تعليقات لامعة على سفر التكوين للقديس كيرلس الكبير

المقالة السابعة: عن بركة يعقوب لأبنائه – عن يساكر

 

« يساكر حمار جسیم رابض بين الحظائر. فرأى المحل أنه حسن والأرض أنها نزهة . فأحني كتفه للحمل وصار للجزية عبداً» ( تك 14:49 – 10) .

اسم « یساکر » يعني « أجرة » . لذلك يُعتبر يساكر أنه مثال وصورة واضحة لأولئك الذين أعطاهم الله الآب للمسيح كأجرة . لأن داود يقول : اسألني فأعطيك الأمم ميراثاً لك وأقاصي الأرض مُلكا لك » ( مز ۸:۲ ) ، وكذلك سبَّح مُظهراً هؤلاء الذين أعطوا لعمانوئيل ، قائلاً : « هوذا البنون میراث من عند الرب . ثمرة البطن أُجرة » ( مز ۳:۱۲۷) . لأنه قد أعطي لعمانوئيل هؤلاء الذين آمنوا من بني إسرائيل والبقية من الجمع ، أقصد بالطبع جمع الأمم. ويدعو الرب يسوع قائلاً: إنه صار أيضاً ثمرة البطن لأنه صار مثلنا لأنه وُلد من امرأة، وكان ثمرة الأم العذراء . بالتالي ، لقد ربح المسيح هؤلاء الذين آمنوا ، ولأجل هؤلاء قال الله الآب السماوي : « أنا أظهرت أسمك للناس الذين أعطيتني من العالم » ( يو 6:17 ) . هؤلاء إذن ، رغبوا في الصلاح ، أي رغبوا في كل ما هو حسن من الأمور المحبوبة عند الله. إنهم يعتبرون هذا الأمر هاماً وضرورياً وهم يحاولون أن يحققوه حتى يستطيعوا بقلب صالح أن يصرخوا ، قائلين : « أحكام الرب حق عادلة كلها . أشهى من الذهب والإبريز الكثير وأحلى من العسل و قطر الشهاد » ( مز ۹:۱۹-۱۰) . حسن أيضا أن يرغبوا في الوجود تحت ظل المسيح ذاته ، الأمر الذي قالته العروس في نشيد الأنشاد : « تحت ظله اشتهيت أن أجلس » ( نشيد الأنشاد ۳:۲). 

حسناً، الشعب الذي وصل إلى هذه المرحلة من الإيمان يفكر في ميراث الله ، أقصد الخيرات المرجوة التي وعد بها الله لأتقيائه والتي قال عنها داود النبي : « في يدك آجالي » ( مز 16:31) ، وسوف يرتاح هذا الشعب كلية منتظراً تحقيقها . إذن طالما مدح مشيئة الله وحُکمه وأُعجب كثيرا بالراحة ، أقصد الحياة الأبدية حيث حياة القداسة الكاملة ، والحد الذي لا نهاية له والملك الذي لا يزول ، وكل الأمور التي لا يستطيع العقل أن يدركها ولا اللسان أن يعبر عنها ؛ سوف يصير من الآن فصاعدا صابراً ومحتملا للأتعاب [1]. لأنه حين رأى أن الأرض نزهة « فأحني كتفه » ( تك 15:49 ) ، لكي يتعب . ويأخذ كمثال من أولئك الذين اعتادوا أن يفلحوا الأرض جيداً، هولاء نشطاء جدا ومحبون للفأس ، أيضا وبدون محراث يحرصون على بذل كل جهد وعرق ، عندما تكون الأرض خصبة قاصد بالطبع الثمرة الغنية وكل ما تنتجه هذه الأرض . وينصحنا أيضا هوشع الحكيم بخصوص هذا الأمر ، قائلا : « ازرعوا لأنفسكم بالبر . أحصدوا بحسب الصلاح أحرثوا لأنفسكم حرثا فإنه وقت لطلب الرب حتى يأتي ويعلمكم البر » ( هو ۱۲:۱۰ ) . وبولس الطوباوي صلی ، قائلا : « والذي يقدم بذارة للزارع وخبزاً للأكل سيقدم ويكثر بذارکم وينمي غلات بر کم . مستغنيين في كل شيء لكل سخاء ينشئ بنا شكراً الله » ( ۲ کو ۱۰:۹ – ۱۱ ).

فاصل

  1. سبق للقديس أثناسيوس شرح هذه النبوة ، قائلا : “ يساكر يشتهي ما هو جيد لذلك ربض بين الأنصبة …. ” ما أشبه ذلك بعروس نشيد الأنشاد ، فهو إذ يستحوذ عليه الحب الإلهي ، جمع الكثير من الأسفار المقدسة لأن عقله قد سُبي ، ليس بالقديم فقط ، بل بكلا الميراثين معا . فمن ثم ، إذا به يبسط جناحيه وينظر من بعيد تلك الراحة التي في السماء . وبما أن هذه الأرض تحتوي أشياء جميلة بهذا المقدار ، فكم بالأحرى كثيراً تكون السموات ! لأن الأخرى جيدة دائماً ولا تشيخ أبدا . لأن هذه الأرض تزول كما قال الرب ، ولكن تلك المعدة لاستقبال القديسين تبقى إلى الأبد . فلما رأي يساكر أب الآباء هذه الأمور هكذا ، جعل افتخاره بالضيقات والأتعاب بكل سرور وأحنى كتفه للعمل والمشقات ’ ’ 540.letter XIII , Ester p.341 – N.P.N.F.2nd series , pol.V , p 541 شرح سفر التكوين ، سفر البدايات ، دار محلة مرقس ، طبعة أولى 2005، ص503 ،504

فاصل

عن زبولون

المقالة السابعة 

عن دان

تعليقات لامعة على سفر التكوين
البابا كيرلس عمود الدين

 

زر الذهاب إلى الأعلى