تفسير الإنجيل بحسب القديس لوقا أصحاح 8 – كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
الأَصْحَاحُ الثامن
مثل الزارع
انتهار الرياح
مجنون كورة الجدريين
نازفة الدماء
(1) جولة المسيح الكرازية (ع1 -3):
1 وَعَلَى أَثَرِ ذلِكَ كَانَ يَسِيرُ فِي مَدِينَةٍ وَقَرْيَةٍ يَكْرِزُ وَيُبَشِّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمَعَهُ الاثْنَا عَشَرَ. 2 وَبَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ، 3 وَيُوَنَّا امْرَأَةُ خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ، وَسُوسَنَّةُ، وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدِمْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ.
ع1: بعد ما ترك المسيح بيت سمعان الفريسي بدأ جولته التبشيرية الثانية في الجليل، وذلك في أوائل السنة الثانية لخدمته. وكان يدعو الناس للتوبة ليملك الله على قلوبهم، سواء في المدن أو القرى فيهتم بالأغنياء والفقراء، ويصحبه تلاميذه الإثنى عشر ليتعلموا من كلامه وسلوكه ثم يكرزوا بنفس الأسلوب فيما بعد عندما يكلفهم بهذا، أي كانت فرصة لهم للتلمذة الروحية.
ع2-3: يظهر هنا اهتمام المسيح بالمرأة فسمح لها بتبعيته وسماع تعلميه، عكس عادة اليهود التي تنقص من قدرها ولا تعطيها فرصة مثل الرجل، وكذا الأمم أيضًا كان قدر المرأة عندهم أقل من الرجل.
ومن هؤلاء النساء اللائى أحببنه لأجل شفائهن من الأمراض أو الأرواح الشريرة، مريم المجدلية (مجدل قرية على بحيرة طبرية)، وكانت تعانى من سيطرة سبعة شياطين عليها، فأخرجهم المسيح منها وشفاها فتبعته حتى الصليب والدفن، وكانت أول من تزور قبره في فجر القيامة وظهر لها، وظلت مع التلاميذ والمؤمنين حتى نهاية حياتها.
أما يونا فيبدو أنها أمرأة غنية تبعت المسيح حتى دفنه، وحملت أطياب لتضعها على جسده. ويظن البعض أن خوزى زوجها هو خادم الملك الذي شفى المسيح إبنه، فتبع المسيح هو وكل أسرته.
ثم يذكر سوسنة وأخريات ظهرت محبتهن في تقديم أموال لاحتياجات المسيح وتلاميذه. ومن هذا يتبين اتضاع المسيح، الذي يشبع الجموع بالخمس خبزات ولكنه يحتاج للطعام من عطايا البشر، ولا يتضايق أن تنفق عليه بعض النساء. وهذا يظهر أيضًا اهتمام المسيح بخدمة المرأة في الكنيسة فيما يناسبها.
† إقبل باتضاع محبة وخدمة الآخرين لك، بل أشكرهم على ذلك فهذا لا ينقص من مقدارك بل يزينك بالفضائل.
(2) مثل الزارع (ع4 -15):
4 فَلَمَّا اجْتَمَعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ أَيْضًا مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ، قَالَ بِمَثَل: 5 «خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَانْدَاسَ وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاءِ. 6 وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الصَّخْرِ، فَلَمَّا نَبَتَ جَفَّ لأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ رُطُوبَةٌ. 7 وَسَقَطَ آخَرُ فِي وَسْطِ الشَّوْكِ، فَنَبَتَ مَعَهُ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ. 8 وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ، فَلَمَّا نَبَتَ صَنَعَ ثَمَرًا مِئَةَ ضِعْفٍ». قَالَ هذَا وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!». 9 فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا الْمَثَلُ؟». 10 فَقَالَ: «لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَمَّا لِلْبَاقِينَ فَبِأَمْثَال، حَتَّى إِنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَفْهَمُونَ. 11 وَهذَا هُوَ الْمَثَلُ: الزَّرْعُ هُوَ كَلاَمُ اللهِ، 12 وَالَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا. 13 وَالَّذِينَ عَلَى الصَّخْرِ هُمُ الَّذِينَ مَتَى سَمِعُوا يَقْبَلُونَ الْكَلِمَةَ بِفَرَحٍ، وَهؤُلاَءِ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ، فَيُؤْمِنُونَ إِلَى حِينٍ، وَفِي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَرْتَدُّونَ. 14 وَالَّذِي سَقَطَ بَيْنَ الشَّوْكِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَذْهَبُونَ فَيَخْتَنِقُونَ مِنْ هُمُومِ الْحَيَاةِ وَغِنَاهَا وَلَذَّاتِهَا، وَلاَ يُنْضِجُونَ ثَمَرًا. 15 وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ.
ع4: تكلم المسيح بأمثال ليقرب المعنى إلى ذهن وقلوب السامعين الذين كانوا ينتظرون المسيا كمخلص أرضى وزعيم مادي وليس مخلص لأرواحهم، فلهذا استخدم الأمثال المادية ليفهموا تعاليمه الروحية من خلالها.
ع5-8: سبق شرح هذا المثل في (مت13: 3-23؛ مر4: 3-20) ويمكن الرجوع إليهما. يظهر في المثل أن الزارع فيما هو متجه نحو الأرض الجيدة سقطت بعض بذاره على الطريق، فداستها أقدام الناس وأكلت الباقي طيور السماء. وسقط البعض الآخر على أرض مملوءة أحجارًا ولها تربة رقيقة سطحية، فلم تجد البذور التي نبتت رطوبة لجذورها حتى تمتصها فجفت. وسقطت بعض البذور على أرض مملؤة بالشوك فنبت مع النباتات الصالحة وخنقها إذ ظلل عليها وإمتص الغذاء من الأرض حول جذورها، أما البذور المزروعة في الأرض الجيدة، فأعطت ثمرًا كاملًا يعبر عنه بمئة ضعف لأن مئة تمثل الكمال. وهذا المثل واضح يسهل فهمه لمن يريد أن يسمع كلام الله.
ع9-10: وضح المسيح سبب استخدامه للأمثال، وهو لعله بهذا يقتحم القلوب القاسية التي تسمعه وتبصرهً ولا تريد أن تؤمن به وتفهم كلامه. أما للتلاميذ البسطاء المؤمنين به، فيفسر المثل ويقدم كلامًا روحيًا مباشرًا أي أسرار الحياة مع الله، وكيف نعطيه فرصة أن يملك على القلوب.
ع11-15: تفسير المثل أن الله هو الزارع، والبذار هي كلمته التي يريد أن يعطيها للكل حتى لو كان يعلم بعلمه السابق أنهم سيرفضون. فقدم البذار للناس الذين يشبهون الطريق، أي الذين لا يفتحون قلوبهم لقبول كلامه، فيخطف إبليس الكلمة ويدوسها فلا يستفيدون منها شيئًا.
أما الفئة الثانية من الناس، الذين تمثلهم الأرض الصخرية، فهم يقبلون الكلمة ولكنهم لا يجاهدون في تنفيذها بعمق، لذا يتركون الله في ساعة التجربة ويرتدون عنه إلى العالم وشهواته.
والنوع الثالث من الناس هم المنهمكون في شهواتهم، فحتى لو سمعوا كلام الله لا تؤثر فيهم لأن شهواتهم تغطى وتخنق الكلمة. وأما النوع الأخير، فهم المؤمنون الذين يفهمون كلام الله ويجاهدون لتنفيذه بمثابرة، فيعطون ثمارًا صالحة من الفضائل الروحية.
† ليتك تعتبر كلمات الله، التي تقرأها كل يوم في الكتاب المقدس، رسالة شخصية لك من الله حتى تتجاوب معها وتنفذها.
(3) إظهار النور (ع16 – 18):
← ذكر هذا المثل في (مت5: 15؛ مر4: 21).
16 «وَلَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجًا وَيُغَطِّيهِ بِإِنَاءٍ أَوْ يَضَعُهُ تَحْتَ سَرِيرٍ، بَلْ يَضَعُهُ عَلَى مَنَارَةٍ، لِيَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ. 17 لأَنَّهُ لَيْسَ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ مَكْتُومٌ لاَ يُعْلَمُ وَيُعْلَنُ. 18 فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ، لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي يَظُنُّهُ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ».
ع16: إذا أراد إنسان أن يبدد ظلمة مكان بإضاءة سراج، فمن غير المعقول أن يغطيه بإناء يخفى ضوءه، أو يضعه تحت سرير فلا يظهر نوره، بل على العكس يضعه على مكان مرتفع كالمنارة فيضيئ لكل البيت أو المكان.
والمقصود بالنور هو عمل كلمة الله فينا، فتظهر حرارة الروح التي فينا في أعمال صالحة تجذب الكثيرين لمحبة المسيح. ومن غير المعقول إخفاء النور بإناء يوضع فوقه والذي يرمز لشهوات العالم، ومحبة الإقتناء للماديات المختلفة التي تخمد حرارة الروح، أو وضع النور تحت السرير الذي يشير للتراخى والتهاون والكسل، بل على العكس يوضع على مكان مرتفع، أي نرفع حياتنا عن الأرضيات، فننير لكل من في البيت أي الكنيسة بل والعالم كله الذي نحيا فيه.
† أنظر ماذا يضعفك بعدما تتأثر بكلمة الله أو تعد وعودًا للحياة الجديدة؟… حاول أن تتخلص من هذه المعطلات وترتفع فوقها بالتنازل عنها.
ع17: ذكر هذا القول أيضًا في (لو 12: 2؛ مت10: 6).
“خفىّ” هو كلمة الله التي لا بُد أن تعلن لجميع الناس، فإن أخفيتها أنت بخطاياك، ستظهر في حياة آخرين وتصل لك، لكنك ستخسر نعمة إظهارها في حياتك. ويلى هذا الكلام مثل الزارع ليؤكد المسيح ضرورة أن يطبق المؤمنين به كلامه في حياتهم، فيظهر تلقائيًا ويؤثر فيمن حولهم ولا يخفون كلامه كمعلومات داخلهم، بل يطبقونها فينالون بركة تنفيذها، والآخرون أيضًا يبشرون بكلامه من خلالهم.
† احترس من الرياء الذي تخفى به بعض الأمور داخلك وتظهر عكسها، فسينكشف الأمر رغمًا عنك مع الوقت ويظهر كذلك وتدان من الله والناس.
ع18: يؤكد المسيح على مبدأ هام، وهو أن من له استعداد لطاعة الله والسعى في الجهاد الروحي، سيعطى بركات أوفر ويزداد نوره فيشبع ويجذب الكثيرين لله. أما من ليس له إيمان وجهاد روحي، أي لا يطبق كلام الله في حياته، فإن عطايا الله له، والتي بكبريائه يظنها ملكًا له، ستُنزع منه ويسقط في تشككات لأن معرفته هي مجرد معرفة نظرية عن الله.
(4) قرابة المسيح للكل (ع19 – 21):
← ذكرت هذه الحادثة في (مت12: 46-50؛ مر3: 31-35).
19 وَجَاءَ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ. 20 فَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا، يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ». 21 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا».
ع19: أمه هى العذراء مريم.
أخوته هم أولاد خالته مريم زوجة كلوبا أو حلفا. وأولاد الخالة في العرف اليهودي يُعتبرون بمثابة إخوة.
هؤلاء وصلوا إلى المكان الذي يجلس فيه يسوع، ولم يقدروا أن يدخلوا إليه بسبب الزحام المحيط به فوقفوا خارجًا.
ع20: أخبره المحيطون به أن أمه وإخوته يريدون أن يروه، وهذه نية حسنة منهم، والمسيح يفرح بأقربائه وقد أهتم بأمه حتى وهو على الصليب، ولكنه أراد أن يرفع مستوى الكل إلى قرابته كأمه وإخوته. كيف؟
ع21: أعلن المسيح أن من يسمع كلامه وينفذه في حياته، فقد إرتفع إلى مستوى القرابة للمسيح، ولا يكفي السمع فقط بل العمل أيضًا.
ويلاحظ هنا أنه بعد مثل الزارع، أكد أهمية تطبيق كلام الله في مثل السراج، ثم أكده مرة ثانية عندما زارته أمه وإخوته.
† اتضاع الله يدعوك أن تكون أخًا له بأن تحفظ وصاياه، فكلام الله يقربك إليه لتتمتع بعشرته. فاهتم بقراءة الكتاب المقدس كل يوم.
(5) انتهار الرياح والأمواج (ع22 – 25):
← ذكرت هذه المعجزة في (مت8: 23-27؛ مر4: 36-41).
