تفسير سفر التثنية ٢٨ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثامن والعشرون

1-  نجد تفصيلاً لمعنى البركات واللعنات التى ذُكرت فيما سبق

2-  الله يبدأ بالبركات قبل اللعنات فهو يود لو بارك دائماً ولا يميل لأن يلعن اولاده

3-  البركات واللعنات تظهر أن الله عادل سيجازى كل واحد بحسب اعماله

4- الله غيور على مجده وشريعته، هو إختار هذا الشعب وأفاض عليهم من نعمته وخلصهم وفداهم وأصبح إسمه عليهم أمام كل الشعوب فهو يريدهم قديسين ليمجدوه، وبهذا تظهر قداسته. ولكن إن خالفوا وصاياه فستظر قداسته فى عقابهم فهو يرفض الخطية. وليس عنده محاباة. فهو سيعاقب كل شرير من شعبه أو من الشعوب الآخرى

5-  بعد كل اللعنات والإنذارات نجد الله يفتح أمامهم باب التوبة (إصحاح 30)

آية1-8:- و ان سمعت سمعا لصوت الرب الهك لتحرص ان تعمل بجميع وصاياه التي انا اوصيك بها اليوم يجعلك الرب الهك مستعليا على جميع قبائل الارض.

 2- و تاتي عليك جميع هذه البركات و تدركك اذا سمعت لصوت الرب الهك.

 3- مباركا تكون في المدينة و مباركا تكون في الحقل.

 4- و مباركة تكون ثمرة بطنك و ثمرة ارضك و ثمرة بهائمك نتاج بقرك و اناث غنمك.

 5- مباركة تكون سلتك و معجنك.

 6- مباركا تكون في دخولك و مباركا تكون في خروجك.

 7- يجعل الرب اعداءك القائمين عليك منهزمين امامك في طريق واحد يخرجون عليك و في سبع طرق يهربون امامك.

 8- يامر لك الرب بالبركة في خزائنك و في كل ما تمتد اليه يدك و يباركك في الارض التي يعطيك الرب الهك.

تأتى عليك… البركات = ما اجمل أن تجرى البركة وراء من يتمسك بالوصية لا أن يجرى هو وراءها. وهنا الله يخاطبهم بالمفرد، فالله يسر بوحدة شعبه والوحدة هى سر البركة

 

آية9-11:- يقيمك الرب لنفسه شعبا مقدسا كما حلف لك اذا حفظت وصايا الرب الهك و سلكت في طرقه.

 10- فيرى جميع شعوب الارض ان اسم الرب قد سمي عليك و يخافون منك.

 11- و يزيدك الرب خيرا في ثمرة بطنك و ثمرة بهائمك و ثمرة ارضك على الارض التي حلف الرب لابائك ان يعطيك.

يقيمك = كلمة يقيم هنا هى نفس الكلمة المستخدمة فى العهد الجديد والتى إستخدمها المسيح فى إقامة إبنة يايرس وهى تعنى إقامة شىء جديد ودائم

 

آية12:- يفتح لك الرب كنزه الصالح السماء ليعطي مطر ارضك في حينه و ليبارك كل عمل يدك فتقرض امما كثيرة و انت لا تقترض.

السماء هى مصدر الأمطار ومصدر الروح القدس. كنزه الصالح = أى خيرات السماء

 

آية14،13:- 13- و يجعلك الرب راسا لا ذنبا و تكون في الارتفاع فقط و لا تكون في الانحطاط اذا سمعت لوصايا الرب الهك التي انا اوصيك بها اليوم لتحفظ و تعمل.

 14- و لا تزيغ عن جميع الكلمات التي انا اوصيك بها اليوم يمينا او شمالا لكي تذهب وراء الهة اخرى لتعبدها.

تكون رأساً = أى تكون دائماً متقدماً على جميع الشعوب ولا تكون فى مؤخرتها

 

آية15-19:- 15- و لكن ان لم تسمع لصوت الرب الهك لتحرص ان تعمل بجميع وصاياه و فرائضه التي انا اوصيك بها اليوم تاتي عليك جميع هذه اللعنات و تدركك.

 16- ملعونا تكون في المدينة و ملعونا تكون في الحقل.

 17- ملعونة تكون سلتك و معجنك.

 18- ملعونة تكون ثمرة بطنك و ثمرة ارضك نتاج بقرك و اناث غنمك.

 19- ملعونا تكون في دخولك و ملعونا تكون في خروجك.

اللعنات تأتى متوالية ولا هرب منها فلنهرب إلى الله لا أن نهرب منه ومادمنا لن نستطيع أن نهرب من عدله فلنهرب إلى رحمته. ولاحظ أنه لا يمكن فصل محبة الله وحنانه عن قداسته وعدله وغضبه والمحبة هى لأولاده الأبرار أما الغضب فللأشرار. ونلاحظ أن اللعنة هى ثمر طبيعى للخطية.

