تفسير رسالة العبرانيين اصحاح 11 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة

الأَصْحَاحُ الحَادِي عَشَرَ
الإيمان

(1) الإيمان والخليقة (ع1-3):

1 وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى. 2 فَإِنَّهُ فِي هَذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ. 3 بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ.

 

ع1، 2: أنهى بولس الرسول الأصحاح السابق بأهمية الثبات في الإيمان بالمسيح حتى نحتمل الآلام والاضطهادات. ويبدأ هذا الأصحاح بتعريف الإيمان فيقول أنه هو الثقة في قدرة الله التي تعطينا ما لا نراه بأعيننا الآن ولكن نترجاه من نعمته، وأن هذا الإيمان هو الذي تميز به أولاد الله على مر التاريخ منذ بداية الخليقة.

 

ع3: نحن نؤمن أولًا بالله خالق جميع المخلوقات سواء في عالم الأرض أو السماء، وقد تكونت من العدم بأمر الله وليس من أي شيء سابق كان موجودًا.

† إن كان الله قد خلق كل شيء من العدم، فهو قادر أن يخلق فىّ قلبًا جديدًا يحبه ويسعى نحوه ويعطينى ميلًا لخدمة من حولى وقوة لمساعدتهم، فأثق فيه وأتقدم بجرأة مهما كان ضعفى.

(2) إيمان هابيل وأخنوخ ونوح (ع4-7):

4 بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ لِلَّهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ، فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ. وَبِهِ، وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ! 5 بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ – إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ. 6 وَلَكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ. 7 بِالإِيمَانِ نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تُرَ بَعْدُ خَافَ، فَبَنَى فُلْكًا لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ، وَصَارَ وَارِثًا لِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبَ الإِيمَانِ.

 

ع4: تعلَّم هابيل من أبيه آدم أنه سينال رضا الله بتقديم ذبائح حيوانية كما ذبح الله حيوانًا وألبس أبويه من جلده فاستترا (تك3: 21)، وعلمهما أنه بتقديم الذبائح ينالا رضا الله، ومن أجل إيمان وطاعة هابيل تبرر أمام الله أما قايين فلم يؤمن بتعليم الله وقدم من أثمار الأرض، لهذا بعد قتل قايين لهابيل ظل إيمانه يشهد له (تك 4: 4).

 

ع5: عاش أخنوخ وهو سابع شخص من آدم في حياة مرضية لله، ومن كثرة تقواه رفعه الله وهو حى إلى السماء وما زال يحيا هناك بطريقة معجزية وسينزل إلى الأرض قبل نهاية الأيام بقليل (تك5: 22، 24) وشهد يشوع ابن سيراخ بإرضائه لله (سيراخ44: 16) (سفر يشوع ابن سيراخ من الأسفار القانونية التي حذفها البروتستانت).

 

ع6: تأثر بولس بكلام يشوع بن سيراخ، فقال في هذه الآية أن الإيمان هو الوسيلة للحياة المرضية لله والتي تنال في النهاية المكافأة الأبدية.

 

ع7: لما أعلن الله لنوح أنه سيهلك العالم بطوفان، آمن بكلام الله وصنع فلكًا إستغرق بناؤه 120 عام، وكان هو وسيلة التبشير ليتوب البشر ولكنهم لم يؤمنوا فكان هذا الفلك دينونة لهم، أما هو فقد تبرر بإيمانه وصار له نصيب في الملكوت (تك 6: 13، 22).

† الإيمان يولِّد الطاعة لوصايا الله، فاقبل وصاياه مهما بدت صعبة واثقًا من معونته التي تساعدك على تنفيذها فيمتلئ قلبك سلامًا وتضمن أبدية سعيدة.

(3) إيمان إبراهيم (ع8-19):

8 بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثًا، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي. 9 بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِنًا فِي خِيَامٍ مَعَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ الْوَارِثَيْنِ مَعَهُ لِهَذَا الْمَوْعِدِ عَيْنِهِ. 10 لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ. 11 بِالإِيمَانِ سَارَةُ نَفْسُهَا أَيْضًا أَخَذَتْ قُدْرَةً عَلَى إِنْشَاءِ نَسْلٍ، وَبَعْدَ وَقْتِ السِّنِّ وَلَدَتْ، إِذْ حَسِبَتِ الَّذِي وَعَدَ صَادِقًا. 12 لِذَلِكَ وُلِدَ أَيْضًا مِنْ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ مِنْ مُمَاتٍ، مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ فِي الْكَثْرَةِ، وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُعَدُّ. 13 فِي الإِيمَانِ مَاتَ هَؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ. 14 فَإِنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ مِثْلَ هَذَا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ وَطَنًا. 15 فَلَوْ ذَكَرُوا ذَلِكَ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ، لَكَانَ لَهُمْ فُرْصَةٌ لِلرُّجُوعِ. 16 وَلَكِنِ الآنَ يَبْتَغُونَ وَطَنًا أَفْضَلَ، أَيْ سَمَاوِيًّا. لِذَلِكَ لاَ يَسْتَحِي بِهِمِ اللهُ أَنْ يُدْعَى إِلَهَهُمْ، لأَنَّهُ أَعَدَّ لَهُمْ مَدِينَةً. 17 بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ – قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ 18 الَّذِي قِيلَ لَهُ: «إِنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ». 19 إِذْ حَسِبَ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ أَيْضًا، الَّذِينَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ أَيْضًا فِي مِثَالٍ.

 

ع8: أمر الله إبراهيم أن يترك أهله ومدينته، أور الكلدانيين، التي بين النهرين في العراق ويخرج إلى برية كنعان التي لا يعرفها واعدًا إيَّاه أن يعطيها ميراثًا له ولنسله، فآمن بكلام الله وأطاعه وترك المكان العامر الذي يحيا فيه منذ طفولته وخرج إلى المجهول واثقًا أن هذا هو الأفضل لأنه أمر الله (تك12: 1).

 

ع9، 10: رغم وعود الله لإبراهيم بميراث أرض كنعان، لم يتعلق بالخيرات المادية بل عاش غريبًا هو وأولاده إسحق ويعقوب، فسكنوا الخيام لا البيوت المبنية دليلًا على غربتهم عن هذا العالم لأنهم كانوا متعلقين بالمدينة الباقية، وهي ملكوت السموات، التي أسسها الله وتدوم إلى الأبد.

 

ع11: آمنت أيضًا سارة بوعد الله لها أن تحبل وتلد رغم أن عمرها قد صار تسعين عامًا وفقدت القدرة البشرية على الإنجاب.

 

ع12: واحد: إسحق.

ممات: رحم سارة العاجز عن الإنجاب.

وهب الله لسارة من رحمها، الذي يعتبر بالمنطق ميتا، ابنا هو إسحق ومنه أتى شعب بنى إسرائيل العظيم في الكثرة مثل نجوم السماء ورمل البحر.

 

ع13: آمن الآباء الأولون بملكوت السموات وأنها هي الحياة الحقيقية مع الله، فتغربوا عن ماديات العالم ولم يأخذوا شيئًا من الممتلكات الأرضية وتعلقت قلوبهم بالأبدية فعبروا سريعًا في هذا العالم ليصلوا إلى الملكوت.

 

ع14-16: تَغَرُّب هؤلاء الآباء عن العالم يعلن إيمانهم بوطن آخر غير أرضى، وإذ لم يتعلقوا بأرض الميعاد ولا الخيرات المادية، أعلنوا تعلقهم بالوطن السماوي. من أجل هذا الإيمان العظيم يفتخر الله أن يُدعَى إلههم (خر3: 6) وأعد لهم المدينة السماوية أي ملكوت السموات.

