تفسير رسالة العبرانيين اصحاح 13 للقمص أنطونيوس فكري
شرح رسالة العبرانيين – الاصحاح الثالث عشر
آية 1 :- لتثبت المحبة الأخوية.
لتثبت المحبة الاخوية = الرسول كعادته يختم رسالته بحديث عملى. فهو فى ص 12 حدثهم عن الجهاد وهنا يحدثهم عن جوانب عملية مثل المحبة والتسبيح والطاعة. وقوله هنا لتثبت المحبة يشير أن لهم أعمال محبة ويطلب منهم أن تثبت. فهذه كلمة تشجيع (1تس 4 : 9). ولننعم بعمل المسيح الكفارى يلزمنا أن نعلن محبتنا للآخرين. فكلما إتسع قلبنا خلال عمل الله ومحبته أحببنا نحن إخوتنا وكلما أحببنا إخوتنا أعلن الله بالأكثر حبه فينا.
آية 2 :- لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها اضاف اناس ملائكة و هم لا يدرون.
كغرباء فى العالم علينا أن نهتم بالغرباء وكمتضايقين علينا أن نسند المتضايقين بالحب العامل لا بالكلام فقط. ولنلاحظ أن محبة الغرباء وإضافتهم هى محك صدق لطبيعة المحبة التى ذكرها فى آية (1). أناس = أبراهيم ولوط.
آية 3 :- اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم و المذلين كأنكم أنتم ايضا في الجسد.
قارن مع متى (25 : 35، 36).
قال أذكروا المقيدين كأنكم مقيدون فكان فى المقابل يجب أن يقول والمذلين كأنكم مذلولين. ولكنه قال كأنكم أنتم أيضا فى الجسد. فمن هو فى الجسد يشعر فى وقت الإضطهاد أنه مذلول فهو محروم من راحة جسده وشهوات جسده لكن من هو فى الروح أولا لن يضيره شيئا من حرمانه من الملذات الجسدية والراحة ثانيا هو سيشعر أنه شريك آلام وشريك مجد مع المسيح. وكل ما يسمح به المسيح هو خير وعلامة محبة، فمن هو فى الروح لن يشعر أبدا بالذل. أما من هم فى الجسد فمع كل آلم يشعرون أنهم فى ذل.
آية 4 :- ليكن الزواج مكرما عند كل واحد و المضجع غير نجس و اما العاهرون و الزناة فسيدينهم الله.
الرسول يكرم الزواج لسببين:
1. خوفاً من أن البتوليون لا يكرمونه.
2. إشارة لبعض الهرطقات التى علمت أن الزواج نجس.
هذا فضلاً عن أنه فى أيام نهاية اليهودية إنتشرت العادات البطالة والزنا والطلاق والرسول ينبه أى يحذر أن نكون مثلهم لا نكرم الزواج. الزناة = تشير للخيانة الزوجية. العاهرون = من يمارس عادات أو ممارسات شاذة يحرمها القانون.
آية 5 :- لتكن سيرتكم خالية من محبة المال كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا اهملك و لا اتركك.
المال هو السيد الآخر الذى لا يرحم بل يستعبد. فعلينا بالقناعة.
آية 6 :- حتى اننا نقول واثقين الرب معين لي فلا اخاف ماذا يصنع بي انسان.
واثقين = الفعل يعنى حالة الفرح مع الثقة. فلا أخاف ماذا يصنع بى إنسان = على المؤمن أن يثق فى الله فلا سلطان لإنسان أن يؤذيه وطبعاً لا سلطان لفقر أو عوز أو أى ضيقة أن تطوله إن ظل متمسكاً بالرب.
آية 7 :- اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم.
مرشديكم = هم الرعاة الذين يكرزون بكلمة الله. والأباء الذين يجب أن نتمسك بإيمانهم المسلم لنا (أهمية التقليد فى الكنيسة) وهذا التقليد هو سر بقاء وحدة الكنيسة حتى الأن بفكر واحد.
آية 8 :- يسوع المسيح هو هو امسا و اليوم و الى الأبد.
إذ أراد أن يوصيهم فى آية (9) أن لا ينساقوا وراء تعاليم غريبة، يؤكد لهم هنا أن يسوع المسيح لا يتغير، نقبلة كما قبله أباؤنا. ونسلم الإيمان الذى قبلناه من أبائنا إلى أولادنا كما هو (يه 3) ويستمر للأجيال القادمة بلا تحريف. المسيح عمل فى أبائنا ويعمل فينا وسيعمل فى الأجيال القادمة بنفس طريقته فهو لا يتغير كما كان مع الأباء هكذا سيكون معنا.
آية 9 :- لا تساقوا بتعاليم متنوعة و غريبة لأنه حسن ان يثبت القلب بالنعمة لا بأطعمة لم ينتفع بها الذين تعاطوها.
يلمح الرسول هنا إلى هرطقات بدأت تنتشر فى ايامه وهى تعلم أن الزواج نجس وأن هناك أطعمة نجسة يلزم الإمتناع عنها. وكان الكهنة يأكلون لحوم ذبائح أوثانهم ليتقدسوا بها. أما اليهود فكان كهنتهم يأكلون بعض أنواع لحوم الذبائح ولا يأكلون من بعضها. فذبيحة الكفارة لأنها حاملة لخطايا الشعب لا يأكلون منها. وهنا الرسول يوصى بأن المسيحية ليس لها كل هذه الأفكار فلا يوجد طعام يسمى نجساً والزواج مكرم. ولا يوجد طعام يقدس إلا جسد المسيح ودمه (لذلك فى آية 10 مباشرة يذكر موضوع التناول) (تى 4 : 3 – 5).
آية 10 :- لنا مذبح لا سلطان للذين يخدمون المسكن ان يأكلوا منه.
هنا يرفع الرسول فكرهم من التفكير فى هل الطعام نجس أو غير نجس، هل يقدس أو لا يقدس، إلى ما أعطاه لنا المسيح وهو شركة الإفخارستيا. وهذا الكلام موجه للعبرانيين الذين بدأوا يشعرون أنهم محرومون من الهيكل.
لنا مذبح = المسيح قدم نفسه على الصليب، قدم عليه كذبيحة كفارة عظمى حملت كل خطايا العالم. وإستمراراً لهذه الذبيحة هيأ لنا المسيح مائدة مقدسة من جسده ودمه. لا سلطان = كهنة اليهود لا سلطان لهم أن يتناولوا من مائدة الإفخارستيا أولاً لأنهم غير مؤمنين وثانياً لأنه بحسب ناموسهم فهم لاسلطان لهم أن يتناولوا أو يأكلوا من ذبيحة الكفارة والمسيح ذبيحة كفارة عنا وحامل خطايانا.
آية 11 :- فإن الحيوانات التي يدخل بدمها عن الخطية إلى الأقداس بيد رئيس الكهنة تحرق اجسامها خارج المحلة.
والدليل على أن كهنة الناموس اليهودى ليس لهم سلطان على أن يأكلوا من هذه الذبيحة الإفخارستية أنهم ما كانوا يأكلون من ذبيحة يوم الكفارة هذه التى يدخل بدمها عن الخطية بيد رئيس الكهنة بل تحرق أجسامها خارج المحلة (لا 16 : 27) وكان رئيس الكهنة يوم الكفارة يأخذ من دم هذه الذبيحة ويدخل به للأقداس أما الذبيحة نفسها فلا يأكل منها بل تحرق أجسامها خارج المحلة بحسب الناموس وذبيحة الكفارة هذه هى التى تشير لذبيحة الصليب وبالتالى للإفخارستيا إمتداد ذبيحة الصليب. فلا سلطان لهم أن ياكلوا منها بحسب ناموسهم.
آية 12 :- لذلك يسوع أيضا لكي يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب.
هنا يفسر الرسول الرمز فى حرق أجسام ذبيحة الكفارة خارج أورشليم وأن هذا كان رمزاً لصلب المسيح خارج أورشليم. ولكن المسيح لم يحرق بنار ولكن نار اللاهوت التى فيه أحرقت الخطايا والتهمتها. هذا هو روح الإحراق وروح التطهير (أش 4 : 4). وخروجه وصلبه خارج أورشليم أفاد هجرانه للأمه اليهودية وهيكلها لذلك قال لهم المسيح ها بيتكم يترك لكم خراباً (مت 23 : 38). هم طردوا ملكهم فصاروا بلا ملك للأبد.
آية 13 :- فلنخرج إذا اليه خارج المحلة حاملين عاره.
إن كان مسيحنا قد طردوه وصلبوه فلا نخجل إن طردونا. ولنكن مستعدين أن نتقبل التعييرات لأجل إسم المسيح.
آية 14 :- لأن ليس لنا هنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة.
بعد أن خرجنا معه حاملين عاره نطلب أورشليم السماوية العتيدة. علينا دائماً أن نترك عالم الخطية فالعالم ليس له صفة الدوام بل نتطلع لأورشليم السماوية.
آية 15 :- فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح اي ثمر شفاه معترفة بأسمه.
الطرد أو الإهانة لا يجب أن تنشئ تبرماً أو ضيقاً بل نظل على الدوام مسبحين ولنذكر أن التلاميذ إذ ضربوهم وأهانوهم ذهبوا فرحين.. لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل إسمه (أع 5 : 41). فالإهانه هنا هى شركة ألم مع المسيح. فلنقدم به = لنرفع به أو بواسطته لله ذبيحة التسبيح = (هذه هى ذبائح المسيحيين) فلا قدوم للأب سوى به فبه نتقدم وبدونه لا نقدر أن نفعل شئ (يو 15 : 5). نحن نقدم له ذبيحتنا وهو كرئيس كهنة يقدمها على مذبح الله (1بط 2 : 5). وراجع (رو 1 : 8) فحتى الشكر لا نقوى عليه سوى بيسوع المسيح (نحن غير مقبولين إلا به أى بيسوع المسيح) + (كو 3 : 17). إذاً النصيحة التى يقدمها الرسول للعبرانيين أن ينفصلوا عن الكهنوت اللاوى مقدمين ذبائح تسبيح.
آية 16 :- و لكن لا تنسوا فعل الخير و التوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يسر الله.
التسبيح ليس مجرد كلمات بل أفعال عملية تعبر عن طبيعة المؤمن ومشاعره المملوءة محبة. لذلك يطلب منهم فعل الخير والتوزيع = كانوا يذبحون الذبائح ويوزعون على المحتاجين. أو يقيموا لهم وليمة فى الكنيسة.
آية 17 :- اطيعوا مرشديكم و اخضعوا لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حسابا لكي يفعلوا ذلك بفرح لا انين لأن هذا غير نافع لكم.
أطيعوا مرشديكم = لنلاحظ أن عدم إحترام الرئاسة يسبب مصاعب جمة وشغب وفساد للشعب.يسهرون لأجل نفوسكم = خطورة وظيفة المرشد أنه مشئول عن نفوس شعبه وخلاصهم. وسيقدم هذا المرشد حساباً أمام الله عنهم. لا آنين = هذا توبيخ للشعب لأنهم جعلوا مرشديهم يئنون من عنادهم أو إنحلالهم أو عدم خضوعهم. لأن هذا هو غير نافع لكم = بسبب أنين المرشدين سيعاقبكم الله لكى يفعلوا هذا بفرح = أى يقوموا بخدمتكم وإرشادكم وهم فرحين بثمار خدمتهم.
آية 18 :- صلوا لأجلنا لأننا نثق ان لنا ضميرا صالحا راغبين ان نتصرف حسنا في كل شيء.
الرئاسة فى الكهنوت لا تعنى الإستبداد والارستقراطية. فبولس الرئيس يطلب صلواتهم. هو لا يشعر بأفضلية عن الشعب بل يشعر بإحتياجه لصلواتهم. لنا ضمير صالحاً = فالصلاة للآخرين لن تنفعهم إن لم يكن لهم ضمير صالح.
آية 19 :- و لكن اطلب اكثر ان تفعلوا هذا لكي ارد إليكم بأكثر سرعة.
نلمح فى هذه الآية أسلوب بولس الرسول. (فل22) + (رو 15 : 22 – 24) + (1كو 16 : 5 – 7).
آية 20، 21 :- و اله السلام الذي اقام من الأموات راعي الخراف العظيم ربنا يسوع بدم العهد الأبدي. ليكملكم في كل عمل صالح لتصنعوا مشيئته عاملا فيكم ما يرضي امامه بيسوع المسيح الذي له المجد الى ابد الأبدين امين.
إله السلام = الرسول ينسب صفة السلام لله فهو يكلم أناساً فقدوا سلامهم بسبب الضيق. فكأنه يطلب السلام لهم من إله السلام. ولنلاحظ أن كلمات البركة فى نهاية الرسالة متفقة مع موضوع الرسالة. راعى الخراف = الشعب هو خرافه التى مات لأجلها وقام فهل يتركهم. هنا كان بولس يستعطف الله أن لا يهمل شعبه حتى وأن أهملوا وفكروا فى الإرتداد، بل يحميهم من الإرتداد. قارن مع (1تس 5 : 23).
آية 22 :- و اطلب إليكم ايها الأخوة ان تحتملوا كلمة الوعظ لأني بكلمات قليلة كتبت إليكم.
أنا لم أشأ أن أتعبكم فكتبت كلمات قليلة، ياليتكم تحتملوها.
آية 23 :- اعلموا انه قد اطلق الأخ تيموثاوس الذي معه سوف أراكم ان اتى سريعا.
ربما تيموثاوس كان محبوساً من اليهود أو غيرهم ثم أطلقوه وربما كان تيموثاوس محبوساً مع بولس فى روما وكان هذا الحبس سبباً فى تأخير زيارة بولس لهم. وهذه من الآيات التى تشير أن بولس هو كاتب الرسالة. بسبب علاقته مع تيموثاوس وبسبب الأسلوب (1تس 3 : 2).
آية 24:- سلموا على جميع مرشديكم وجميع القديسين. يسلم عليكم الذين من إيطاليا.
آية 25:- النعمة مع جميعكم آمين. إلى العبرانيين كتبت من إيطاليا على يد تيموثاوس
تفسير عبرانيين 12 | عبرانيين 13 | تفسير رسالة العبرانيين | تفسير العهد الجديد | فهرس |
القمص أنطونيوس فكري | ||||
تفاسير عبرانيين 13 | تفاسير رسالة العبرانيين | تفاسير العهد الجديد |