تفسير سفر العدد ١٨ للقس أنطونيوس فكري


الإصحاح الثامن عشر

مسئولية الكهنة وحقوقهم

رأينا اللاويين فى الإصحاح السابق فى حالة خوف يسألون فى رعب أما فنينا تماماً ولكننا نجد الله فى محبته يرد على سؤالهم ويضع لهم هنا ترتيبات حتى يهدئهم ويعلن لهم إستمرار قبوله لهم. وحتى لا يخافوا من الموت عليهم الإلتزام بهذه الترتيبات والشعب يرى فى هذه الترتيبات أن الكهنوت الذى شنوا التمرد عليه هو الذى يحميهم ونجد الله هنا يعلن لهم أنه هو نصيبهم (آية20) وهو ملتزم بأن يعولهم لكن عليهم أن يكونوا طاهرين (آية11). الله هنا يؤكد لهم التزاماتهم وحقوقهم

آية1:-

أنت وبنوك.. تحملون ذنب المقدس = هذه تعنى الكهنة (أنت وبنوك)+ اللاويين = بيت أبيك. كلاهما يتحملون مسئولية أى تدنيس يلحق بالمقدس من إقتراب أى غريب غليه فهم ملتزمون بحراسته والكهنة والخدام هم الحراس الروحيين للشعب وهم مسئولون عن كل خطأ يرتكبه الشعب فالشعب هو مسكن اللهأنتم هيكل الله والروح القدس ساكن فيكم تحملون ذنب كهنوتكم = كأن كل أمر غريب يرتكبه كاهن يلتزم به جميع الكهنة 

(1كو 7:5-13)

وهذه الآية وهذا الإصحاح يشبه الموقفين الآتيين:-

1-    بعد تذمر الشعب فى موضوع الجواسيس (ص14،13) جاء ص15 يعلن متى جئتم للأرض

2-    بطرس بعد إنكاره المسيح يقول لهُ المسيح إرع خرافى (يعيده للرعاية)

أى أن الله بعد غضبه عليهم بسبب التذمر فى موضوع قورح يعيدهم للرعاية ثانية هنا. وهم يحملون الذنب إذا قصروا فى تعليم الشعب ولكن إذا علموا الشعب وأنذروه ثم أخطأ الشعب بإرادته فهم أبرياء.

آية2:-

فيقترنوا بك = كلمة لاوى معناها يقترن (تك 34:29) هو نفس الفعل الذى إستخدمته ليئة حينما أطلقت إسم لاوى عليه. والمعنى أن يعملوا كلهم فى توافق وإنسجام مع الكهنة ورئيس الكهنة

آية3:-

فالكهنة وحدهم لم هذا الحق (لكل واحد خدمته ودوره) فيحفظون حراستك حراستك الشخصية وحراسة الخيمة.

آية4:_

الأجنبى = كل واحد خارج سبط لاوى (لكل واحد خدمته ودوره)

آية7:-

عطية أعطيت كهنوتكم = الكهنوت عطية من عند الله ونعمة كريمة

آية8:_

حتى يتفرغ الكهنة واللاويين لخدمة الرب، فالرب يعلن هنا أنه ملتزم بإعالتهم وهو مسئول عن تدبير أمورهم المادية ليتفرغوا هم للخدمة. فهو حرم العشور والبكور على الشعب وخصصها للكهنة واللاويين. أعطيتك حراسة رفائعى = أى عهدت بها غليك لتكون ملكاً لكم. والرفائع جمع رفيعة وهى الجزء أو الأجزاء من التقدمة أو الذبيحة التى ترفع (تؤخذ) جانباً لتكون لله أو للكهنة ومثالها ساق الرفيعة وصدر الترديد من ذبائح السلامة. ويُذكر أن النصيب الذى يعطى للكهنة يعتبر كأنه يعطى للرب نفسه. مع جميع أقداس بنى أسرائيل = كالنذور والبكور. أعطيتها لك حق المسحة أى أعطيكم كل هذه كحق أو مكافأة أو أجر لخدمة الكهنوت الى أعطى لكم بالمسحة المقدسة بالدهن بالمقدس. فريضة دهرية = أى ما دام الكهنوت اللاوى قائم وهى نبوءة أيضاً عن الكهنوت المسيحى وإستمرار المسحة والوعد للكهنة فى المسيحية فالله يعطيهم هذه الأنصبة لأنهم لا يعملوا ليرتزقوا بل عملهم هو الخدمة

والآيات من 8-20 هى نصيب الكهنة ومن 21 – آخره نصيب اللاويين.

آية9:-

من قدس الأقداس من النار = الأشياء الآتية إليك تعتبر قدس أقداس أى كاملة القداسة وهى مأخوذة مما يقدم على نار المذبح. كل قرابينهم = الذبائح وكل تقدماتهم = التقدمات الطعامية والشرابية.

آية10:-

فى قدس الأقداس تأكلها = أى فى الخيمة. المكان الطاهر النقى

آية11:-

مع كل ترديدات = الأجزاء التى كانت تردد أمام الرب مثل ساق الرفيعة وصدر الترديد.

الآيات 12-18:-

الله يعطيهم البكور من كل شىء وكل ما هو محرم مثل العشور. وكل بكر يأخذون فداءه وإن كان إنسان أو حيوان نجس (كالحمار مثلاً) وفداءه أى يأخذون نقوداً (فضة) بدلهُ. أما لو كان حيواناً طاهراً فيذبح ويقدم شحمه على المذبح ويرش دمهُ (هذا نصيب الله نفسه واللحم للكهنة، مثلما أن ساق الرفيعة وصدر الترديدلهم. لنلاحظ أن الله أعطى كرامة عظيمة للكهنوت وعطايا مادية كثيرة ولكن وضع عليهم مسئولية كبيرة فعليهم أن يشكروا الله على نعمته ولا يتكبروا بل يخافوا المسئولية وكما يشبع الكهنة من خدمتهم (لحوم الذبائح) هكذا كل خادم يشبع روحياً من خدمته.

آية20:-

أنا قسمك ونصيبك = فى العهد الجديد دعى الكهنة إكليروس وهى كلمة يونانية تعنى نصيب فالرب نصيبهم وهم نصيب الرب. وكان يكفى أن يذكر الله هذه العبارة فإن كان الرب نصيبى فقد إمتلكت كل شىء. لكن لأن الشعب كان فى طفولته الروحية جعل الله هذه العبارة هى آخر عبارة وبعد أن عدد كل العطايا المادية لهم حتى يطمئنوا

آية19:-

ميثاق ملح دهرياً = الملح يوضع على الشىء حتى لا يفسد. إذاً المعنى أن بركات الله هذه هى بلا رجوع، هو عهد لا ينقض، عهد وثيق (2 أى 5:13 + لا3:2)

وفى المسيحية كل المسيحيين كهنة بالمفهوم العام والله نصيبنا وملتزم بحياتنا ونفقاتنا 

تأمل:- فى آية 8 يقولهأنذا قد أعطيتك حراسة رفائعىلكن كيف يقومون بحراسة رفائع الرب مع أنهم يأكلونها ويستهلكونها؟! إنها رمز للباكورة المقدسة التى لا تستهلك أى السيد المسيح نفسه الذى هو باكورة الراقدين الذى جعلنا فيه أبكاراً هذا هو البكر الذى نتمتع به ولا يستهلك.

الآيات 21-24:-

اللاويين يأخذون العشور. وعلى الشعب أن يرفع العشور رفيعة = أى ترفع من المحصول لحساب الرب وفى (22) تحذير للشعب ألا يقترب وإلا يموت

آية26:-

اللاويين يعطون عشورهم للرب أيضاً وهى تذهب للكهنة (آية28) لهرون الكاهن

آية27:-

إن العشر الذى يقدمه اللاويين للكهنة يحسبه لهم الرب كالحنطة التى يقدمها الشعب من البيدر (الجرن) وكالخمر الكاملة الجيدة التى يقدمها الشعب من معاصرهم

ومع أن اللاويين لم يزرعوا ولم يعصروا لكن الرب يعتبر أن ما أتى لهم من عشور الشعب كأنهم تعبوا فيه لأن تعبهم هو خدمتهم. كالملء من المعصرة = ملء الإناء ما يملأه وملء الشىء كما له وتمامه. لذلك فقد دعى الكبش الذى ذبح فى رسامة هرون وبنيه كبش الملء أو كبش التكريس لأنه به قد تم تكريسهم وإمتلأؤوا هم بنعمة الكهنوت وهم صاروا بكاملهم ملكاً لله (كو 9:2) تعنى أن تجسد المسيح كان تجسداً حقيقياً). والمعنى هنا أن العشر الذى يقدمه اللاويين له نفس المركز ونفس المكانة للعشر الذى يقدمه الشعب من معاصرهم للاويين.

آية29:-

دسمه المقدس = أى خير ما عندكم من الخيرات وأفضلها وقد إعتبر هذا العطاء الرسم مقدساً لأنه مكرس للرب من ناحية وهو مقدم للكهنة كحق من حقوقهم.

آية30:-

هو يحسب لكم كمحصول البيدر وكمحصول المعصرة حين ترفعون دسمه. أى يكون لكم نصيباً بعد أن تخرجوا منه نصيب الرب

آية31:_

كان اللاويين يأكلون منهُ فى أى مكان وليس كالكهنة الذين يأكلون فى الخيمة

آية32:_

لا تتحملون بسببه خطية إذا رفعتم دسمه منهُ = إذ قدمتم العشر الفاخر الدسم من عطاياكم إلى الكهنة، فإنكم تكونون أبرياء أمام الله وإذا لم تفعلوا فهذه خطية 

وأما أقداس بنى إسرائيل فلا تدنسوها = الأقداس هى كل ما هو حق للرب مما يقدمه الشعب سواء إجبارى أو إختيارى وهى أقداس لأنها قد تخصصت لهُ. ولكل من هذه الأقداس طريقة للتصرف فيها (لا22) ومن يتصرف بطريقة خاطئة يدنسها فمثلاً إذا لم يخرج اللاويين عشورهم للكهنة فهم يدنسون أقداس بنى إسرائيل التى أعطاها لهم بنى إسرائيل

ملحوظة:-

هذا النظام الذى وضعه الله ليعول خدامه نظام يحفظ كرامة خدامه. فلا يشعر الشعب أنه هو الذى يعطى أجور اللاويين بل لشعب يدفع للرب والرب يعطى لخدامه ولا يشعر اللاويين أنهم يعطوا للكهنة بل هم يعطوا الرب والرب يعطى الكهنة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى