من قديسين التوبة

 القديسة بيلاجيا النائبة

1- نشأتها : ( في أنطاكية )

نشأت وتربت على المبادئ الخاطئة. فلا عجب أن تسلك في حياتها كخاطئة ليس لديها ضوابط : تعيش كحياة الخنازير متمرغة فی وحل الخطيئة.

لما كبرت نزلت إلى الميدان للعمل ليس من أجل لقمة العيش ولكن من أجل أن تشبع بخطيئة النجاسة، ولذلك عملت راقصة فكانت تقف أمام المرآة ساعات لتُظهر جمالها. ثم تنزل من قصرها ومعها الوصيفات، وتمتطى بغلاً أبيضاً مزركش الشكل ، وتسير في موكب كبير وسط راغبيها ، ممن فتنهم جمالها الزائل، وشهواتهم النجسة وكانوا يطلقون عليها ( مرجريتا ) ( كلمة يونانية معناها جوهرة ) وفعلاً أنها كانت جوهرة الخطيئة وثورتها . ولكن مراحم الله كثيرة في أن يجعل أكبر الخطاة هم أعمدة الكنيسة وأمثلتها الطيبة، مثل مريم المصرية ، ومريم المجدلية ، وبائيسة وتايیس وغيرهم من النساء …

مجمع أنطاكية:

انعقد مجمع أنطاكية لمناقشة بعض الأمور الدينية بدعوة من بطركها، فحضره عدد من الآباء الأساقفة من بينهم ( الأب نونيوس) أسقف الرها وكانت سيرة هذه الخاطئة على ألسنة الجميع ، وإذ رأي المجمع الموكب التي تسير وسطه هذه الخاطئة أحنى الأباء رؤسهم إلى الأرض لئلا ينظروها ماعدا الأب الوقور نونيوس الذي أخذ ينظرها ثم قال للحاضرين : ” أنظروا هذه المرأة كم من الوقت أخذت تتزين أمام المرأة لتظهر لمعجبيها في أبهى صورة . ونحن متكاسلون غير مهتمين كيف نجذب النفوس المؤتمنين عليها من قبل الرب لثباتهم في حظيرة المسيح ونرضى قلبه القدوس”.

الأب نونيوس يصلى من أجل بيلاجيا:

أغلق هذا القديس باب قلايته وأخذ يصلي صلاة طويلة ، وهو متأثراً ومتوجع القلب من أجل هذه الخاطئة ، التي أصبحت فخاً لسقوط كثيرين في الخطيئة ، ورأی في حلم أن طائرا قبيحاً في المنظر يحول حول المذبح ، وهو يصلي القداس ويقدس القربان ، ولما إنتهى من التقديم ، نظر لفوق فوجد الطائر القبيح يتجه إلى جرن المعمودية ويغطس 3 مرات، ويخرج بدلاً منه حمامة جميلة المنظر.
وفي صباح اليوم التالى: أثناء العظة عن التوبة والدينونة دبرت عناية السماء وكان من بين الحاضرين للعظة بيلاجية التي حضرت تسوقها عناية السماء ، ولما سمعت العظة إرتعبت وفكرت في بداية حياة جديدة تاركة ما أخذته من الخطيئة . ثم كتبت رسالة إلى الأب نونيوس قام بتسليمها غلام من أتباعها تقول فيها:
1- إلى تلميذ المسيح القديس نونيوس.
2- من تلميذة الشيطان وإمرأة خاطئة … بيلاجيا.
3- لقد سمعت عن محبة الله للخطاة والزناة .. فلا ترذلني إذ أنا راغبة أن أرى بواسطتك المخلص.
حينئذ إجتمع الأب نونيوس بالأساقفة وأعلمهم برسالة بيلاجيا , وسمح بحضورها فحضرت باكية ونادمة عند قدمي ذلك الأب الحنون الذي أعطاها الرجاء، ولما تأكد من صدق توبتها، أعطاها سر المعمودية المقدسة.
بينما كانت على سلم التوبة أتي لها الشيطان في الفكر قائلاً: أخبريني ياسيدتي بيلاجيا ، ألم تمتلىء عينيك بالذهب؟ ألم ألتزم بإدخال البهجة والفرح لقلبك؟ فردت عليه قائلة : ” إلهي الذي إختطفني من بين مخالبك ، وأحضرني إلى مكانة عظيمة، هو نفسه سوف يحاربك عني.
برهان المحبة : جمعت الطوباوية بيلاجيا فضياتها وأعطتها لإشبينتها (الخادمة التي تساعدها وتعلمها طريق ربنا) التي أعطتها للأسقف فوزعها على الفقراء والمساكين وقالت لوصيفاتها أسرعوا وحرروا نفوسكم من العالم الخاطئ الغير مستحق ، حتى أنه كما كنا معاً نحيا في الدنس, فمعاً نحيا في حياة جديدة مملؤة قداسة وبراً ..

بيلاجيوس الناسك :

اتفقت بيلاجيا مع مرشدها الأب نونيوس أن تترهبن في أورشليم وتغير ملامحها فوافقها وغيرت القديسة ملابسها وحلقت شعرها وخرجت ليلاً وانطلقت لأورشليم وسكنت مغارة على أنها راهب ، استمرت في صلوات وحياة نسكية شديدة ومقاومة أفكار الخطية مدة 4 سنوات تقريباً (صابرة على كل ضيقة ، وألم . فقاح عبير وعطر قداستها في كل مكان). أخيراً أرسل الأب نونيوس الشماس الخاص له لاستطلاع أحوالها قائلاً له : خذ بركة الأب بيلاجيوس لأنه رجل راهب ناسك فذهب إليه وأستفع ببره. ذهب الشماس وطرق الباب ولم يرد أحد عليه فذهب وأخبر الأب، وحضروا الآباء لها وإذ بالقديسة قد انتقلت من هذا العالم ، وعرفهم الأب نونیوس بسيرتها وقال : “احمدك ياربى يسوع إن لك كنوز مختفية في الأرض إذ ليس لك رجالاً فقط بل ونساء أيضا قديسات”.
تذكار نياحتها : تعيد به الكنيسة يوم 11 بابة، بركة صلاتها تكون معنا أمين.

فاصل

  القديس أغسطينوس

ولد القديس في مدينة في شمال أفريقيا يوم 13 نوفمبر 354 م من أب وثني وأم مسيحية هي القديسة مونيكا ، وقد ربته أمه تريية مسيحية درس القديس في طفولته اللغة اللاتينية واليونانية والحساب، وكان يهوى الأشعار والقصص، وفي سنه 365 م ذهب إلى مدينة مادورة لدراسة الأدب اللاتيني الذي كان له أثر واضح في فصل القديس عن إيمان أمه وفي سنه 370 م مات أبوه وبدأ اغسطينوس فی دراسة الخطابة في مدينة قرطاجنة ، وهناك تأثر بطرق الخلاعة التي كانت سائدة هناك في تلك المدينة وتأثر أيضا بالطقوس النجسة هناك وأصبح أغسطينوس رجلا تسوقه أهوائه، وشهواته العنيفة أبعدته عن المثل الروحية التي تعلمها من أمه.
وعاش مع إمرأة مدة تزيد عن 10 سنوات وأنجب منها إبنا . فإبتعد أغسطينوس عن المسيحية من الناحية الذهنية والأخلاقية، وأفتح مدرسة للخطابة في قرطاجنة ، حتى سنة 383 م حيث سافر إلى روما وبدأ يعلم فيها هناك حتى بدأ يقرأ في عظات القديس أمبروسيوس أسقف ميلان ، عن الديانة المسيحية وشجعه هذا على دراسة رسائل بولس الرسول في العهد الجديد، وبدأ يتأمل في روحانية في المسيح المتجسد، المخلص، الفادي، الخالق، القائم من الأموات فبدأت حياته تتغير.
وسمع أيضا عن قصة القديس أنطونيوس الكبير أب الرهبان وهو في ميلان فتأثر بحياة القديس، وإحتقر حياته، ومر في صراع نفسي عنيف بلغ ذروته في حادثة مشهورة حدثت له، إذ وهو في حديقة منزله سمع صوت طفل يصرخ من سور الحديقة قائلا : ( خذ واقرأ خذ واقرأ ) ففتح العهد الجديد على كلمات بولس الرسول إلى أهل رومية :”لنسك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسكر لا بالمضاجع والعهر لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات” ( رو 13 : 13-14 ).
فصمم أغسطينوس على التوبة تصميماً تاماً، وكانت توبته الروحية عميقة، وتحول في إرادته بعد أن تحول في أفكاره وآرائه، وفي يوم سبت النور من عام  387م نال سر المعمودية المقدسة هو وإبته ، على يد القديس أمبروسيوس الذي ذكر أمه بالكلام الذي سبق وقاله لها : ” ابن هذه الدموع لا يمكن أن يهلك”.

ثم تنيحت أمه بعد ذلك ، وفي عام 383 م أبحر إلى أفريقيا وعاد إلى طاجستا حيث أسس جماعة رهبانية صغيرة وكتب كتباً كثيرة في تفسير الكتاب المقدس، والرد على الهرطقات وعن الأخلاق. وصمم على عدم الزواج اطلاقاً ولم يرغب في سيامته کاهناً، ورغم ذلك فقد رسمه أسقف هيبو قسيساً عام 391 م واستقر في هيبو وأسس هناك ديراً للرهبان وآخر للراهبات . وألقي محاضرة عن قانون الإيمان في مجمع مكون من أساقفة أفريقيا سنه 394 م ولما توفي أسقف هيبو سيم أسقف سنه 396 م وظل في منصبه حتى نياحته في عام 438 م . ( هذا هو أغسطينوس الذي كان ضالا فوجد … وكان ميتا فعاش ) .

بعض كلمات القديس اغسطينوس:

+ لقد خسرت كثيراً بتأخري في إقبالي إليك أيها الرب إلهي.
+ عالج قلبك بالعفة لكي تجعله نقياً.
+ و أنه لا يوجد علاج يضاد أفكار الزني مثل التأمل في آلام سيدى المسيح وقوته.
+ قاوم الخطية ولا تستسلم لها فتنتصر.

ليتنا نقول في كل يوم من حياتنا مثلما كان يقول القديس أغسطينوس : ربي وإلهی : نفسی جائعة ولا تشبع إلا منك،عطشي ولا ترتوي إلا فيك ، خائفة ولاتطمئن إلا معك ، نفسی متعبة وأنت راحتها ، مائتة وأنت حياتها : إن نفسي يا إلهي أُخذت منك ولا تستريح وتطمئن إلا فيك وحدك.

فاصل

من المسابقة الدراسية – أسرة بولس وسيلا – مهرجان 2011

زر الذهاب إلى الأعلى