22 وَفِي أَحَدِ الأَيَّامِ دَخَلَ سَفِينَةً هُوَ وَتَلاَمِيذُهُ، فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَعْبُرْ إِلَى عَبْرِ الْبُحَيْرَةِ». فَأَقْلَعُوا. 23 وَفِيمَا هُمْ سَائِرُونَ نَامَ. فَنَزَلَ نَوْءُ رِيحٍ فِي الْبُحَيْرَةِ، وَكَانُوا يَمْتَلِئُونَ مَاءً وَصَارُوا فِي خَطَرٍ. 24 فَتَقَدَّمُوا وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، يَا مُعَلِّمُ، إِنَّنَا نَهْلِكُ!». فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ وَتَمَوُّجَ الْمَاءِ، فَانْتَهَيَا وَصَارَ هُدُوُّ. 25 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَيْنَ إِيمَانُكُمْ؟» فَخَافُوا وَتَعَجَّبُوا قَائِلِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ هُوَ هذَا؟ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ الرِّيَاحَ أَيْضًا وَالْمَاءَ فَتُطِيعُهُ!»
ع22: ترك المسيح الجمع وأقاربه، وركب السفينة مع تلاميذه ليعبر من البر الغربي لبحيرة طبرية إلى البر الشرقى.
وهذا يرمز لعبور المسيح بالمؤمنين به من الظلمة إلى النور بواسطة صليبه أو كنيسته التي يرمز إليها بالسفينة.
ع23: نوء ريح رياح شديدة، لأن سطح البحيرة منخفض عن سطح البحر الأبيض المتوسط 600 قدم، والأرض المحيطة به مرتفعة، لذا فالهواء الآتي من وراء التلال المحيطة بالبحيرة يكون شديدًا ويهيج المياة فترتفع أمواجها.
ذكر هنا لأول مرة أن المسيح نام ليؤكد ناسوته. ويرمز نومه إلى راحته في قلوب أولاده وخدامه. وتعرضت السفينة لرياح شديدة رفعت الأمواج واصطدمت بالسفينة بل ودخلتها المياه وأصبحت معرضة للغرق، وبالتالي هلاك كل من فيها.
† قد تزداد الضيقة شدة والله يطيل أناته، ليس إغفالًا منه أو عدم إحساس بك، بل ليتمجد في النهاية بمعجزة عظيمة تظهر محبته لك.
ع24: استخدم التلاميذ كل خبرتهم في قيادة السفن ففشلوا، وأخيرًا التجأوا إلى المسيح باضطراب شديد معلنين عجزهم بل وتعرضهم للموت. فقام المسيح وأمر الرياح والأمواج أن تهدأ فأطاعت في الحال، وهذا يثبت لاهوته وسلطانه على الطبيعة.
† قد يكون سبب تأخر حل المشكلة هو عدم التجائك لله.
ع25: بعدما حل المسيح المشكلة، عاتبهم على ضعف إيمانهم به وتأخر التجائهم إليه، أما التلاميذ فظهر بوضوح لهم سلطانه ولاهوته، وتعجبوا جدًا من قوته.
† ساعد الآخرين أولًا، ثم عاتبهم وأرشدهم.
(6) مجنون كورة الجدريين (ع26 – 39):
← ذكرت هذه المعجزة أيضًا في (مت8: 28-34؛ مر5: 1-20).
26 وَسَارُوا إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَ الْجَلِيلِ. 27 وَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الأَرْضِ اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ فِيهِ شَيَاطِينُ مُنْذُ زَمَانٍ طَوِيل، وَكَانَ لاَ يَلْبَسُ ثَوْبًا، وَلاَ يُقِيمُ فِي بَيْتٍ، بَلْ فِي الْقُبُورِ. 28 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ صَرَخَ وَخَرَّ لَهُ، وَقَالَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ الْعَلِيِّ؟ أَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي!». 29 لأَنَّهُ أَمَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الإِنْسَانِ. لأَنَّهُ مُنْذُ زَمَانٍ كَثِيرٍ كَانَ يَخْطَفُهُ، وَقَدْ رُبِطَ بِسَلاَسِل وَقُيُودٍ مَحْرُوسًا، وَكَانَ يَقْطَعُ الرُّبُطَ وَيُسَاقُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَى الْبَرَارِي. 30 فَسَأَلَهُ يَسُوعُ قِائِلًا: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «لَجِئُونُ». لأَنَّ شَيَاطِينَ كَثِيرَةً دَخَلَتْ فِيهِ. 31 وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَأْمُرَهُمْ بِالذَّهَابِ إِلَى الْهَاوِيَةِ. 32 وَكَانَ هُنَاكَ قَطِيعُ خَنَازِيرَ كَثِيرَةٍ تَرْعَى فِي الْجَبَلِ، فَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَأَذِنَ لَهُمْ. 33 فَخَرَجَتِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الإِنْسَانِ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ، فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرُفِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ وَاخْتَنَقَ. 34 فَلَمَّا رَأَى الرُّعَاةُ مَا كَانَ هَرَبُوا وَذَهَبُوا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الضِّيَاعِ، 35 فَخَرَجُوا لِيَرَوْا مَا جَرَى. وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَوَجَدُوا الإِنْسَانَ الَّذِي كَانَتِ الشَّيَاطِينُ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ لاَبِسًا وَعَاقِلًا، جَالِسًا عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ، فَخَافُوا. 36 فَأَخْبَرَهُمْ أَيْضًا الَّذِينَ رَأَوْا كَيْفَ خَلَصَ الْمَجْنُونُ. 37 فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ جُمْهُورِ كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُمْ، لأَنَّهُ اعْتَرَاهُمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ. فَدَخَلَ السَّفِينَةَ وَرَجَعَ. 38 أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ الشَّيَاطِينُ فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ، وَلكِنَّ يَسُوعَ صَرَفَهُ قَائِلًا: 39 «ارْجعْ إِلَى بَيْتِكَ وَحَدِّثْ بِكَمْ صَنَعَ اللهُ بِكَ». فَمَضَى وَهُوَ يُنَادِي فِي الْمَدِينَةِ كُلِّهَا بِكَمْ صَنَعَ بِهِ يَسُوعُ.
ع26: كورة الجدريين هي إحدى المدن العشر في الجليل، وكان يسكنها مع اليهود أمميون كثيرون، وهي مدن في شمال اليهودية عند بحر الجليل، وهذه المدينة تبعد حوالي 30 ميلًا جنوب شرق بحر الجليل.
ع27: يصف القديس لوقا لنا هنا حالة تعيسة لرجل سكنت فيه الشياطين منذ سنين كثيرة، فأفقدته عقله وعرته من ثيابه وطردته من السكن بين الناس فأقام في القبور. وهو يرمز للبشرية البعيدة عن الله، التي تعرت من ثياب البر وفقدت إنسانيتها ومحبتها للبشر، بل صارت ميتة وهي حية إذ سكنت بين الأموات في القبور، وقد ترك هذا الرجل القبور وأتى ناحية المدينة بتدبير الله ليقابل المسيح.
† تأمل ما تصنعه الخطية بك، وكيف تفقدك سموك كإنسان ومحبتك لمن حولك، وتصير كميت في نظر الله لترفضها بالتوبة والاعتراف.
ع28: رغم قسوة وعنف الشياطين، فإنها خضعت في ضعف وخوف أمام المسيح إذ سجد هذا الرجل له، وطلبت الشياطين من المسيح ألا يعذبها، إذ أن راحتها في تعذيب البشر وعذابها هو خلاصهم منها.
ع29: أمر المسيح الشياطين، أن تخرج من هذا الإنسان المعذب الذي حرمته من السكن بين الناس، وفشلت كل المحاولات البشرية لربطه ولو بسلاسل، فكان يكسرها بقوة الشياطين التي فيه ويلتجئ إلى الصحراء. فالشياطين لا تُقاوم بالأفكار والأعمال البشرية بل بالصلاة وقوة المسيح.
ع30: لجئون أسم لأكبر فرقة في نظام الجيش الروماني وعددها من 3-6 آلاف جندى. وقد ذكر القديس مرقس في إنجيله أن عدد الشياطين ألفان في هذا الرجل، وإجابة الشياطين على المسيح تعني أنهم عدد كبير جدًا.
ع31: الشياطين تعلم أن نهايتها العذاب الأبدي، وتعلم أيضًا سلطان المسيح عليها، فترجت منه ألا يرسلها إلى الجحيم مكان إنتظار الأشرار حتى يوم الدينونة حين يلقوا في العذاب الأبدي.
ع32-33: كان هناك قطيع كبير من الخنازير يرعى في الجبال المحيطة بالمدينة وهذا مخالف للشريعة اليهودية، التي تأمر بعدم تربية أو أكل الخنازير لأنها ترمز للنجاسة والشر، إذ أن الخنزير يتمرغ في التراب والقذارة (في العهد الجديد إذ علمنا المعنى الروحي لم يعد أكل الخنازير محرمًا بل هو طعام عادي خلقه الله لها). فطلبت الشياطين من المسيح أن يسمح لها بالدخول في الخنازير، فانجرفت إلى البحيرة وغرقت مختنقة. وقد سمح المسيح بذلك ليعلن غضبه على عدم طاعة شريعته.
ع34-35: إذ رأى الرعاة غرق خنازيرهم، خافوا وأسرعوا يخبرون الناس في مدينة الجدريين وما حولها، فخرجوا جميعًا لينظروا المسيح ووجدوا الذي كان مجنونًا وعريانًا في القبور لابسًا وجالسًا يتعلم عند قدميه.
وهكذا أعادت النعمة للمجنون عقله، واستقر باتضاع محبًا للتلمذة الروحية في تعاليم المسيح. فخافوا جدًا من عظمة المعجزة لأن الجميع كانوا يعرفون مشكلة هذا المجنون.
ع36-37: سمع أهل المدينة من الذين رأوا المعجزة تفاصيلها التي أظهرت قوة وسلطان المسيح، وللأسف لم يؤمنوا به بل خافوا منه وطلبوا أن يبتعد عن مدينتهم فركب السفينة ومضى.
وهكذا نجد أن الخوف يحرم الإنسان من التمتع بعشرة الله، ففى الوقت الذي تمتع فيه الذي كان مجنونًا بعشرة المسيح إذ خضع عند قدميه، حرم الخوف أهل مدينته من ذلك لعدم إيمانهم.
ع38-39: إذ تبدلت حالة هذا التعيس إلى فرح بعد تعرفه على المسيح، ورأى جهل أهل مدينته بصرفهم المسيح، ترجى منه أن يتبعه ليتمتع بعشرته. أما المسيح، فعلى غير عادته، طلب منه أن يبشر في مدينته بهذه المعجزة، فلم يكن يخشى كما في اليهودية أن يجعوله ملكًا أرضيًا عليهم، إذ أن هذه المدينة امتلأت بالأمميين كما ذكرنا، فهذه فرصة أن يؤمنوا بالله أكثر من إيمانهم بقوة الشياطين.
† كن حكيمًا في التحدث عن عمل الله معك ليكون باتضاع وإخفاء لذاتك، فتفيد الآخرين ولا تُحارب بالكبرياء.
(7) طلبة يايرس (ع40 – 42):
← ذكرت هذه المعجزة أيضًا في (مت9: 18-26؛ مر5: 22-43).
40 وَلَمَّا رَجَعَ يَسُوعُ قَبِلَهُ الْجَمْعُ لأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعُهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ. 41 وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يَايِرُسُ قَدْ جَاءَ، وَكَانَ رَئِيسَ الْمَجْمَعِ، فَوَقَعَ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، 42 لأَنَّهُ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَحِيدَةٌ لَهَا نَحْوُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَتْ فِي حَالِ الْمَوْتِ. فَفِيمَا هُوَ مُنْطَلِقٌ زَحَمَتْهُ الْجُمُوعُ.
ع40: رجع يسوع من كورة الجدريين إلى كفرناحوم، أكثر مدن الجليل التي صنع فيها معجزاته وألقى تعاليمه، فوجد أهلها ينتظرونه بإشتياق.
ع41-42: المجمع هو المركز الدينى اليهودي في المدينة الذي تُقرأُ فيه الكتب المقدسة، ويتم فيه الوعظ والتعليم، وكان رئيس المجمع رتبة دينية عظيمة. لذا كان أمرًا عجيبًا أن يتنازل يايرس ويسرع للمسيح، ساجدًا متضرعًا إليه أن يأتي ويشفى إبنته ذات الإثنتى عشر سنة التي تحتضر، وهذا يظهر اتضاعه وإيمانه. ولكن إيمانه كان أقل من إيمان قائد المئة، الذي طلب من المسيح أن يشفى غلامه بكلمة فقط من فمه، أما يايرس فطلب أن يأتي المسيح إلى بيته ليشفى ابنته.
ويايرس أيضًا يرمز للأمة اليهودية التي يأتي المسيح إلى بيتها، أي يولد فيها ليخلصها، أما الأمم في شكل قائد المئة فتؤمن فقط بكلمته.
الإثنتى عشر سنة ترمز إلى أسباط إسرائيل الإثنى عشر.
† بالإيمان تستطيع أن تنال أحتياجاتك من الله أبيك الحنون، الذي يفرح بطلباتك ويود أن يعطيك أكثر مما تطلب أو تفتكر خاصة لو اقترن إيمانك باتضاع في شكل تذلل ودموع ومطانيات وأصوام وصلوات متتوالية.
(8) شفاء نازفة الدم (ع43 – 48):
43 وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ أَنْفَقَتْ كُلَّ مَعِيشَتِهَا لِلأَطِبَّاءِ، وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تُشْفَى مِنْ أَحَدٍ، 44 جَاءَتْ مِنْ وَرَائِهِ وَلَمَسَتْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. فَفِي الْحَالِ وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا. 45 فَقَالَ يَسُوعُ: «مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي؟» وَإِذْ كَانَ الْجَمِيعُ يُنْكِرُونَ، قَالَ بُطْرُسُ وَالَّذِينَ مَعَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، الْجُمُوعُ يُضَيِّقُونَ عَلَيْكَ وَيَزْحَمُونَكَ، وَتَقُولُ: مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي؟» 46 فَقَالَ يَسُوعُ: «قَدْ لَمَسَنِي وَاحِدٌ، لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي». 47 فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا لَمْ تَخْتَفِ، جَاءَتْ مُرْتَعِدَةً وَخَرَّتْ لَهُ، وَأَخْبَرَتْهُ قُدَّامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ لأَيِّ سَبَبٍ لَمَسَتْهُ، وَكَيْفَ بَرِئَتْ فِي الْحَالِ. 48 فَقَالَ لَهَا: «ثِقِي يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ».
ع43: أصيبت هذه المرأة بمرض جعلها تنزف دمًا، وفشلت محاولات الأطباء في علاجها ودام المرض إثنتى عشر سنة، أي مدة طويلة. وبذلت كل أموالها ولم تنتفع شيئًا. بهذا يظهر ضعف البشر في علاج أنفسهم وحاجتهم للمسيح.
ع44: علمت المرأة أنها نجسة، بحسب الشريعة اليهودية، لأنها تنزف دمًا فلا يصح أن تلمس المسيح، ولكن إيمانها وإحتياجها دفعاها أن تأتي خفية وتلمس هدب، أي ذيل ثوب المسيح لتشفى، فبرأت في الحال.
وثوب المسيح يرمز إلى رسله وكنيسته لالتصاقهم به، والمرأة ترمز للذين نالوا الشفاء من خطاياهم بإيمانهم بالمسيح نتيجة كرازة الرسل والكنيسة.
ع45-46: أراد المسيح أن يمجد هذه المرأة فقال من لمسنى، فخافت المرأة في البداية أن تعلن نفسها، وأنكر الكل أنهم حاولوا لمسه، أما بطرس والتلاميذ فاندهشوا من سؤاله إذ رأوا الجموع يزحمونه، فكيف يقول من لمسنى. أما هو فأوضح أنها ليست لمسة عادية بل لمسة معجزية، إذ خرجت منه قوة لشفاء محتاج.
† لا تتسرع في الحكم حسب الظاهر، فقد يكون لله حكمة ستفهمها فيما بعد. ففى كل موقف تعلم أن تصلى ليكشف لك الله مشيئة التي تختفى عن عينيك، وعلى قدر اتضاعك وإيمانك في الصلاة ستفهم حكمة الله.
ع47-48: بإعلان المسيح حدوث معجزة، لم تجد المرأة بدا من أن تعلن ما حدث لها، وقصت قصتها أمام الجموع. وهنا مجدها المسيح في ثلاثة أمور:
1- أعلن أبوته لها إذ قال يا ابنة.
2- أعلن عظم إيمانها بلمس ثوبه، إذ أن كثيرين لمسوه ولم ينالوا قوة لعدم إيمانهم.
3- منحها السلام الداخلي، وهو أعظم عطية ينالها الإنسان.
† على قدر ما تخفى نفسك باتضاع يمجدك المسيح، وعلى قدر ما تمجد نفسك تسقط في الكبرياء وتُحرم من نعمته.
(9) إقامة ابنة يايرس (ع49 – 56):
49 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ، جَاءَ وَاحِدٌ مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلًا لَهُ: «قَدْ مَاتَتِ ابْنَتُكَ. لاَ تُتْعِبِ الْمُعَلِّمَ». 50 فَسَمِعَ يَسُوعُ، وَأَجَابَهُ قِائِلًا: «لاَ تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ، فَهِيَ تُشْفَى». 51 فَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَيْتِ لَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ إِلاَّ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَأَبَا الصَّبِيَّةِ وَأُمَّهَا. 52 وَكَانَ الْجَمِيعُ يَبْكُونَ عَلَيْهَا وَيَلْطِمُونَ. فَقَالَ: «لاَ تَبْكُوا. لَمْ تَمُتْ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ». 53 فَضَحِكُوا عَلَيْهِ، عَارِفِينَ أَنَّهَا مَاتَتْ. 54 فَأَخْرَجَ الْجَمِيعَ خَارِجًا، وَأَمْسَكَ بِيَدِهَا وَنَادَى قَائِلًا: «يَا صَبِيَّةُ، قُومِي!». 55 فَرَجَعَتْ رُوحُهَا وَقَامَتْ فِي الْحَالِ. فَأَمَرَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ. 56 فَبُهِتَ وَالِدَاهَا. فَأَوْصَاهُمَا أَنْ لاَ يَقُولاَ لأَحَدٍ عَمَّا كَانَ.
ع49-50: تأخر المسيح في الطريق لإعلان معجزة شفاء نازفة الدم فيتقوى إيمان يايرس، ثم بدأت حروب الشياطين باليأس، إذ أتى واحد من بيته يعلنه بموت إبنته، فشجعه المسيح معلنًا أنها مريضة وستشفى ليثبته في إيمانه. وقد قال المسيح ذلك لأن الموت هو مرض أصاب البشرية والمسيح قادر على شفائه.
ع51: لما جاء المسيح إلى بيت يايرس دخل إلى حجرة الإبنة الميتة وأدخل معه تلاميذه الثلاثة المقربين: بطرس ويعقوب ويوحنا، وكذلك والدى الصبية، وذلك حتى يروا بأعينهم ويفهموا ويستوعبوا قوة هذه المعجزة، فيزداد إيمانهم ويصيروا شهودًا لما رأوا.
ع52-53: حاول المسيح تهدئة الباكين الذين في البيت بقوله لهم أنها نائمة، فضحكوا عليه لثقتهم أنها ماتت، ولأنه لم يكن لهم إيمان مثل يايرس وزوجته والتلاميذ.
† ضعف إيمانك يحرمك من فهم كلام الله وعمله معك.
ع54-55: أمسك المسيح بيد الصبية وأمرها أن تقوم ليظهر لاهوته بشكل ملموس فيفهمه يايرس، فقامت الصبية في الحال. وليؤكد المسيح أن روحها عادت إليها، أمر أن تُعطى لتأكل، فأكلت أمامهم، وتأكدوا أنها عادت إلى الحياة.
ع56: كانت دهشة عظيمة لوالدى الصبية، أما إيمان التلاميذ فكان أقوى بسبب ما رأوه من معجزات سابقة وما سمعوه من تعاليم. وأمر المسيح والديها ألا ينشرا خبر المعجزة، لأنه لا يريد مجدًا من الناس بل ويريد شفاء النفوس بتعاليمه، أما معجزاته فهي لتأكيد تعاليمه فيؤمنوا به ويخلصوا، وحتى لا ينشغلوا بالإعجاز المادي ويجعلوه ملكًا أرضيًا عليهم. إذ كانت فكرتهم عن المسيا المنتظر خطأ، حيث ظنوه ملكًا أرضيًا يخلصهم من الرومان وليس الخلاص الأبدي.