تفسير رسالة تيموثاوس الثانية ٢ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الثاني
آية 1 : – فتقو أنت يا إبني بالنعمة التي في المسيح يسوع.
الرسول يقدم النعمة الإلهية كسر القوة فى الجهاد، أما بطرس الذى إعتمد على قوته وغيرته البشرية أنكر والنعمة تزداد بجهادنا فى الصلاة وإستعمال وسائط النعمة من أسرار الكنيسة (إيجابيات) والهروب من الشر (سلبيات) والنعمة كالرصيد ينبغي أن نزيده فهى تستنفذ فى مقاومة حروب إبليس و فى الخدمة. ولنرى ماذا قدم الرسول لتلميذه لتزداد له النعمة:
1. إهرب من الشهوات الشبابية (22:2) سلبيات.
2. اعكف على القراءة والوعظ والتعليم (1تى 4: 13) + إضرم موهبة الله التى فيك (6:1) إيجابيات.
يا إبنى = تمثل بى أنا أبوك فى الإيمان فكما واجهتنى آلام لكننى مازلت قوياً، فإفعل هذا، وتحمل كما تحملت أنا معلمك وأبوك.
آية 2 :- و ما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناسا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا.
التقليد هو تسليم وتسلم، فالتلاميذ أقاموا تلاميذ لهم وسلموهم ما إستلموه من المسيح. وبولس إستلم من المسيح وسلم تيموثاوس وعلى تيموثاوس أن يودع ما إستلمه لمن هو قادر أن يسلم غيره. والراعى الصالح هو الذى يقيم تلاميذ قادرين على الخدمة. بشهود كثيرين = فتعاليم المسيحية ليست أسرار ولا فى الخفاء أودعه = ككنز
آيات 3 – 6 :- فإشترك أنت في إحتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح. ليس إحد و هو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنده. و أيضا ان كان احد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا. يجب أن الحراث الذي يتعب يشترك هو اولا في الأثمار.
يقدم الرسول ثلاثة أمثلة للجهاد الروحى :-
1. الجندي الصالح :- ايات 4،3 وهذا يحارب لحساب ملكه أو رئيسه بأمانة. وهكذا المسيحى يحارب ضد إبليس وضد الخطية تحت قيادة رب المجد نفسه الذى جنده (عب 10:2) وقائدنا غلب فى معركة الصليب وما زال يغلب فينا، فإن غلبنا ننسب الفضل كله له. (رؤ 2:6) وكما للجندية مشقاتها هكذا للخدمة آلامها ولكن على الجندى أن يضحى بنفسه. هنا نرى ان المؤمن يجب أن يجاهد لأجل المسيح الملك.
2. المتسابقون فى الألعاب الرياضية :- آية 5 وهؤلاء يناضلون لكى يحصلوا على إكليل، ويتحملون تداريب يومية ويمتنعون عن بعض الأطعمة والملذات حتى ينعموا بالفوز (الفائز كانوا يلبسونه إكليل).
3. الحراث :- آية 6 وهذا يتعب لأجل الثمر، ومن يحرث ويتعب من المؤكد يشترك فى الثمر فهو يستحق نصيبه، وهكذا نحن فى جهادنا من المؤكد لنا نصيبنا المحفوظ عند الرب. ومن يتعب فى خدمته ينال هنا عزاء داخلى وهناك مجد أبدى إكليل مجد سمائى.
وعدم الارتباك بأعمال الحياة لها معنيين:
1. للشعب العادى تعنى تكريس القلب لله فيكون القلب والشعور والحب لله ولكن يحيا الإنسان حياته بطريقة عادية ويكون طبيعياً فى عمله، على أن يفهم أن العمل وسيلة وليس غاية.
2. الكاهن والمكرسين لله عليهم أن لا يعملوا سوى خدمتهم، ولا يكون لهم عمل خارجى بالإضافة لتكريس القلب لله (1كو9: 7 – 14) + (مت10 : 10) + (لو 10 : 7).
يجاهد قانونيا :- يصل فى جهاده الى حد موت شهواته وأهوائه وعليه أن يقبل كل صليب، كما يضحى الجندى بحياته لآجل الملك، على المسيحي أن يقدم نفسه ذبيحة حية (غل20:2) + (غل24:5) + (رو1:12). لكن عليه أن لا يعرف يساره ما تفعله يمينه أي لا يشعر بالبر الذاتى، أو لا ينسب لنفسه الفوز، وكما أن الفوز فى المعارك العادية ينسب للملك لا للجندى. هكذا النصرة فى معاركنا الروحية تنسب للمسيح (رو 3 : 27، 28)، نحسب أنفسنا كلا شئ والمسيح هو كل شئ، لا نرى فى أنفسنا سوى أننا عبيد بطالون وانه هو الإله الصالح المتحنن، وأيضاً لا نيأس من بلوغ المستويات العالية فاليأس ضد فكرة أن المسيح هو الذى ينتصر وليس أنا، فعلىّ الجهاد برجاء ودون كبرياء أو شعور بالبر الذاتى. والجهاد يكون بالصوم كما يفعل المتسابقون الرياضيون والصلوات الطويلة ودراسة الكتاب والسهر ومحاولة تنفيذ الوصايا (فلا معنى مثلاً للصلوات والخدمة دون محبة) فاللاعب له مدرب وكل لعبة لها قوانينها، وحياتنا مع المسيح لها وصايا علينا أن نجاهد لننفذها. والحراث يحرث الأرض ليزرعها وينتظر بثقة نمو النبات ليفرح، وهكذا فلنجاهد بثقة وصبر لنكلل بدون إرتباك بأمور الحياة، فلنعمل ولكن القلب يكون مكرساً لله، ليكن العمل وسيلة نعيش بها ولكن لا يكون هدف يشغل القلب راجع تفسير (1تى 8:1).
آية 7 :-إفهم ما أقول فليعطك الرب فهما في كل شيء.
على تيموثاوس أن يتأمل فى نصائح معلمه ويأخذها بإهتمام = إفهم فليعطك الرب فهماً = لن يفهم الوصية كما ينبغى إن لم يفتح الروح بصيرته. فالروح هو روح النصح (2تي 1: 7).
آيات 8 : 10 :- أذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي.الذي فيه أحتمل المشقات حتى القيود كمذنب لكن كلمة الله لا تقيد.لأجل ذلك أنا أصبر على كل شيء لأجل المختارين لكي يحصلوا هم أيضا على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع مجد أبدي.
ليشجع الرسول تلميذه على إحتمال المشقات يذكره بالرب يسوع الذى إحتمل الصليب، وكما تمجد المسيح هكذا سيتمجد كل مجاهد.
المقام من الأموات = وسيقيم معه كل مؤمن مجاهد، بحسب إنجيلي هذا موضوع كرازة بولس، أنه كما أن الموت لم يستطع أن يحبس المسيح فقام، هكذا سيقيمنا معه = كلمة الله لا تقيد = المسيح هو كلمة الله ولا يستطيع الموت أن يحبسه أو يقيده فهو الخالق المحيى. وهكذا فى خدام الله مثل بولس يمكن أن يقيدوهم لكن كلمة الله التى يكرزوا بها لا تقيد. وبعد أن قدم المسيح كمثال قدم نفسه كمثال فهو أيضاً يحتمل المشقات. وبولس يقيدوه أما كلمة الله فلا تقيد، وهو لا يهتم بنفسه لكي يحصل من يكرز لهم على الحياة الأبدية = يحصلوا هم أيضاً على الخلاص. لأجل المختارين = هو يكرز للجميع ولكن الله عرف أناس إنهم سيقبلون البشارة فأختارهم، وهؤلاء تألم المسيح عنهم فيجب على خدام المسيح أن يكرزوا لهم ويتألموا لأجلهم.
آيات 11 – 13 :- صادقة هي الكلمة أنه إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضا معه. إن كنا نصبر فسنملك أيضا معه إن كنا ننكره فهو ايضا سينكرنا. ان كنا غير امناء فهو يبقى أمينا لن يقدر أن ينكر نفسه.
إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضا معه = غالباً هى ترتيله كانت معروفة فى ذلك الوقت. متنا معه = فى المعمودية (رو 6: 4-6) ومتنا معه عن الخطية (2كو 10:4) ومستعدين للموت بالإستشهاد إن إقتضى الأمر ذلك. إن كنا نصبر = نحتمل الآلام بصبر لكى نملك معه = فسنملك أيضا معه = نملك أي نرث ملكوت السموات (متى 34:25) + (عب 28:12) + (رؤ 21:3 + 10:5 +4:20 + 5:22) + (2كو 17:4، 18) + (رو17:8، 18). وإن أنكرناه ينكرنا (مت 10 : 32، 33) فهو يبقى أميناً = إن كان البعض أنكره فهو سيظل أميناً مع الباقين الذين لم ينكروه فالأمانة هى طبعه (عد 19:23) + (رو 3:3، 4) وهؤلاء الذين لم ينكروه خوفاً من الإضطهاد سيتمم لهم وعوده.
لن يقدر أن ينكر نفسه = إن أنكر أحد أنه المسيح فهو سيظل المسيح وإن أنكر أحد تجسده فهذا لن يغير من الأمر شيئ،عدم إيماننا لن يضره، كما أنه لن يغير شيئاً من الحقيقة. وتفيد الآية أن وعوده للأمناء لن تسقط
تعليق على الآيات السابقة 5-13
هنا نرى أن المؤمن ما هو إلا جندى صالح فى جيش الرب، هو مكلف بأن يحارب تحت اسم الملك وراية الملك دون أن يرتبك بأمور الحياة وهذا ما قاله السيد المسيح ” لاتهتموا لحياتكم بما تأكلون… (مت 25:6-34) وينهي هذه الآيات الرائعة بقوله فلا تهتموا للغد. والسيد المسيح يقول لمرثا، مرثا مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ولكن الحاجة الى واحد (لو 38:10-42). فلنعمل طول النهار لكن بإشتياق للخلوة مع الرب يسوع كما كانت مريم تجلس عند قدمى يسوع، وهذه الخلوة تكون يوميا يسمع فيها الرب صوت تسابيحنا ونسمع نحن فيها صوته الذى يعطى سلاما والجهاد يجب أن يكون قانونياً أي لا نسرق من الرب يسوع عطاياه وننسبها لأنفسنا فإذا ما جلسنا عند قدمى يسوع سنأخذ حياة وغلبة وقوة وتعزية وعيون مفتوحة، ولكن علينا أن لا ننسب كل هذا لأنفسنا فكل عطية صالحة هى نازلة من فوق من عند أبى الأنوار (يع 1 : 17) فلماذا ننسب الصالح لأنفسنا، إذا كنا قد أخذنا فلماذا نفتخر كأننا لم نأخذ (1كو 6:4،7). بل ماذا يكون الحال لو تخلت عنا نعمة المسيح. حينئذ سنرى حقيقة أنفسنا ونجاسة قلوبنا، بل هذا ما سنكتشفه إذا ما جلسنا عند قدمى يسوع ولذلك قال المسيح “إن فعلتم كل البر فقولوا إننا عبيد بطالون” وكون أننا ننسب الصالح الذى يعطيه لنا الرب لأنفسنا فهذا هو ما عناه السيد المسيح بلا تعرف شمالك ما تصنع يمينك.
وعلى الجندى الصالح ان يجاهد حتى إلى الموت (عب 12 : 4). ويكون جهادنا كمتسابق يبحث عن الإكليل يدرب نفسه ويحرم نفسه (بصلوات وأصوام وخدمة باذلة) وعلى الخادم ان يكون كحراث، يأخذ من الثمار ولكن الثمار كلها للمالك (أي المسيح) الخراف لصاحب القطيع أما الراعى فله أن يشرب من لبن القطيع (الخادم يشبع ويتعزى ولكن القطيع هو للمسيح).
آية 14 :- فكر بهذه الأمور مناشدا قدام الرب أن لا يتماحكوا بالكلام الأمر غير النافع لشيء لهدم السامعين.
فكر= ذكر شعبك. مناشداً = مناشداً شعبك. لا يتماحكوا = أمثلة ونماذج للمحاكات الكلامية (1تى 1 : 4 + 6 : 4) + (تى 3 : 9 + 1 : 14) فالمماحكات الكلامية تهدم الروحيات، والمماحكات هي كثرة الكلام غير البناء يتماحكوا = مناقشات غير مجدية حول كلمة فالرسول يعرف طبع البشر وميلهم للنزاعات والمناقشات لأثبات الذات.
آية 15 :- إجتهد أن تقيم نفسك لله مزكى عاملا لا يخزى مفصلا كلمة الحق بالإستقامة.
عوض الكلام غير البناء أهتم بأن تجاهد وتكون حياتك العملية في تقوي لتتزكى أمام الله وتكون قدوة للناس. مفصلاً كلمة الحق بالإستقامة = تكلم بالحق لترضي الله ولا تعوج كلمة الله لترضي الناس. والمعني أن لا تجاري الغنوسيين في مبارياتهم الإستعراضية لفلسفتهم بل إهتم بأن تكون حياتك في تقوي وتعلم كلمة الحق ومن يفعل هذا لا يخزي.
آيات 16 – 19 :- و أما الأقوال الباطلة الدنسة فإجتنبها لأنهم يتقدمون إلى أكثر فجور. و كلمتهم ترعى كاكلة الذين منهم هيمينايس و فيليتس.اللذان زاغا عن الحق قائلين أن القيامة قد صارت فيقلبان إيمان قوم. و لكن أساس الله الراسخ قد ثبت إذ له هذا الختم يعلم الرب الذين هم له و ليتجنب الإثم كل من يسمي اسم المسيح.
إعلان الراعي في حزم عن بطلان الأفكار الهدامة هو بتر لها وقد يبتر بعض الأعضاء لكن هذا يكون لصالح الجسم، فأفكار الهراطقة هي كأنها آكلة = غرغرينا جزء فاسد في الجسم يجب بتره حتي لا ينتشر المرض في الجسم كله وتهلك الكنيسة فالغنوسيون اعتقدوا أن الجسد شر ولأنه شر رفضوا القيامة فكيف يقوم الشرير، ولأنه شر منعوا الزواج وبعض الأطعمة، ولكنهم أباحوا الزنا لأن الجسد في نظرهم عنصر ظلمة فلماذا لا يتركوا العنان لشهواته، وهكذا كانوا ينحدرون من شر إلي ما هو أشر، وشرهم هذا ينتشر بين الناس من واحد إلى واحد ومن شعب إلي شعب آخر، كما إنتشرت بدعة أريوس، وعلي الراعي أن لا يدخل في حوارات فلسفية معهم بل يبترهم ويتجنب الشر.
هيمينايس وفيليتس = هذين قالا إن القيامة قد حدثت للنفس وأنكروا أن هناك قيامة في المستقبل للأجساد. والحقيقة أن هناك قيامتان، قيامة للنفس الآن “إبني هذا كان ميتا فعاش” وقيامة في نهاية الأيام للجسد وهذا ما أشار إليه السيد المسيح (يو 5 : 25 -29).
أساس الله الراسخ قد ثبت = مهما دخلت الضلالات والهرطقات فلا خوف فمن هم للمسيح سوف يرفضون هذه الهرطقات، الكنيسة لا خوف عليها ومن ينشق فقد حكم علي نفسه، مهما دخلت الهرطقات فأساس الله ثابت وكنيسته قائمة وسيظل أولاده معروفون ومحفوظون، مختوم عليهم بختم الروح القدس، هؤلاء متأسسون علي المسيح نفسه.
الختم : كانت العادة في أي بناء وما زلت وضع وثائق تبين هوية البناء وغرض أقامته، توضع مع حجر الأساس. وهذا ما تم بالنسبة للكنيسة، إذ كان الختم الذي وضع عند بنائها له وجهين:
1. الأول “يعلم الرب الذين هم له” = الله يعلم كل واحد وقد إختارهم بسابق علمه الإلهي (رو 8 : 29 30). ولكن ليسأل كل واحد نفسه هل هو لله أم للشيطان ولكل إنسان حريته (تث 30: 15 – 20) + (يش 24 : 14، 15) + (تث 11 : 26 -28).
2. لوجه الثاني للختم : – الذين هم لله يتجنبون كل إثم = يتجنب الإثم كل من يسمي إسم المسيح. فكل من يدخل الكنيسة ويعلن إنضمامه لها عليه أن يتجنب كل إثم ومن يفعل الإثم يرفضه الله يوم الدينونة (مت 7 : 22، 23) + (لو 13 : 27). ومن له هذا الختم (الروح القدس) سيكون له مجد أبدي.
آية 20 :- و لكن في بيت كبير ليس آنية من ذهب و فضة فقط بل من خشب و خزف أيضا و تلك للكرامة و هذه للهوان.
يوجد كثيرون يدعون مؤمنين في الكنيسة ولكن هناك من له الختم، وهؤلاء آنية ذهب وفضة، ومن ليس له الختم هم آنية خشب وخزف، الأولى للكرامة والثانية للهوان. الذهب يشير لطبيعتهم الجديدة السماوية، والفضة تشير لأنهم يحبون كلمة الله المصفاة كفضة سبع مرات (مز 12: 6) أما الخشب فهم أولئك الذين يحترقون بنار الشهوات فلا يوجدون. والخزف هم من يحملون الفكر الترابي ويطلبون الماديات فقط ولا يقدّرون على معاينة السماويات أو التعرف عليه. يقول فم الذهب لا تتعجبوا من وجود أشرار في الكنيسة (آنية خشب) فلا بد من وجود كل الأنواع في الكنيسة كما يوجد كل أنواع الآنية في بيت كبير ووجود هذه الآنية الخشبية لن يكون سبباً في ضياع أو فتور الكنيسة. وكما أن صاحب المنزل لن يستخدم الآنية الخشبية إلا فيما يناسبها، فالله يستخدم الأشرار فيما يناسبهم. كل له دوره. وفي يد كل إنسان أن يتحول نوعه كإناء. فبولس كان آنية خشبية وتحول لآنية ذهب، ويهوذا العكس تماماً. وحينما قال الرسول في (2 كو 4 : 7) أننا لنا كنز في أوان خزفية كان يقصد المادة المصنوع منها الجسد أي الطين ولا يقصد جوهر الإنسان ولأننا آنية خزفية ننكسر ونموت فهذه هي طبيعة الجسد.
يعلم الرب الذين هم له = إذاً لا نحكم نحن علي إنسان فالله وحده هو الذي يعلم طبيعة كل نفس. وعلي الخادم أن يقدم الخدمة للجميع دون أن يفكر في أن يحكم علي أحد.
آية 21 :- فإن طهر أحد نفسه من هذه يكون إناء للكرامة مقدسا نافعا للسيد مستعدا لكل عمل صالح.
عندما نغطس في جرن العمودية نتعري من خطايانا إذ نتخلص من الإنسان القديم ونتجدد، وعندما نخرج من المعمودية نلبس المسيح مخلصنا. وبعد المسح بالميرون ندمغ بختم الروح القدس علامة جنديتنا وعلامة حماية الله لنا. والإنسان بحريته يعود ليعيش بالإنسان العتيق وبحريته ينضم للكنيسة ويعيش بالإنسان الجديد، الفرصة متاحة للجميع للخلاص فإن طهر أحد نفسه من هذه = الله يدعو الجميع للتوبة ومن يستجيب يطهره الله. هذه الآية تظهر أن الله لم يخلق إنسان ليكون آنية ذهب وأخر ليكون خشب، بل الأمر في يد كل إنسان ليتحول من خشب إلي ذهب والعكس. لقد كان بولس أناء خزفيا فصار ذهباً ويهوذا كان ذهباً فصار خشباً وإحترق.
آية 22 :- أما الشهوات الشبابية فإهرب منها و إتبع البر و الايمان و المحبة و السلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي.
الشهوات الشبابية فإهرب منها = كان تيموثاوس شاباً وبتولاً وعلي كل إنسان أن لا يظن أنه محصن ضد الشر مهما كان ماضيه أو درجته الكنسية أوعمره ولا يحسب هروبه ضعفاً بل علامة جدية. والشهوات الشبابية ليست هي فقط شهوة الزنا بل حب السلطة والملذات الجسدية والغني والإعجاب بالقوة وحب المدح وحب الإفتخار بالذات.
وإتبع البرو… = أن يهرب من كل ما هو معثر أو كل ما هو مثير، هذا هو الجانب السلبي، وهذا لا يكفي، بل عليه أن يسعي وراء الإيجابيات وأن يلتزم باتباع البر أي كل فضيلة. وأن تكون معاشراته مع الأطهار = مع الذين يدعون الرب من قلب تقي = التصق بهؤلاء لتساندوا بعضكم وعموماً فليس المهم ترك المعثرات بل أن يكون الوقت كله مشغولاً في ما هو بناء، فهناك مثل معروف ” اليد البطالة نجسة) فعلي الشاب أن يملأ حياته من أعمال البر والإيمان والمحبة ويتعاون مع إخوته الذين لهم نفس الهدف فتهرب الشهوات الشبابية منهم فهى لن تجد في القلب فراغاً فضلاً عن أن أعمال البر تتسامي بالروح والأفكار وتشد الإنسان لكل ما هو حق ولاحظ أن هناك من يدعو الرب وقلبه غير نقي.
آيات 23 – 26 :- و المباحثات الغبية و السخيفة إجتنبها عالما أنها تولد خصومات. و عبد الرب لا يجب أن يخاصم بل يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات. مؤدبا بالوداعة المقاومين عسى أن يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق. فيستفيقوا من فخ ابليس اذ قد اقتنصهم لارادته.
لا يقف تقديس الحياة الداخلية عند الهروب من الشهوات الشبابية وإتباع البر بل هناك جانب هام آخر وهو رفض الخصومات المفسدة لنقاوة النفس تحت ستار الدفاع عن الحق، فالراعي عليه أن يدعو للحق دون منازعات سخيفة تفسد نقاوة قلبه وسلامه الداخلي ولا يجب أن تكون هناك خصومات لأن الله إله سلام (مت 12 : 19) مترفقاً بالجميع = صبورا علي أخطائهم ويحتملها ولا ييأس من أحد ولا يخاصم أحد ولاحظ أن الوداعة مع المخطئين ربما تجعلهم يستفيقوا.