تفسير المزمور 47 للقمص أنطونيوس فكري

 

يقول بعض الدارسين أن المزمور كُتِبَ بمناسبة صعود التابوت من بيت عوبيد أدوم إلى أورشليم، والبعض يقول أنه كُتِبَ بمناسبة عمل إلهي فائق مع الشعب.

هذا المزمور دعوة لكل إنسان أن يسبح الله كملك يملك عليه شخصيًا وعلى الكل.

هذا المزمور فيه نبوة عن أن المسيح هو الملك على الأرض كلها (7) بعد أن صعد إلى السموات (أية 5) وقد ملك على كل الأمم (8، 9). وكان اليهود هم الوسطاء لذلك العمل العجيب (4) فالمسيح أتى من اليهود بحسب الجسد وصالح الشعوب كلها مع الله.

نرتل هذا المزمور في صلاة الساعة الثالثة فهو مزمور الصعود.

إنتهى المزمور السابق بقوله “أنا الله أتعالَى بين الأمم” وهنا نرى كيف تم هذا؟ بالصعود فالمسيح بعد أن ظهر في الجسد ليخلص شعبه صعد بهذا الجسد وجلس عن يمين الآب. والقول “جلس عن يمين الآب” هو الرد على أخلى ذاته“. والسبب أن المسيح أراد أن هذا الجسد يتمجد، ليتمجد ابن الإنسان بناسوته، فنحصل نحن على المجد. مجدني أنت أيها الآب (بالجسد) بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم (الذي هو مجد لاهوت الابن الأزلي) (يو5:17). وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني (يو22:17)وحينما نرى ما عمله المسيح لنا والمجد الذي أعده لنا نفهم “أن الله يتعالى بين الأمم” ليس لأنه يستحق كل المجد فقط ولكن لأنه أعطانا نحن أيضًا المجد فأحببناه وملكناه على قلوبنا.

 

آية (1): “يَا جَمِيعَ الأُمَمِ صَفِّقُوا بِالأَيَادِي. اهْتِفُوا للهِ بِصَوْتِ الابْتِهَاجِ.”

هي دعوة لكل الشعوب أن يسبحوا الله لعمله العجيب الفدائي. والتصوير هنا أن المسيح ملك عظيم أتى وهزم الملوك الآخرين (الشيطان/ الخطية/ الموت..) ليقيم مملكته هو. والابتهاج والتسبيح يكون بالهتاف والتسبيح. وتصفيق الأيادي= الأيادي رمز للأعمال الصالحة. الله لا يفرح بالأيادي المسترخية، ولا بالأيادي التي تشترك في الآثام.

 

آية (2): “لأَنَّ الرَّبَّ عَلِيٌّ مَخُوفٌ، مَلِكٌ كَبِيرٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ.”

من الذي ملك على كافة الأرض سوى المسيح وبصليب محبته.

 

آية (3): “يُخْضِعُ الشُّعُوبَ تَحْتَنَا، وَالأُمَمَ تَحْتَ أَقْدَامِنَا.”

أخضع الله الشعوب الوثنية للإيمان بالمسيح، فتركوا خطاياهم وكبريائهم وإنحنوا للصليب. وأيضًا فالله أعطَى للمؤمنين سلطانا أن يدوسوا الحيات والعقارب… (لو 10: 19) أي الشيطان الذي كان متسلطا على الامم قبل المسيح.

 

آية (4): “يَخْتَارُ لَنَا نَصِيبَنَا، فَخْرَ يَعْقُوبَ الَّذِي أَحَبَّهُ. سِلاَهْ.”

في النص العبري= يَخْتَارُ لَنَا نَصِيبَنَا = الله يختار عبيده وميراثهم. بل هو أعطانا نفسه ميراثًا. وفي السبعينية يقول إختارنا ميراثًا له = أي لا فضل لنا في شيء، بل هو إختارنا.

وجمال هذه الترجمة يظهر في أن الله يعتبر أولاده شيء عزيز عليه فهم ميراثه الذي يتمسك به لأنه يحبهم، وهذا ما قاله القديس بولس الرسول أننا ميراث الله (أف1: 18) = الله يختار ميراث (نصيب) الكنيسة التي أحبها وأطلق على الكنيسة اسم يعقوب أبو الكنيسة يَعْقُوبَ الَّذِي أَحَبَّهُ = الله أحب يعقوب لأن يعقوب أحب البكورية (السمويات) وعيسو أحب العدس (الأرضيات). ولاحظ أن يعقوب هو أبو المؤمنين ( الكنيسة ) التي أحبها المسيح. هذه الآية لخصتها عروس النشيد بقولها “أنا لحبيبي وحبيبي لي” (نش6: 3) .

فخر يعقوب = محبة الله ليعقوب أبو الكنيسة – وللكنيسة، هذا هو فخر يعقوب والكنيسة. ولنتأمل .. أي فخر ليعقوب ولنا نحن أولاد يعقوب في أن الله يحبنا ويعتبرنا ميراثا له بل ويختار هو لنا ميراثنا أي نصيبنا.

 

آية (5): “صَعِدَ اللهُ بِهُتَافٍ، الرَّبُّ بِصَوْتِ الصُّورِ.”

الصُّور= بوق القرن. ونجد أن التلاميذ بعد صعود المخلص عادوا لأورشليم بفرح عظيم. وكانوا كل حين يسبحون (لو51:24-53). فهم رأوا في صعود المخلص صعودًا لهم. ألم يقل لهم “حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا”. لذلك فعلينا أن لا نكف عن التسبيح.

 

الآيات (6-8):- “رَنِّمُوا ِللهِ، رَنِّمُوا. رَنِّمُوا لِمَلِكِنَا، رَنِّمُوا. لأَنَّ اللهَ مَلِكُ الأَرْضِ كُلِّهَا، رَنِّمُوا قَصِيدَةً. مَلَكَ اللهُ عَلَى الأُمَمِ. اللهُ جَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ قُدْسِهِ.”

آية (9):- “شُرَفَاءُ الشُّعُوبِ اجْتَمَعُوا. شَعْبُ إِلهِ إِبْراهِيمَ. لأَنَّ ِللهِ مَجَانَّ الأَرْضِ. هُوَ مُتَعَال جِدًّا.”

يملك الله على جميع الأمم حيث تتحقق وعود الله لإبراهيم ” تتبارك فيك جميع قبائل الأرض” (تك12: 3). وذكر إبراهيم هنا لأن كل من ترك آلهته وآمن بالمسيح اجتمع مع إبراهيم. كل من عمل أعمال إبراهيم سيكون مع إبراهيم (يو39:8). لأَنَّ ِللهِ مَجَانَّ الأَرْضِ = مجّان جمع مجّن وهو درع الحرب ويستخدم لحماية جسم المقاتل، أي أن الله هو الذي يدافع عن كل الأرض ويحميها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى