تفسير سفر الخروج ٢٢ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الثاني والعشرون
نجد هنا شرائع تخص الوصيتان (7،8) (لا تسرق، لا تزن)
إعتبر الله نفسه مسئولاً ليس فقط عن حياة الإنسان وجسده وإنما أيضاً على ممتلكاته. وكانت الماشية هي أثمن ممتلكات هذا العصر فإعتبرت سرقتها نيابة عن سرقة المقتنيات.
الآيات (1-4): “إذا سرق إنسان ثوراً او شاة فذبحه أو باعه يعوض عن الثور بخمسة ثيران وعن الشاة بأربعة من الغنم. أن وجد السارق وهو ينقب فضرب ومات فليس له دم. ولكن أن أشرقت عليه الشمس فله دم انه يعوض أن لم يكن له يبع بسرقته. أن وجدت السرقة في يده حية ثوراً كانت أم حماراً أم شاة يعوض باثنين.”
الفرق بين آية (1) وآية (4) أنه في آية (1) اللص سرق وباع ما سرقه أو ذبحه هنا يرد بخمسة ثيران للثور المسروق وبأربعة من الغنم عن الشاة المسروقة وأما في آية (4) فاللص ضبط والسرقة في يده. اللص الأول محترف سرقة فعقوبته أكبر واللص الثاني مبتدئ فعقوبته أقل. وسارق الثور عقوبته أكبر لسببين: [1] الثور يؤجر فالخسارة أكبر لأن صاحبه يستفيد بأجرته [2] اللص الذي يسرق ثوراً هو أكثر جسارة ممن يسرق شاه فعقوبة سارق الثور تكون أكبر. ولو قُتِلَ اللص أثناء السرقة فلو كان ليلاً. يكون صاحب البيت في حل أن يضربه وإن مات هو المسئول عن نفسه. ولكن لو كان في النهار (آية 3) فيطلب دمه فبالنهار يستطيع صاحب البيت أن يستعين بالآخرين. فالحياة مهمة عند الله حتى لو حياة لص. والله لا يريد روح الانتقام بل التأديب. وفي الليل يفترض أن صاحب البيت يضرب في الليل ولا يرى دفاعاً عن نفسه وعن ممتلكاته.
آية (5) : “إذا رعى إنسان حقلاً أو كرماً وسرح مواشيه فرعت في حقل غيره فمن أجود حقله وأجود كرمه يعوض.”
هنا سرقة بالإهمال.
آية (6) : “إذا خرجت نار وأصابت شوكاً فاحترقت أكداس أو زرع أو حقل فالذي أوقد الوقيد يعوض.”
وأيضاً في آية (6) فهناك عادة للفلاحين بحرق الشوك.
الآيات (7-9): “إذا أعطى إنسان صاحبه فضة أو أمتعة للحفظ فسرقت من بيت الإنسان فان وجد السارق يعوض باثنين. وأن لم يوجد السارق يقدم صاحب البيت إلى الله ليحكم هل لم يمد يده إلى ملك صاحبه. في كل دعوى جناية من جهة ثور أو حمار أو شاة أو ثوب أو مفقود ما يقال أن هذا هو تقدم إلى الله دعواهما فالذي يحكم الله بذنبه يعوض صاحبه باثنين.”
إن أودع شخص أمانة عند أحد وسُرقت يعوِّض السارق بضعفين لو ضبط السارق. ولكن إن قال المتهم لم يودع عندي شئ يذهبا للقضاء= إلى الله ويحلف كلاهما والقضاة يحكمون والظالم منهم يدفع ضعفين. الظالم هو المدَّعِي كَذِباً أو المدَّعَي عليه لو اتضح أنه خان الأمانة.
الآيات (10-15): “إذا أعطى إنسان صاحبه حماراً أو ثوراً أو شاة أو بهيمة ما للحفظ فمات أو انكسر أو نهب وليس ناظر. فيمين الرب تكون بينهما هل لم يمد يده إلى ملك صاحبه فيقبل صاحبه فلا يعوض. وأن سرق من عنده يعوض صاحبه. أن افترس يحضره شهادة لا يعوض عن المفترس. وإذا استعار إنسان من صاحبه شيئاً فانكسر أو مات وصاحبه ليس معه يعوض. وأن كان صاحبه معه لا يعوض أن كان مستأجراً آتى بأجرته.”
