تفسير سفر راعوث أصحاح 3 للقمص مكسيموس صموئيل
الإصحاح الثالث
” راعوث في بيدر بوعز “
حكمة نعمى وطاعة راعوث ( 3: 1-5 ) :-
كان الحصاد قد انتهى جمعه في الحقل ونقل إلى البيدر وهو مكان فسيح من أرض فضاء قد يكون مكشوفاً أو مغطى وتنقل إليه السنابل وتدرس بالنورج وهي عملية تخرج فيها الحبوب من السنابل ثم تذرى الحبوب في البيدر بالمذراة, لفصل الحبوب من التبن.
كان يوم تذرية الشعير يوم مبهج لصاحب الحقل إذ يذري الحصاد, وكان بوعز في حقله يذري الحصاد وقد علمت نعمى بالخبر, فقالت لراعوث ونصحتها أن تذهب إلى البيدر متخفية حيث تجد هناك بوعز وقد طاب قلبه, لقد اختارت نعمى المكان المناسب والوقت الملائم, وأوصتها ألا تعرف عنده, وبعد أن ينام تضطجع عند رجليه وكانت نعمى تثق في طهارة الرجل واستقامة حياته, كما تطمئن لقداسة راعوث.
فأطاعت راعوث حماتها قائلة ” كل ما قلت أصنع ” ( 5:3 ) وكان عليها أن تتمم بعض الأمور قبل ذهابها إلى الرجل حسب ما قالته لها حماتها منها :-
اغتسلي :-
لقد كان بوعز رمز للسيد المسيح, وراعوث هي النفس التي تتقابل معه وتصير ابنة له, فإن هذه النفس عليها أولاً أن تغتسل في المعمودية, فبداية كل شئ هو تطهير الإنسان بمياه المعمودية.
تدهني :-
إن التدهن بالزيت هو طريق نوال الروح القدس, إذ تتقدس النفس والحواس بدهن الميرون.
البسي ثيابك :-
لابد أن تكتسي النفس بثياب العرس ” أعمال الفضيلة وثمار الروح ” بعد أن صارت من خاصة السيد المسيح, والذي ليس عليه ثياب العرس يطرح خارجاً ( مت 22: 13,12).
وهكذا بعد الاغتسال والتدهن ولبس الثياب نصير مؤهلين أن ننزل إلى البيدر ونتقابل مع السيد المسيح في بيدره ” كنيسته “.
جلوسها عند قدميه إشارة إلى اتحاد المسيح المصلوب بالكنيسة :-
كان في جلوس راعوث عند رجلي بوعز إشارة للإتحاد بالمسيح في موته حيث كان بوعز نائماً ( 4:3 ), وحينما نضطجع ونشترك مع المسيح في موته سوف ننال ثمرة محبته, إذ هو يخبرنا, فتنصت النفس لصوت الحبيب.
بوعز مضطجع وراعوث عند رجليه ( 3: 6-13 ) :-
نامت راعوث كوصية حماتها عند رجلي بوعز في الليل, وهكذا النفس إذ تدخل سراً في المخدع وتطرح ذاتها عند قدمي يسوع وتخرج منها آنات صامتة, فهي لا ترد فارغة, وها هي راعوث تطلب حمايته أن يبسط ذيل ثوبه عليها, وهو يثق أنها امرأة نقية لا تهدف إلى الشر ( 11:3 ).
الراحة عند قدميه :-
عندما نأتي إلى يسوع ونحتمي عند قدميه اللتين سمرتا في الصليب, سوف يلتفت لنا حتماً فعند قدميه وجد كثيرون راحتهم مثل نازفة الدم (مر 5: 34,30 ), المرأة الكنعانية ( مت 15: 21-28 ), المرأة الخاطئة ( لو 7 36-50 ), وسوف نسمع من يسوع ذات الكلمات التي قالها بوعز لراعوث ” والآن يا ابنتي لا تخافي ” ) 11:3 ), وقال لها أيضاً ” إنك مباركة من الرب يابنتي إذ لم تسعي وراء الشبان فقراء كانوا أو أغنياء ” ( 10:3 ), لذلك تبناها بوعز نفسه.
وهكذا النفس وهي تلجأ ليسوع تطلب حمايته وتحتمي فيه كما قالت راعوث لبوعز ” أنا راعوث أمتك, فأبسط ذيل ثوبك على أمتك لأنك ولي ” ( 9:3 ), فقد تحولت راعوث من تلك الفتاة الغريبة الفقيرة إلى ابنة تطلب بجرأة أموراً عظيمة, فهي تطلب ميراث أليمالك وغنى بوعز, فبينما كان بوعز ” السيد المسيح ” مضطجعاً وقد قهر الموت بموته كانت راعوث ” الكنيسة ” عند قدميه مضطجعة ترجو أن يبسط ذيل ثوبه عليها ويفكها من نير الولي الأول ” نير الناموس ” إلى حرية مجد أولاد الله, وقد قام بوعز عند منتصف الليل وهو رمز للسيد المسيح إذ قام في فجر الأحد ( يو 1:20 ) .
راعوث وصباح يوم مجيد ( 3: 14-18 ) :-
اضطجعت راعوث عند رجليه إلى الصباح ثم قامت, إنها ذات الساعة التي أتت فيها المجدلية إلى القبر إذ أتت والظلام باق والمسيح قام, إنها ساعة البشارة التي بشرت بها المجدلية الكنيسة بأن المسيح قام, فليس من قبيل الصدفة أن بوعز قال الراعوث هاتي الرداء الذي عليك وامسكيه, فأمسكته فإكتال 6 من الشعير ووضعها عليها ثم دخل المدينة ” ( 15:3 ), لقد دخلت راعوث للمدينة في فجر اليوم الجديد وهي تحمل ذات البركة الوفيرة من الشعير لتبشر حماتها المسكينة فيتبدل بؤسها إلى سعادة, مثلما فعلت المجدلية وبشرت الكنيسة الحزينة ببشرى القيامة, وقد إكتال بوعز 6 أكيال وينقص كيل سابع لتصل إلى الكمال, إنه يتم بحلول الروح في عيد الخمسين بعد القيامة حيث تمتلئ بثمار الروح.
تفسير راعوث 2 | راعوث 3 | تفسير سفر راعوث | تفسير العهد القديم | تفسير راعوث 4 |
القمص مكسيموس صموئيل | ||||
تفاسير راعوث 3 | تفاسير سفر راعوث | تفاسير العهد القديم |