تفسير رسالة يوحنا الثانية – كنيسة مارمرقس مصر الجديدة

الثبات في الحق

(1) التحية الافتتاحية (ع1-3):

1 اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ. 2 مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا، وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ، 3 تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.

 

ع1: الشيخ : شخص كبير السن أو كاهن، لأن الأصل اليوناني يعني المَعنَيين، والمقصود هو القديس يوحنا الذي له رئاسة الكهنوت وفي نفس الوقت فهو كبير في السن.

كيرية : معناها في الأصل اليوناني سيدة.

هذا هو السفر الوحيد في الكتاب المقدس المرسل إلى سيدة، وهي إمَّا سيدة معينة أو تعني الكنيسة في كل مكان، وأولادها يرمزون للمؤمنين في العالم كله وهم مختارون من الله للحياة الأبدية. يرسل لهم القديس يوحنا معلنًا محبته لهم بل ومحبة المؤمنين في كنيسة أفسس وفي كل مكان، الذين آمنوا بالمسيح الذي هو الحق وأحبوه.

 

ع2: يظهر غرض الرسالة وهو تثبيت المؤمنين بالحق الذي هو المسيح ليحيوا معه وفيه إلى الأبد.

 

ع3: حتى نثبت في المسيح نحتاج إلى نعمته ورحمته، وينتج عن حياتنا فيه أن نكون في سلام. كل هذه البركات ننالها من الله الآب وابنه يسوع المسيح مخلصنا على الصليب بحبه المبذول لأجلنا وإيفائه بالعدل الإلهي فنحيا بالحق فيه.

† إهتم أن تعرف الله من خلال الصلاة والكتاب المقدس وتزداد فيهما فتنمو محبتك له وتشعر بوجوده في حياتك ويمتلئ قلبك سلامًا.

(2) الحق والحب (ع4-6):

4 فَرِحْتُ جِدًّا، لأَنِّى وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضًا سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ. 5 وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّى أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا. 6 وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا.

 

ع4: يشجع الرسول هذه السيدة أو الكنيسة بفرحه لسلوك أولادها بالحق أي السلوك المسيحي. ونلاحظ أنه يبدأ بالتشجيع قبل التحذير من المضلِّلين.

 

ع5: يذِّكرها هي وأولادها بأهم وصايا المسيح التي تعلموها منذ بدأوا الإيمان وهي المحبة للآخرين.

 

ع6: المحبة لله أو المحبة للآخرين تفاصيلها مذكورة في الوصايا أي الكتاب المقدس، وقد أوصانا المسيح ورسله بالسلوك فيها منذ آمنا.

† المحبة هي هدف كل التعاملات مع الآخرين، فقبل أن تتكلم مع أحد تَذَكَّر هدفك وهو المحبة فتتنازل عن كل مناقشة تعطلها وتسامح الآخرين على أخطائهم وتهتم أن تشجعهم بكلماتك الطيبة.

(2) تحذير من المضلِّلين (ع7-11):

7 لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِيًا فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ. 8 اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ، لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْرًا تَامًّا. 9 كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ، فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ، فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعًا. 10 إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ، وَلاَ يَجِىءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. 11 لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.

 

ع7: أكد الرسول في الآيات السابقة على أهمية التمسك بالحق لظهور مبتدعين في الكنيسة ينكرون لاهوت المسيح وتجسده، هؤلاء هم ضد المسيح الذين يحاولون تضليل المؤمنين.

 

ع8: يحذِّر المؤمنين حتى لا يسمعوا للمبتدعين فيضيع إيمانهم وأبديتهم، بل يقاوموا هذه الأفكار المُضِلَّة بكل قوة وينبهوا من تأثر منهم حتى يعود للإيمان الصحيح، وبهذا ينالوا أجرًا عظيمًا في السموات من أجل يقظتهم الروحية وإرجاعهم النفوس ا لتى ضلَّت إلى الكنيسة.

 

ع9: ينبههم أيضًا للتمسك بتعاليم الكنيسة فيتمتعوا ببركات الله في حياتهم، سواء من خلال أسرار الكنيسة أو عمل الروح القدس الدائم فيهم، أما من يقبل ضلال البدع وينكر لاهوت المسيح فيحرم من كل بركات الله في العهد الجديد التي ننالها من خلال دم المسيح الفادي.

 

ع10، 11: يشدِّد أوامره بمقاطعة المبتدعين سواء بعدم إدخالهم بيوتنا أو السلام عليهم بمعنى مخالطتهم بود كثير، فهذا يشعرهم أنهم مقبولون من الكنيسة وهذا يضل البسطاء في الإيمان فيعتقدون أن تعاليمهم سليمة. والمقاطعة هنا لا تحمل شرًا داخل القلب ولكن حزمًا بمحبة، ونصلي لأجلهم حتى يتوبوا مع إعلان رفضنا التام لتعاليمهم الخاطئة. وأي تهاون في مخالطتهم وقبولهم يجعلنا نشترك في أخطائهم بمعنى إعثار وتضليل البسطاء.

† كن محبًا للجميع، متضعًا ومحتملا للكل ولكن محدد في رفضك للهرطقات والتعاليم الغريبة عن الكنيسة ومقاطعة الاجتماعات والتعاليم التي لا تتفق معها، حتى لو قادها خدام موهوبون في الوعظ ويظهرون محبة واهتمام لك، فلا تهاون في الإيمان الذي تسلمناه من آبائنا الرسل واستشهد من أجله الكثيرون.

(4) التقليد الكنسي والختام (ع12-13):

12 إِذْ كَانَ لِى كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّى أَرْجُو أَنْ آتِىَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَمًا لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلًا. 13 يُسَلِّمُ عَلَيْكِ أَوْلاَدُ أُخْتِكِ الْمُخْتَارَةِ، آمِينَ.

 

ع12: ركَّز الرسول في كلامه السابق على أهمية التمسك بالحق وكلام المحبة ورفض تعاليم المضلين، ولكن عنده تعاليم كثيرة أعطاها لهم شفاها عندما قابلهم، وهذا هو ما يسمى بالتقليد الكنسي، أي تعاليم الرسل التي لم تُكتَب في الكتاب المقدس ونقلها الآباء من جيل إلى جيل حتى الآن، لأنه لا يمكن حصر كل تعاليم الكنيسة في كتاب واحد هو الكتاب المقدس. وقد اشار الرسل إلى التقليد الكنسي كما في (تى1: 5).

 

ع13: المقصود بأختك المختارة الكنيسة التي في أفسس التي كتب منها الرسول رسالته هذه وأولادها هم المؤمنون أعضاء الكنيسة، وسمّاها المختارة لأنها كنيسة الله التي اختارها لتكون عروس له وتتمتع بالأبدية معه. وتظهر هنا أهمية علاقات المحبة بين الكنائس التي لها إيمان واحد في العالم كله.

هذا إن كان المقصود “بكيرية” في بداية الرسالة أنها الكنيسة في العالم كله، ولكن إن كان المقصود سيدة معينة مؤمنة وأولادها المؤمنين، فيكون تفسير (ع13) أقاربها المؤمنين المقيمين في أفسس. وعلى أي الأحوال فالمقصود في هذه الآية سلام المؤمنين في أفسس إلى المؤمنين عمومًا في كل مكان الذين يُرمَز إليهم بسيدة معينة أو كنيسة معينة.

† إهتم أن تتعلم من الآباء والإخوة الروحيين في كل مناسبة، إذ تتسلم منهم أسلوب المحبة المسيحية والسلوك المستقيم في ظروف الحياة المختلفة.

مقدمةيوحنا الثانيةتفسير رسالة يوحنا الثانيةتفسير العهد الجديدفهرس
كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
تفاسير يوحنا الثانيةتفاسير رسالة يوحنا الرسول الثانيةتفاسير العهد الجديد

 

زر الذهاب إلى الأعلى