تفسير سفر أستير ٣ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح الثالث

الآيات 1-6

الآيات 2، 1:-

  بعد هذه الامور عظم الملك احشويروش هامان بن همداثا الاجاجي ورقاه وجعل كرسيه فوق جميع الرؤساء الذين معه.فكان كل عبيد الملك الذين بباب الملك يجثون ويسجدون لهامان لانه هكذا اوصى به الملك واما مردخاي فلم يجث ولم يسجد.

هامان الأجاجى = من نسل عماليق (1 صم 9، 3:15) عظمه الملك فإنتفخ قلبه وطلب سجود الجميع لهُ وحينما رفض مردخاى طلب هامان قتل جميع اليهود أى شعب الله. أو ليست هذه صفات إبليس الذى خلقه الله جميلاً قوياً فتكبر وسقط وطلب سجود البشر لهُ. وكان هذا طلبه للمسيح نفسه ” أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لى مت 9:4. وألم يقل عنه المسيح أنه كان قتالاً للناس منذ البدء يو 44:8 لذلك نفهم أن هامان يرمز للشيطان فى هذه القصة ورفض مردخاى السجود لهامان للأسباب الأتية.

1-  ربما إمتنع هامان عن السجود لهذا العماليقى فاليهود يحتقرون شعب عماليق لأنه شعب مرفوض من الرب. وغالباً كان هذا شعور كل اليهود لذلك طلب هامان قتلهم كلهم. وكانت خطته الإنتقام منهم جميعاً. وإبليس لا يطيق شعب المسيح بكونه مملكة الله.

2-  لقد إعتاد اليهود السجود أمام ملوكهم لتكريمهم  (2 صم 4:14، 26:18، 1 مل 16:1) وكان هذا بالإنحناء لتقديم الإحترام. ولكن عند الفرس كان السجود بالإنطراح أمام الشخص المكرم على الأرض واليدين مفرودتين والفم فى التراب. وكان هذا سجود عبادة وهذا ما رفضه مردخاى

الذين بباب الملك = أى حراس أو بوابون للقصر. فوظيفة مردخاى كانت بسيطة محتقرة لكنه بعد أن رفعه الملك صار رمزاً للمسيح الذى رُفع للمجد بعد أن كان قد أخلى ذاته وهناك رموز فى شخصية مردخاى للمسيح

 

مردخاى

المسيح

*هامان يضطهد مردخاى

*مردخاى صلى ودبر لخلاص شعبه

*مردخاى خلص من خطة هامان

 

*كما جلس مردخاى فى المسوح

*بمردخاى صارت إستير مرضية لدى الملك

*إستير حلت محل وشتى

*مردخاى يطلب الصوم من أستير

*مردخاى يتمجد

*إبليس واليهود إضطهدوا المسيح

*المسيح فدى شعبه وهو يشفع فيهم

*المسيح بقيامته إنتصر على إبليس وخلص شعبه

*هكذا أخلى المسيح ذاته أخذاً جسدنا

المسيح يسوع صارت الكنيسة موضع رضى الآب

*الكنيسة حلت محل اليهود

*المسيح يطلب من الكنيسة الصوم والصلاة

*يسوع المسيح يتمجد

    

آية 4:- واذ كانوا يكلمونه يوما فيوما ولم يكن يسمع لهم اخبروا هامان ليروا هل يقوم كلام مردخاي لانه اخبرهم بانه يهودي.

هل يقوم كلام مردخاى = أى هل كونه يهودياً يحله من إطاعة أمر الملك.

 

آية5:-  ولما راى هامان ان مردخاي لا يجثو ولا يسجد له امتلا هامان غضبا.

إمتلأ هامان غضباً = هذا مما يثبت كبرياء هامان الشديد.

 

الآيات 7-14

آية 7:-  ي الشهر الاول اي شهر نيسان في السنة الثانية عشرة للملك احشويروش كانوا يلقون فورا اي قرعة امام هامان من يوم الى يوم ومن شهر الى شهر الى الثاني عشر اي شهر اذار.

كانوا يلقون فوراً = فوراً هى كلمة فارسية معناها قرعة. وهى نوع من العرافة لإكتشاف الأيام حسنة الطالع. فإن هامان كان يبحث عن طريق العرافين عن أكثر الأيام حظاً لضمان نجاح خطته وهى أن يضرب اليهود كلهم فى يوم واحد فيبيدهم. وكانت القرعة تتم بتحديد الشهر أولاً ثم بتحديد اليوم وتحدد ذلك عن طريق العرافين ليكون اليوم المحدد لإبادة اليهود هو يوم 13 من الشهر الأخير من السنة. وكانت الخطة أن يكون اليوم بعيداً حتى يعد هامان رجاله فى كل أنحاء المملكة فتكون الضربة نهائية. وإستصدر هامان أمراً من الملك بهذا وكان باقياً حوالى 11 شهراً منذ صدور القرار حتى يوم تنفيذه ونلاحظ :-

1-   طول الوقت سمح به الله ليستطيع اليهود تدبير طريقة للخلاص

2-   كان هذا اليوم هو يوم شؤم على هامان وهكذا كل من يلجأ للعرافين ولهذه الأساليب الشيطانية ويترك وعود الله الصادقة

3-   كانت هذه الحادثة بعد تتويج إستير بأربع سنوات

4-   كلمة فوراً هى أصل كلمة عيد الفوريم الذى فيه يذكر الشعب عمل الله فى خلاصهم

 

آية 8:-  فقال هامان للملك احشويروش انه موجود شعب ما متشتت ومتفرق بين الشعوب في كل بلاد مملكتك وسننهم مغايرة لجميع الشعوب وهم لا يعملون سنن الملك فلا يليق بالملك تركهم.

خطة هامان ضد اليهود أن يجعل سمعتهم سيئة عند الملك فهو صورهم بأنهم مشردين مشتتين لا قيمة لهم وهم من أهل السبى فهم إذاً عبىء على المملكة وهم يسببون مشاكل فى الأماكن التى يسكنون فيها. ولهم عادات وسنن مختلفة عن فارس وعاداتهم ضارة فهم إذاً خطرين على المملكة فهم سيؤثرون على شعب المملكة بعاداتهم الغريبة. وهذه هى نفس خطة أعداء الكنيسة دائماً فهذا نفس ما عمله أعداء المسيحية أيام الإضطهادات. فكل مقاومى الكنيسة لهم أب واحد هو إبليس. وطريقة هامان هنا هى نفس خطة إبليس فى عرض الوقائع فهو يضع جزء من الكذب فى الخبر الصحيح ” وهذا ما فعلته الحية مع حواء “. فشعب اليهود فعلاً لهم ناموس مختلف عن الوثنين ولكنهم ليسوا من مقاومى الملك.

 

آية 9:-  فاذا حسن عند الملك فليكتب ان يبادوا وانا ازن عشرة الاف وزنة من الفضة في ايدي الذين يعملون العمل ليؤتى بها الى خزائن الملك.

حتى يضمن هامان الشرير أن لا يرفض الملك نجده هنا يغريه بالمال ويعده بأن يدفع لهُ مقابل هذا 10.000 وزنة من الفضة فهامان يعرف جشع الملك ويعرف خسائره الكثيرة فى حربه مع اليونان. وكان هامان يمنى نفسه بأنه سيحصل على هذه الأموال من ثروات اليهود القتلى الذين كانوا أغنياء.

 

آية 10:-  فنزع الملك خاتمه من يده واعطاه لهامان بن همداثا الاجاجي عدو اليهود.

هذه الآية تشهد بإستهتار الملك الذى كان غالباً غارقاً فى خمره وشهواته.

 

آية11- وقال الملك لهامان الفضة قد اعطيت لك والشعب ايضا لتفعل به ما يحسن في عينيك.

الفضة أعطيت لك = الأموال تنتقل بالوراثة من الميت للوارث. فكأن الملك أعطى لهامان أن يقتل الشعب ويرثه هو. إلى هذه الدرجة وصل حب الملك وثقته فى هامان وحقاً كان من العجيب أن يتغير قلب الملك من حب وثقة فى هامان إلى عطف على اليهود وغيظ من هامان بل قتله ولكنها يد الله التى تعتنى بشعبه.

 

الآيات 13، 12:-  فدعي كتاب الملك في الشهر الاول في اليوم الثالث عشر منه وكتب حسب كل ما امر به هامان الى مرازبة الملك والى ولاة بلاد فبلاد والى رؤساء شعب فشعب كل بلاد ككتابتها وكل شعب كلسانه كتب باسم الملك احشويروش وختم بخاتم الملك.و ارسلت الكتابات بيد السعاة الى كل بلدان الملك لاهلاك وقتل وابادة جميع اليهود من الغلام الى الشيخ والاطفال والنساء في يوم واحد في الثالث عشر من الشهر الثاني عشر اي شهر اذار وان يسلبوا غنيمتهم.

هذا يعتبر صورة لما حدث للبشر بسبب حسد إبليس، إذ صار الجميع تحت حكم الموت رو 12:5 + 20:8 ولكن هذا الحكم المر إنقلب على هامان خلال مردخاى وإستير بل صارت الحادثة عيداً لشعب الله وهكذا إن كنا بإبليس سقطنا تحت حكم الموت فبالمسيح (مردخاى) تمتعت إستير وشعبها (الكنيسة) بالخلاص والفرح وتحولت أحزان البشرية إلى أفراح(كو 15، 14:2).

 

 

آية 15

– فخرج السعاة وامر الملك يحثهم واعطي الامر في شوشن القصر وجلس الملك وهامان للشرب واما المدينة شوشن فارتبكت.

وجلس الملك وهامان للشرب = هو ملك فاسد فعلاً فبعد أن يأمر بإبادة شعب بأكمله يجلس للشرب، وهو أصدر قراره دون أن يفحص، بل سلم كل شىء فى يد هامان وإذ خشى هامان لئلا يتراجع الملك ويدرك الأمر أو يتحرك ضميره بسبب هذا القرارالوحشى صار يشرب مع الملك ليلهى الملك بملذاته على حساب شعبه

أما المدينة شوشن فإرتبكت = هو قرار عجيب قتل شعب بأكمله، إن دل على شىء فيدل على أن الملك بلا عقل وأن مشيروه فقدوا عقولهم فكيف يقتل شعب وتسلب أموالهم ويكون هذا بتسليح أعدائهم ليقتلوهم. وكان اليهود قد ذابوا وسط المجتمع الفارسى وتزاوجوا معهم وإختلطت مصالحهم. ولو بدأ حمام الدم فسيسيل حتى الدم الفارسى، فالفرس إختلطوا بالزواج مع اليهود. وسينهب اموال كثيرة من الفرس بالإضافة إلى أن الفرس حينما عاشروا اليهود وجدوهم مسالمين لم يؤذوا أحداً فإضطرب الشعب بسبب اوامر المذبحة ضدهم وكان حزن فى وسط الشعب فنحن لا نتصور أن الشعب كله كانوا أشرار بلا ضمير ولا عدل ولا رحمة حتى وإن كان لهم ملك فاسد كهذا الملك.

فاصل

فاصل

تفسير أستير 2

تفسير سفر أستير
القمص أنطونيوس فكري

تفسير أستير 4
تفسير العهد القديم

 

زر الذهاب إلى الأعلى