تفسير سفر حزقيال ٣٥ للقمص تادرس يعقوب

الأصحاح الخامس والثلاثون

نبوة ضد جبل سعير

أثناء النبوات ضد الأمم الغريبة الشامتة (ص 25-33) تنبأ حزقيال النبي ضد سعير[289] مع موآب (25: 8) كما تنبأ ضد آدوم التي تضم في طياتها جبل سعير (25: 12) فلماذا عاد يتنبأ بشيء من التوسع ضدسعير أثناء حديثه عن الإصلاح الداخلي؟

  1. لا يمكننا أن نعزل العمل الخارجي عن العمل الداخلي، حقًا لقد أراد الله أن يُهيئ الطريق للعودةوالإصلاح الداخلي علي مستوي الشعب والرعاة بهدم قوى الشر الخارجية، لكنه في الواقع العملي يرتبطالإصلاحان معًا. فلا هدم لقوى الشر الخارجي دون بدء انطلاق التوبة في الداخل، ولا إصلاح دون بدء هدم الشرالخارجي. هذا وكل إصلاح داخلي إنما يثير العدو الخارجي (إبليس) ويهيجه، لهذا كان نحميا يبني بيدويمسك بيده الأخري السلاح، هكذا حينما يعمل الإنسان روحيًا إنما ينبغي أن يكون متيقظًا لكل حرب تثور ضدهلتحطيمه.
  2. لعله اهتم بأن يتحدث عن جبل سعير بالذات لوصول أخبار إلي المسبيين أن الأدوميين تسللوا إلي يهوذاتدريجيًا بعد انكسار أورشليم، وشغلوها فأراد النبي أن يؤكد لهم أن الله ينقذ البلاد من يد هؤلاء المحتلين لها،خاصة وأن الخلاف علي الأرض بين إسرائيل وأدوم قضية قديمة (تك 27: 40) بهذا فتح علة جديدة للإصلاح،إذ يتدخل الله للإصلاح من أجل افتراءات أهل سعير، الأمر الذي يظهر بوضوح في الأصحاح التالي.

أما الأسس التي قامت عليها النبوة ضدهم فهي:

  1. البغضة: بغضة سعير للشعب بغضة قديمة تأصلت في داخل قلوبهم إذ يقول: “لأنه كانت لكَبغضة أبدية ودفعت بني إسرائيل إلي يد السيف في وقت مصيبتهم وقت إثم النهاية” [5]. لمتقف البغضة عند حدود الفرح بمصيبتهم، إنما تحولت إلي ظلم وسفك دم، دفعتهم إلي السيف. أحبت الم لذلكفالدم يتبعها، أو كما يقول الرب: “إذ لم تكره الدم فالدم يتبعك” [6].

 بالكيل الذي به يكيل الإنسان يُكال له، وفي الحفرة التي يحفرها لأخيه يسقط هو، الصليب الذي أعدههامان لمردخاي علق هو عليه.

  1. أغتنامها الآخرين: “لأنك قلت إن هاتين الأمتين وهاتين الأرضين تكونان لي فنمتلكهماوالرب كان هناك…” [10]. هكذا حين يُريد الإنسان أن يغتنم أرضًا غير أرضه، ويملك ما ليس له، لا يدرك أنالله غير المنظور يتطلع وينظر إلي الظلم. لقد أرادت أن تمتلك ما ليس لها لهذا تفقد ما هو لها، إذ تصير مدنهاخربة وتكون قفرًا [4].
  2. عجرفتها المملوءة تجديفًا: “قد تعظمتم عليَّ بأفواهكم وكثرتم كلامكم عليَّ أنا سمعت” [13] حين أرادت أن تملك ما ليس لها كان الرب موجودًا هناك يرى شرهم، وإذ تعجرفت في قلبها ونطقت بشفتيهاضد الله كان الله يسمع. لقد أطال أناته كثيرًا، لكنه يُجازيها علي تجديفها.
  3. فرحت بضرر يهوذا يوم تأديبه: إذ سقط يهوذا في التأديب لم تتعظ بل فرحت في شماته، لهذااستحقت غضب الله: “كما فرحت على ميراث بيت إسرائيل لأنه خرب هكذا أفعل بك. تكون خرابًا ياجبل سعير أنت وكل أدوم بأجمعها فيعلمون إني أنا الرب” [15].

أي أن ما حلّ بجبل سعير إنما هو ثمرة خطيئتها الداخلية، تحمل ذات الثمر الذي لعملها، وأيضًا لأجل بنيانشعب الله إذ صار هؤلاء مغتصبين لحقوقهم فيدافع الله عن أولاده لأجل اسمه القدوس، “فيعلمون أني أناالرب”.

 

من وحي حزقيال 35

ليتبدد جميع أعدائك!

 

v   من هو سعير (آدوم) الشامت في كنيستك

إلا عدو الخير العنيف سافك الدماء؟!

هوذا عدوي يبغضني!

بغضته لي قديمة جدًا،

هي بغضة لك أنت يا حبيب نفسي!

يكرهني جدًا، لأنه يكرهك!

أعَّد لك الصليب، فتحطم هو به!

v   عدوي يُريد أن يغتصب قلبي،

إنه ليس ملكه ولا ملكي، بل هو بكليته لك!

يُريد أن يملك ما ليس له،

يغتصب ملكوتك الذي فيّ!

قم يا رب،

وليتبدد جميع أعدائك،

وليهرب من أمام وجهك كل مبغضي اسمك!

v   عدوي متعجرف،

لكن في الهاوية مصيره!

أما أنا فتحملني بروحك القدوس إلي حضن أبيك!

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى