسها؛ أي خلاص الناس، ومحبة الخطاة وبذل الـذات لراحة أي متعب، والافتقار الإرادي في سبيل غنى النفوس، وحمل الصليب بافتخار، كعلامة حب صادق.

فالصلاة تبدأ بمقابلة المسيح، ثم حبه، ثـم الشـركة فيه، ثـم الاشتراك الفعلي في حياته وصليبه.

فالذي يشتهي أن يحمل رسالة المسيح ويكرز بآلامه وصليبه، عليه أن يتوفر أولاً على الصلوات بكـل قلبـه حتـى يقبـل مشيئته قبـل أن يخـدم رسالته.

 

  1. «ناظرین محد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من محد إلي بحد كما من الرب الروح» (2کو3: 18)

 

في الحضرة الإلهية  كتب القمص متى المسكين الصلاة لأجل الآخرين
كتاب توجيهات في الصلاة
المكتبة المسيحية

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى