تفسير المزمور 21 للقمص متى المسكين
المزمور الحادي والعشرون – شرح وتفسير
دراسة:
تقديم التشكرات من أجل النصرة، هذا هو المحرك الأساسي لهذا المزمور، ولا نريد أن يغرب عن البال أنه مضاف إلى المزمور العشرين السابق عليه، ولكن لم تكن هذه التشكرات من مستوى إقامة حفلة ملكية (4)، وأنه من الطبيعي أن يكون الشكر من أجل النصرة، وهذا يقود الشاعر ليتكلم عن الكرامة العالية التي للملك ويتوقع م مستقبلاً ذا انتصارات (8-12) . وسمو الكلام في (4-6) جعل بعض الشراح أن ينكروا التطبيق التاريخي للمزمور واعتبروه أنه نبوة من نحو الملك المسياني. على أن الترجوم قال بأن الملك المذكور في (1) ، (7) هو الملك ماسيا . ولكن مثل هذا الشرح يخرج عن المعنى العام للمزمور، فإن اللغة المستخدمة نحو الملك ليست بدون مثيل في العهد القديم، وهي موضحة باصطلاحات موجودة في ملوكية الأشوريين وإسرائيل تؤمن أن ملكها هو الممثل ليهوه. ويلزم أن أن اللغة معدلة وملهمة بواسطة الروح القدس وذلك لغرض نبوي لكي تبلغ تكميلها وتحقيقها نعتبر تماماً في المسيح!
لذلك فالمزمور له اتجاه نبوي ويرى المستقبل خلال الملك الأرضي الذي يتكلّم عنه: مثلاً أن يحكم حتى يضع أعداءه تحت قدميه، انظر: (1کو 15: 25)
+ «لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه».
وقد اختير هذا المزمور من أجل ذلك ليكون أحد مزامير يوم الصعود.
التركيب
1- الشكر من أجل الملك بسبب النصرة التي وهبت له موجهاً ليهوه وربما بترتيل الجماعة أو اللاويين (1-7).
2- توقع المستقبل بانتصارات مماثلة مُخاطبة الملك، وربما بترتيل كاهن (8-12).
3- صلاة ختامية من فم الجماعة (13)
شرح وتفسير المزمور 21 على مستوى كل التوراة
[1- 7] شكر الشعب لأن. قد يهوه صنع معروفاً لملكهم.
1 – «يَا رَبُّ، بِقُوَّتِكَ يَفْرَحُ الْمَلِكُ، وَبِخَلاَصِكَ كَيْفَ لاَ يَبْتَهِجُ جِدًّا!»:
صلوات المزمور (20) قد استجيبت والنصرة قد اكتسبت والملك ،مسرور، فهو قد وثق في يهوه، والآن قد صار أساس مسرَّته هي القوة التي وضعها يهوه لجانبه والخلاص الذي صنعه يهوه من أجله، انظر: (مز 9: 14)
+ « لكي أحدث بكل تسابيحك في أبواب ابنة صهيون مبتهجاً بخلاصك».
وأيضاً: (خر 15: 2):
+ «الرب قوتي ونشيدي. وقد صار خلاصي. هذا إلهي فأجده إله أبي فأرفعه».
2- «شَهْوَةَ قَلْبِهِ أَعْطَيْتَهُ، وَمُلْتَمَسَ شَفَتَيْهِ لَمْ تَمْنَعْهُ. سِلاَهْ.»:
هذا البيت يشير إلى الصلوات من أجل نجاحه في المعركة السالفة وهي تماثل المزمور (20: 3-5).
3 – «لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُهُ بِبَرَكَاتِ خَيْرٍ. وَضَعْتَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجًا مِنْ إِبْرِيزٍ.»:
كانت هذه النصرة توثيقاً لسلطانه الذي أخذه من الرب، انظر: (1صم 11: 13):
+ «فقال شاول لا يُقتل أحد في هذا اليوم لأنه في هذا اليوم صنع الرب خلاصاً في إسرائيل».
وربما يكون ذكر التاج هنا هو التاج الذي غنمه داود من ملك العمونيين الذي يزن وزنة ذهب.
4 – «حَيَاةً سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ. طُولَ الأَيَّامِ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.»:
انظر: (مز 2: 8)
+ «اسألني فأعطيك الأمم ميراثاً لك وأقاصي الأرض ملكاً لك».
وطول الأيام كدعاء كان هذا عطية يهوه الخاصة في العهد القديم والعجيب أن شهوة نفسه جاءت على بياض، انظر: (خر 23: 26):
+ «… وأكمل عدد أيامك».
وأيضاً: (1مل 3: 11):
«فقال له الله من أجل أنك قد سألت هذا الأمر ولم تسأل لنفسك أياماً كثيرة ولا سألت لنفسك غنى ولا سألت أنفس أعدائك بل سألت لنفسك تمييزاً لتفهم الحكم».
ولكن كيف أن طول الأيام إلى الدهر والأبد تُقال من أجل ملك مائت؟ ولكن هي دعوة نبوية: ليحيى الملك إلى الأبد كانت تُستخدم انظر: (1مل 1: 31)
+ «فخرت بتشبع على وجهها إلى الأرض وسجدت للملك وقالت ليحي سيدي الملك داود إلى الأبد»!
وأيضاً: (نح 2: 3):
+ «وقلت للملك: ليحي الملك إلى الأبد …»
وذلك أولاً بسبب أنه يُعتبر عائشاً في نسله ونسله سيعيش إلى الأبد فعلاً، انظر: (2صم 7: 29):
+ «فالآن ارتض وبارك بيت عبدك ليكون إلى الأبد أمامك لأنك أنت يا سيدي الرب قد تكلمت فليبارك بيت عبدك ببركتك إلى الأبد».
وأيضاً: (مز 45: 2 و6):
+ «أنت أبرع جمالاً من بني البشر، انسكبت النعمة على شفتيك لذلك باركك الله إلى الأبد… كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك».
وأيضاً: (مز 61: 6):
+ «إلى أيام الملك تضيف أياماً سنينه كدور فدور (جيل بعد جيل)».
وأيضاً: (مز 72: 5 و17):
+ «يخشونك مادامت الشمس وقدَّام القمر إلى دور فدور … يكون اسمه إلى الدهر قدام الشمس يمتد اسمه. ويتباركون به. كل أمم الأرض يطوبونه».
5 – «عَظِيمٌ مَجْدُهُ بِخَلاَصِكَ، جَلاَلاً وَبَهَاءً تَضَعُ عَلَيْهِ.»:
المجد والكرامة والعظمة كلها تُعزى إلى الله، والملك المنتصر يبدو بهذه الهيبة والمجد والجلال.
«تضع عليه»:
انظر: (مز 89: 19 و20)
+ «حينئذ كلمت برؤيا تقيك وقلت جعلت عوناً على قوي، رفعت مختاراً من بين الشعب، وجدت داود عبدي بدهن قدسي مسحته».
6- «لأَنَّكَ جَعَلْتَهُ بَرَكَاتٍ إِلَى الأَبَدِ. تُفَرِّحُهُ ابْتِهَاجًا أَمَامَكَ.»:
«لأنك جعلته بركات»
صاحب البركات ،وفيضها انظر: (تك 12: 2)
+ «فأجعلك أُمَّةً عظيمة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة (لأبرام)».
لأن النصرة هي وعد وتعهد ورهن لمحبة الله وشركة وبرهان أن الملك يمشي في نور يهوه ومحياه.
انظر: (مز 4: 6):
+ «كثيرون يقولون من يرينا خيراً. ارفع علينا نور وجهك يا رب».
وأيضاً: (مز 16: 11):
+ «تعرفني سبل الحياة، أمامك شبع سرور، في يمينك نعم إلى الأبد».
وأيضاً: (مز 89: 15):
«طوبي للشعب العارفين الهتاف يا رب بنور وجهك يسلكون».
وأيضاً: (مز 140: 13):
+ «إنما الصديقون يحمدون ،اسمك المستقيمون يجلسون في حضرتك».
7 – «أَنَّ الْمَلِكَ يَتَوَكَّلُ عَلَى الرَّبِّ، وَبِنِعْمَةِ الْعَلِيِّ لاَ يَتَزَعْزَعُ.»:
أساس البركات التي أعطت له الثقة من نحو محبة الله وإحسانه، انظر: (مز 18: 50):
+ «برج خلاص لملكه والصانع رحمة لمسيحه لداود ونسله إلى الأبد».
هذه الآية هي آية وصل لينتقل المزمور إلى القسم الثاني.
مزمور 21: 8-12
الملك الذي يُعتقد أنه كان موجوداً يُخاطب شخصياً، فهذه النصرة هي العربون النصرات في المستقبل وتحطيم كل أعدائه بات متوقعاً بكل ثقة.
8 – «تُصِيبُ يَدُكَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ. يَمِينُكَ تُصِيبُ كُلَّ مُبْغِضِيكَ.»:
يُدرك أعداءه ويحتويهم بقوته، انظر: (1صم 23: 17):
+ «وقال له لا تخف لأن يد شاول أبي لا تجدك وأنت تملك على إسرائيل وأنا أكون لك ثانياً وشاول أبي أيضاً يعلم ذلك».
9 – «تَجْعَلُهُمْ مِثْلَ تَنُّورِ نَارٍفِي زَمَانِ حُضُورِكَ. الرَّبُّ بِسَخَطِهِ يَبْتَلِعُهُمْ وَتَأْكُلُهُمُ النَّارُ.»:
المقارنة مكثفة وتبدو أنها غير واقعية، ولكن المعنى واضح فأنت تستهلكهم كوقود في تنور، والجملة تصويرية مختصرة انظر (ملا 4: 1)
+ «فهوذا يأتي اليوم المتقد كالتنور وكل المستكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشاً، ويُحرقهم اليوم الآتي قال رب الجنود فلا يُبقي لهم أصلاً ولا فرعاً».
وكذلك يعني أيضاً الإشارة إلى الغضب المريع الذي انصب على العمونيين، انظر: (2صم 12: 31):
+ «وأخرج الشعب الذي فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد وأمرهم في أتون الآجُرّ، وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون»
«في زمان حضورك»
أي حينما تظهر بشخصك انظر: (2صم 17: 11)
+ «لذلك أشير بأن يجتمع إليك كل إسرائيل من دان إلى بئر سبع كالرمل الذي على البحر في الكثرة وحضرتك سائر في الوسط».
«الرب بسخطه يبتلعهم وتأكلهم النار»
انظر : ( مز 34: 16)
+ «وجه الرب ضد عاملي الشر ليقطع من الأرض ذكرهم».
والملك هو الممثل الشخصي ليهوه.
10 – «تُبِيدُ ثَمَرَهُمْ مِنَ الأَرْضِ وَذُرِّيَّتَهُمْ مِنْ بَيْنِ بَنِي آدَمَ.»:
وحتى ذريتهم سوف تُمحى من الأرض، انظر: (مز 9: 5)
+ «انتهرت الأمم. أهلكت الشرير. محوت اسمهم إلى الدهر والأبد».
وأيضاً: (مز 37: 28)
+ «لأن الرب يحب الحق ولا يتخلى عن أتقيائه إلى الأبد يُحفظون. أما نسل الأشرار فينقطع».
«ثمرهم»:
تعني أولادهم، ثمر البطن، انظر: (مراثي 2: 20):
+ «انظر يا رب وتطلع من فعلت هكذا. أتأكل النساء ثمرهن أطفال الحضانة (نبوة عن زمن حصار تيطس لأورشليم)».
11، 12- « أَنَّهُمْ نَصَبُوا عَلَيْكَ شَرًّا. تَفَكَّرُوا بِمَكِيدَةٍ. لَمْ يَسْتَطِيعُوهَا. لأَنَّكَ تَجْعَلُهُمْ يَتَوَلَّوْنَ. تُفَوِّقُ السِّهَامَ عَلَى أَوْتَارِكَ تِلْقَاءَ وُجُوهِهِمْ.»:
«لأنهم نصبوا عليك شراً»:
بمعنى أنهم خططوا شراً، وهذا يعني أنهم أعدوا أنفسهم للعقاب.
«تفكروا بمكيدة لم يستطيعوها»:
ومَنْ ذا يقدر على يهوه والملك الذي يمثله يهوه. وهكذا أثبتوا أنهم أعداء حقيقيون ليهوه وملكه. ويجعلهم يهربون ويعطون ظهورهم، ولكن يلقاهم الله من أمامهم ويوتر عليهم سهامه.
۱۳ – «ارْتَفِعْ يَا رَبُّ بِقُوَّتِكَ. نُرَنِّمْ وَنُنَغِّمْ بِجَبَرُوتِكَ.»:
الجماعة تختم المزمور بصلاة كما في مزمور 20: 9 فيرجعون إلى فكر العدد (1) ويهوه يرتفع حينما يُظهر قوته، انظر: (مز 7: 6):
+ «قم يا رب بغضبك ارتفع على سخط مضايقي وانتبه لي. بالحق أوصيت».
وأيضاً: (مز 46: 10):
+«كُفُّوا واعلموا أني أنا الله. أتعالى بين الأمم. أتعالى في الأرض».
وأيضاً: (مز 57: 5):
+ «ارتفع اللهم على السموات ليرتفع على كل الأرض مجدك».
تفسير مزمور 20 | مزمور 21 | تفسير سفر المزامير | تفسير العهد القديم | تفسير مزمور 22 |
القمص متى المسكين | ||||
تفاسير مزمور 21 | تفاسير سفر المزامير | تفاسير العهد القديم |