لم يكن في ذلك الزمان بنوك أو ما شابه فكان الشخص يودع أماناته عند الآخرين. وهنا تفرق الشريعة بين من يضيع الأمانة بإهماله أو لعدم الحرص (آية12) أو دوناً عن إرادته كأن يفترس وحش الوديعة (13) وفي (11) يمين الرب تكون بينهما= أي يرفع الشخص يده اليمنى ليقسم. وفي (15) إن كان مستأجراً أتى بأجرته= أي أن صاحب الحيوان المؤجر في هذه الحالة لا يطلب تعويض بل يأخذ الأجرة المتفق عليها فقط. فالأجرة شاملة التعويض.
الآيات (16-20): “وإذا راود رجل عذراء لم تخطب فاضطجع معها يمهرها لنفسه زوجة. أن آبى أبوها أن يعطيه إياها يزن له فضة كمهر العذارى. لا تدع ساحرة تعيش. كل من اضطجع مع بهيمة يقتل قتلاً. من ذبح لآلهة غير الرب وحده يهلك.”
راود= أي كان ذلك بموافقتها. وإذا حدث هذا فعلي من زنى مع البنت غير المخطوبة حتى لو كان بموافقتها أن يتزوجها. وإن أبى والدها أن يزوجها له يدفع مهرها كنوع من التعويض. أما لو زنى رجل مع بنت مخطوبة فالعقوبة تكون الموت (تث23:22،24) وقطعاً نفس الشئ لو كانت متزوجة. وهنا يتسع مفهوم الزنا فيشمل الزنا الروحي أي السحر والذبح لآلهة غريبة. وساحرة بالعبرية تعني (مِكاَشِفَةْ) أي التي تكشف المستقبل والغيب وتُعِلنْ عن سارق الشيء. وكان من يذهب لهؤلاء الساحرات أو يذبح لوثن يعتبر خيانة للرب= زنا روحي لذلك وضع هذا ضمن خطايا الزنا. ونجد هنا خطية الزنا مع الحيوانات والله ينبهم لها هنا قبل دخولهم كنعان فهي كانت منتشرة وسط الكنعانيين ولم تعرف هذه الخطية في مصر.
الآيات (22-24): “لا تسئ إلى أرملة ما ولا يتيم. إن آسات إليه فأني أن صرخ إلىّ اسمع صراخه. فيحمى غضبي وأقتلكم بالسيف فتصير نساؤكم أرامل وأولادكم يتامى.”
الله لا يحتمل الظلم خصوصاً لو كان ضد أرملة أو يتيم. وهنا لم يحدد الله عقوبة فهو نفسه الذي سيعاقب وهو له سيوفه الخاصة فهو أي الله استخدم بابل واليونان والرومان لتأديب شعبه.
آية (25): “أن أقرضت فضة لشعبي الفقير الذي عندك فلا تكن له كالمرابي لا تضعوا عليه ربا.”
الله يمنع الربا ولاحظ أنه في تلك الأيام لم تكن القروض تستخدم في أعمال تجارية لزيادة الدخل بل بسبب العوز.
آية (28): “لا تسب الله ولا تلعن رئيساً في شعبك.”
لا تلعن= لا تقل سوءاً في رئيس في شعبك (طاعة واحترام الرؤساء).
الآيات (29،30): “لا تؤخر ملء بيدرك وقطر معصرتك وأبكار بنيك تعطيني. كذلك تفعل ببقرك وغنمك سبعة أيام يكون مع أمه وفي اليوم الثامن تعطيني إياه.”
ملء بيدرك وقطر معصرتك= أي بكورهما. فهذا الإصحاح الذي يتكلم عن عدم السرقة ينبه أن لا نسرق الرب (والبكور يعطيها الله للمحتاجين).
آية (31): “وتكونون لي أناساً مقدسين ولحم فريسة في الصحراء لا تأكلوا للكلاب تطرحونه.”
من غير المعقول أن يأكل شعب الله من فضلات الوحوش فهذا تصرف شهواني وضيع، بالإضافة أن دم الفريسة سيكون فيها والدم ممنوع أكله. للكلاب تطرحونه= فالله يدبر حتى أكل الكلاب.
سفر الخروج – أصحاح 22
تفاسير أخرى لسفر الخروج أصحاح 22
تفسير خروج 21 | تفسير سفر الخروج القمص أنطونيوس فكري |
تفسير خروج 23 |
تفسير العهد القديم |