 

آية20:- يرسل الرب عليك اللعن و الاضطراب و الزجر في كل ما تمتد اليه يدك لتعمله حتى تهلك و تفنى سريعا من اجل سوء افعالك اذ تركتني.

الزجر = يسخط عليه الجميع فلا يجد سوى التوبيخ والسخط والتأنيب

 

آية22،21:- يلصق بك الرب الوبا حتى يبيدك عن الارض التي انت داخل اليها لكي تمتلكها.  يضربك الرب بالسل و الحمى و البرداء و الالتهاب و الجفاف و اللفح و الذبول فتتبعك حتى تفنيك.

البرداء = الإلتهاب الشديد الناجم عن الحمى. اللفح =درجة من الذبول والإعياء

 

آية23:- و تكون سماؤك التي فوق راسك نحاسا و الارض التي تحتك حديدا.

سماؤك نحاساً = أى لا مطر. والأرض حديد = أى لا محاصيل

 

آية24:- و يجعل الرب مطر ارضك غبارا و ترابا ينزل عليك من السماء حتى تهلك.

الأمطار لها خاصية أن تنقى الأجواء. واللعنة هنا أنه بعد أن تمتنع الأمطار يمتلىء الجو غبار وتراب من العواصف وليس من يزيلها.

 

آية26،25:- يجعلك الرب منهزما امام اعدائك في طريق واحدة تخرج عليهم و في سبع طرق تهرب امامهم و تكون قلقا في جميع ممالك الارض.و تكون جثتك طعاما لجميع طيور السماء و وحوش الارض و ليس من يزعجها.

وليس من يزعجها = أى تكون مطمئنة ، لقلة السكان الباقين على الأرض

قلقاً فى جميع الممالك = يتلاعبون بك فى جميع الممالك ويتقاذفونك.

 

آية27:- يضربك الرب بقرحة مصر و بالبواسير و الجرب و الحكة حتى لا تستطيع الشفاء.

قرحة مصر = المقصود بها الأمراض التى ضرب بها المصريين (البثور والدمامل…)

 

آية28:- يضربك الرب بجنون و عمى و حيرة قلب.

بجنون = نتيجة لهمومهم وأحزانهم وحيث لا إستجابة من السماء تكون حيرة القلب وهذه أمراض نفسية وعقلية

 

آية29:- فتتلمس في الظهر كما يتلمس الاعمى في الظلام و لا تنجح في طرقك بل لا تكون الا مظلوما مغصوبا كل الايام و ليس مخلص.

عجيب أن يسلم الله شعبه لأعدائه فيظلمونهم ويغتصبون كل ما لديهم ولكن هذا للتأديب

 

الآيات 30-35:- تخطب امراة و رجل اخر يضطجع معها تبني بيتا و لا تسكن فيه تغرس كرما و لا تستغله. يذبح ثورك امام عينيك و لا تاكل منه يغتصب حمارك من امام وجهك و لا يرجع اليك تدفع غنمك الى اعدائك و ليس لك مخلص. يسلم بنوك و بناتك لشعب اخر و عيناك تنظران اليهم طول النهار فتكلان و ليس في يدك طائلة. ثمر ارضك و كل تعبك ياكله شعب لا تعرفه فلا تكون الا مظلوما و مسحوقا كل الايام. و تكون مجنونا من منظر عينيك الذي تنظر. يضربك الرب بقرح خبيث على الركبتين و على الساقين حتى لا تستطيع الشفاء من اسفل قدمك الى قمة راسك.

الله حذر، إذاً على الخاطىء ألا يشتكى إذا حدث هذا ويقول الله تركنى. هو بخطيته فقد الحماية الإلهية

 

آية36:- يذهب بك الرب و بملكك الذي تقيمه عليك الى امة لم تعرفها انت و لا اباؤك و تعبد هناك الهة اخرى من خشب و حجر.

خطيتهم تكون عقوبتهم فهم بإختيارهم عبدوا آلهة الأمم الغريبة فالله سيرسلهم لسادة آخرين يستعبدونهم، وهؤلاء السادة يعبدون هذه الآلهة وسيجعلهم هؤلاء السادة يعبدون آلهتهم. وحدث هذا مرات عديدة على يد ملوك أشور وبابل واليونان.

 

آية37:- و تكون دهشا و مثلا و هزاة في جميع الشعوب الذين يسوقك الرب اليهم.

مثلاً = أى يضرب بهم المثل للتعبير عن أقصى حالات الذل والهوان.

 

آية38-42:- بذارا كثيرا تخرج الى الحقل و قليلا تجمع لان الجراد ياكله. كروما تغرس و تشتغل و خمرا لا تشرب و لا تجني لان الدود ياكلها. يكون لك زيتون في جميع تخومك و بزيت لا تدهن لان زيتونك ينتثر. بنين و بنات تلد و لا يكونون لك لانهم الى السبي يذهبون. جميع اشجارك و اثمار ارضك يتولاه الصرصر.

الصرصر = ضرب من الجراد أو حشرة مماثلة له معروف بشدة الوثب

آية43-46:- الغريب الذي في وسطك يستعلي عليك متصاعدا و انت تنحط متنازلا. هو يقرضك و انت لا تقرضه هو يكون راسا و انت تكون ذنبا. و تاتي عليك جميع هذه اللعنات و تتبعك و تدركك حتى تهلك لانك لم تسمع لصوت الرب الهك لتحفظ وصاياه و فرائضه التي اوصاك بها. فتكون فيك اية و اعجوبة و في نسلك الى الابد.

اللعنات والمصائب التى تحل بهم تصير فيهم وفى نسلهم آية أى علامة على سوء أفعالهم وعلى غضب الله عليهم وعلى قوة ضرباته ضدهم وأعجوبة = أى عمل عجيب يظهر سلطان الله على كل إنسان وتصرفه مع الشعب الذى يعصاه.

 

آية47:- من اجل انك لم تعبد الرب الهك بفرح و بطيبة قلب لكثرة كل شيء.

لكثرة كل شىء  = برغم ما أعطاهم الله من الكثرة والغنى فى كل شىء لم يعبدوا الله بفرح وبطيبة قلب = أى قلب شاكر بل أن غناهم وثروتهم شغلتهم عن محبة الله. فهم لم يعبدوا الله كسيد لهم بفرح، لذلك سيرسلهم الله لسادة سواه ليعرفوا الفرق. وهذا قد يكون معنى أعطيتهم فرائض غير صالحة (حز25،24:20) أى يرسلهم لهؤلاء السادة

 

آية48:- تستعبد لاعدائك الذين يرسلهم الرب عليك في جوع و عطش و عري و عوز كل شيء فيجعل نير حديد على عنقك حتى يهلكك.

جوع وعطش وعوز وعرى… هذا يذكر بما حدث للإبن الضال. ويكون هذا ليدفعهم الله للتوبة

 

آية49:- يجلب الرب عليك امة من بعيد من اقصاء الارض كما يطير النسر امة لا تفهم لسانها.

كانت أمم بابل وأشور وفارس واليونان والرومان هى هذه الأمم. وتشبيهها بالنسر لسرعتها فى الهجوم. وربما أشارت بالأكثر لدولة الرومان الذين كان شعارهم النسر وكانت نبوة المسيح عن هذا حيث تكون الجثة، فهناك تجتمع النسور (مت28:24). وهى أمة أجنبية = لا تعرف لسانها. والكتاب اللاتين يسمون الفرقة العسكرية “أكويلا” أى نسر

 

آية50:- امة جافية الوجه لا تهاب الشيخ و لا تحن الى الولد.

قارن مع (2أى17:36). وكل هذا قد تم مع بابل واليونان وأخيراً مع الرومان

 

آية51-53:- فتاكل ثمرة بهائمك و ثمرة ارضك حتى تهلك و لا تبقي لك قمحا و لا خمرا و لا زيتا و لا نتاج بقرك و لا اناث غنمك حتى تفنيك.و تحاصرك في جميع ابوابك حتى تهبط اسوارك الشامخة الحصينة التي انت تثق بها في كل ارضك تحاصرك في جميع ابوابك في كل ارضك التي يعطيك الرب الهك.فتاكل ثمرة بطنك لحم بنيك و بناتك الذين اعطاك الرب الهك في الحصار و الضيقة التي يضايقك بها عدوك.

أكلوا أولادهم وهذا حدث مع حصار بابل وغيره (2مل24:6-30 + مرا10:4) ثم مع الرومان

آية54-56:- الرجل المتنعم فيك و المترفه جدا تبخل عينه على اخيه و امراة حضنه و بقية اولاده الذين يبقيهم.بان يعطي احدهم من لحم بنيه الذي ياكله لانه لم يبق له شيء في الحصار و الضيقة التي يضايقك بها عدوك في جميع ابوابك.و المراة المتنعمة فيك و المترفهة التي لم تجرب ان تضع اسفل قدمها على الارض للتنعم و الترفه تبخل عينها على رجل حضنها و على ابنها و بنتها.

لقد ماتت كل عاطفة وهى صورة لا يمكن شرحها أن الأب يبخل على أخيه وزوجته بلحم إبنه.

 

آية57:- بمشيمتها الخارجة من بين رجليها و باولادها الذين تلدهم لانها تاكلهم سرا في عوز كل شيء في الحصار و الضيقة التي يضايقك بها عدوك في ابوابك.

المشيمة = الغشاء الذى ينزل مع الجنين. وهذا أيضاً يأكل مع الجنين

 

آية59،58:- ان لم تحرص لتعمل بجميع كلمات هذا الناموس المكتوبة في هذا السفر لتهاب هذا الاسم الجليل المرهوب الرب الهك.يجعل الرب ضرباتك و ضربات نسلك عجيبة ضربات عظيمة راسخة و امراضا ردية ثابتة.

راسخة = أى ثابتة ودائمة.                    أمراض ثابتة = أى مزمنة ومستعصية

 

آية60:- و يرد عليك جميع ادواء مصر التي فزعت منها فتلتصق بك.

فتلتصق بك = إذاً هى أشد من أمراض مصر فأمراض مصر كان الرب يرفعها بعد حين .

 

آية61:- ايضا كل مرض و كل ضربة لم تكتب في سفر الناموس هذا يسلطه الرب عليك حتى تهلك.

سيضربهم الرب بالضربات التى أخبرهم بها موسى والتى لم يخبرهم بها.

 

آية63،62:- فتبقون نفرا قليلا عوض ما كنتم كنجوم السماء في الكثرة لانك لم تسمع لصوت الرب الهك.و كما فرح الرب لكم ليحسن اليكم و يكثركم كذلك يفرح الرب لكم ليفنيكم و يهلككم فتستاصلون من الارض التي انت داخل اليها لتمتلكها.

يقول المؤرخ اليهودى يوسيفوس أن أكثر من 2 مليون يهودى قتلوا بالسيف فى حصار الرومان

 

آية64:- و يبددك الرب في جميع الشعوب من اقصاء الارض الى اقصائها و تعبد هناك الهة اخرى لم تعرفها انت و لا اباؤك من خشب و حجر.

وهذا ما رآه العالم كله حتى يومنا هذا. وعبادة الآلهة الغريبة (أر15:44-19)

 

آية65:- و في تلك الامم لا تطمئن و لا يكون قرار لقدمك بل يعطيك الرب هناك قلبا مرتجفا و كلال العينين و ذبول النفس.

حقاً لا سلام قال الرب للأشرار (أش22:48) كلال العينين = هو عمى روحى وجسدى

 

آية66:- و تكون حياتك معلقة قدامك و ترتعب ليلا و نهارا و لا تامن على حياتك.

حياتك معلقة قدامك = تتوقع أن يقتلك عدوك فى أى وقت

 

آية67:- في الصباح تقول يا ليته المساء و في المساء تقول يا ليته الصباح من ارتعاب قلبك الذي ترتعب و من منظر عينيك الذي تنظر.

بسبب الرعب لا يهنأ لهم العيش لا فى الصباح ولا فى المساء.

 

آية68:- و يردك الرب الى مصر في سفن في الطريق التي قلت لك لا تعد تراها فتباعون هناك لاعدائك عبيدا و اماء و ليس من يشتري

لقد أخرجهم الرب من أرض مصر وحررهم. ولكن طالما هم إختاروا هذا الطريق طريق العبودية فليعودوا للعبودية = ويردك الرب إلى مصر = المقصود ليس المعنى الحرفى لكن أن الله يسمح لهم بالعبودية لأى شعب يراه الله. ويعودوا لحالة التشتت والغربة ثانية عن أرضهم ويحرمهم الله منها. وقد حدث هذا فعلاً وسجله يوسيفوس أن اليهود حُملوا إلى مصر بعد هزيمتهم من تيطس كأسرى وتم بيعهم للمصريين كعبيد وإماء للعمل فى المناجم

وليس من يشترى = أى ليس من يفديهم فإذا تخلى عنهم الله من سيفديهم

ملحوظة:-

لقد مرت عصور كثيرة لاقى فيها المسيحيين إضطهادات مرة تشبه الآلام المذكورة هنا من سبى وسجن وفقر وإستشهاد فهل كان هذا لعنة؟ بالتأكيد لا لأن هناك فرق فالله كان فى وسطهم يعزيهم ولذلك إختبروا سلام الله الذى يفوق كل عقل (بولس الرسول قال هذه العبارة وهو فى السجن ( فى7:4 ) ووردت فى رسالة الفرح (فى4:4) وهذا لا يقارن بما وُصِف فى هذا الإصحاح من شعور الشعب بتخلى الله عنه مما يدفعهم للجنون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى