تفسير سفر حزقيال ٤١ للقمص تادرس يعقوب

الأصحاح الحادي والأربعون

الهيكل

الوصف المذكور هنا يحتاج إلى شيء من التركيز، وقد حمل بعض الصعوبات لدى المفسرين.

  1. الهيكل:

أ. أبعاد عوارضه                                  [1].

ب. باب الهيكل                                    [2].

ج. حائط الهيكل والحجرات الجانبية               [5-6].

د. أساسات الحجرات وحوائطها وأبوابها [8-11].

هـ. أبعاد الهيكل                                  [13].

  1. قدس الأقداس                                        [3-4].
  2. مبنى خارجي منفصل                                 [12-15].
  3. طريقة البناء                                          [16-17].
  4. الزينة                                                [18-20].
  5. مذبح البخور والمائدة                                 [22].
  6. الأبواب                                               [23-26].

1-2 القدس وقدس الأقداس:

يبدو أن أبعاد القدس وقدس الأقداس هي هكذا:

القدس 40 ذراعًا x 20 ذراعًا [2]، أما قدس الأقداس فإبعاده 20 ذراعًا x 20  20 ذراعًا [4]. إلا أن هذه الأرقام تبدو قد ضمنت معها الحجرات المحيطة بالمبنى من كل جهة [5]: من الشمال والجنوب والغرب (لأن الشرق يمثل الباب أو المدخل). بهذا يكون أبعاد المبنى كله فيما عدا الشرق هي (60 ذراعًا من الشمال، 60 ذراعًا من الجنوب، 20 ذراعًا من الغرب) فإن كان عرض الحجرات المحيطة 4 أذرع فيكون المبنى قد اشتمل على 33 حجرة [6] تحيط بالقدس وقدس الأقداس من الجوانب الثلاثة: 15 حجرات من الشمال و15 حجرة من الجنوب و3 حجرات من الغرب (لأن حجرتين أخذتا من الجانبين نحو الشمال والجنوب).

يلاحظ في الباب أنه واسع جدًا (10 أذرع) [2]، لكي يدخل الجميع إلى مقدسات الله وتتمتع البشرية كلها بالأحضان الإلهية. ويلاحظ في [3] أن حزقيال النبي لم يدخل قدس الأقداس إذ لم يقل “وأتى بي إلى داخل…” بل قال: “ثم جاء إلى داخل…” فإن قدس الأقداس يدخله رئيس الكهنة وحده مرة واحدة في السنة، إشارة إلى السيد المسيح رئيس الكهنة الأعظم، الذي وحده يقدر أن يدخل إلى حضن الآب مقدمًا دم نفسه كفارة عن خطايانا، فندخل نحن به وفيه!

الحجرات الثلاث والثلاثون التي أحاطت بالمبنى كله ربما تشير إلى ناسوت السيد المسيح الذي أخفي اللاهوت فيه، من خلاله سكن المؤمنون كأعضاء في جسده السري.

  1. المبنى الخارجي المنفصل:

في آخر الغرب بجوار السور مقام مبنى ضخم (90 ذراعًا × 70 ذراعًا) ربما كان مستخدمًا كمخزن. ويرى البعض أنها نبوة عن وجود مبنى آخر هو كنيسة الأمم، كان في عيني الله ينتظر الوقت المحدد ليتمتع بالعضوية في جسد المسيح من خلال الإيمان به.

  1. طريقة البناء:

كان المبنى يقوم بواسطة حوائط سميكة جدًا في القاعدة، يقل سمكها في المنتصف ثم يقل بالأكثر في القمة، لهذا كلما ارتفعنا إلى فوق قل سمك الحائط وبالتالي أزداد اتساع البناء [7]. هذا هي حال الإنسان المسيحي كلما ارتفع قلبه إلى السموات خفَّ ثقل جسده (الحائط) واتسع قلبه فيه بالحب، واتسعت نفسه بالأكثر ليسكن الرب فيه بملكوته وأمجاده.

لقد حملٍ السيد المسيح جسدنا مختفيًا وراء حائطنا (نش 2: 9)، لكنه لم يحمله ثقيلاً بالخطايا، بل شابهنا في كل شيء ماخلا الخطيئة وحدها، لهذا كان جسده خفيفًا، لا أقصد بالمعنى المادي بل بالمعنى الروحي، كان يمشي على المياه فلا يغرق (مت 14: 25). أما بطرس الرسول إذ دخلت خطيئة الشك في قلبه كان جسدًا كثيفًا أو ثقيلاً وكاد يغرق. لكن الرب إذ أمسك بيده رفعه إليه فصار خفيفًا، لا تقدر المياه أن تغرقه. ذلك كما فعل إليشع النبي الذي ألقى بالخشبة (صليب المسيح) في المياه فطفت الفأس الحديدية الثقيلة على وجه المياه. وكأننا لسنا في حاجة أن نخلع الجسد، الذي هو الحائط، بل أن يتقدس باتحادنا بجسد المسيح فتتبارك طبيعتنا فيه، ويخف جسدنا جدًا ويتسع قلبنا لملكوته[308].

كان المبنى كله من الداخل – القدس وقدس الأقداس – مغطى بالأخشاب أعلى الكوى وأسفلها وعلى الحوائط الخ… [16-17] ليظهر المبنى كله من الداخل كأنه قطعة واحدة خشبية، تختفي وراءها الحجارة المتباينة، ذلك إعلانا عن وحدة جسد المسيح الواحد، أو قيامنا كلنا كجسد واحد مختفٍ وراء الصليب، لا يميز أحدنا نفسه عن الآخر. ففي الصليب – كما سبق أن قلت[309]– تتم وحدة طولية وأخرى عرضية، وحدة السماء مع الأرض، ووحدة الأرضيين معًا. في هذا يقول القديس إيريناؤس: [علق على خشبة ذاك الذي يجمع الكل فيه[310]]، ويقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [الصليب هو طريق رباط المسكونة[311]]. ويقول القديس كيرلس الأورشليمي: [بسط (الرب) يديه على الصليب ليحتضن أقاصي العالم[312]]. كما يقول القديس هيبوليتس الروماني: [الصليب هو سلم يعقوب، هذه الشجرة ذات الأبعاد السماوية ارتفعت من الأرض حتى السماء. أقامت ذاتها غرسًا أبديًا بين السماء والأرض، لكي ترفع المسكونة… وتضم معًا أنواعًا مختلفة من الطبيعة البشرية].

  1. الزينة:

أما وحدتا الزينة فهي الكروب والنخلة: نخلة بين كروب وكروب ولكل كروب وجهان: وجه إنسان من هنا ووجه شبل من هناك [18-19]. إنها صورة رائعة للكنيسة التي تضم البشرية المقدسة في الرب (النخيل) وقد اتحدت مع السمائيين الذين لا يقفون في سلبية بل يتطلعون إلينا، ينظرون بوجه كمثل وجه إنسان أي لهم أحاسيسنا، ومثل وجه شبل إشارة إلى قوتهم الروحية ومعونتهم لنا في المسيح يسوع.

  1. مذبح البخور والمائدة:

يظهر هنا مذبح البخور من الخشب، لأنه يشير إلى صلواتنا التي ترفع في حضـرة الله من خلال الصليب. والمائدة تشير إلى مذبح العهد الجديد حيث تقدم عليه ذبيحة الأفخارستيا، خبز الحياة.

  1. الأبواب:

هنا الأبواب أكثر إتساعًا مما كان للهيكل القديم، لأنه قد انفتح طريق السماء أمام جميع الأمم من خلال الكرازة بالإنجيل.

 

من وحي حزقيال 41

الهيكل الجديد!

v   أقم في داخلي القدس وقدس الأقداس،

فتحل فيّ،

ويمتلئ قلبي حبًا بقديسيك وملائكتك!

v   ما هذه الحجرات الثلاث والثلاثين المحيطة بالهيكل،

إلا رمز لناسوتك يا من عشت بيننا هذه السنوات؟!

v   ما هذا الباب المتسع

إلا لكي يجد كل إنسان موضعًا

فيدخل إلى حضن أبيك؟!

v   بناء هيكلك عجيب:

يبدأ من أسفل سميكًا جدًا،

ومع كل ارتفاع يقل السُمك…

ترى هل ترفع قلبي فيُنزع عني ثقل الجسد!

أصير خفيفًا، محمولاً بالروح،

لا تقدر مياه العالم أن تبتلعني!

أحطت المبنى كله بالخشب،

فصار في وحدة عجيبة، كقطعة خشبية واحدة!

حوطني مع إخوتي بخشبة الصليب واهب الوحدة والمصالحة!

زينت هيكل قلبي بوحدات من الكاروبيم والنخيل،

وكأن زينة قلبي اتحاد السمائيين مع القديسين (النخيل)!

لكل كاروب وجهان: وجه إنسان ووجه شبل.

أرى السمائيين كأنهم بشر يشاركونني حبي،

أراهم كالأشبال يحفظونني بقوة.

لك المجد يا من ربطتنا بخليقتك السماوية!

v   ما أجمل مذبح البخور الخشبي؟!

عليه أقدم صلواتي في استحقاقات خشبة الصليب!

ما أروع المائدة؟!

فإنني أشبع بجسدك المقدس ودمك الكريم!

v   يا لاتساع أبواب هيكلك الجديد!

تنفتح حقًا لتدعو كل بشر للحياة السماوية الإنجيلية!

 

زر الذهاب إلى الأعلى