يو10: 10 وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل
“اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ.” (يو10: 10)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك،
وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة،
وليكون لهم أفضل”. (10)
الرعاة المخادعون هم سراق، يدخلون لا من خلال باب الحب، بل بروح الخداع بنية شريرة. بخداعهم يذبحون النفوس ويهلكونها. بينما يهتم الراعي بتقديم حياة أفضل، ينشغل اللص بالذبح وقتل النفوس. تسلل اللص إلى القطيع يسبب موتًا، أما نزول الراعي الصالح، الكلمة المتجسد، فيهب حياة أبدية.
إن كان الراعي قد جاء إلى قطيعه في العالم لكي يبررهم ويقدسهم ويمجدهم، فإنه يرد لهم الحياة المفقودة. إنهم لا يعودوا إلى ما كانوا عليه قبل الخطية، بل إلى فيض أبدي للحياة التي لن يقهرها موت، لذا يقول: “أفضل“.
v إن قلت: قل لي وما الذي يكون أفضل من الحياة؟ أجبتك: ملكوت السماوات، لكنه لم يقل هذا بعد، إنما يردد اسم الحياة الذي كان أوضح الأشياء معرفة عندهم.
v “فقد أتيت لتكون لهم حياة” (١٠)، أي الإيمان العامل بالمحبة (غلا ٥: ٦). “وليكون لهم أفضل“، هؤلاء الذين يصبرون حتى المنتهى، فإنهم يخرجون بهذا الباب عينه، أي بالإيمان بالمسيح. فإنهم كمؤمنين حقيقيين يموتون وتكون لهم حياة أفضل عندما يذهبون إلى حيث يقيم الراعي، ولا يموتون بعد.
v إن كنا نتطلع إلى العالم كبيتٍ واحدٍ عظيم، فإننا نرى السماوات تمثل القبو، والأرض تمثل الممر. إنه يريد أن ينقذنا من الأمور الأرضية، لنقول مع الرسول: “مواطنتنا هي في السماء“. فالالتصاق بالأرضيات هو موت للنفس، عكس الحياة التي يصلي من أجلها قائلاً: “أحيني”!
تفسير القمص متى المسكين
9:10- 10 أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى. اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ.
هنا يقول الرب: «أنا هو الباب» بمضمونه العام، أي بالنسبة للرعاة والخراف، بدل «أنا هو باب الخراف» بمضمونه المنسوب للخراف فقط. لأنه سبق وقال إن: «الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف». فالباب هنا يجمع بين الإيمان بابن الله، حيث يكون هو المدخل الوحيد للخراف، وبين التعليم الصحيح الذي يدخل منه الرعاة. لذلك يقول: «إن دخل بي أحد»، و«أحد» تعني كل واحد، حيث الكل يعوزه الخلاص، والدخول لازم للجميع ليكون مع رعية القديسين وأهل بيت الله: «هذا الباب للرب والصديقون يدخلون فيه» (مز20:118). وفي مثل العذارى العشر: «يشبه ملكوت السموات عشر عذارى» (مت1:25)، واضح أن الباب الذي أُغلق بعد أن دخل منه الخمس العذارى الحكيمات المستضيئات بزيتهن خلف العريس، هو باب الخلاص الذي لا يعني إلا المخلص نفسه. فغلق الباب في ملكوت السموات يعني انتهاء عمل الخلاص؛ أما الخروج فهو الدعوة العظمى, سواء للرعاة أو الخراف, للانطلاق إلى المراعي الحقة السماوية التي يربض فيها راعي الرعاة الأعظم خرافة ورعاته من كل الحظائر.
وواضح أنه ليس لنا دخول مع رعية القديين إلى الآب السماوي، إلا بالمسيح: «لأن به لنا كلينا (الأممم واليهود) قدوما في روح واحد إلى الآب. فلستم، إذا، بعد غرباء ونزلا، بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله.» (أف18:2-19)
كذلك، فبواسطة هذا الباب، أي الإيمان بابن الله، يصير لنا الدخول في غنى الله والإقامة فيها والتنعم بها. كما يربض الراعي غنمه في المرعى الدسم وهو في وسطها: «الذي به أيضا قد صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون, ونفتخر على رجاء مجد الله.» (رو2:5)
والآن، فالراعي أو المعلم الذي ليس في قدرته أن يربض غنماته في مرعى الإيمان الدسم لتشبع من نعمة الله وتقيم فيها على الدوام, ثم لا يقوى بعد ذلك على أن يحضرها بالروح إلى الآب لتنضم مع القديسين وأهل بيت الله, ماذا يكون؟ وماذا يكون غرضه؟ إلن أن يكون هو السارق لوظيفة ليست له ويمتلك نفوساً لم يُستأمن عليها، ولصا يخطف ليذبح كل ما يقدر أن يخطفه أو يذبحه، «تأكلون الشحم (مال الثمعب) وتلبسون الصوف (التنعم) وتذبحون السمين (الغنى) ولا ترعون الغنم» (حز3:34). هنا استغلال الوظيفة، واستغلال النفوس الضعيفة، هو اختطاف وسرقة الله. والويل لمن يقف ضد السارق لوظيفة ليست له، فهو إن لم يقتل الجسد، فيضطهد حتى إلى هلاك النفس. وهو حتى وإن لم يضطهد أحداً، فهو لأنه لا يرعى أحداً بل يرعى نفسه, فتهلك الغنم من عدم المعرفة ومن الجوع إلى كلمة الله.
«السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويُهلك»:
العجيب هنا أن المسيح ييصور نفس الصورة التي رآها زكريا النبي منذ مئات السنين: «غنم الذبح الذين يذبحهم مالكوهم ولا يأثمون (لا يشعرون أن هذا إثم)، وبائعوهم يقولون مبارك الرب، قد استغنيت. ورعاتهم لا يشفقون عليهم.» (زك4:11-5)
بل وحتى إذا علم السارق المغتصب، الذي لم يدخل من باب المسيح ، فإنه يعلم تعليماً لا يُشبع ولا يُغني عن جوع، بل ويتلف حاسة القداسة عند سامعيه، ويطمس معالم الروح، ويقود النفس إلى هلاكها. «فدعاهم يسوع وقال لهم: أنتم تعلمون أن الذين يٌحسبون رؤساء الأمم يسودونهم, وأن عظماءهم يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم. بل من أراد أن يصير فيكم عظيماً, يكون لكم خادماً. ومن أراد أن يصير فيكم أولاً، يكون للجميع عبداً. لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأت ليُخدم ، بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين.» (مر42:10-45)
وأخيرأ، نستطيع أذ نلمح بسهولة صورة الشيطان من خلال سرد مثل المسيح عن السارق الذي يرعى وهو ليس راعياً، بل دخل خلسة كلص يتلصص على الخدمة، يهدم ما بناه الامناء ويلوث جماعة المسيح، ويشكك في كل ما تعلمته الرعية، وأخيراً يبذر بذور الفرقة والانقسام، فتقوم جماعة على جماعة، ويشغل الكل في الخصام والاتهام، فتتوقف حركة النمو والبناء؟ وأخيراً تتبدد الجهود وتسود العداوة وتهرب النعمة وتحل النقمة. عن هؤلاء وعن الشيطان الذي يعمل بهم، يقول بولس الرسول: «لأن مثل هؤلاء هم رسل كذبة، فعلة ماكرون، مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح. ولا عجب، لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور، فليس عظيماً، إن كان خدامه أيضاً يغيرون شكلهم كخدام للبر.» (2كو13:11-15)
«أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة, وليكون لهم أفضل»: هنا المسيح يقدم لخرافه حياتين: «لتكون لهم حياة, وليكون لهم أفضل»، في مقابل ما يعمله السارقون «ذبح وهلاك». فيعوض «الذبح» يقدم المسيح «حياة»: «النعمة التي نحن فيها مقيمون» (رو2:5) = «لتكون لهم حياة». وعوض «الهلاك» يقدم المسيح «الأفضل من الحياة»: «يكون لهم أفضل»، والمقصود هو ملكوت الله.
فهو ينجي من الذبح بأن يعطي الحياة، وينجي من الهلاك بأن يعطي وعد الحياة الأبدية: «لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل»، كما جاءت في اليونانية ( ) بمعنى «يأخذون الحياة ويأخذونها بفيض أو بغزارة» وهي صفة الملكوت. وهذا يفيد أن الحياة التي يعطيها المسيح هي بنفسها تنبع إلى حياة أبدية، فالمسيح لا يعطي حياة جسدية تموت بموت الجسد. والمعنى بالنهاة ، أنه يعطي لها حياة لها شبع السرور، بالروح والنعمة، وهي نفسها تبلغ إلى الملء هناك في الحياة الأبدية.
وهكذا وضع المسيح المقارنة بين الرعاية في صورتها المزيفة وصورتها الأصيلة في أحد وأحرج صورة لها، إذ جعلها مقارنة بين حياة وموت، وبين خلاص وهلاك! وبالنهاية بين راع صالح ولص سارق.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
الآيات (7-10): “فقال لهم يسوع أيضاً الحق الحق أقول لكم أني أنا باب الخراف. جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص ولكن الخراف لم تسمع لهم. أنا هو الباب إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى. السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم افضل.”
هنا المسيح يطبق ما قاله من قبل على نفسه. باب الخراف= ولم يقل باب الحظيرة، فالمسيح يهتم بخروف واحد ليدخله، لقد إنتقل من عهد مع شعب لعهد مع نفس، فهو يبحث عن الخروف الواحد الضال، ومن يؤمن يدخل من الباب، باب الحياة ليجد حياة سماوية مع الآب في مرعى دسم، وبهذا ألغى عمل الكاروبيم الماسك سيفاً الواقف على باب الجنة. لن يدخل أحد للكنيسة أو للسماء إلاّ بالمسيح (يو6:14) المسيح حين يأتي بنا للآب يسمى نفسه (باباً) وحين يرعانا يسمى نفسه (راعي). أنا هو الباب= أي قبول المسيح شخصياً.
سرّاق ولصوص= (مثل الكرامين يفسر من هم السراق واللصوص). الفريسيين الذين تجاهلوا المسيح بأعماله وأقواله ليفرضوا عوائدهم وليستمروا في مكاسبهم فهم يريدون أن يسرقوا شعب المسيح، وينطبق لفظ سراق ولصوص علىمن إدَّعوا أنهم مرسلين من الله ليقودوا ثورات دموية ضد الرومان مثل يهوذا الجليلي وثيوداس. وهؤلاء إدعى كل منهم أنه المسيا. جميع= هنا يقصد بها من قال عنهم سابقاً “من يطلع من موضع آخر” (1:10).
لم تسمع لهم= لأن لهم أذن يميزوا بها صوت الراعي (يو31:3-34+ 1يو5:4،6). وهؤلاء مثل سمعان الشيخ وحنة النبية وزكريا والتلاميذ والرسل السبعين وبعض الشعب بل والجنود فرحوا بالمسيح بالرغم مما قاله الفريسيين.
إن دخل أحد= يدخل كالعذارى الحكيمات ولا يكون كالجاهلات ينتظرن حتى ينتهي الوقت. ومن يؤمن به يدخل ويجد الخلاص.
ويخرج= لينطلق إلى المراعي الحقة السماوية. يدخل للعمق ويخرج ليخبر الآخرين وفي الحالتين يتغذى فالمروِي هو أيضاً يُروَى= يجد مرعى= غذاء روحي للحياة. ويدخل ويخرج تشير للحرية، يخرج من الحظيرة للمرعى تابعاً الراعي أو داخلاً للحظيرة آخر النهار. وكلمة يخرج قيلت عن الأعمى إذ أخرجوه خارج المجمع، والمسيح يدعونا لنخرج من العالم وندخل إلى حظيرته. والمسيح أدخل الأعمى لحظيرة المؤمنين وهكذا يدخل كل من ترك العالم وفي نهاية رحلة حياتنا على الأرض نخرج من العالم فعلاً لندخل للسماء. والدخول يكون من خلال الباب الذي هو المسح والخروج يكون في الطريق الذي هو المسيح إلى السماء. فلا دخول للآب السماوي إلاّ بالمسيح (أف18:2،19). وكل راعي لا يقدر أن يدخل الغنم إلى المرعى الدسم يكون سارقاً لوظيفة الراعي. والمسيح يكرر نبوة زكريا (زك4:11،5). السارق لا يأتي إلاّ ليسرق ويذبح= يستغل رعيته. والشيطان ينطبق عليه أنه سارق ولص (2كو13:11-15). فهناك فارق شاسع بين راعي يعطي حياته لرعيته (كالمسيح) ورعاة هدفهم هو الإستفادة من رعيتهم.
أما أنا فأتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل= هو أتى لا ليأخذ بل يبذل نفسه عن الخراف ويعطيها حياة هي حياته هو. في مقابل الذبح والهلاك عند السرّاق واللصوص يقدم المسيح الحياة والأفضل، أي ملكوت الله (رو2:5) يأخذون الحياة بفيض وغزارة (حب الترجمة اليونانية) وهي صفة الملكوت. فالحياة التي يعطيها المسيح تنبع إلى حياة أبدية وليس حياة جسدية تموت بموت الجسد. هو يعطي حياة لها شبع السرور بالروح والنعمة وهي نفسها تبلغ إلى الملء هناك في الأبدية. حياتهم حياة روحية على الأرض ستكون لهم أفضل من الحياة المادية وحياتهم الأبدية هناك ستكون أفضل من الهلاك الأبدي. ولاحظ ماذا يعطي الراعي الصالح [1] حرية= يدخل ويخرج. [2] شبع= يجد مرعى. [3] خلاص= فيخلص. لذلك قال المسيح للمولود أعمى “أتؤمن بإبن الله” لأن هذا هو طريق الخلاص الوحيد.
صفات الرعي الصالح:
1- يبذل نفسه عن الخراف آيات 11-13
فهو الذي بذل حياته عن خرافه
2- يعرف خرافه الخاصة وخرافه تعرفه آية 14
وهو يعرف إحتياجها فهو خروفاً مثلها. وهي تعرفه فهو يتعايش معها وفي وسطها وينتمي لها.(2تي12:1)
3- يضع نفسه عن الخراف آية 15
هو يضع نفسه مكاني في كل شئ(حياة/ موت/ ضعف/ عبودية/ ألم/ جوع وعطش/ فقر/ استهزاء/ لعنة/ دينونة)
4- لا يلتزم بحظيرة معينة بل يجمع خرافاً أُخَر لتكون له رعية واحدة. آية 16
هو أتي ليجعل الإثنين واحداً. يجمع الكل فيه (يهوداً وأمما)