 

ع17-19: جَرَّبَ الله إبراهيم ليمتحن إيمانه ويظهر عظمته وطلب منه تقديم ابنه وحيده إسحق كذبيحة، فأطاع إبراهيم مؤمنا أن الله قادر على تنفيذ وعوده بالنسل الكثير من إسحق، إذ أن الله قادر على الإقامة من الأموات. وقبل أن يذبح ابنه مباشرة أوقفه الله وفداه بالكبش. وهكذا ظهر إيمان إبراهيم العظيم، وذبح إسحق كان مثالًا ورمزًا للمسيح الفادي على الصليب، فإسحق عاد حيا لأن الله فداه بالكبش، أما المسيح فمات على الصليب وقام حيًا في اليوم الثالث.

† تعلقك بالسماء يجعلك تتنازل بسهولة عن الماديات لتكسب سلامك وسلام المحيطين بك، وهذا يزيد نشاطك الروحي سواء في العبادة أو الخدمة.

(4) إيمان اسحق ويعقوب ويوسف (ع20-22):

20 بِالإِيمَانِ إِسْحَاقُ بَارَكَ يَعْقُوبَ وَعِيسُو مِنْ جِهَةِ أُمُورٍ عَتِيدَةٍ. 21 بِالإِيمَانِ يَعْقُوبُ عِنْدَ مَوْتِهِ بَارَكَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنِ ابْنَيْ يُوسُفَ، وَسَجَدَ عَلَى رَأْسِ عَصَاهُ. 22 بِالإِيمَانِ يُوسُفُ عِنْدَ مَوْتِهِ ذَكَرَ خُرُوجَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَوْصَى مِنْ جِهَةِ عِظَامِهِ.

 

ع20: آمن إسحق بوعد الله عند ولادة أولاده أن الكبير يُستَعبَد للصغير (تك25: 23)، فبارك يعقوب ابنه الصغير رغم ضعفه وكذبه ووعده بأنه سيكون أبًا للنسل العظيم لأنه سيتوب ويحيا مع الله، عكس عيسو الذي عاش بعيدًا عن عبادة الله، فلم يعطه يعقوب البركة التي كان يطلبها.

 

ع21: بالإيمان يعقوب أبو الأسباط بارك منسى وأفرايم ابنى يوسف، واضعًا يديه متقاطعتين (على شكل صليب) لكي تكون يده اليمنى على رأس الصغير، وهو ما كان على خلاف المتعارف عليه، حتى أن يوسف حاول أن يضع يدى أبيه بالشكل المعتاد ظانا أن أباه قد أخطأ الوضع (تك48: 18)، لكن يعقوب فعل هذا بالإيمان بإعلان الله له، أن الأخ الصغير سيكون أكبر شعبًا، لذا وضع يديه على شكل صليب لتكون يمينه على رأس الصغير أفرايم ويساره على رأس البكر منسى، ساجدًا لله في انحنائه وكأنه يرى الله الذي يعلن له هذه الإعلانات، فسجد بما أوتى من قوة يسيرة وهو شيخ كهل مستندًا على رأس عصاه.

 

ع22: آمن يوسف بوعد الله لإبراهيم أن نسله سيتغرب في مصر ثم يعود إلى أرض كنعان (تك15: 14)، لذا فرغم مركزه العظيم في مصر طلب من إخوته ونسلهم أنه عند إرتحالهم من مصر يأخذون عظامه معهم، وكان ذلك بعد حوالي 400 عام من هذا الكلام.

† آمن بوعود الله لك في الكتاب المقدس فلا تنزعج من حروب إبليس ولا تنشغل بمباهج العالم الزائلة بل تهتم بحياتك الروحية وخلاص نفسك كل حين.

(5) إيمان موسى وراحاب (ع23-31):

23 بِالإِيمَانِ مُوسَى، بَعْدَمَا وُلِدَ، أَخْفَاهُ أَبَوَاهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، لأَنَّهُمَا رَأَيَا الصَّبِيَّ جَمِيلًا، وَلَمْ يَخْشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ. 24 بِالإِيمَانِ مُوسَى لَمَّا كَبِرَ أَبَى أَنْ يُدْعَى ابْنَ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ، 25 مُفَضِّلًا بِالأَحْرَى أَنْ يُذَلَّ مَعَ شَعْبِ اللهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَتُّعٌ وَقْتِيٌّ بِالْخَطِيَّةِ، 26 حَاسِبًا عَارَ الْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ خَزَائِنِ مِصْرَ، لأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْمُجَازَاةِ. 27 بِالإِيمَانِ تَرَكَ مِصْرَ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ غَضَبِ الْمَلِكِ، لأَنَّهُ تَشَدَّدَ، كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لاَ يُرَى. 28 بِالإِيمَانِ صَنَعَ الْفِصْحَ وَرَشَّ الدَّمَ لِئَلاَّ يَمَسَّهُمُ الَّذِي أَهْلَكَ الأَبْكَارَ. 29 بِالإِيمَانِ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ كَمَا فِي الْيَابِسَةِ، الأَمْرُ الَّذِي لَمَّا شَرَعَ فِيهِ الْمِصْرِيُّونَ غَرِقُوا. 30 بِالإِيمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا بَعْدَمَا طِيفَ حَوْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 31 بِالإِيمَانِ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الْعُصَاةِ، إِذْ قَبِلَتِ الْجَاسُوسَيْنِ بِسَلاَمٍ.

 

ع23: رغم أمر فرعون بإلقاء الأطفال الذكور في النهر (خر1: 22)، آمن والدا موسى بقدرة الله على حفظهما هما وابنهما فأخفياه ثلاثة أشهر ضد أوامر الملك.

 

ع24، 25: كان موسى ابن ابنة فرعون فيعتبر ولىّ العهد ويمكن أن يصير ملكًا على مصر أو على الأقل من عظماء الدولة، ولكن إذ آمن بالله ترك القصر ونزل ليشارك شعبه في الذل والعبودية حتى يحررهم الله، عالمًا أن كل الشهوات الأرضية والخطايا زائلة أما الحياة مع الله فتدوم إلى الأبد.

 

ع26: الإيمان هو الذي رفع موسى عن الإنبهار بلقب ابن ابنة فرعون وجعله يرى هذا الذل والعار، الذي على مثال تنازل السيد المسيح لأجلنا من عرش مجده، بل رآه أنه غنى لا يضاهيه جميع خزائن مصر، هذا لأن الإيمان جعله لا يهتم بالغنى الوقتى بل يهتم بالمجازاة الأبدية التي من يد الله فهي أبقى وأفضل.

 

ع27: بعد أن ضرب الله أرض مصر بالضربات العشر خضع فرعون لأمر الرب، فترك موسى مصر بقوة ولم يخف من فرعون بل على العكس كان فرعون خائفًا منه لأن موسى كان يرى الله الذي لا يراه فرعون، واستطاع أن يشق البحر الأحمر ويعبره أما فرعون فغرق هو وكل جيشه (خر14).

 

ع28: آمن موسى بوعد الله أن يحفظهم من الملاك المهلك لأبكار مصر، فصنع الفصح ورش قوائم الأبواب بدم خروف الفصح كما قال الله لكي لا يؤذيهم الملاك المهلك (خر12: 21).

 

ع29: آمن موسى وبنو إسرائيل بأمر الله عندما ضرب البحر الأحمر، فانشق إلى نصفين وصار الماء كحائط يمينًا ويسارًا، فعبر الشعب بإيمان على أرض قاع البحر الذي صار جافًا ووصلوا إلى الشاطئ الآخر، ولكن قساوة قلب المصريين جعلتهم يتابعونهم، فلما صاروا كلهم في البحر ضرب موسى الماء فعاد إلى أصله وغرق كل جيش المصريين (خر14: 22).

 

ع30: أريحا المدينة الحصينة التي واجهت بنى إسرائيل بقيادة يشوع بعد عبورهم نهر الأردن، سقطت أسوارها بإيمان بنى إسرائيل، إذ كل ما فعلوه هو أنهم طافوا حولها لمدة سبعة أيام كما أمرهم الله (يش6: 12-20).

 

ع31: بالإيمان راحاب الخاطئة المعروفة في مدينة أريحا بالزنى لم تهلك مع غير المؤمنين، هذا لأنها آمنت بالله ودلَّلت على إيمانها هذا بأن قبلت الجاسوسين ولم تخبر ملك أريحا عنهما بل ضلَّلت عسكر الملك الذين كانوا يبحثون عنهما (يش2: 1).

† الإيمان يجعلك لا تخشى تهديدات الناس أو المشاكل التي تصادفك، فثق أن إلهك يحارب عنك ويحميك مهما كانت قوة المسيئين إليك.

(6) إيمان القضاة والأنبياء (ع32-40):

32 وَمَاذَا أَقُولُ أَيْضًا؟ لأَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعُونَ، وَبَارَاقَ، وَشَمْشُونَ، وَيَفْتَاحَ، وَدَاوُدَ، وَصَمُوئِيلَ، وَالأَنْبِيَاءِ، 33 الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34 أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، 35 أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. 36 وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضًا وَحَبْسٍ. 37 رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلًا بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، 38 وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَالٍ وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ. 39 فَهَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ، 40 إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئًا أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا.

 

ع32: يعلن بولس الرسول أيضًا أن الإيمان هو أساس حياة كل القديسين في العهد القديم وأن الوقت لا يكفي لإظهار إيمانهم، ومن أمثلتهم جدعون القاضي الذي أنقذ شعب إسرائيل من المديانيين (قض 6: 11)، وباراق الذي خلص بنى إسرائيل من سيسرا رئيس جيش الكنعانيين (قض4: 6)، وشمشون هازم جيوش الفلسطينيين (قض13: 24)، ويفتاح الذي أنقذ بنى إسرائيل من بنى عمون (قض11: 1)، وداود الملك البار مرنم إسرائيل (1 صم16: 13)، وصموئيل الذي وقف أمام شعب إسرائيل كله عندما رغبوا في تعيين ملك أرضى وعارضهم بالإيمان ناظرًا إلى ملك الملوك ورب الأرباب (1 صم8: 6) وسائر الأنبياء الذين تنبأوا بالإيمان عن أمور لم تأتِ بعد.

 

ع33: ينتقل بولس الرسول من ذكر أمثال أبطال الإيمان إلى أعمال الإيمان فيذكر:

  1. قهروا ممالك: مثل شمشون (قض 15: 15).
  2. صنعوا برًا: عاشوا حياة مقدسة نقية مثل داود.
  3. نالوا مواعيد: استطاعوا بالإيمان أن ينالوا ما وُعِدوا به مثل جدعون (قض8: 11).
  4. سدوا أفواه أسود: مثل دانيال (دا 6: 22).

 

ع34:

  1. أطفأوا قوة النار: فلم تستطع أن تحرقهم مثل الفتية الثلاثة (دا 3).
  2. نجوا من حد السيف: مثل أستير ومردخاى (أس 8).
  3. تقووا من ضعف: تقووا بالإيمان متحررين من ضعفهم البشرى مثل يهوديت التي انتصرت على جيوش الأشوريين (يهوديت14، 15).
  4. أشداء في الحرب: صاروا رجال بأس وقوة في حربهم مثل داود ومن معهم (2 صم 5: 20).
  5. هزموا جيوش غرباء: مثل يهوذا المكابى وإخوته الذين هزموا الإمبراطورية اليونانية (سفر المكابيين الأول).

 

ع35:

  1. أخذت نساء أمواتهن بقيامة: بالإيمان استطاعت نساء التمتع بقيامة من ماتوا لهن مثل قيامة ابن أرملة صرفة صيدا الذي أقامه إيليا النبي (1 مل17: 22).
  2. آخرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل: مثل الشهداء الكثيرين أيام المكابيين ومنهم السبعة إخوة وأمهم (مكابيين الثاني: 7).

 

ع36:

  1. آخرون تجربوا في هزء: مثل اليهود المناضلين مع يهوذا المكابى، فبعد موته قبض عليهم واستهزأوا بهم (مكابيين الأول 9: 26).
  2. وجلد: مثل الإخوة السبعة أيام المكابيين (مكابيين الثاني 7: 1).
  3. في قيود أيضًا وحبس: مثل يوسف (تك 39: 20)، وأرميا النبي (أر37: 15).

 

ع37:

  1. رجموا: مثلما أمر الملك يوآش برجم زكريا الكاهن ابن يهوياداع لأنه وبخ الشعب على خطاياهم ليرجعوا إلى الله (2 أي 24: 21)، ونابوت اليذرعيلى أيام آخاب الملك (1 مل21: 13).
  2. نشروا: يذكر التقليد اليهودي أن منسى الملك قد أمر بنشر إشعياء النبي.
  3. جربوا: مثل امتحان إبراهيم بتقديم إسحق ابنه ذبيحة (تك22).
  4. ماتوا قتلا بالسيف: مثل أخيمالك الكاهن الذي قتله شاول الملك لأنه أطعم داود وأعطاه سيف جلياط ورمحه (1 صم22: 16).
  5. طافوا في جلود غنم وجلود معزى معتازين مكروبين مذلين مثل إيليا النبي الذي عاش متجردًا (2 مل1: 8) ومثل ميخا النبي الذي أطعمه آخاب الملك خبز الضيق في السجن، أي لم يكن يجد طعامه الضرورى (1 مل22: 27).

 

ع38:

  1. هم لم يكن العالم مستحقًا لهم: إحتمل أبطال الإيمان السابق ذكرهم آلامًا كثيرة من أجل الله ولم يكونوا ضعفاء إلا في الظاهر، ولكنهم أمام الله قديسون أسمى من العالم ولا يستحق العالم وجودهم فيه.
  2. تائهين في برارى وجبال ومغاير وشقوق أرض: عاش بعضهم في الصحارى والجبال مبتعدين عن شر العالم الذي وبخوه مثل إيليا النبي(1 مل19: 9) ويوحنا المعمدان (لو1: 80).

 

ع39-40: أبطال الإيمان هؤلاء جميعًا الذين يشهد الله لإيمانهم لم ينالوا المواعيد على الأرض، بل على العكس إحتملوا ضيقات كثيرة، ولكن ينتظرهم وينتظرنا كلنا عندما نكمل جهادنا ملكوت أبدي نتمتع فيه معًا بسعادة لا يُعبَّر عنها. فهم ينتظرون في فردوس النعيم، مكان إنتظار الأبرار، إلى أن يدخل كل المؤمنين في وقت واحد إلى ملكوت السموات.

† تألق أبطال الإيمان من أجل جهادهم واحتمالهم أتعاب كثيرة لأجل الله. فليتنا لا نتكاسل في صلواتنا وأصوامنا وكل عمل صالح، بل نرفض أيضًا كل خطية مهما كانت لذيذة ومغرية واثقين أن أتعابنا الأرضية يقابلها أمجاد سماوية.

تفسير عبرانيين 10 عبرانيين 11  تفسير رسالة العبرانيين تفسير العهد الجديد تفسير عبرانيين 12
كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
تفاسير عبرانيين 11  تفاسير رسالة العبرانيين تفاسير العهد الجديد

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى