يو1: 18 اللَّه لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر

 

“اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.” (يو1: 18)

+++

تفسير الأب متى المسكين 

 

18:1- اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.

هذه هي آخر آية في منظومة مقدمة إنجيل يوحنا. وهي بمثابة الرتاج أو صمام الأمن الذي يغلق ¬في وجه كل محاولة كانت أو ستكون، إن هي وقفت لتناطح صاحب هذا الاسم الآخير المستعلن, يسوع المسيح, في كونه الوحيد بصفته الابن المحبوب لله, الذي استطاع ويستطيع إلى الآبد أن يخبر عن الله أبيه الخبر اليقين والبشارة المفرحة. فليست هذه الآية تقع كسابقتها في مواجهة موسى أو غيره من الآنبياء، بل وكل ادعاء يجىء ليتحدث ويخبر عن الله: «الآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي، لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته» (يو37:5‏). ولكن كان هم القديس يوحنا ليس إسكات أصوات إدعاء المتكلمين بفم الله في زمانه أو غير زمانه، بل كان همه بالأساس إرساء قاعدة حق إنجيل يسوع المسيح ابن الله، على أساس أن يسوع المسيح ابن الله هو الاستعلان الكامل والوحيد لله، الذي به نرى الله، وفيه نرى الآب، ومنه نعرف كل ما عند الآب:
* وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ». (يو26:8)
* وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ (يو40:8)
* «أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي (يو32:10)
* 7- لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضاً. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ». (يو7:14)
* لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي. (يو15:15)
* لاَ أُكَلِّمُكُمْ أَيْضاً بِأَمْثَالٍ بَلْ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الآبِ علاَنِيَةً. (يو25:16)
‏فجميح طرق الاستعلان السالفة لم تكن كافية لتبلغ الإنسان حقيقة الله؛ وبواسطتها جميعاً أخفق الإنساذ أن يرى الله أو يسمع صوته. أما في الابن الوحيد الكائن في حضن الآب فقد استعلن الله، مرئياً ومسموعاً:
الَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ أَرِنَا الآبَ. (يو9:14)
وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (يو24:14)
‏والآية بحد ذاتها تضع الله في السمو المطق وتقنع الإنسان الذي انطلق يفحص الله أن يعود إلى بيته ودائرة محدوديته. كما تقنع الإنساذ الطموح الذي يتحرق اشتياقاً وحباً لله أن يلتجىء إلى الابن المتجسد ليشبع منه وفيه كل اشتياقاته وحبه، فالأبن المتجسد هو الابن المحبوب الحامل ليس فقط لمعرفة الآب بل لكل حبه. فـ «دالمونوجانيس» كصفة الابن يجمع صفتين جوهريتين لله: البنوة الفريدة، والحب الفريد.
فلو انتبهنا إل الأية السالفة (17) باعتبارها الأية الفاعلة بين العهد القديم والعهد الجديد سواء من جهة طبيعته أو صاحبه: «الناموس بموسى أعطي أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا»، نجد أنها ينقصها المزيد من التوضيح. وهذا هو الذي تكمله الأية التي نحن بصددها. فموسى وكل الشخصيات العظيمة والمقربة إلى الله على مدى العهد القديم كله لم يحظ أحد منهم برؤية الله رؤية حقيقية، وإنما كان كله بالشبه، وبالتالي تكون كذلك كل توصيات ووصايا العهد القديم هي حتماً «شبه السماويات وظلها»، وحتى الإنسان نفسه، كل إنسان، فهو مخلوق أصلاً على شبه الله وصورته. ولكن الآن وفي المسيح ليس الأمر كذلك، فهو الصورة الحقيقية لله، بل هو«الحق» في ذاته وفي كل أقواله:
* فقال (موسى) أرني مجدك, فقال أجيز كل جودتي قدامك وأنادي باسم الرب قدامك. وأتراءف على من أتراءف وأرحم من أرحم. وقال لا تقدر أن ترى وجهي, لأن الإنسان لا يراني ويعيش.» (خر18:33-20)
‏هذا في مقابل صاحب العهد الجديد ومؤسسه يسوع المسيح الابن الوحيد، فهو ليس كذلك بل هو وكما أشارت الأية السابقة ملء النعمة والحق:
«(ابن) وحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً». و«الابن الوحيد (الإله) الذي هو في حضن الآب هو خبر».
‏فهو الابن الحقيقي والفريد لله، الذي ليس فقط رأى الله ويعرفه بل هو قائم فيه في موضع الحضن أو على الأصح في حالة الحضن أي العمق الخفي والخاص والسري جداً، المستريح والفعال في الله الذي لا يحتلة إلا “الابن الحبيب الذي سررت به».

“في حضن الآب»:
‏يلاحظ أنها لم تجيء ( ) ولكن ( ) وهذا في التعبير اليوناني الدقيق يفيد ليس ««في حضن الآب» بل «داخل حضن الآب”. وحتى هذا الوجود في الداخل ليى جامداً غير متحرك، بل هو وجود «متداخل», أي د‏ائم الإتجاه نحو الحضن الأبوي. وبهذا يصبح هذا التعبير مشابهاً للتعبير الأول في الآية الأولى ( ) “عند الله”, فهو وجود قائم متداخل ممتد في الله, وبذلك يكون التشديد في المعنى متركزاً نحو كيفية الصلة الذاتية «الابن بالآب»، فهي صلة تداخل وتضام كلي ومطلق، لأن الابن والآب هما الواحد المطلق.
‏وبهذا التعبير اللاهوتي الدقيق يمتنع تصور الثنائية بين الأب والابن، لأنه حتى بعدما أرسل الابن في مهمة الخلاص العظمى حسب مسرة الآب وحبه للعالم والإنساذ، ظل الابن هو كما هر قائماً في الآب ومتجهاً نحوه بتداخل كلي ومطلق، فهو كائن على الأرض وفي السماء، في جسد إنسان، وهو هو في الآب دون أدنى مفارقة ذاتية «وليس أحد صعد إلى السماء إلآ الذي نزل من السماء، ابن الانسان الذي هو في السماء.» (يو13:3)
‏وفي هذا يقول القديس أغسطينوس في عظاته عن إنجيل يوحنا: [لقد أُضيف الانسان إليه، أما الله فلم يُفقد منه، لقد أخلى نفسه ليس بأنه فقد شيئا مما ‏له، ولكن بأخذه لنفسه ما لم يكن له.]
‏من موضع هذا الحضن، أو على الأصح من واقع هذه الحالة, يخبرنا الابن عن الله كأبيه، أو بالحري يكشف لنا عن حقيقة طبيعة ذات الله.
ويجيء التعبير عن ذلك هنا في الآية باللغة اليونانية بترجمتها الصحيحة عن أقدم المخطوطات، وهو الوضع الذي أخذ به معظم الآباء، هكذا: ( ), أى «الابن الوحيد الاله الكائن بذاته في حضن الآب». وهي الصفات الكاملة التي كانت تنقص ألقاب المسيح في الآية السالفة: “أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا»: وهو تعبير يتجه مباشرة نعو العلاقة الحميمة بين الآب والابن، وتفيد أن الابن كائن بالحب في الآب، والمسيح عبر عن هذه العلاقة أصدق ‏تعبير بقوله:
* لأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي بَلْ أَنَا وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (يو16:8)
* والَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ». (يو29:8)
* وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي. (يو32:16‏)
* أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ (يو10:14)
‏وهذا هو التعبير الشخصي المعبر عن علاقة الكينونة التي تربط الآب بالابن، مقابل التعبير الفكري الذي صور علاقة الكلمة بالله على مستور العمل والخلق، «والكلمة كان عند الله». فإذا أردنا أن نقارن بين التعبيرين فإنه يكون هكذا : فكما أن الكلمة تكون دائمأ في حضن العقل، أو كما يكون الفعل مختفياً في الإرادة, هكذا الابن في حضن الآب.
‏وهذا الا ستعلان يخدم قضية الانجيل كله. لأنه بالتالي يكون «كل ما يقول ويعمل ويشرح» عن الله “ابيه” هو الحق الواحد والوحيد لأنه يخبرنا بما يرى ويعرف.
ويجيء الفعل «يخبر» ( ) يحمل هذه المعاني مجتمعة، فهو يخبر بالخبر الإنجيلي الذي يشرح ويفسر ما خفي عن الله ويعلم ويوضح.
‏ومعروف أن اللغات الحديثة أخذت هذه الكلمة ( ) دون أي تحريف لتجعل منها نفس المعنى أي الشرح والتفسير والتوضيح للأمور المخفية (علم التفسير). وفي الحقيقة إذ المعنى لهذه الكلمة ينسحب على المسيح نفسه بكل ارتياح، فهو بذاته وبحياته وتجسده هو هو الآب. فالمسيح هو “الله المُعلن», “والله هو من أعلنه المسيح” في ذاته وأقواله وأعماله. بل إن المسيح في عرف الآباء القديسين هو “الإنجيل” لأنه هو «الخبر المفرح”، أليس هو «الكلمة”؟
‏وبهذه الكلمة يسلم القديس يوحنا فكرالقارىء إلى بداية رواية الإنجيل مباشرة في الآية القادمة بثقة وبكل هدوء. فانظر أيها القارىء وتعجب لهذه الدقة المتناهية وهذا الحبك اللفظي والمعنوي، هذا ليس حرفاً بل هو روح!!
‏كما يلاحظ أنه عن قصد ودراية يقدم لنا القديس يوحنا هذه الآية الأخيرة واصفاً صاحب العهد الجديد بل وصاحب الإنجيل بهذه الصفات، فهو يقصد التأكيد على أن كل ما سيجىء, في هذا الإنجيل, على لسان المسيح هو «الحقد”، فهو أولاً “كلمة الله» وهو «المملوء نعمة وحقاً», وهو “الابن الإله القائم فى حضن الآب» هذه هي مؤهلات الذي أتى بالخبر الإنجلي. وهو يخبرنا، نحن البشر، خبر القُربى, والسكنى في البيت الواحد. فهو يكلمنا ليس بالرؤيا ولا بالحلم، “فالكلمة صار جسداً وحل بيننا”، فهو وهو كزنه “كلمة الله” يكلمنا «بالجسد” كإنسان وهو الله.
‏وفي ختام هذه المقدمة يمكن أن نضع أمام القارىء أهم وأخطر الكلمات التي جمعها وكدسها القديس يوحنا في المقدمة، والتي ستقوم عليها كل رواية الانجيل باعتبارها أساس لاهوت إنجيل يوحنا:
‏الحياة، النور، الظمة، الشهادة، العالم، المجد، ابن الله الوحيد، الحق، يقبل، يؤمن، اسمه، يولد من الله.

أما الكلمات الهامة جداً التي جاءت في المقدمة فقط واختفت من باقي الإنجيل فهي: «الكلمة»، «النعمة”, «الملء»، لأنها بعد التجسد أخذت صورة الفعل والعمل. فالكلمة صار متكلماً، والنعمة صارت عطية، والملء صار توزيعاً.

فاصل
تفسير القمص تادرس يعقوب

 

“اللَّه لم يره أحد قط،

الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر” (18).

ينظر إلى هذه العبارة بأنها ختام مقدمة إنجيل يوحنا، إن جاز لنا ذلك، والتي جاءت تقدم لنا الكلمة الإلهي بكونه الاقنوم الإلهي الواحد مع الآب في الجوهر وقد صار جسدًا من أجلنا. هنا يربط بين هاتين الحقيقتين: إنه الكلمة الأزلي، وأنه صار أنسانًا حقيقيًا من أجل بني البشر.

بكونه الكلمة الحقيقي والابن الوحيد الجنس، فإنه وحده يرى الآب رؤية الواحد معه في ذات الجوهر. لا يضارعه في هذا كائن ما على الأرض أو في السماء. ليس من مجال للمقارنة بينه وبين إبراهيم أب الآباء أو موسى مستلم الشريعة أو غيره من الأنبياء، ولا وجه للمقارنة بينه وبين أية طغمة سماوية.

موسى العظيم في الأنبياء رأى شبه الله (عد ١٢: ٨) لكنه لم يستطع أن يرى وجهه (خر ٣٣: ٢٠).

إنه الابن الوحيد الحقيقي القائم بذاته في حضن الآب، أي في أعماقه لن ينفصل قط عنه، موضع سروره، قادر أن يعلن عنه ويكشف عن أسراره الإلهية وخطته الفائقة. هكذا نلنا في المسيح إعلانًا واضحًا عن الآب الذي لم يره أحد قط. هذه هي النعمة، وهذا هو الحق الإلهي الذي صار لنا في المسيح، وهي “المعرفة“.

الله روح، فلا يقدر الجسد على معاينته، لذا تجسد الابن ليهبنا الميلاد الجديد الروحي فنرى ذاك الذي لا يُرى (عب ١١: ٢٧)، ونحيا به. هو وحده يفتح الختوم (رؤ ٥: ٩) لنتعرف على أسرار الله.

v “الله لم يره أحد قط“.

ماذا عن إعلانات العهد القديم؟ فما الذي نقوله لصوت إشعياء العظيم القائل: رأيت السيد جالسًا على كرسيٍ عالٍ ومرتفعٍ وأذياله تملأ الهيكل” (إش 6: ا)؟

وما الذي نقوله لدانيال الذي قال: “كنت أرى أنه وُضعت عروش وجلس القديم الأيام، لباسه أبيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقي وعرشه لهيب نار وبكراته نار متقدة” (دا 7: 9)؟

ويعقوب من هذا المنظر تسلم لقبه، إذ دعي إسرائيل، لأن معنى إسرائيل هو الناظر إلى إلهه (تك 32: 28)؟

وما الذي نقوله لموسى القائل بنفسه للرب: “أرني مجدك” (خر 33: 18)؟

آخرون كثيرون قد أبصروا الله، فما غرض يوحنا من قوله: “الله لم يره أحد قط“؟ غرض يوحنا هنا هو: أن تلك المعاينات كانت مناسبة لنزول الله وظهوره، وليست مناسبة لجوهره، لأنهم لو كانوا قد أبصروا طبيعة الله بعينها لما كانوا أبصروها، لأن طبيعته بسيطة مستحيل أن تكون ذات شكل، فطبيعة الله لا تجلس ولا تقوم ولا تمشي، لأن هذه كلها خواص أجسام.

يعلن القديس يوحنا أن كل هذه كانت أمثلة عن تنازله وليست رؤية الجوهر ذاته.

القديس يوحنا الذهبي الفم

v رب قائل يعترض: إن كان جوهر اللاهوت لا يقع تحت الحواس، فلماذا نتحدث في هذه الأمور؟

نعم، هل لأني لا أستطيع أن أشرب النهر كله يكون هذا سببًا في ألا أستقي منه باعتدال قدر ما يناسبني؟!

هل لأن عيني تعجزان عن استيعاب أشعة الشمس في كمالها لا أنظر إليها قدر ما احتاج؟!

وإذا دخلت حديقة عظيمة ولم أقدر أن آكل كل ثمارها هل تريد مني أن أخرج منها جائعًا؟!

إذن لأسبح اللٌه خالقنا وأمجده، إذ وُهبت لنا وصية إلهية تقول: “كل نسمة فلتسبح الرب” (مز 6:5).

إنني أسعى الآن لأقوم بتمجيده دون أن أصفه، عالمًا أنه بالرغم من عجزي عن القيام بتمجيده حسبما يستحق، لكن حتى هذا السعي هو من الأعمال التقوية. ويشجع الرب يسوع ضعفي بقوله: “اللٌه لم يره أحد في أي زمان”.

v يستحيل علينا أن نتطلع إلى اللٌه بأعين بشرية، لأن غير الجسدي لا يقع تحت الأعين الجسدية. وقد شهد الابن الوحيد، ابن اللٌه نفسه، قائلاً: “اللٌه لم يره أحد في أي زمان”. فإن فهم أحد مما ورد في حزقيال أنه رأى اللٌه (حز 28: 1)، فإنه ماذا يقول الكتاب المقدس؟ إنه رأى “شبه مجد اللٌه“، وليس الرب ذاته كما هو في حقيقته بل شبه مجده. فإن كانت رؤية شبه المجد تملأ الأنبياء رعدة، فبالتأكيد إن حاول أحد رؤية اللٌه ذاته يموت، وذلك كالقول: “الإنسان لا يرى وجهي ويعيش” (خر 20:33 “لا يراني ويعيش”). من أجل هذا فإن اللّه بحنو رحمته بسط السماوات أمام لاهوته لكي لا نهلك. لست أقول هذا من عندي بل هو قول النبي: “ليتك تشق السماوات وتنزل من حضرتك تتزلزل الجبال” (وتذوب إش 1:64).

لماذا تتعجب من سقوط دانيال عند رؤيته شبه المجد، إن كان دانيال عند رؤيته جبرائيل، الذي هو ليس إلا مجرد خادم اللّه، ارتعب للحال وسقط على وجهه ولم يجسر النبي أن يجيبه بالرغم من أن الملاك نفسه جاء على شبه ابن بشر؟ (راجع دا 9:10، 16، 18). إن كان ظهور جبرائيل أرعب الأنبياء، فهل يرى الإنسان اللّه كما هو ولا يموت؟!

القديس كيرلس الأورشليمي

v قوله: “الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب” يعني أن سلطان الابن مساو لسلطان الآب، لأن الآب الأزلي ما حاز في حضنه جوهرًا غير جوهره، وهذا القول يدلنا على اتفاق الابن مع أبيه في أزليته.

القديس يوحنا الذهبي الفم

v الذي يرى هو أيضًا يخبر. لكن لا يخبر بكل عظمة من يراه، ولا بكل ما يعرفه، إنما قدر ما يحتمل القابلون للموت (البشر) أن يقبلوا.

القديس جيروم

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى