تفسير رسالة العبرانيين اصحاح 13 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة

الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ
وصايا عملية

 

(1) محبة الآخرين والتعفف (ع1-7):

1 لِتَثْبُتِ الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ. 2 لاَ تَنْسُوا إِضَافَةَ الْغُرَبَاءِ، لأَنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلاَئِكَةً وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ. 3 اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ. 4 لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ. وَأَمَّا الْعَاهِرُونَ وَالزُّنَاةُ فَسَيَدِينُهُمُ اللهُ. 5 لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» 6 حَتَّى إِنَّنَا نَقُولُ وَاثِقِينَ: «الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ؟» 7 اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ.

 

ع1: يدعوهم الرسول لمحبة الآخرين والإستمرار والنمو فيها.

 

ع2: ينبههم للإهتمام بإضافة الغرباء، فهي تعطى بركات لمن يقوم بها أعظم مما يتخيل، مثل إبراهيم ولوط اللذين أضافا رجالا واكتشفا بعد ذلك أنهم ملائكة بل في حالة أبينا إبراهيم كان الله نفسه مع الملاكين (تك18: 2؛ 19: 1، 2).

 

ع3: أذكروا من هم في قيود ولا تكونوا في برج عالٍ منفصلين عن من هم في آلام، إن كانت قيود حبس من أجل كلمة الله أم قيود خطايا، أذكروهم في صلواتكم وزيارتكم لهم ومساعدتهم، كذلك من يعانون من محنة أو ضيقة في حياتهم إهتموا بهم واضعين أنفسكم مكانهم لتشعروا بآلامهم.

 

ع4: الزواج سر عظيم في المسيحية أسمى في معناه عن كل الأفكار الوثنية والديانات الأخرى، إذ هو إتحاد بين الزوجين يتمه الروح القدس، فيطالب المتزوجين أن تكون علاقتهم الزوجية بطريقة سليمة ويبتعدون عن كل انحراف ضد وصايا الله (رو1: 26، 27) حتى لا ينجسوا علاقتهم. ويهاجم بقوة الزنا والنجاسة بأنواعها لأن الله سيدينها ويهلك كل من يصرّ عليها.

 

ع5، 6: يدعوهم لعدم التعلق بالمال أي البعد عن الطمع أو الحصول على المال بطريقة غير مشروعة أو الاعتماد عليه قبل الله أو الضيق من قلة وجوده، وأن يضعوا في قلوبهم أن الله يهبهم ما يكفيهم كوعده في سفر يشوع (يش1: 5)، وألا يقلقوا أو يخافوا من عدم كفاية ما عندهم لأن الله يعطيهم كفايتهم ويضمنها، فيثقوا به مثل داود النبي (مز118: 6).

 

ع7: ينبههم إلى العناية بمعلمينهم الروحيين لتدبير احتياجاتهم والخضوع لهم والإقتداء بحياتهم وإيمانهم الذي مكافأته أفراح السماء التي دخلوا إليها بعد انتقالهم من هذه الحياة.

† ليتك تتعلم من الآباء والمرشدين الروحيين ولو صفة واحدة من كل واحد، واهتم بإرشاداتهم حتى لو عارضت أغراضك ومزاجك فهي خبرة روحية ورسالة موجهة لك من الله.

(2) ذبائح العهد القديم والعهد الجديد (ع8-16):

8 يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ. 9 لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَّوِعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، لأَنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ الْقَلْبُ بِالنِّعْمَةِ، لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الَّذِينَ تَعَاطَوْهَا. 10 لَنَا «مَذْبَحٌ» لاَ سُلْطَانَ لِلَّذِينَ يَخْدِمُونَ الْمَسْكَنَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ. 11 فَإِنَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ الْخَطِيَّةِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِيَدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ. 12 لِذَلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ. 13 فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ. 14 لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لَكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ. 15 فَلْنُقَدِّمْ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ لِلَّهِ ذَبِيحَةَ التَّسْبِيحِ، أَيْ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ. 16 وَلَكِنْ لاَ تَنْسُوا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هَذِهِ يُسَرُّ اللهُ.

 

ع8: إن الرب يسوع المسيح ثابت لا يتغير، هو أمس في العهد القديم وهو نفسه اليوم في الكرازة بالإنجيل بنعمة العهد الجديد وهو الإله الحقيقي الباقي إلى الأبد.

 

ع9: كان دليل الثبات في الله قديمًا هو أكل الفصح وذبائح السلامة والتي كانت رمزًا لذبيحة المسيح في العهد الجديد التي نثبت فيها بنعمته عندما نتناول من جسده ودمه الأقدسين. فينبههم إلى عدم العودة للأكل من الذبائح الحيوانية حسب الطقس اليهودي فهي تعاليم يهودية غريبة عن المسيحية تعلن عدم كفاية ذبيحة المسيح للخلاص، فيجب رفض هذه التعاليم.

 

ع10: مذبح العهد الجديد وما يقدم عليه وهو جسد المسيح ودمه غير مسموح لكهنة وخدام اليهود أن يأكلوا منه لأنهم يعتقدون أن الخلاص بأكل الذبائح الحيوانية ولا يؤمنون أن الخلاص بدم المسيح وحده الذي كانت ترمز إليه هذه الذبائح.

 

ع11، 12: المحلة: المكان الذي يسكن فيه بنو إسرائيل وينصبون خيامهم حول خيمة الإجتماع.

الباب : أبواب مدينة أورشليم

يؤكد أيضًا أن ذبائح العهد القديم كانت ترمز لذبيحة المسيح، ففى يوم الكفارة العظيم كان رئيس الكهنة يدخل بدم الذبيحة إلى قدس الأقداس أما الذبيحة فكانت تحرق خارج المحلة (لا 16: 27). وهي ترمز للمسيح الذي صلب خارج أورشليم في موضع الجلجثة لكي يفدى ويقدس المؤمنين به (يو19: 20).

 

ع13، 14: يدعو ق. بولس المسيحيين من أصل يهودي لترك العبادة اليهودية التي مركزها أورشليم ويخرجوا إلى العبادة المسيحية، محتملين الإهانات من إخوتهم اليهود كما احتمل المسيح خزى الصليب لأجلنا، لأننا ينبغي أن نحيا بفكر الغربة عن العالم وشهواته ومراكزه ونحتمل الضيقات لأجل الوصول إلى أورشليم السماوية أي ملكوت السموات.

† لا تنزعج من مقاومة الآخرين لك في تمسكك بصلواتك وارتباطك بالكنيسة أو مبادئك الروحية التي تعلمتها من الآباء، وثق أن هذه الإهانات إكليل فخر لك. لا تغضب ويمكنك أن توضح مبادئك لهم إن كانوا يريدون أن يسمعوا، وإن رفضوا فلتصمت وتحتمل من أجل الله ولا تتزعزع عن مبادئك كما احتمل المسيح كل الإهانات من أجلك.

 

ع15، 16: به: بالمسيح.

يدعونا إلى أنواع جديدة من الذبائح في العهد الجديد نستطيع أن نقدمها بنعمة المسيح (مز51: 16) وهي:

  1. ذبائح الشفاه أي الصلوات والتسبيح والشكر.
  2. ذبائح العمل الصالح أي أعمال الخير والرحمة.

(3) الاهتمام بالمرشدين والخضوع لهم (ع17-22):

17 أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هَذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ. 18 صَلُّوا لأَجْلِنَا، لأَنَّنَا نَثِقُ أَنَّ لَنَا ضَمِيرًا صَالِحًا، رَاغِبِينَ أَنْ نَتَصَرَّفَ حَسَنًا فِي كُلِّ شَيْءٍ. 19 وَلَكِنْ أَطْلُبُ أَكْثَرَ أَنْ تَفْعَلُوا هَذَا لِكَيْ أُرَدَّ إِلَيْكُمْ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ. 20 وَإِلَهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ، بِدَمِ الْعَهْدِ الأَبَدِيِّ، 21 لِيُكَمِّلْكُمْ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ لِتَصْنَعُوا مَشِيئَتَهُ، عَامِلًا فِيكُمْ مَا يُرْضِي أَمَامَهُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. 22 وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَحْتَمِلُوا كَلِمَةَ الْوَعْظِ، لأَنِّي بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ.

 

ع17: لا آنين : غير متألمين.

يدعوهم الرسول لطاعة الخدام والمرشدين الروحيين الذين يحبونهم ويعتبرون خدمتهم مسئولية أمام الله سيحاسبوا عنها فيخدمونهم بأمانة، لأن عدم طاعتهم سيتعبهم وهذا يجعل الله غير راضى عنهم بالإضافة إلى أنهم لن يستطيعوا توصيل كل الفائدة الروحية لهم.

 

ع18: باتضاع ومحبة يطلب ق. بولس، الذي هو أبوهم ومرشدهم الروحي، أن يصلوا لأجله حتى يعطيه الله حكمة في خدمته وتصرفاته فهو يحبهم وضميره مخلص لهم. وهو بهذا الاتضاع يكمل المعنى في الآية السابقة التي يطالبهم فيها بالخضوع للمرشدين حتى لا يظنوا أنه يريد التسلط عليهم بل فائدتهم الروحية.

 

ع19: كذلك يطلب صلواتهم لأجل تسهيل حضوره إليهم، فهو مشتاق أن يراهم وهو يشعر أن أصله يهودي ويتمنى أن يرجع إلى أورشليم واليهودية التي عاش وتتلمذ فيها.

 

ع20، 21: إله السلام : اضطر ق. بولس في هذه الرسالة إلى تفنيد حجج المعلمين الكذبة الذين يريدون العودة بالمسيحيين إلى العبادة اليهودية وقد قاوموه كثيرًا، والآن يتمنى أن يحيا المؤمنون في سلام يهبه لهم الله إله السماء مبتعدين عن النقاش مع هؤلاء المعلمين الكذبة وكل المشاكل التي تقوم معهم.

أقام : يتكلم عن المسيح كإنسان إحتاج أن يقيمه الله من الأموات أي لاهوته أقام ناسوته.

يتمنى أن يحيا المؤمنون في سلام من الله القادر على كل شيء الذي أقام المسيح من الأموات وهو راعى نفوسنا كما يرعى الراعى الخراف. وهذا السلام يساعدنا على التركيز في الأعمال الصالحة، وهي مشيئة الله في حياتنا وبها نرضيه وهو يساعدنا على استكمالها طوال حياتنا وإلى الأبد.

 

ع22: إن كان ق. بولس قد اضطر أن يفند أفكار المعلمين الكذبة ويشرحها في هذه الرسالة، فهو يعتذر للمسيحيين من أصل يهودي الذين يقرأون هذه الرسالة ويطلب احتمالهم لكلامه الكثير هذا الذي هو مختصر جدًا، ولو ترك نفسه يشرح لكتب أكثر من هذا بكثير.

† كن لطيفًا في كلامك مع الآخرين واهتم بمشاعرهم وتحلى بكلمات الإعتذار والإستئذان لتكسب سامعيك.

(4) وداع ختامي (ع23-25):

23 اِعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أُطْلِقَ الأَخُ تِيمُوثَاوُسُ، الَّذِي مَعَهُ سَوْفَ أَرَاكُمْ، إِنْ أَتَى سَرِيعًا. 24 سَلِّمُوا عَلَى جَمِيعِ مُرْشِدِيكُمْ وَجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الَّذِينَ مِنْ إِيطَالِيَا. 25 اَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ

(إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ، كُتِبَتْ مِنْ إِيطَالِيَا، عَلَى يَدِ تِيمُوثَاوُسَ)

 

ع23: ليكن معلومًا عندكم أيها الأحباء أن الأخ تيموثاوس الذي تعرفونه جيدًا قد فُكَّ من سجنه وسيكون معي عندما آتى وأراكم قريبًا جدًا إن شاء الرب وعشنا.

 

ع24: يطلب توصيل سلامه إلى مرشديهم وخدامهم، فهم المسئولون عن رعاية الكنيسة عندهم، وكذلك إلى كل المؤمنين الذين قد يصعب توصيل الرسالة إليهم ليقرأونها. ومن ناحية أخرى يرسل سلام كل المؤمنين الذين حوله في إيطاليا حيث كتب هذه الرسالة.

 

ع25: يتمنى في ختام رسالته أن تعمل نعمة المسيح فيهم دائمًا. ويوضح أنه قد أملى هذه الرسالة على تيموثاوس عندما كان في روما التي بإيطاليا لأن نظره ضعيف فيحتاج لمن يكتب له رسائله. ويذكر تيموثاوس تلميذه لأنه معروف ومقبول عند اليهود فأمه وجدته يهوديتان (أع16: 1-3) فيسهل هذا قبولهم للرسالة.

† عندما تستخدم وسيطا بينك وبين آخرين، إهتم أن يكون مقبولا ومحبوبًا عندهم ليتسنى صنع الوفاق أو إتمام الموضوعات بينك وبينهم، فالإنسان يتأثر نفسيًا ويقبل الكلام إن كان من شخص معروف ومحبوب لديه.

تفسير عبرانيين 12 عبرانيين 13  تفسير رسالة العبرانيين تفسير العهد الجديد فهرس
كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
تفاسير عبرانيين 13 تفاسير رسالة العبرانيين تفاسير العهد الجديد

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى