لأننا لا نجهل أفكاره
“لأننا لا نجهل أفكاره” (2 كو 2 : 11)
الويل والحزن للإنسان الذي ينخدع بمديح وتكريم الحية . لأن العدوة يعود إليك في الحال ومعه صورة قديمة لإنسان كان قد أساء إليك أو امتهن كرامتك ، فيثير فيك مفاضلة مزعومة بين قداستك تلك وامتهان ذلك الإنسان الحقير لك. وحينئذ يكون قد نجح في تقديم فكرة الكرامة في وقتها المناسب ، ثم يشعل ثقاب البغضة في زيت القداسة المزعومة . وحينما ينفعل قلبك ويبتدئ لهيب الكراهية يرتفع ، حينئذ يبدأ الأسد يتحرك وقد ضمن فريسته ، فيجول يزأر وهو مطمئن أن النفس قد تخدرت بالحقد وفي نصف وعيها ! فيوعز إليها بالنقمة والضربة القاضية.
وهكذا يتناسب الشيطان ، ويتشكل في طرقه وحيله ، فهو كالأسد حينما يملك ، أو كالحية حينما تستشعر منك باليقظة ، أو كالدخان حينما يفتضح أمره بصرخة استغاثة إلى الله . ولكن سواء كان هذا أو ذاك ، فلك أن تثق أنه لا يملك أن يستخدم الضغط على الإطلاق طالما أنت لم تقبله.
إعلم أن عقلك هو معقل النور الإلهي الذي لا يقوى رئيس الظلمة على اقتحامه قط ، إلا إذا أطفأت أنت بيدك مصباح الحق الإلهي المنير ، بقبولك مشورة العدو ، إذ تكون أحببت الظلمة أكثر من النور.
ومهما كانت تفاهة الأفكار التي يعرضها العدو في الشر والنجاسة فهي لا تستطيع أن تُدنس عقل الإنسان أو توقعه تحت أي دينونة أو عقاب ، طالما لم يتقبلها الإنسان ، أو يظهر لها علامة الرضا والاستحسان.
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين