تفسير سفر الملوك الأول ١٤ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع عشر

الآيات 1-20:

– في ذلك الزمان مرض ابيا بن يربعام. فقال يربعام لامراته قومي غيري شكلك حتى لا يعلموا انك امراة يربعام واذهبي الى شيلوه هوذا هناك اخيا النبي الذي قال عني اني املك على هذا الشعب وخذي بيدك عشرة ارغفة وكعكا وجرة عسل وسيري اليه وهو يخبرك ماذا يكون للغلام. ففعلت امراة يربعام هكذا وقامت وذهبت الى شيلوه ودخلت بيت اخيا وكان اخيا لا يقدر ان يبصر لانه قد قامت عيناه بسبب شيخوخته. وقال الرب لاخيا هوذا امراة يربعام اتية لتسال منك شيئا من جهة ابنها لانه مريض فقل لها كذا وكذا فانها عند دخولها تتنكر. فلما سمع اخيا حس رجليها وهي داخلة في الباب قال ادخلي يا امراة يربعام لماذا تتنكرين وانا مرسل اليك بقول قاس اذهبي قولي ليربعام هكذا قال الرب اله اسرائيل من اجل اني قد رفعتك من وسط الشعب وجعلتك رئيسا على شعبي اسرائيل. وشققت المملكة من بيت داود واعطيتك اياها ولم تكن كعبدي داود الذي حفظ وصاياي والذي سار ورائي بكل قلبه ليفعل ما هو مستقيم فقط في عيني. وقد ساء عملك اكثر من جميع الذين كانوا قبلك فسرت وعملت لنفسك الهة اخرى ومسبوكات لتغيظني وقد طرحتني وراء ظهرك. لذلك هانذا جالب شرا على بيت يربعام واقطع ليربعام كل بائل بحائط محجوزا ومطلقا في اسرائيل وانزع اخر بيت يربعام كما ينزع البعر حتى يفنى. من مات ليربعام في المدينة تاكله الكلاب ومن مات في الحقل تاكله طيور السماء لان الرب تكلم. وانت فقومي وانطلقي الى بيتك وعند دخول رجليك المدينة يموت الولد. ويندبه جميع اسرائيل ويدفنونه لان هذا وحده من يربعام يدخل القبر لانه وجد فيه امر صالح نحو الرب اله اسرائيل في بيت يربعام. ويقيم الرب لنفسه ملكا على اسرائيل يقرض بيت يربعام هذا اليوم وماذا الان ايضا. ويضرب الرب اسرائيل كاهتزاز القصب في الماء ويستاصل اسرائيل عن هذه الارض الصالحة التي اعطاها لابائهم ويبددهم الى عبر النهر لانهم عملوا سواريهم واغاظوا الرب. ويدفع اسرائيل من اجل خطايا يربعام الذي اخطا وجعل اسرائيل يخطئ. فقامت امراة يربعام وذهبت وجاءت الى ترصة ولما وصلت الى عتبة الباب مات الغلام. فدفنه وندبه جميع اسرائيل حسب كلام الرب الذي تكلم به عن يد عبده اخيا النبي.

 واما بقية امور يربعام كيف حارب وكيف ملك فانها مكتوبة في سفر اخبار الايام لملوك اسرائيل والزمان الذي ملك فيه يربعام هو اثنتان وعشرون سنة ثم اضطجع مع ابائه وملك ناداب ابنه عوضا عنه.

نجد هنا إنذار جديد ليربعام أقسى وأشد فتأديب الله يتصاعد ويشتد ضد الخاطىء حتى يتوب ونجد هنا أن إبن يربعام وربما هو بكره أو ولى عهده قد مرض. ولم يرد يربعام أن يذهب إلى أخيا النبى بنفسه فهو يعرف أنه خالف أوامره وجعل إمرأته تتنكر لنفس السبب حتى لا يعرف أنها إمرأته وهو ظن أن أخيا لن يقبله ثم وهو خاف أن يعرف أحد من الشعب أنه يلجأ لنبى الله. ولنلاحظ أن يربعام لم يلجأ إلى عجوله لشفاء الولد بل لجأ إلى أخيا وإلى إله أورشليم مما يثبت أنه يعلم تماما ضلال طريقه. وهو يلجأ لله لكن ليس كتائب بل مختبئا فهل الإختباء من الله يحمى الإنسان من غضب الله (مثال لذلك يونان) وربما لو قدم يربعام توبة ونزع الأوثان لقبله الله وشفى له إبنه وثبت كرسيه. وعجيب هو طلب يربعام!!.

فكل ما طلبه أن يعرف مستقبل الغلام ولم يطلب شفاء له. ولنلاحظ أن عقله بدأ يظلم وهذا مصير كل من يخالف الله. فكيف يعرف أخيا مستقبل الغلام ولا يعرف أن المرأة زوجته ولاحظ أن ذو العين السليمة فقد الرؤية وصار يتخبط فى قراراته وأن النبى الأعمى له رؤية واضحة وحتى الآن فكثيرين مشغولون بمعرفة المستقبل ولكنهم لا يطلبون التوبة. وفى (2) شيلوه = هى جنوب شكيم وتقع بين أورشليم وشكيم. ونلاحظ هنا أن يربعام نقل مقر ملكه إلى ترصة (آية 17) وهى مدينة معروفة بجمالها نش 4:6. ولاحظ بالرغم من كل ما يحدث فى إسرائيل أن الله مازال يقول شعبى إسرائيل (آية 7) فالله لم يرفضهم حتى هذه اللحظة. وفى (10) كل بائل بحائط= وقد تشير للإنسان المشرد الذى ليس له مكان أو بيت فحتى هذا سينزع – معناها كل ذكر وهذه كناية يبدو أنها كانت مستخدمة فى تلك الأيام. وبائل معناها من يتبول فمن يتبول على حائط لابد وأن يكون ذكرا. محجوزاً ومطلقاً = هو تعبير أيضا يشير إلى جميع الناس وهناك من يفسره أنه يعنى العبيد والأحرار وهناك من فسره أنه يعنى سكان المدن ذات الأسوار (محجوز) والقرى التى لا أسوار لها (مطلق) كما ينزع البعر حتى يفنى = البعر هو الروث الجاف والتشبيه هنا أن الله سيحرق إسرائيل حتى تفنى كما تفنى النيران الروث الجاف تماما لأنهم إحتقروا الرب. وفى (13) يندبه جميع إسرائيل = ويقال أن هذا الإبن كان محبوبا وصالحا ورافضا لعبادة الأوثان وطلب رجوع العبادة لأورشليم (هكذا تقول التقاليد اليهودية) ولأن الرب أحبه أخذه حتى لا يتأثر بالعبادات الوثنية وسيكون هو الوحيد الذى سيدفن بكرامة من كل العائلة. وفى (14) هذا الملك هو بعشا 27:15-29. وماذا الآن أيضا = أى ما الفائدة أن أطيل الكلام والوقت قريب الذى فيه سيتحقق هذا الكلام. وفى (15) كإهتزاز القصب القصب علامة الضعف وعدم الثبات. ويبددهم إلى عبر النهر = هذه نبوة بالسبى إلى أشور فالنهر هو نهر الفرات وهذه النبوة تحققت بعد 230 سنة 2 مل 6:17. سواريهم = تماثيل من خشب منقوشة. وفى (17) تحققت نبوة النبى ومات الغلام = وموت الولد عند دخول أمه إلى ترصة كان علامة على أن باقى النبوة ستحقق فهل تابوا؟!! أبدا وفى (19) حارب يربعام رحبعام وأبنه أبيام (أبيا) 2 مل 30:14 + 2 أى 2:13.

 

الآيات 21-31:

– واما رحبعام بن سليمان فملك في يهوذا وكان رحبعام ابن احدى واربعين سنة حين ملك وملك سبع عشرة سنة في اورشليم المدينة التي اختارها الرب لوضع اسمه فيها من جميع اسباط اسرائيل واسم امه نعمة العمونية. وعمل يهوذا الشر في عيني الرب واغاروه اكثر من جميع ما عمل اباؤهم بخطاياهم التي اخطاوا بها. وبنوا هم ايضا لانفسهم مرتفعات وانصابا وسواري على كل تل مرتفع وتحت كل شجرة خضراء. وكان ايضا مابونون في الارض فعلوا حسب كل ارجاس الامم الذين طردهم الرب من امام بني اسرائيل. وفي السنة الخامسة للملك رحبعام صعد شيشق ملك مصر الى اورشليم. واخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك واخذ كل شيء واخذ جميع اتراس الذهب التي عملها سليمان. فعمل الملك رحبعام عوضا عنها اتراس نحاس وسلمها ليد رؤساء السعاة الحافظين باب بيت الملك. وكان اذا دخل الملك بيت الرب يحملها السعاة ثم يرجعونها الى غرفة السعاة. وبقية امور رحبعام وكل ما فعل اما هي مكتوبة في سفر اخبار الايام لملوك يهوذا. وكانت حرب بين رحبعام ويربعام كل الايام ثم اضطجع رحبعام مع ابائه ودفن مع ابائه في مدينة داود واسم امه نعمة العمونية وملك ابيام ابنه عوضا عنه.

ينتقل الوحى الآن إلى قصة رحبعام وذلك لأننا نجد أن قصة تاريخ يهوذا وإسرائيل متداخلتان فى كتاب الملوك. وفى (21) المدينة التى إختارها الرب= ليفرق بينها وبين العبادات فى إسرائيل ففى أورشليم هيكل الرب. وأيضا ذكر أورشليم كمدينة إختارها الرب يزيد من بشاعة خطية يهوذا الذين لهم الهيكل والشرائع والكهنوت فهم أقاموا أنصاب = تمثل الجانب المذكر فى الآلهة وهى حجر لعبادة البعل. وسوارى جمع سارية وهى تمثل الجانب المؤنث فى الآلهة وهى تماثيل خشبية. مأبونون = هم ذكور شواذ جنسياً كرسوا أنفسهم لعبادة البعل القبيحة وهم يتبرعون بدخلهم من زناهم للهيكل وكان هناك أيضا زانيات مخصصات لذلك. ولذلك سمح الله لشيشق ملك مصر أن يؤدب يهوذا وربما كان صعود شيشق بالإتفاق مع يربعام لأنه وجد فى الأوثان المصرية أن شيشق إستولى على عدة مدن فى إسرائيل وربما كانت هذه المدن مازالت تحت سلطة يهوذا فإستولى عليها شيشق وأعطاها لحليفه يربعام. وأخذ شيشق ثروة سليمان العظيمة وتحول الذهب إلى نحاس لأن عبادة الرب تحولت إلى عبادة أوثان.

ونجد أن الملك يؤدى عبادة مظاهر للرب فهو يذهب للهيكل وأمامه جنوده حاملين أتراس فهل يليق هذا بالتواضع أمام الله. ومما يثبت أن العبادة للرب ظاهرية أن القلوب كانت منقسمة ما بين عبادة الله وعبادة الأوثان.

فاصل

فاصل

تفسير ملوك الأول 13 تفسير ملوك الأول 
القمص أنطونيوس فكري
تفسير ملوك الأول 15
تفسير العهد القديم

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى